مقرّرات مجلس الوزراء بالتفاصيل الدقيقة.. هذا ما سيناله الموظفون من رواتب
تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT
رأس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي جلسة لمجلس الوزراء بعد ظهر اليوم في السرايا، شارك فيها نائب رئيس مجلس الوزراء سعاده الشامي، ووزراء: التربية والتعليم العالي القاضي عباس الحلبي، الإعلام زياد مكاري، الشباب والرياضة جورج كلاس، الدولة لشؤون التنمية الادارية نجلا رياشي، الصناعة جورج بوشكيان، الاقتصاد والتجارة أمين سلام، الاتصالات جوني القرم، الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي، المال يوسف خليل، البيئة ناصر ياسين، السياحة وليد نصار، الثقافة القاضي محمد وسام مرتضى، الصحة فراس الأبيض، وزير العمل مصطفى بيرم، الأشغال العامة والنقل علي حمية، الزراعة عباس الحاج حسن والمهجرين عصام شرف الدين.
كما حضر المدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور أنطوان شقير، والأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية.
بعد الجلسة تحدث وزير الاعلام زياد مكاري فقال : في مستهل الجلسة تحدث دولة الرئيس فقال: تنعقد جلستنا اليوم على وقع استمرار العدوان الاسرائيلي على جنوب لبنان ومناطق لبنانية اخرى.وفي هذا السياق فاننا في كل اللقاءات الديبلوماسية التي نعقدها نجدد التأكيد على وجوب العمل على وقف العدوان الاسرائيلي على لبنان، ونتفاعل بواقعية مع المبادرات الخارجية التي اعتبرها صادقة وننبه للمخاطر وندين الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان وسقوط الضحايا. كما أننا نجدد مطالبة المجتمع الدولي وممثلي الدول التي نلتقيهم بممارسة الضغط على اسرائيل لوقف اعتداءاتها وانتهاكاتها للسيادة اللبنانية، ونرفع الصوت تجاه المجتمع الدولي والمؤسسات الإنسانية ، منددين بالاعتداءات الاسرائيلية على لبنان وغزة.
أضاف: في كل اللقاءات والاجتماعات العربية والدولية التي نشارك فيها ، نؤكد حرص لبنان على دوره والقيم التي يمثلها، وفي الوقت ذاته نلمس إهتمام الدول بوضعنا. وفي هذا السياق فاننا نثمن جدا الجهد الفرنسي والاميركي لحماية لبنان ونعول على مسعاهما لردع العدوان، ونجدد المطالبة بتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته والزام اسرائيل بتطبيقه ووقف خروقاتها وعدوانها.
وقال : كما في كل جلسة ، نؤكد الضرورة الوطنية والدستورية لإنتخاب رئيس للجمهورية، وهي مسؤولية جميع النواب وترقى إلى مستوى الواجب الوطني الذي علينا ان نتحمله جميعاً، كلٌّ من موقعه الدستوري والوطني ، وخارج منطق المزايدات، فما من لبناني مخلص الا ويريد انتخاب رئيس في اسرع وقت.
أضاف: في ما يتعلق بالمطالب المعيشية لموظفي القطاع العام، فكل يوم نواجه تحديات ومطالب مشروعة ، نتفهمها بمسؤولية ونتعامل معها بواقعية ،وخارج اي سلوك شعبوي . نحن معنيون بكرامة واستقرار كل مواطن، موظفاً ومتقاعدا ً وصاحب كل حق والمودع بشكل خاص. فالاستقرار لا يتجزأ:استقرار دستوري واستقرار امني واستقرار اقتصادي واستقرار اجتماعي. والمسؤولية السياسية هي مسؤولية وطنية ، تتكامل فيها رؤى المعارضة مع قدرات الحكم ، لنبني معاً قدراتنا التي تمكننا من تجاوز مرحلة التحديات ، وننتقل إلى جو من الاستقرار.
