قدم بنيامين نتنياهو لأعضاء مجلس الوزارء الأمني المصغر يوم الخميس الماضي، وفق ما نشرته وكالة رويترز يوم 23 فبراير، أول اقتراح رسمي له عن قطاع غزة بعد الحرب، ويتضمن أهداف إسرائيل لليوم التالي للحرب، والتي تعتمد على القضاء على الوجود السياسي والعسكري والفكري لحماس عبر السيطرة الأمنية على الضفة والقطاع، تجريد قطاع غزة من السلاح، السيطرة على محور فيلادليفيا بتواجد إسرائيلي وتعاون أمريكي مصر، استبدال حكم حماس بممثلين محليين لا ينتمون إلى دول أو جماعات إرهابية ولا يدعمون ماليا من قبلها، محاربة التطرف، إغلاق الأونروا.

"وقال بيان صادر عن مكتب نتنياهو: إن وثيقة المبادئ لرئيس الوزراء تعكس إجماعا شعبيا واسعا حول أهداف الحرب واستبدال حكم حماس في غزة ببديل مدني. فهل ما تضمنته هذه الوثيقة من أهداف يمكن تحقيقها على أرض الواقع، وهل يمكن لإسرائيل القضاء فعلا على حماس فكريا وسياسيا وعسكريا؟!

للرد على هذه الوثيقة نقدم اليوم عرضا لدراسة مهمة نشرها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن CSIS يوم 15 ديسمبر الماضي عنوانها "What Does Destroying of Hamas Means?" لاثنين من أكبر الباحثين فيه، هما: ديفيد ألبيرتي: زميل عسكري في برنامج الأمن الدولي في المركز، ودانيال بايمان: زميل أقدم بمشروع التهديدات العابرة للدول بالمركز والأستاذ جورج تاون. يجيبان فيها على سؤال مهم ما الذي يعنيه تدمير حماس؟ وما يرتبط به من إمكانية تحقيقه والمدى الزمني الذي يتطلبه ذلك.

عرض الدراسة

تعهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأن القوات الإسرائيلية يجب أن "تدمر حماس" من أجل تأمين مستقبل الفلسطينيين وكذلك الدولة اليهودية، فقال في حديث له مع فوكس نيوز يوم 12 نوفمبر "إذا كنتم تريدون السلام، دمروا حماس. إذا كنتم تريدون الأمن، دمروا حماس. إذا كنتم تريدون مستقبلا لإسرائيل والفلسطينيين والشرق الأوسط، فدمروا حماس". وقد وافق الرئيس بايدن على ضرورة القضاء على حماس تماما، وهو نفس الرأي الذي يتبناه  المرشحون الجمهوريون للرئاسة. ومن المفهوم أنه بعد هجوم حماس يوم 7 أكتوبر تشرين الأول ومقتل 1200 إسرائيلا، أصبحت الحكومة الإسرائيلية في حالة تأهب للسلاح، حيث الإسرائيليون بإنهاء تهديد حماس مرة واحدة وإلى الأبد.

إن استبدال حماس سياسيا أمر صعب. إن جذور حماس العميقة في غزة تسمح لها بحشد الدعم في جميع أنحاء القطاع. وسيتعين على أي منافس أن يكسب الدعم بين الفلسطينيين العاديين في غزة، وأن تكون لديه القوة العسكرية لقمع قوات حماس في الوقت الذي تتحدى فيه سلطة البديل.لكن ماذا قد يعنيه هذا الهدف عمليا؟ لدى إسرائيل خيارات واسعة عندما يتعلق الأمر بتدمير حماس:

ـ محاولة قتل أو أسر قيادة حماس
ـ القضاء على شبكات الدعم الأوسع التي تعتمد عليها حماس.
ـ تحطيم قبضة حماس على السلطة من خلال تقوية منافسيها، والسماح لهم بإزاحة الحركة.
ـ مواجهة أيديولوجية حماس التي تعزز المقاومة العنيفة والمسلحة ضد إسرائيل.

