في ظل مقاطعة بضائع الاحتلال وداعميه.. المنتج الوطني خيار الفلسطينيين الأول
تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT
نابلس– مباشرة ومن دون حاجة للبحث والتفكير، اختارت الشابة الفلسطينية صفاء أبو رزق ما أرادت شراءه من البضائع المتراكمة فوق رفوف المحل التجاري الذي قصدته بغرض التسوق، ومن بين عديد الأصناف المعروضة من المنظفات والمواد التموينية انتقت المنتجات الفلسطينية، التي أضحت أولى أولوياتها في ظل مقاطعتها للبضائع الإسرائيلية والأجنبية الداعمة لإسرائيل.
وبات خيار المقاطعة لإسرائيل وبضائعها رديف الفلسطينيين فعلا، وقرارهم الذي اتخذوه منذ زمن، وعززوه أكثر بعد حربها على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ويؤكد ذلك إقبالهم على منتجهم الوطني بشكل ملحوظ والذي بات لا ينافس بضائع الاحتلال، بل يتفوق عليها أيضا، حسب مراقبين ومختصين، مما زاد في حماسة المستهلك الفلسطيني ورغّبه به أكثر.
ومنذ سنوات حرصت صفاء على مقاطعة منتجات الاحتلال لدرجة كبيرة، لكنها أضحت اليوم مقاطعة بالكامل، وأقنعت عائلتها بذلك، وتقول صفاء للجزيرة نت إنها لم تكن تعرف أغلب المنتجات للشركات الفلسطينية، لاعتمادها على الأجنبية أو لقلة وُجود المنتج الفلسطيني بالسوق.
وتضيف "بعد حاجتي وزيادة الطلب على المنتجات الفلسطينية في الأسواق، صرت أجدها بكل مكان، والأهم أن البديل الفلسطيني متوفر وبجودة عالية، وتلك التي لا بديل فلسطيني لها وليست ضرورية صرت أستثنيها".
وزادت الحاجة والطلب على ظهور المنتج الفلسطيني بشكل أكبر وأكثر تطورا وجودة، وتقول صفاء إن كثيرا من المنتجات الفلسطينية انتشرت أكثر بظل الحرب على غزة وبفعل الحاجة لها، لدرجة استغنت فيها وعائلتها عن بضائع الاحتلال.
ومثل صفاء لم يفكر الشاب خالد الأطرش مرتين في قراره بمقاطعة منتجات الاحتلال، ويقول إنه وجد بديلا فلسطينيا "رائعا" لم يكن يظنه كذلك من قبل، ويضيف أن تفكيره بمقاطعة الاحتلال ليس جديدا، لكن كان أكثر جدية بعد الحرب على غزة، والأهم أنه وجد "البديل الفلسطيني الجيد والذي يسد احتياجه".
ويردف الأطرش للجزيرة نت أن المنتج الفلسطيني لم يعد منافسا فحسب، بل أضحى مميزا بالجودة وشكل العرض لمعظم البضائع، لا سيما قطاع الألبان.
وهذه المواصفات "الجودة والشكل" حقيقية، وفق منال فرحان وكيلة وزارة الاقتصاد الفلسطيني، وقد زادت بشكل ملحوظ من إقبال الفلسطينيين عليها بالرغم من انخفاض القدرة الشرائية للمواطن بشكل عام، بل أصبحت حصة بعض المنتجات الفلسطينية عالية بالسوق، وأن المنتج الإسرائيلي "تقريبا" لم يعد موجودا مقابلها، كقطاع الألبان والأجبان الذي يغطي 85%.
وتقول فرحان للجزيرة نت إنه ورغم صعوبة تقييم مدى تصاعد حجم الإقبال على المنتج الفلسطيني، فإن استطلاعات ميدانية أكدت ذلك.
وتضيف "هناك منتجات بعينها تفوقت على نظيرها الإسرائيلي والمستورد بالطلب والجودة، كمواد التنظيف والألبان والعصائر، وأن كثيرا من المصانع باتت تفكر بإنتاج أصناف جديدة تلبية لطلب السوق".