وقال : نحن نستفيد من وحدتنا الوطنية لمواجهة كل الطوارئ، ونشهد الادانة الشاملة للاعتداءات الاسرائيلية، ونتطلع بعناية ومسؤولية إلى التحرك المطلبي والمعيشي الذي يقوم به الموظفون والمتقاعدون بكل فئاتهم ومسمياتهم. والحكومة تعمل بروية لإنصاف الجميع من دون تسرّع . وأتمنى ان تبقى التحركات المشروعة بعيدة عن أي إستثمار سياسي ، في هذه المرحلة الدقيقة من حياة الوطن .وفي خلال الجلسة سنبحث في ما توصلنا اليه من اقتراحات لكي يصار الى الاتفاق على الحل الذي يوائم بين الحاجات الكثيرة والامكانات المتوافرة في خزينة الدولة.
وختم: مسؤوليتنا جميعاً ان نهتم بالأجيال اللبنانية، شيوخا وشبابا الشبابية ،وان نلاقيهم بإنتظاراتهم، وان نشجعهم لأن يبادروا ويقولوا رأيهم، ونحن نحترم دورهم ومستقبلهم.
واشار الى ان مجلس الوزراء درس المواضيع المدرجة على جدول الاعمال ، ومن خارج الجدول وبناء على طلب وزير الاشغال تمت الموافقة على تكليف مجلس الانماء والاعمار اعداد دراسة جدوى بهدف انشاء نفق لطريق بيروت البقاع ولتلزيمه عن طريقB.O.T
اما موضوع المصارف فأجل البحث فيه لمزيد من الدرس، وهناك وزراء قدموا دراسات وملاحظات وسيعاد دراسة الأمر خلال أسبوع أو اسبوعين.
اما في ما يتعلق بالتقديمات فهي على الشكل الآتي:
أولا: يعطى العسكريون في الخدمة الفعلية في كافة الأسلاك 3 رواتب اضافية بحيث يصبح مجموع ما يتقاضونه 9 رواتب شهرياً زائد بدل نقل 9 مليون ليرة لبنانية بدل5 ملايين ليرة لبنانية.
ثانيا: يعطى المتقاعدون عسكريين ومدنيين 3 رواتب اضافية بحيث يصبح مجموع ما يتقاضونه 9 رواتب شهرياً على إلا تقل الزيادة عن8 ملايين ليرة لبنانية زائد بدل سائق للضباط المتقاعدين الذين يستفيدون من سائق وقدره 5ملايين ليرة لبنانية.
ثالثا: يعطى الإداريون راتبين إضافيين بحيث يصبح مجموع ما يتقاضونه 9 رواتب شهرياً.
رابعا : يعطى موظفو الادارة بدل حضور يومي للموظفين بين 8 و 16 صفيحة بنزين، وهنا نتحدث عن الفئات 5.4.3.2.1 بمعدل 14 يوم عمل في الشهر كحد ادنى شرط عدم التغيب.
خامسا: يعطى موظفو الادارة العامة مكافأة مثابرة في حال أمنوا حضورا شهريا كاملا ووفق معايير انتاجية محددة ستحدد لاحقا.
كل هذه الزيادات ستسري بمفعول رجعي من تاريخ 1-12-2023
كما تم تكليف مجلس الخدمة المدنية اعداد تصور إصلاحي خلال ثلاثة أشهر حول ما يجب أن يتقاضاه العاملون في القطاع العام والاسلاك العسكرية.
وجاء في تفاصيل ما أقر في مجلس الوزراء واذاعه وزير الاعلام الآتي: المادة الاولى: 1. بالإضافة إلى التعويضات المَنصوص عليها في القانون النافذ حكمًا رقم 10 تاريخ 15/11/2022 وفي البند الأول من المادة الأولى من المرسوم رقم 11227 تاريخ 18/4/2023، يتقاضى موظفو الملاك في الإدارات العامة والمتعاقدون والأجراء ومقدمو الخدمات الفنيّة والمستخدمون وأجراء الخدمة في المشاريع المنبثقة لدى وزارة الشؤون الإجتماعية وموظفو السلك الخارجي العاملون منذ أكثر من سنتين في الإدارة المركزيّة (دون المنتمين إلى السلك القضائيّ والتعليميّ)، تَعويضاً مؤقتاً شهريّاً يوازي ضُعفيّ الراتب الأساسي أو التعويض أو الأجر الشهري، وعلى ألا يزيد هذا التعويض عن ثلاثين مليون ليرة لبنانيّة شهرياً.