كل هذه الخيارات التي تتبناها إسرائيل والولايات المتحدة، ويطالب بها الجمهور الإسرائيلي، خيارات صعبة التحقيق، ولكل منها تحدياته الفردية:

خيار محاولة القضاء على قيادة حماس

منذ بداية الحرب وحتى الآن، شنت إسرائيل غارات جوية وعمليات برية تهدف إلى تدمير حماس. وفي بداية ديسمبر/كانون الأول، قدر مسؤولون إسرائيليون أن تم قتل أكثر من خمسة آلاف مقاتل من الجناح العسكري لحماس الذ ي يقدر عدده بنحو 30 ألفا. وعلى الرغم من الأهمية الكبيرة لأعداد القتلى من مقاتلي حماس، إلا أنها حماس بعيدة كل البعد عن الهزيمة، ناهيك عن تدميرها. وقد سئل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عما إذا كان أي شخص يعتقد أنه من الممكن تدمير حماس بالكامل إذا حافظت إسرائيل على هذا الهدف، فقال: إن الحرب ستستغرق عشر سنوات. علاوة على ذلك، فإنه وفقا لمسئولي الصحة الفلسطينيين، فقد قتلت القوات الإسرائيلية في الفترة نفسها حتى أول ديسمبر كانون الأول ثلاثة أضعاف هذا العدد من المدنيين الفلسطينيين، معظمهم من النساء والأطفال.

نسبة أعداد القتلى من الجناح العسكري لحماس ليست واعدة لتحقيق الهدف الأساسي للجيش الإسرائيلي. أما المؤكد، فهو أن عدد ضحايا المدنيين الفلسطينيين سيستمر في تجاوز أعداد قتلى حماس بهامش كبير. وقد أدى ذلك بالفعل إلى تحول الرأي العام العالمي ضد إسرائيل، ولصالح الفلسطينيين. كما أنه خلق توترا مع إدارة بايدن، أقوى وأهم مؤيد لإسرائيل.

قد تكون توقعات ماكرون عن استمرار الحرب عشر سنوات توقعات متفائلة، بالنظر إلى النتائج المبكرة والسوابق التاريخية لمحاولة تدمير حركات التمرد الراسخة. فقد بدأت الولايات المتحدة عمليات عسكرية لإزاحة طالبان من السلطة وتدمير تنظيم القاعدة في أفغانستان عام 2001. وقتلت القوات الأمريكية آلاف المتشددين وعشرات الزعماء بينهم زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في 2011؛ لكن الحرب ضد طالبان والقاعدة استمرت عشر سنوات أخرى. عندما غادرت القوات الأمريكية أفغانستان، كانت طالبان منتصرة والقاعدة لا تزال قائمة، رغم أنها أضعف بكثير.

من الصعب استهداف القادة على وجه الخصوص. قد تقتل إسرائيل العديد من المقاومين؛ لكن قتل جزء كبير من القيادة يمثل تحديا أكثر صعوبة. ولدى حماس قدرة كبيرة على البقاء والصمود، فخلال الانتفاضة الثانية، فقدت مرارا وتكرارا كبار قادتها، بمن فيهم مؤسسها أحمد ياسين، ومع ذلك، فقد صمدت المنظمة وتمكنت بسرعة من الوصول إلى السلطة في غزة بمجرد مغادرة القوات الإسرائيلية.

ومع ذلك، إذا قتلت إسرائيل ضيف والسنوار وغيرهما من القادة البارزين المسؤولين عن هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر، فيمكنها على الأقل أن تدعي وجود شكل من أشكال النصر. وهذا أمر مهم بالنسبة للرأي العام المحلي الإسرائيلي، وربما يسبب صعوبات في القيادة في حماس نفسها.

القضاء على شبكات الدعم الأوسع لحماس

هذا الخيار صعب التحقيق. ذلك أنه حتى قبل أن تصبح حماس الحاكم الفعلي لغزة في عام 2007، كانت متجذرة بعمق في الشبكات الاجتماعية والدينية والتعليمية في جميع أنحاء القطاع. وقد زاد حكمها الذي دام أكثر من 15 عاما من وجودها وتجذرها. ونتيجة لذلك، يمكن لحماس الاعتماد بسهولة على هذه الشبكات للعودة للسيطرة على القطاع بمجرد انسحاب القوات الإسرائيلية منه.