وتشير فرحان إلى أن دورهم الرقابي في إجراء الفحوصات ومنح شهادات الجودة المطلوبة عزَّز من تحسن الإنتاج وجودته، وأنهم يعكفون الآن على إعداد برنامج ومنصة إلكترونية تشجع وتعرف بالمنتج الوطني، وتروج له أكثر، كما أن لديهم مشروعا لدعم التصدير عبر تقليل تكلفة الشحن.
وبشأن كيفية استفادة المنتجات الفلسطينية من المقاطعة، تقول فرحان إن العديد من البضائع الفلسطينية لم يكن يعرفها المستهلك، وإن ذلك دفعه لتجربتها والانبهار بجودتها، وتضيف مدللة ببعض النسب، أن قطاع الألبان مثل يلبي 85% من السوق، ومثله وأعلى قطاع الأثاث، ويستحوذ البلاستيك على 75%، بينما تتجاوز الأدوية 55%.
وإضافة لحالة الوعي العام التي تولدت لدى الفلسطينيين بالمقاطعة، زادت حملات المقاطعة التي أطلقتها مؤسسات مختلفة من ذلك، بينما لجأت محال تجارية وعبر أساليب متعددة لتشجيع المواطنين على دعم المنتج الوطني، وساعد شكل المنتج الفلسطيني وجودته في سرعة انتشاره وقبوله أكثر.
ولجأت محال كثيرة للتخلص من البضائع الإسرائيلية بعد أن تكدست لديهم بتخفيض أسعارها.
ويقول مشهور الجنيدي مدير عام شركة الجنيدي للألبان إنه، وبعد أن كانت الشركات الإسرائيلية تستحوذ على 85% من قطاع الألبان بالسوق الفلسطيني، انعكست الصورة الآن، وأصبح المنتج الوطني يسيطر على نحو 90% من السوق، ويضيف "هذا سببه جودة منتجاتنا وتلبيتها لذوق ورغبات المستهلكين والأسعار الأقل".
ويلفت الجنيدي إلى أنهم استطاعوا قلب المعادلة منذ فترة، واستفادوا من المقاطعة الأخيرة بأكثر من 5%، رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها فلسطين، وتوقف حصة تصديرهم لغزة والمقدرة بـ20% من الإنتاج، وتأثر السوق المحلي بانخفاض المبيعات بحوالي 25% في ظل تسريح عشرات آلاف العمال وعدم انتظام الرواتب.
وفي حديث سابق للجزيرة نت، يقول محمود نواجعة منسق حركة مقاطعة إسرائيل (بي دي إس) في الضفة الغربية إنهم لمسوا فعلا أثر هذه المقاطعة على المستوى المحلي فلسطينيا، وأضاف "انخفض الطلب والاستهلاك الفلسطيني للمنتج الإسرائيلي أكثر من 50%".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المنتجات الفلسطینیة المنتج الوطنی قطاع الألبان للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
بين دبلوماسية الشرع و”انتحار” المواجهة.. هل بقي لسوريا خيار أمام آلة التوسع الإسرائيلي؟
إسرائيل – يتعمد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو خلق الذرائع لكل استهداف جوي أو توغل عسكري لجيشه في سوريا.
ويبدو نتنياهو مطمئنا لفائض القوة الذي يمتلكه ولركون الحكومة السورية إلى العمل الدبلوماسي في مواجهة التحركات الميدانية الإسرائيلية متكئة بذلك على الدعم الأمريكي والدولي الذي طالب إسرائيل باحترام وحدة وسيادة سورية على أراضيها.
لكن نتنياهو سارع إلى كشف مراده من دمشق فتحدث عن منطقة عازلة من حدود العاصمة السورية حتى قمم جبل الشيخ الذي جزم بأن إسرائيل لن تنسحب منها ومعها مناطق شاسعة من الجنوب السوري وعند هذا الحد من الإملاء واليقين بالقدرة على فعل ما يريد غلف نتنياهو املاءاته بمسحة ناعمة من الحديث عن اتفاق أمني مع سوريا حين قال إنه “بالتفاهم والنية الحسنة يمكننا التوصل إلى إتفاق مع السوريين”.
موقف اعترض عليه الشارع السوري بقوة منقسما بين متفهم لمحدودية قدرة الحكومة السورية على الرد والاستياء من عدم توظيف الإنفتاح الأمريكي والأوروبي على سوريا في لجم إسرائيل ووقف اعتداءاتها في حال عدم القدرة على خلق مقاومة شعبية تفرض حقائق جديدة على الأرض على النحو الذي حصل قبل أيام قليلة في منطقة بيت جن جنوب العاصمة دمشق.
