كيف تربي طفلًا مسلمًا في بلاد الغرب؟
تاريخ النشر: 22nd, July 2023 GMT
يتعرض أطفال المسلمين في الغرب لثقافة مختلفة، وإغواء لا يواجهه نظراؤهم عادة في الدول ذات الأغلبية المسلمة، لكن لا بأس من تربية طفل مسلم في بلد أجنبي، طالما أن الأبوين متيقنان من أنهما سيدعمانه في كل خطوة.
الأمر ليس سهلًا، لكن الكرة الآن في ملعبكما، وتتوقف درجة إيمان طفلكما على نوعية العلاقة التي تنويان بناءها معه، لذلك نقدم لكل أم وأب في بلاد الغربة أسس تربية طفل مسلم ومنضبط.
نقلت صحيفة "المجتمع المسلم في ويسكونسن" محاضرة للمفتي حسين كماني، إمام مسجد النور في بروكفيلد، وأستاذ في برنامج الدراسات الإسلامية في تكساس.
وتحدث كماني عن قلقه في سنوات هجرته الأولى، بسبب أن أطفاله لن يسمعوا الأذان، مثل الأطفال في البلدان الإسلامية. فكر في الانتقال إلى بلد إسلامي، واستعان بمشورة أحد معلميه الذي قال له إن فكرة ترك بلد يعيش فيها قلة من المسلمين فخ من الشيطان، لمنع نشر الإسلام في كل بقاع العالم.
وأشار إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم ربى أبناءه في مكة التي كانت مركز المشركين والمضطهدين له ولأتباعه، كما تربى سيدنا موسى في بيت فرعون، وعاش سيدنا إبراهيم بين عبدة الأصنام، لكن لن تتم تلك المعجزات من دون صمود الأسرة إلى جانب أطفالها.
اعتبر كماني في محاضرته أن الخطوة الأولى لتربية مسلمين مخلصين في بلد أجنبي لا تبدأ من المسجد، بل من المنزل، فينبغي على الوالدين بناء بيت قائم على الحب والهدوء والسكينة، وملجأ يجد فيه الأطفال التشجيع والدعم من الوالدين والأشقاء، وملاذا آمنا يشعرون فيه دومًا بأنهم آمنون ومحبوبون.
المغزى قبل الأمرلا يمكن توقع التزام الأطفال بالفرائض، واستيعابها دون فهم الهدف من ورائها. لذلك، ينبغي إرشاد الطفل، والحديث معه عن أسباب فرض العبادات، وشرح معاني السور قبل أمره بحفظها، وسماع أسئلته التي لا تنتهي، وشرح كيفية تطبيق ما يقرأه في قصص الأنبياء على ما يمر به.
فلا تملا المجاهدة معه يوميًا للصلاة في جماعة، بالصبر والتقبيل والاحتضان والتشجيع بدلًا من ترهيبه، أو مقارنته بأطفال آخرين، لأنكما ما إن أظهرتما خيبة أملكما في طفلكما، ماتت دوافعه للامتثال لأوامركما، وغلبة الشعور بثقل العبادة.
بيتكما نموذجاإن غياب التعاليم الإسلامية مثل الرحمة والتسامح والمساواة عن البيت أحد أسباب ابتعاد الأبناء عن تعاليم الإسلام، لأنهم لا يحبون ما يرونه أو يشعرون به في المنزل، لذلك ينبغي عليكما إظهار قيم رفيعة بينكما، مثل الاحترام، والكلمة الطيبة، والعفو عند المقدرة، والصدق، والأمانة، ومعاملة ابنكما بالحسنى، من خلال الصبر عليه، والعفو عنه، وهدايته إلى الصواب، وتكرار الآيات والأحاديث النبوية التي تعلي من القيم الأخلاقية، ليتذكر دومًا أن الإسلام أساس الرحمة والحب والتسامح الذين يتمتع بهم معكما.
ويكتمل النموذج القويم لبيتكما باحترام بلدكما الأصلي، ولغتكما، وثقافتكما، والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وانتمائه لبيئته، لأن احترامكما لثقافتكما دافع لاحترامه اختياراتكما له، وعونًا له عند اصطدامه بثقافة مختلفة.
الأبوة والأمومة عمل شاق وطويل كالزراعة، فإذا زرعتما بذرة فلن تحصدا ثمارها في الحال، بل يتطلب الأمر منكما الصبر والرعاية، ولا يمكنكما إهمال زرعكما والانشغال عنه حتى يتاح لكما الوقت وإلا فستموت نبتتكما. وعليكما حماية محصولكما، وتوفير وقت لرعايته.