بالإضافة إلى ذلك، كما أظهرت طالبان من قبل في صراها مع الولايات المتحدة، فإن عدد مقاتلي حماس ليس ثابتا. ويمكنهم الاعتماد على الفلسطينيين في غزة لملء صفوفهم. ولم تفتقر حماس إلى المجندين منذ سنوات عديدة، ومن المرجح أن يضمن الدمار الذي خلفته الحملة الإسرائيلية وجود الكثير من الشباب الفلسطينيين الغاضبين المستعدين للقتال.

وأخيرا، لا ينبغي استبعاد احتمال أن تؤدي الهجمات الإسرائيلية المستمرة إلى توسيع نطاق الصراع، خصوصا إذا ساد شعور لدى محور المقاومة بأن حماس على وشك الهزيمة، أو إذا وُجهت ضربة إلى إيران. وقد تنضم إلى القتال ضد إسرائيل جماعات مسلحة أخرى في المنطقة ووكيلة لإيران، وخاصة حزب الله.

تحطيم قبضة حماس على السلطة عبر تقوية الجماعات البديلة

في الوقت الذي أدان فيه بايدن هجمات حماس، فإنه دفع بفكرة إقامة دولة فلسطينية تقودها قيادة فلسطينية بديلة. واقترح آخرون أن تتدخل دول عربية مثل مصر. ومن الناحية النظرية، يمكن للأمم المتحدة أو غيرها من مكونات المجتمع الدولي أن تلعب دورا في حكم غزة بدلا من حماس. في هذا السيناريو، لا تكمن الفكرة في تدمير حماس بشكل مباشر، بل استبدال سلطتها السياسية في غزة، مما يقلل بشكل كبير من قوتها الإجمالية.

إن استبدال حماس سياسيا أمر صعب. إن جذور حماس العميقة في غزة تسمح لها بحشد الدعم في جميع أنحاء القطاع. وسيتعين على أي منافس أن يكسب الدعم بين الفلسطينيين العاديين في غزة، وأن تكون لديه القوة العسكرية لقمع قوات حماس في الوقت الذي تتحدى فيه سلطة البديل.

لا تصلح السلطة الفلسطينية أن تكون بديلا لحماس في حكم وإدارة القطاع، لأنها سلطة ضعيفة وفاسدة. صحيح أنها تمسك بالسلطة في الضفة الغربية؛ لكنها لا تتمتع بمصداقية تذكر هناك. وجزء من سبب عدم مصداقيتها هو أن العديد من الفلسطينيين ينظرون إليها على أنها خادمة الاحتلال الإسرائيلي. لذلك، فإنه إذا استولت السلطة الفلسطينية على السلطة في غزة على ظهر دبابة إسرائيلية، فإنها ستفقد المزيد من المصداقية، كما أنها لن تستطع السلطة الفلسطينية وحدها مواجهة «حماس» في غزة. وبالتالي، ستحتاج السلطة الفلسطينية إلى دعم إسرائيلي مستمر.

إذن، البديل هو أن تعمل السلطة الفلسطينية مع حماس. وقد قال رئيس وزراء السلطة الفلسطينية محمد اشتية: الآن لا يمكن القضاء على حماس، وبالتالي يجب أن تكون جزءا من المستقبل الفلسطيني. وهذا ما سترفضه إسرائيل والولايات المتحدة، إذ ستكون حماس، من الناحية العملية، إن لم يكن على الورق، الشريك الرئيسي في أي علاقة مع السلطة الفلسطينية في غزة.

