الإذاعة الإسرائيلية: طرد 9 جنود من غزة لرفضهم الأوامر العسكرية
تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT
أفادت الإذاعة الرسمية الإسرائيلية بطرد 9 جنود من لواء غفعاتي وإخراجهم من القتال في قطاع غزة بسبب رفضهم الأوامر العسكرية، وتم وضعهم على ذمة التحقيق.
وأضافت أن الجنود رفضوا الانصياع لأوامر قائدهم بعد أن تركوا مواقعهم، وتجولوا بدون خوذات وسترات.
ويقول الجنود إنهم خاطروا بحياتهم لفترة طويلة "لقد قاتلنا، وفقدنا أصدقاءنا، والآن يرموننا بعيدا".
وأضاف أحدهم "كنا قريبين من القادة في إحدى المناطق، وقد تخلوا عنا في كل مراحل القتال، فوق الأرض وتحتها، والآن يهددوننا بأنهم سوف يأخذون شهادة المحارب منا وكل شيء".
وقال أهالي الجنود إن "الجنود كانوا في غزة لفترة طويلة وكانوا مرهقين تماما، وبدلا من إخراجهم للتجديد وإعطائهم الزي العسكري عندما يطلبون ذلك فإنهم يتعرضون للإذلال، ويتم تهديدهم بفقدان شهادة المحارب الخاصة بهم".
وذكرت الإذاعة أن الجنود قاتلوا لمدة 4 أشهر في خان يونس وحي الزيتون ومخيم الشاطئ وجباليا.
حوادث سابقةوفي وقت سابق، ذكرت صحيفة هآرتس أن جنودا آخرين من لواء غفعاتي رفضوا الانصياع للأوامر وتنفيذ مهام عسكرية داخل غزة بسبب تردي أوضاعهم النفسية والجسدية.
كما دخلت فتاة إسرائيلية السجن لرفضها الخدمة العسكرية بسبب معتقداتها السياسية، ورفضها سياسات القمع والفصل العنصري العنيفة التي فرضتها إسرائيل على الشعب الفلسطيني.
وسبق أن رفض عدد من جنود قوات الاحتياط الامتثال للخدمة العسكرية والمشاركة في القتال داخل قطاع غزة.
وأمس الأربعاء، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي اعتزامه تمديد الخدمة العسكرية في المستقبل بهدف زيادة عدد جنود الاحتياط، وفق ما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية.
وترفض شريحة من الشباب اليهود أداء الخدمة العسكرية بجيش الاحتلال في ظل العدوان على غزة، كما أنهم يعارضون احتلال الأراضي الفلسطينية وقصف غزة وقتل المدنيين.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
د.هبة عيد تكتب: كيف تصنعنا الأرواح حين نتلاقى
الأرواح جنودٌ مجندة؛ ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف.
حكمة قديمة، لكنها تُشبه بوابة ندخل منها إلى عالم خفيّ لا بملامحه الغيبية، بل بأبعاده الإنسانية العميقة… عالمٍ يصوغ ملامحنا من جديد كلما التقت أرواحنا بأرواح أخرى تعكس فينا ما لا نراه.
في لحظات نادرة، نلتقي أشخاصًا يلامسون في داخلنا شيئًا كانت السنوات قد مرّت عليه دون أن توقظه. لا نعرف كيف يحدث هذا القرب المفاجئ، ولا لماذا نشعر بأننا "نعرفهم" منذ زمنٍ لا نملكه. إنه توافق خفي، تفسّره الروح بلغة لا يجيدها العقل، ويترجمه القلب على شكل طمأنينة شفافة تُشبه العودة إلى بيت لم نعشه، لكننا نتذكّره.
هذه الألفة ليست مصادفة؛ إنها نتيجة تشابهٍ عميق في البنية النفسية… نسق داخلي يتكوّن من جروح قديمة، ورغبات مكتومة، وطباع ترتّبت عبر السنين.
فعلم النفس يخبرنا أن الإنسان ينجذب لمن يشبه إيقاعه الداخلي، لمن تكمل ملامحه ما ينقصه أو تهدّئ ما يضطرب بداخله. لذا، نجد أنفسنا نرتاح لشخص ما قبل أن نعرفه، ونبتعد عن آخر رغم لطفه. فالروح ترى ما هو أبعد من السلوك… ترى ما وراءه.
وفي المقابل، هناك أرواح تمرّ من أمامنا دون أن تترك أثرًا، أو ربما تترك ثقلًا لا ينسجم مع خطواتنا. هؤلاء ليسوا أعداء، بل صفحات تُعلّمنا معنى الحدود، وتذكّرنا بأن الاختلاف جزء من حكمة الوجود. فكما تُشرق الشمس على كل شيء، لا تملك كل الأشياء القدرة على استقبال الضوء بنفس الطريقة.
وبين الألفة والاختلاف، نصنع نحن.
تكبر التجربة داخلنا، وتتكوّن طبقة جديدة من الفهم.
نتعلم من القريبين كيف يكون الدفء، وكيف تستطيع كلمة واحدة أن تعيد ترتيب عمرٍ كامل.
ونتعلم من البعيدين معنى الثبات، وكيف نحمي مساحتنا، وكيف نرى أنفسنا بصدق أكبر.
كل لقاء روحاني عميق يصنع فينا شيئًا:
من يُشبهنا يزرع الطمأنينة.
ومن يختلف عنا يزرع الحكمة.
ومن يمرّ سريعًا يترك في الهواء درسًا صغيرًا بالكاد نلتقطه في لحظته… لكنه يعود إلينا حين نحتاجه.
وهكذا نمضي في الحياة، لا نصادف أحدًا عبثًا. كل اقتراب رسالة، وكل ابتعاد حماية، وكل انسجام باب مفتوح على ذاتٍ كانت تبحث عن نفسها.
فالأرواح لا تدخل حياتنا عبثًا، ولا تغادرنا بلا أثر؛ بل تُهذّب ما في داخلنا، وتعيد تشكيل الطرق التي نسير بها، وتعلّمنا كيف يصبح الإنسان أكثر اتزانًا، أعمق فهمًا، وأرقّ حسًا.
وفي النهاية…
تظل الأرواح جنودًا مجندة،
تتآلف حين تتعارف،
وتختلف حين تتناكر،
وتنسج من خيوط اللقاء شكلًا جديدًا منّا…
كأنها تُعيد تشكيل الإنسان في كل مرة نصادف فيها قلبًا يُشبهنا أو يختلف عنا.