وتذكرا أن تربية طفل مسلم في بلد أجنبي تتطلب جهدًا مضاعفًا، فينبغي الحديث عن موضوعات لا نتحدث فيها عادة مع أطفالنا في البلاد العربية، مثل أضرار المخدرات، وتحريم العلاقات العاطفية في المدارس المشتركة، وتحريم شرب الخمر، إلى جانب تعليمه قيمة تقبل الآخر وتنوع المجتمعات.
بناء أواصر قويةينمي الأطفال قيمة الولاء بعد شعورهم بإحساس عميق بالاحترام في المنزل، حيث نتعامل مع بعضنا بعضًا بلطف ومراعاة، فإذا شعر الأطفال بالحب والدعم من والديهم، فسيبنون مشاعر الولاء تجاههم بطريقة تلقائية، ثم يتسع مفهوم الولاء ليشمل الأشقاء، والمعلمين، ومن نشاركهم المعتقد والبلد واللغة.
وتترسخ مثل هذه القيم داخل الطفل كلما حافظت الأسرة على عاداتها مثل التجمعات والعطلات. ورغم بساطة تلك الأنشطة فإنها تعمق شعورًا بالالتزام والتماسك، لتكون الأسرة فريقًا تربطه علاقة متينة تجعل من السهل بعد ذلك بناء عادات أسرية، مثل صلاة الجمعة، صلاة الفرائض في جماعة، جلسات قراءة القرآن، قبل نموهم وانسحابهم لطرائق منفصلة واهتمامات مختلفة بعيدة عن الأسرة.
نعرف الحكمة القائلة إن تربية طفل تحتاج قرية بأكملها، لذلك تأكدا من تربية طفلكما وسط مجتمع تجمعكما به الغاية نفسها.
وقد قدمت جمعية "مسلمي نيو إنجلاند" نصائح لاختيار الصحبة الصالحة، فقد تكون صحبتكما الصالحة مجموعة من الأصدقاء المسلمين الملتزمين، يكون لديهم أطفال في سن مقارب لطفلكما.
وقد يساعدكما المسجد القريب من منزلكما على التعرف إلى مسلمين يعيشون في الجوار، وهكذا ستتاح الفرصة لطفلكما لتكوين صداقات مع أطفال يشبهونه، وتجمعهم التربية الإسلامية والثقافة العربية.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
بلدية لبنانية تحظر تربية الديوك بسبب الصياح الصباحي
في قرار أثار تفاعلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، أعلنت بلدية بدنايل شمال لبنان حظر تربية الديوك داخل النطاق السكني للبلدة، وذلك بهدف الحفاظ على راحة السكان والسكينة العامة.
وجاء القرار، الذي وقعه رئيس البلدية صلاح الدين الأيوبي، استجابة لشكاوى متكررة من سكان الأحياء السكنية بشأن الإزعاج الناتج عن صياح الديوك في ساعات الصباح الباكر. واعتبرت البلدية أن هذا الإزعاج يمثل إخلالا بالنظام العام ويتطلب تدخلا تنظيميا.
وأوضح الأيوبي، الذي تولى مهامه مؤخرا، أن القرار يأتي ضمن خطة لتحسين جودة الحياة في البلدة، مشيرا إلى أن صياح الديوك أصبح مصدر إزعاج يومي للسكان، خصوصا في الفترات الصباحية. ويقضي القرار بفرض حظر شامل على تربية الديوك ضمن المناطق السكنية، حفاظا على الهدوء العام.
كما جاء في البيان ما يلي: "حرصا على راحة سكان قريتنا الكرام، وحفاظا على النظام العام والسكينة، يمنع اقتناء الديوك وصياحها داخل نطاق البلدة، ونرجو من مربي الدجاج الالتزام بهذا القرار احتراما للمصلحة العامة وحق الجيرة".
وأمهلت البلدية المخالفين 10 أيام للامتثال، على أن تُتخذ إجراءات قانونية بحق من لا يلتزم بالقرار بعد انتهاء المهلة.
موجة سخرية واسعةلم يمر قرار بلدية بدنايل من دون ردود فعل، إذ سرعان ما أثار موجة واسعة من التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وصفه كثيرون بأنه "أغرب قرار بلدي في لبنان"، في حين ربطه آخرون بالأزمات العميقة التي تعصف بالبلاد منذ سنوات.
وفي بلد يعاني من أزمة اقتصادية خانقة منذ عام 2019، تشكل تربية الدواجن، بما فيها الديوك، مصدر دخل حيويا للعديد من الأسر، ما جعل القرار مثار جدل. ورغم أن القرارات البلدية غير التقليدية ليست بالأمر الجديد في لبنان؛ إذ سبق أن اتخذت بعض المناطق قرارات تتعلق بتقييد التدخين أو إغلاق أماكن السهر، إلا أن حظر تربية الديوك يعد لافتا، نظرا لارتباط هذه العادة بنمط الحياة الريفي التقليدي.
إعلان