لقد كانت تكلفة القتال في غزة مرتفعة للغاية بالفعل، وينبغي أن تشكل هذه القيود المفروضة على النصر استراتيجية إسرائيل للمضي قدما. ويتعين على إسرائيل أن تدرك أن أي شكل من أشكال النجاح من المرجح أن يكون محدودا، وأنها ستتعامل مع حماس ومشكلة غزة الأوسع نطاقا لسنوات قادمة.أما بالنسبة للدور العربي في المشاركة في إدارة القطاع بعد الحرب، فليس للدول العربية مصلحة تذكر في التدخل، كما أن قدرتها محدودة. النظام في مصر، مثل إسرائيل، يعارض حماس، ويرى في الإسلام السياسي الذي تجسده جماعة الإخوان المسلمين، التي تشكل حماس ثمرة لها، تهديدا له. أما الشعب المصري فهو يؤيد المقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل. لذلك، لا يمكن للنظام المصري، القبول بأن ينظر إليه على أنه يساعد إسرائيل في احتلال غزة. كما أن القوات المسلحة المصرية ليست ماهرة في حفظ الأمن أو مكافحة التمرد.

وبالمثل، ستكون القوات الدولية على غير هدى في غزة. وسيكون لديهم القليل من الإلمام بالناس، وسيعتبرهم أهل غزة قوات احتلال. لذلك، فإن قلة من الدول على استعداد لوضع قواتها في ما يمكن أن يكون تمردا منخفض المستوى.

مواجهة أيدولوجية حماس

هناك مفهوم آخر لهزيمة حماس ينطوي على محاربة أيديولوجيتها. في الممارسة العملية، تتكون أيدلوجية حماس من أجزاء متعددة. فهي مزيج خاص من الإسلام السياسي والقومية الفلسطينية التي تدافع عنها حماس. وهي تجسيد لفكرة المقاومة التي تعني وجوب تحدي إسرائيل عسكريا من أجل حصول الفلسطينيين على حقوقهم.

في الماضي، هزمت إسرائيل جماعات فلسطينية، مثل الصاعقة وجبهة التحرير الفلسطينية. لكن هذا لم يغير الدعم الأوسع لمجموعة واسعة من جماعات المقاومة. ولا يزال تدمير مجموعة فردية له فوائد؛ لكنه لا يغير الدعم الأوسع لفكرة المقاومة.

في الوقت الراهن، لا تتمتع أي أيديولوجية مضادة لحماس بجاذبية واسعة بين الفلسطينيين. أما القومية الفلسطينية الأكثر تقليدية التي تجسدها حركة فتح، التي تشكل جوهر قيادة السلطة الفلسطينية، فهي في تراجع منذ سنوات. والأسوأ من ذلك بالنسبة لإسرائيل، أن أيديولوجية المقاومة التي تتبناها حماس المقاومة أكثر شعبية بين الفلسطينيين وفق استطلاعات الرأي. وقد زادت حرب 7 أكتوبر تشرين الأول من هذه، إذ يعتبر الفلسطينيون أن حماس ضربة قوية لإسرائيل كانت تنفيسا لكثير من الفلسطينيين الذين يشعرون بالإهانة من الاحتلال الإسرائيلي المستمر. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الخسائر الفادحة في صفوف المدنيين والدمار الذي خلفه الاحتلال العسكري الإسرائيلي قد زاد من مرارة الفلسطينيين.

لقد كانت تكلفة القتال في غزة مرتفعة للغاية بالفعل، وينبغي أن تشكل هذه القيود المفروضة على النصر استراتيجية إسرائيل للمضي قدما. ويتعين على إسرائيل أن تدرك أن أي شكل من أشكال النجاح من المرجح أن يكون محدودا، وأنها ستتعامل مع حماس ومشكلة غزة الأوسع نطاقا لسنوات قادمة.

التعليق

إن أهداف نتنياهو في هذه الحرب أهداف يصعب أو يستحيل تحقيقها، فلماذا يصر عليها إذن؟!

إن ذلك يدعونا إلى نقرأ ما كتبه نتنياهو من قبل، وخصوصا كتابه "مكان بين الأمم" عام 1993 قبل توليه رئاسة الوزراء، وما ذكره أيضا في كتابه "قصتي" المنشور في نوفمبر تشرين الثاني عام 2022، فهو يرى أنه لا مكان للفلسطينيين فيما يسميه أرض إسرائيل بما فيها القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، وضرورة تهجيرهم إلى الأردن أو مصر أو قبولهم كمواطنيين في الدول العربية الأخرى.