الكفاح الدبلوماسي
السوريون الذين يدورون في فلك الرئيس أحمد الشرع لا ينكرون عليه التزامه العمل الدبلوماسي في مواجهة التوغلات الإسرائيلية والضربات الجوية في سوريا يؤمن هؤلاء بأن العمل العسكري ضد إسرائيل في ظل عدم تكافؤ القوى هو ” انتحار” وستكون نتائجه كارثية على كل المنجزات الدبلوماسية التي حققها الرئيس الشرع خلال عام من وصوله إلى السلطة كما يقول المحلل السياسي فهد العمري .
وأشار العمري إلى أن حكمة الرئيس الشرع جعلته ” يحرج” إسرائيل في المحافل الدولية وقد تجلى ذلك كله في وقوف الأمريكيين ومعهم الأوروبيين صفا واحداً ضد الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا ومطالبتهم تل أبيب باحترام السيادة السورية.
وحول حديث نتنياهو عن إقامة منطقة عازلة من حدود دمشق إلى قمم جبال الشيخ مع السيطرة على المناطق التي احتلتها بعد سقوط النظام بما فيها خزان مائي كبير تحتفظ به قمم جبل الشيخ مقابل إبرام اتفاق سلام مع دمشق رأى المحلل السياسي أن الاتفاق الأمني سيصار إليه في نهاية المطاف ولكن ليس بالشروط الإسرائيلية مذكرا بحديث الرئيس الامريكي مؤخراً حول ضرورة احترام إسرائيل لعملية ازدهار سوريا تحت قيادة الرئيس الشرع الأمر الذي يعكس دعماً أمريكيا لدمشق سيترجم لاحقاً في أي تفاهم أمني يمكن الوصول إليه مع إسرائيل.
المفكر السوري عارف بدوي رأى أنه وخلافا لاعتقاد البعض بأن سوريا مجردة من أية أوراق قوة يمكن الزج بها في عملية التفاوض مع إسرائيل فإن الواقع يقول غير ذلك.
وفي حديثه لموقعنا أكد بدوي أن القلق الإسرائيلي من عودة إيران و”حزب الله” إلى سوريا لا يزال كبيرا خصوصا في ظل الانفلات الأمني الذي ساعدت إسرائيل على تكريسه. لافتا إلى أن الحكومة السورية وكما أشار الرئيس الشرع في أحاديث سابقة لديها مع إسرائيل “أعداء مشتركون” في إشارة واضحة إلى إيران وعليه فإنه ليس من مصلحة إسرائيل إضعاف الحكومة السورية الحالية حتى لا تقوى إيران مجددا في سوريا وهذه الورقة وفق المفكر السوري يمكن أن يستعملها الرئيس الشرع في مفاوضاته مع إسرائيل ويراكم من خلالها الأرباح مع خلق حالة من “التوازن التفاوضي” تمكنه من ضرب ملامح المنطقة العازلة التي تحدث عنها نتنياهو وحاول تسويقها كشرط للوصول إلى إتفاق أمني مع دمشق.
وختم المفكر السوري حديثه لموقعنا بالإشارة إلى أن حادثة إطلاق النار في بيت جن وإصابة عدد من الجنود الإسرائيليين فيها تثبت حاجة تل أبيب إلى وجود قوي للجيش والقوى الأمنية السورية في الجنوب السوري مع تنسيق أمني لحظي مع إسرائيل وهو الأمر الذي سينجح الرئيس الشرع في تسويقه في نهاية المطاف وعليه فإن المنطقة العازلة التي تحدث عنها نتنياهو لن تكون أمرا واقعاً إذا ما نظرت إسرائيل بواقعية إلى مسار الأحداث كما يؤكد بدوي.
لم نترك في أيدينا أوراق قوة
في المقابل يرى سوريون آخرون أن ترامب ومعه القادة الأوروبيون يقدمون الدعم الكلامي فقط لحكومة الرئيس الشرع ولا تعنيهم عودة الأراضي التي احتلت عقب سقوط نظام الأسد بأي شكل من الاشكال طالما أن دمشق تكتفي بانتهاج الحلول السلمية مع تل أبيب.