2. بالاضافة إلى التعويض المؤقّت الشهري، يتقاضى موظفو الملاك في الإدارات العامة والمتعاقدون والأجراء ومقدمو الخدمات الفنيّة والمستخدمون وأجراء الخدمة في المشاريع المنبثقة لدى وزارة الشؤون الإجتماعية وموظفو السلك الخارجي العاملون منذ أكثر من سنتين في الإدارة المركزيّة (دون المنتمين إلى السلك القضائيّ والتعليمي) تعويضاً شهريّاً آخر يُحدّد كما يلي:
- ما يوازي بدل 8 صفائح محروقات لموظفي الفئة الخامسة والأجراء ومقدمي الخدمات الفنية.
- ما يوازي بدل 10 صفائح محروقات لموظفي الفئة الرابعة.
- ما يوازي بدل 12 صفائح محروقات لموظفي الفئة الثالثة.
- ما يوازي بدل 14 صفائح محروقات لموظفي الفئة الثانية.
- ما يوازي بدل 16 صفائح محروقات لموظفي الفئة الأولى.
لغايات احتساب هذا التعويض يُعتمد سعر ثابت لصفيحة البنزين بقيمة /1,500,000/ ل.ل.
المادة الثانية: بالإضافة إلى التّعويضات المَنصوص عليها في القانون النافذ حكمًا رقم 10 تاريخ 15/11/2022 والمرسوم رقم 10958 تاريخ 5/12/2022 والبند الثاني من المادة الأولى من المرسوم رقم 11227 تاريخ 18/4/2023، وقرار وزير المالية رقم 4/1 تاريخ 10/1/2023، يتقاضى من ينتمي إلى السلك العسكري وهو في الخدمة الفعلية تعويضاً مؤقتاً شهرياً يوازي ثلاثة أضعاف مقدار الراتب الأساسي ومُتمّماته المُحدّدة بموجب قرار وزير المالية رقم 4/1 تاريخ 10/1/2023.
المادة الثالثة: 1. بالإضافة إلى التعويضات المَنصوص عليها في القانون النافذ حكمًا رقم 10 تاريخ 15/11/2022 والبند الثالث من المادة الأولى من المرسوم رقم 11227 تاريخ 18/4/2023، يتقاضى المتقاعدون المنتمون إلى جميع الأسلاك، باستثناء السلك العسكري، تعويضاً مؤقتاً شهرياً إضافياً يوازي ثلاثة أضعاف معاشهم التقاعدي، على ألّا تقل نسبة هذه الزيادة /8,000,000/ ليرة لبنانية كحد أدنى. 2. بالإضافة إلى التعويضات المَنصوص عليها في القانون النافذ حكمًا رقم 10 تاريخ 15/11/2022 والبند الثالث من المادة الأولى من المرسوم رقم 11227 تاريخ 18/4/2023 والمرسوم رقم 10958 تاريخ 5/12/2022 وقرار وزير المالية رقم 4/1 تاريخ 10/1/2023، يتقاضى المتقاعدون في السلك العسكري تعويضاً مؤقتاً شهرياً إضافياً يوازي ثلاثة أضعاف معاشهم التقاعدي المُحتسب مع المُتمّمات المُحدّدة بموجب قرار وزير المالية رقم 4/1 تاريخ 10/1/2023 على ألّا تقل نسبة هذه الزيادة /8,000,000/ ليرة لبنانية كحد أدنى، كما يُعطى الضباط المتقاعدون الذين يتوجب عليهم دفع بدل سائق، تعويضاً مقطوعاً قدره /5,000,000/ ليرة لبنانية شهرياً.