كما يرى ضرورة توجيه ضربة عسكرية لإيران للقضاء على مشروعها النووي والقضاء على أي طموح إقليمي لها والقضاء كذلك على وكلائها في المنطقة. لذلك فهو يسعى من خلال ما يرتكبه اليوم من إبادة جماعية لغزة دفع الفلسطينيين إلى الخروج منها إلى مصر، وتوسيع دائرة الحرب وتوريط أمريكا في المنطقة بعد تقليص وجودها العسكري فيها.  كما يخشى نتنياهو أطول ضياع مستقبله السياسي وانهيار تحالفه مع غلاة اليمين في إسرائيل.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب غزة أهداف الدراسة الفلسطينيين الاحتلال دراسة احتلال فلسطين غزة أهداف كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القوات الإسرائیلیة السلطة الفلسطینیة بین الفلسطینیین ضد إسرائیل تدمیر حماس القضاء على فی الوقت حماس فی أن تکون کما أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

تحت غطاء حرب الإبادة.. خفاجي يكشف الدور الخطير للصندوق القومي اليهودي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تحت غطاء حرب الإبادة الجماعية التى تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلى ضد السكان المدنيين بقطاع غزة خاصة الأطفال والنساء حتى وصل إلى مستويات متطرفة من الوحشية فى غياب العدل الدولى لما يتعرض له شعب عربى مسلم أعزل , وتسببت الحرب في دمار شامل وموت للفلسطينيين المحاصرين  يأتى الدور الخطير للصندوق القومي اليهودى الذى لم يتكلم عنه أحد في تهجيرالفلسطينيين , ولجمع تبرعات العالم يزرعون بها الأشجار لإخفاء التطهير العرقي.
وكشف المفكر والمؤرخ القضائى القاضى المصرى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة فى أحدث دراساته مهمة عن الملف الفلسطينى الإسرائيلى بعنوان (الدور الخطير للصندوق القومي اليهودى منذ 125 عاماً في تهجيرالفلسطينيين والاستحواذ على أراضيهم وتهويدها بما يحفظ لإسرائيل حمضها النووى ) عن حقيقة الصندوق القومي اليهودى نشأ منذ 125 عاماً وأغراضه فى تهجير الفلسطينيين إلى سيناء , وهو ما ترفضه مصر بثبات لصالح القضية الفلسطينية , ونعرض لأهم ما ورد بتلك الدراسة  المهمة للعرب .
الصندوق القومي اليهودى نشأ منذ 125 عاماً للمساعدة فى قيام دولة إسرائيل والاستحواذ على أراضى الفلسطينيين وتهويدها بما يحفظ لإسرائيل  حمضها النووى! .
يقول الدكتور محمد خفاجى "تأسس الصندوق القومى اليهودى في المؤتمر الصهيوني الخامس عام 1901 في بازل بسويسرا. وكان هدفه الأصلي،الحصول على الأراضي والممتلكات الفلسطينية بغرض توطين اليهود هناك , وللمساعدة في إقامة دولة إسرائيل , والتفويض الأبدى  الممنوح له من الشعب اليهودي هو العمل في دولة إسرائيل أو في أي منطقة تراها  حكومة إسرائيل تخضع لولايته من أراضى العرب"
ويضيف " يقوم الصندوق القومي اليهودى على الاستحواذ والسيطرة على أراضى الفلسطينيين وتهويدها بما يحفظ لإسرائيل  حمضها النووى !, إذ يقوم حديثا في شراء الأراضي لتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة بطرق مشبوهة  وهذا باعتراف القائمين على إدارة هذا الصندوق ففى مقابلة تلفزيونية على قناة  كان 11 – وهى قناة حكومية إسرائيلية تدار من قبل هيئة البث الإسرائيلي تم إطلاقها في 15 مايو 2017 لتحل محل القناة الإسرائيلية الأولى- حيث أكد رئيس الصندوق القومي اليهودي أفراهام دوفدفاني أن السياسة الجديدة لا تبتعد في الواقع عن المبادئ الأساسية للمنظمة وأن استرداد الأرض كان دائمًا هو دور الصندوق على جانبي الخط الأخضر، وفقاً لمذكرة التفاهم لعام 1954 التي تسمح له بالعمل في أي منطقة تقع ضمن نطاق سلطة حكومة إسرائيل من أجل إنقاذ الأرض".