المحلل السياسي السوري سعيد جودة أكد أن أحدا لا يستطيع أن يعارض سياسة نتنياهو في سوريا بما في ذلك الرئيس الامريكي ترامب الذي ذكره في أكثر من مناسبة بأن إسرائيل دولة صغيرة ويجب أن تتوسع حتى تضمن أمنها.
ولفت جودة إلى أن إسرائيل توظف كل خطوة لمصلحتها كما يمكن لها أن تفتعل المناوشات الميدانية للبناء عليها مزيداً من التوسع وقضم الأراضي كما حصل غير مرة مشيراً إلى أن نتنياهو ماض في سياسة فرض المنطقة العازلة التي تحدث عنها من دمشق إلى جبل الشيخ حيث يحرم على الجيش السوري أي تواجد عسكري هناك وهو ينتظر توثيق هذا الأمر الواقع من خلال اتفاقية أمنية مع دمشق تعفيه من المساءلة القانونية الدولية باغتباره قوة احتلال.
المحلل السياسي السوري ابراهيم العلي رأى في حديثه لموقعنا أن ما جرى في بيت جن كان لعبا بالنار وهو لم يأت على خلفية وطنية بقصد مقاومة قوة إسرائيل الغازية بل كان عبارة عن محاولة إرسال رسالة إلى إسرائيل تقول بأن مقاومة شعبية ستحصل في الجنوب ولا سبيل لايقافها إلا عبر دمشق.
ولفت العلي إلى أن إسرائيل قد تعاقب دمشق إذا ما ثبت وجود دور لها في العملية التي أسفرت عن إصابة عدد من الجنود الإسرائيليين.
الشارع السوري غاضب
يرى وليد (محام) بأن إسرائيل قوة لا يمكن قهرها على الأقل في هذه المرحلة التي حققت فيها انجازات كبيرة على كثافة الجبهات.
ولفت وليد في حديثه إلى أن الشارع السوري لا يستطيع أن يحمل الرئيس الشرع فوق ما يحتمل لجهة عدم القدرة على مقاومة رغبة إسرائيل في إقامة منطقة عازلة بل يجب عليه أن يؤازره معنوياً ويقف وراءه في كل خطوة يقوم بها من أجل الدفاع عن الأراضي السورية حتى لو كان هذا الدفاع مقتصرا على الوسائل الدبلوماسية
من جانبه يرى لؤي (صاحب مكتب عقاري) أن الرئيس الشرع يحظى بثقة المجتمع الدولي الذي سئم صراعات السوريين.
وفي حديثه أكد لؤي أن المجتمع الدولي بات يرى في الشرع الرجل الذي سيقود بلاده إلى الاستقرار والازدهار وعليه فإن هذا المجتمع الدولي لن يسمح لنتنياهو بفرض منطقة عازلة في الجنوب السوري لأنه يعلم أن هذا الأمر سيقوض من حالة الإستقرار التي تسعى إليها سوريا ومعها دول العالم الحر وهو ما يعطي الرئيس الشرع ميزة تفاوضية ضد إسرائيل.
أما علي (دكتور جامعي) فقد حاول في حديثه مقاربة الموضوع من زاوية مختلفة تلحظ غياب المسار الديمقراطى فى سوريا والذي كان يمكن لرئيس المرحلة الإنتقالية أحمد الشرع أن يتسلح به في مواجهة الغطرسة الإسرائيلية لو لم يحتكر كل الصلاحيات في يديه.
وختم الدكتور علي حديثه بالاشارة إلى أن وجود حكومة اللون الواحد والتي قوامها “هيئة تحرير الشام” وعدم وجود تشاركية سياسية ومجلس شعب ينتخبه السوريون أفقد الرئيس الشرع ميزة الاستناد إلى قوة شعبية في مفاوضاته مع إسرائيل التي تستطيع أن تقول بأن إقامة المنطقة العازلة في سورية نتيجة طبيعية لوجود حكومة فصائل جهادية متشددة يمكن أن تقوم بحركة شبيهة ب” السابع من أكتوبر” وإن كان بنسخته السورية هذه المرة كما تزعم إسرائيل.
المصدر: RT