الوزير حميّة واعلن الوزير حميه بأنه أقر في مجلس النواب في العام2020 اجازة للحكومة اللبنانية بأن تقوم ووفق نظامB.O.T بتلزيم نفق بيروت البقاع. وبناء على طلب وزارة الأشغال العامة والنقل وبالتنسيق مع مجلس الإنماء والاعمار ورئاسة الحكومة تمت الموافقة من قبل مجلس الوزراء ولأول مرة على خطوة عملية لهذا المشروع الحلم بتكليف مجلس الإنماء والاعمار بإعداد دراسة جدوى اقتصادية ومالية وفنية بحيث يصار الى تلزيم هذا المشروع. والسؤال الأساسي من قبل كل المستثمرين في العالم هو كم تبلغ تكلفة هذا المشروع ولغاية الآن لا جواب لدى الحكومة اللبنانية. وهذا النفق هو مشروع حيوي من الناحية الجيوسياسية لأنه يؤمن طريق سكة الحديد للشاحنات والسيارات من بيروت الى العمق العربي، ولهذا سننسق مع مجلس الإنماء والاعمار لتصبح الدراسات جاهزة وبهكذا نتمكن من استقطاب المستثمرين. الوزير شرف الدين واعلن الوزير شرف الدين بأن العسكريين المتقاعدين مصرون على حل دائم وليس حافزا مؤقتا بمفعول رجعي. ولقد قدموا حلا جيدا لمن هم رتباء وما دون وحلا للعسكريين وللمدنيين والذي يبلغ عددهم نحو70 ألفا، وطلبت بالإضافة إلى ما حصلوا عليه باضافة 8 ملايين ليرة لبنانية كبطاقة ائتمانية لهم لا سيما بأن هناك فائضا في وزارة المالية من السنة الماضية، فضلا عن ان حاكم مصرف لبنان وسيم منصوري لا يمانع هذا الأمر اذا اتخذ قرار في مجلس الوزراء بذلك. الوزير بوشيكيان بدوره، قال الوزير بوشكيان: نحن كحكومة التزمنا بأن تكون الزيادات بتاريخ لرواتب موظفي القطاع العام والأجهزة الامنية،من تاريخ 1-12-2023 وهذا ما اقريناه. وعدنا ووفينا بوعودنا، ونحن نعتبرها خطوة إيجابية للمستقبل وستؤدي الى اعادة تسيير القطاع العام. تابع: اما النقطة الثانية فهي نفق ضهر البيدر وهو حلم لسكان البقاع ،وان شاء الله سيتم قريبا إطلاق هذا المشروع الحيوي الاستراتيجي الذي يصل بيروت والبقاع مع الدول العربية، وهو من الخطط الانمائية والاصلاحية.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: بالإضافة إلى لیرة لبنانیة القطاع العام مجلس الوزراء هذا المشروع إلى التعویض
إقرأ أيضاً:
رواتب وامتيازات السلطة المتضخمة مفتاح الفساد!
آخر تحديث: 11 دجنبر 2025 - 10:22 ص بقلم:كفاح محمود تُعاني الدولة العراقية، مثلها مثل ليبيا وبعض دول الشرق الأوسط، من مفارقة صارخة: إيرادات نفطية هائلة تُقدّر بملايين البراميل يوميًا، تقابلها خزائن خاوية ومجتمعات مثقلة بالفقر والبطالة، فيما ينعم السياسيون برواتب وامتيازات فلكية تجعل من الوظيفة العامة صفقة تجارية أكثر من كونها تكليفًا وطنيًا، حيث تحولت المناصب التشريعية والتنفيذية إلى مغنمٍ يتسابق إليه الطامحون، لا من أجل خدمة الشعب، بل لتحصيل الامتيازات وتوزيع الغنائم والمفارقة الأكبر أن المدافعين عن هذه الامتيازات يبرّرونها بحجة “حماية المسؤول من الابتزاز أو الارتهان للخارج”، وكأن الوطنية والضمير لا يكفيان لردع الخيانة، بل لا بد من شراء الولاء بالمال العام، هكذا يتحول الانتماء إلى سلعة قابلة للتثمين، ويتحول البرلمان إلى سوق مفتوحة، تُباع فيه المقاعد وتُشترى الولاءات، وهو ما يفسر اتساع الفساد المالي والسياسي، وتآكل العقد الاجتماعي بين الدولة والمجتمع.