ويضيف : "وهكذا نرى أن الصندوق القومي اليهودي يلعب دورًا محوريًا في التمييز المنهجي الذي تمارسه إسرائيل ضد المجتمع الفلسطيني داخل الخط الأخضر وفي تجريد الفلسطينيين من ممتلكاتهم على جانبي هذا الخط. كما أعرب دافيدي بن تسيون، عضو مجلس إدارة الصندوق القومي اليهودي الذي يعيش في مستوطنة بالضفة الغربية، أن وضع السياسة الجديدة هى أن الجهود التي تبذلها المنظمة للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، والتي كانت تتم سابقاً  بصورة هادئة  أو عن طريق الشركات التابعة لها، بينما  تتم الآن في العلن وبشكل صريح للتهويد التدريجي للقدس الشرقية المحتلة والضفة الغربية منذ عام 1967 والسكان البدو الأصليين في صحراء النقب. " 
الرسالة الأسمى للصندوق القومي اليهودي ترحيل الفلسطينيين من أراضيهم إلى سيناء 
ويذكر " يعترف الموقع العبري للصندوق اليهودي اليهودي بأن تيودور هرتزل، أبو الصهيونية السياسية الحديثة، جادل باصرار في الكونجرس من أجل استخدام الأموال اليهودية لشراء الأراضي الفلسطينينة وترحيلهم إلى شبه جزيرة سيناء , وشرائها ثم شراء  سوريا وأجزاء أخرى من تركيا في آسيا وأوروبا "
ويوضح "كانت فكرة تهجير السكان الأصليين الفلسطينيين لسيناء واضحة بالنسبة للقادة الصهاينة قبل قيام الدولة الإسرائيلية ذاتها , ففي المؤتمر الصهيوني العشرين عام 1937، ذكر ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل بأن ترحيل الفلسطينيين عقيدة يهودية يجب أن يقوم عليها نشاط الصندوق القومي اليهودي في هذا الصدد. كما ذكر يوسف فايتز، مدير دائرة الأراضي في الصندوق القومي اليهودي من عام 1932 إلى عام 1972، وهو من أبرز المدافعين عن التطهير العرقي للفلسطينيين , أنه لا سبيل سوى نقل العرب من هنا إلى الدول المجاورة، ونقلهم جميعاً، ربما باستثناء بيت لحم والناصرة والقدس القديمة. ويجب ألا تبقى قرية واحدة، ولا قبيلة بدوية واحدة. وترحليهم بالقوة وهنا ستختفي المشكلة اليهودية من الوجود وليس هناك حل آخر."
بعد النكبة عام 1948 وتأسيس دولة إسرائيل، قامت الحكومات الإسرائيلية بنقل مساحات كبيرة من أراضي فلسطين إلى الصندوق القومي اليهودي بعد تهجير سكانها .
ويؤكد " بعد النكبة عام 1948 وتأسيس دولة إسرائيل، اكتملت رؤية الصندوق القومي اليهودي بشكل أساسي  , فقد أصبحت الأرض تحت السيطرة اليهودية،وتم تهجير عدد كبير من السكان العرب، وبدأت الدولة الجديدة في استيعاب الهجرة اليهودية بشكل جماعي. وتحول الصندوق القومي اليهودي إلى منظمة شبه حكومية دورها منصوص عليه في القانون الإسرائيلي منذ عام 1953.وهذا ما لا يعلمه العرب " 
ويشير "ويسجل التاريخ أنه منذ عام 1948، قامت الحكومات الإسرائيلية بنقل مساحات كبيرة من أراضي الدولة إلى الصندوق القومي اليهودي ومعظمها من الأراضي المصادرة من الفلسطينيين في أعقاب النكبة . من بين ما يقرب من 2.5 مليون دونم يملكها الصندوق القومي اليهودي 13% من كامل مساحة دولة إسرائيل وتم تسليم حوالي 2 مليون دونم إليه من قبل الدولة بين عامي 1948 و1953 , ومنذ ذلك الحين لم تتغير سلطات  الصندوق القومي اليهودى وحتى يومنا هذا، إذ تسمح لوائحه الداخلية فقط له بتأجير وتطوير الأراضي للاستخدام اليهودى  فقط. وولاء الصندوق القومي اليهودي مقصور على الشعب اليهودي وحده "
ما لا يعرفه العرب : الصندوق القومي اليهودي قام بزراعة الغابات فوق أنقاض المجتمعات الفلسطينية بحجة البيئة بعد التهجير 
يكشف الدكتور محمد خفاجى عن حقيقة غائبة عن العرب فيقول " ما لا يعرفه العرب بعد انكبة 1948 قام الصندوق القومي اليهودي بزراعة الغابات فوق أنقاض المجتمعات الفلسطينية بحجة البيئة , وذلك من أجل سحق أحلام اللاجئين في العودة والتغطية على أدلة وجودهم , وحتى يومنا هذا، فإن مشروعات  التشجير التابعة للصندوق القومي اليهودي نفسها هى وسيلة لتدمير واستبدال المجتمع الأصلي تحت مسمى الحفاظ على البيئة التى يتبناها الصندوق القومي اليهودي ويعتبرها مهمة قومية.وهو الذى يعتدى على البيئة الفلسطينية ويدمرها , فما يقوم به الصندوق من جهود التشجير هو فى حقيقيته تدمير للمناطق الفلسطينية وتدمير لتنوعها البيولوجى الفريد "
ويعطى الدكتور محمد خفاجى الأمثلة فيقول " على سبيل المثال لا الحصر فى حقبة تاريخية ماضية  لا تزال المجتمعات البدوية في النقب بنفس السكان المهمشين الذين يدعي الصندوق القومي اليهودي أنه يدعمهم ويتعاون معهم والحقيقة أنه يتم تهجيرهم بصورة متكررة لإفساح المجال أمام غابات الصندوق القومي اليهودي. منها قرية العراقيب غير المعترف بها، والتي دأبت إسرائيل على هدمها بلا رحمة أو هوادة  منذ عام 2010 لإفساح المجال أمام إنشاء غابة تابعة للصندوق القومي اليهودي  إذ قامت القوات الإسرائيلية بطرد وتهجير سكان العراقيب تجاوز عددها أكثر من 183 مرة تهجير ."
الصندوق القومي اليهودي يزرع الاشجار لتغطية آثار وأدلة المجتمع العربي الفلسطيني ويجمع التبرعات في الخارج لإخفاء التطهير العرقي 
ويذكر " يسجل التاريخ أنه في أعقاب التطهير العرقي الذي قام به جيش الاحتلال المكون حديثاً خلال الفترة من عام 1948 حتى 1949 تعرض له ما يقرب من مليون  فلسطيني والتدمير المنهجي لأكثر من 400 بلدة وقرية فلسطينية , وقام الصندوق القومي اليهودي بزراعة الغابات في العديد من المناطق لتغطية آثار وأدلة المجتمع العربي الفلسطيني التي كانت موجودة بشكل كبير. بني إسرائيل فوق. "
ويضيف " ومنذ بدايته قام الصندوق القومي اليهودي بجمع الأموال في الخارج من خلال حملة الصندوق الأزرق، حيث حصل على مبالغ ضخمة في الولايات المتحدة ودول أخرى. في الولايات المتحدة، يعتبر الصندوق القومي اليهودي منظمة خيرية مسجلة بموجب  المادة 501 (ج) (3(، مما يعني أن دافعي الضرائب الأمريكيين يدعمون أنشطته في فلسطين. وفي عام 2017، حصل الصندوق القومي اليهودي على أكثر من (72) مليون دولار  من  المساهمات والمنح المعفاة من الضرائب في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها. "