في المقابل، نجد أن التجارب الغربية العريقة قد طوّرت فلسفة مختلفة تمامًا، ففي النرويج، وهي واحدة من أغنى الدول النفطية في العالم، يُعامل العمل النيابي كخدمة عامة مؤقتة، لا كغنيمة شخصية، كذلك في بريطانيا وفرنسا والسويد، ورغم ثرائها واستقرارها السياسي، ظلّت الرواتب والمخصصات البرلمانية ضمن إطار معقول، وتخضع لمراجعة مستقلة وشفافية صارمة، الفلسفة هناك واضحة: النائب أو الوزير ليس موظفًا عند الدولة يسعى للثراء، بل ممثل لمجتمعه أو حزبه يؤدي واجبًا عامًا، يخضع في المقابل للمساءلة الشعبية والقانونية.
هذه المقارنة تكشف بوضوح أن الخلل في العراق وليبيا وأمثالهما ليس في شح الموارد، بل في غياب الرؤية الأخلاقية والسياسية التي تعرّف الوظيفة العامة باعتبارها خدمة مؤقتة، لا استثمارًا طويل الأمد في امتيازات، وهذا ما يجعل النائب البريطاني أو السويدي أو النرويجي ملتزمًا ليس ضخامة راتبه، بل طبيعة المنظومة التي تضبطه: قوانين شفافة، لجان مستقلة تحدد التعويضات، ورأي عام يراقب ويحاسب، بينما عندنا، كل ذلك غائب أو مُغيّب عمدًا، لتحلّ محله ثقافة الريع والمحاصصة.
إن انعكاسات هذه المنظومة على المجتمع كارثية، فالمواطن الذي يرى ممثليه يعيشون في بحبوحة وامتيازات غير مبررة، بينما هو عاجز عن تأمين قوت يومه أو دواء طفله، سيفقد الثقة بالدولة ويعتبرها خصمًا لا حاميًا، ومع الوقت، تنقلب المعادلة: يصبح الطريق إلى السلطة هو الطريق الأقصر إلى الثروة، ويُقصى الأكفاء والشرفاء لصالح الأكثر قدرة على شراء الولاءات والصفقات، وهكذا ندخل في حلقة مفرغة من الفساد الذي يلد فسادًا، حتى يغدو الإصلاح شبه مستحيل.
إن الحصانة الحقيقية للمسؤول لا تُبنى على الأموال، بل على قوة القانون واستقلال القضاء وشفافية المؤسسات، فالمال قد يشتري الصمت، لكنه لا يشتري الضمير، وشراء الولاء عبر الرواتب الفاحشة لا يؤدي إلا إلى إدمان الفساد، لذلك فإن الإصلاح الجذري يبدأ بإعادة تعريف الوظيفة العامة باعتبارها تكليفًا وخدمة، لا غنيمة ومصدر ثراء، ويقتضي ذلك ربط رواتب ومخصصات النواب والوزراء بمستوى الرواتب العامة في الدولة، ووقف الامتيازات غير المبررة، واعتماد لجان مستقلة تحدد ما يُستحق فعلاً ضمن إطار الخدمة العامة.
التجارب العالمية تؤكد أن السياسة يمكن أن تكون عملاً شريفًا إذا بقيت مرتبطة بمفهوم الخدمة، لا بالمنفعة الشخصية، أما حين تتحول المناصب إلى تجارة رابحة، فإنها تفقد معناها وتفقد معها الدولة استقرارها، وإذا كانت النرويج الغنية، وبريطانيا العريقة، وفرنسا الديمقراطية، والسويد المستقرة قد وجدت سبيلًا لتنظيم العمل السياسي بعيدًا عن المزايدات المالية، فما الذي يمنع العراق أو ليبيا من أن تسلك الطريق ذاته؟
إنها ببساطة مسألة إرادة وإيمان بأن الوظيفة العامة ليست للبيع، وأن السياسة ليست تجارة في أسواق المال، بل عقد ثقة بين الشعب وممثليه، من دون هذا الفهم، ستظل الدولة رهينة للفساد، وسيبقى المواطن أسيرًا لعجزٍ لا يليق ببلدان غنية بمواردها وعقولها.