الأمم المتحدة ترفض طلب الصندوق القومي اليهودي للحصول على المركز الاستشاري ومصر كانت المرجحة للرفض 
ويشير الدكتور محمد خفاجى لنقطة غاية فى الأهمية عن دور مصر تجاه القضية الفلسطينية ضد الكيان المحتل فيقول " نظرا لسياسة الصندوق القومي اليهودي ضد الفلسطينيين , ففى 18  مايو 2007 رفضت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالمنظمات غير الحكومية طلب الصندوق القومي اليهودي للحصول على المركز الاستشاري لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة (ECOSOC) بأغلبية 8 أصوات مقابل 7 وامتناع ثلاثة أعضاء عن التصويت. ومن المعلوم أن المركز الاستشاري للمنظمات غير الحكومية له تعميم البيانات والمشاركة في المؤتمرات الدولية ذات الصلة التي تعقدها الأمم المتحدة وفي اجتماعات هيئاتها التحضيرية."
ويؤكد " وكشفاً لحقائق الدول وأخذاً فى الاعتبار أن مصر لعبت دور المرجح لرفض طلب الصندوق القومى اليهودى , إذ أن الدول الثماني التي صوتت ضد منح صفة الصندوق القومي اليهودي هي بوروندي، الصين، كوبا، مصر، غينيا، الاتحاد الروسي، قطر، والسودان؛ والدول السبع التي صوتت لصالحها هي كولومبيا، وإسرائيل، وبيرو، ورومانيا، وتركيا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة؛ والدول الثلاث الممتنعة عن التصويت هي أنجولا والهند وباكستان."
أيها العرب أوقفوا الصندوق القومي اليهودى -- فهذه هى أفعاله الخطرة ! 
ويختتم "أيها العرب أوقفوا الصندوق القومي اليهودى , وهذه الدعوة ليست من عندياتى , وإنما هى حملة دولية تهدف إلى إنهاء دور الصندوق القومي اليهودى لعدة الأسباب : لأن هذا الصندوق يقوم 1- بالتهجير المستمر للفلسطينيين الأصليين من أراضيهم 2- سرقة ممتلكاتهم 3- تمويل المستعمرات التاريخية والحالية  4- تدمير البيئة الطبيعية الفلسطينية "
"أن الصندوق القومي اليهودي صندوق خطير ورغم  أنه يتمتع والمنظمات التابعة له بمركز خيري في أكثر من 50 دولة, إلا أنه يواصل العمل كمؤسسة عالمية لجمع التبرعات من أجل التطهير العرقي لشعب فلسطين والاحتلال والفصل العنصري. إن إسرائيل تعتمد اعتمادا كبيرا فى وجودها على الصندوق القومي اليهودى  والذى يساهم بشكل رئيسى ومستتر فى الاستيلاء  على الأراضى الفلسطينية المحتلة , وهو الإطار الاستعمارى الاستيطاني لفلسطين العربية "

مقالات مشابهة

  • أستاذ علوم سياسية: الشرطة الفلسطينية على استعداد تام لإعادة هيكلة حكومة أبو مازن والقيام بمهام حماس
  • صحيفة أمريكية تكشف عن أخطر رسالة وجهها السنوار لقادة حماس.. هذا ما تضمنته
  • تحت غطاء حرب الإبادة.. خفاجي يكشف الدور الخطير للصندوق القومي اليهودي
  • حماس ليست المسألة
  • أحدثُ فخاخ بايدن.. اغتيال الطوفان بصفقة رهائن
  • حرب الأيام الستة 1967 ومفهوم الأمن القومي العربي.. قراءة في كتاب
  • حماس ليست هي المشكلة – عودوا إلى تاريخ إسرائيل!
  • دراسة بحثية تستخدم الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالفيضانات
  • مقررة الأمم المتحدة: إسرائيل رفضت إعادة الرهائن عبر اتفاق سياسي حتى تستمر في تدمير الفلسطينيين
  • رسالة أمريكية مزدوجة وغامضة لـ"حماس" عن "وسائل أخرى" غير الصفقة مع إسرائيل لاستعادة الرهائن