قمة الويب.. مطالبات بمنصة عربية ومقاطعة المنصات المنحازة لإسرائيل
تاريخ النشر: 1st, March 2024 GMT
الدوحةـ تحيز واضح كشفته الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لبعض منصات التواصل الاجتماعي في دعم الرواية الإسرائيلية وترويجها وتجميلها ومنحها تصنيفات البروز والظهور الآني على المنصات في مختلف قارات العالم.
بل وتتعمد ذات المنصات تغييب مشاهد الدمار والجوع والبرد القارس الذي يفتك بأجساد أطفال قطاع غزة جراء العدوان الإسرائيلي والحصار والتهجير الذي يواجهه أكثر من مليوني إنسان.
من لا وجود له على منصات التواصل الاجتماعي، فهو غير موجود.. جملة معتمدة من أصحاب نظرية "العالم محكوم بالتكنولوجيا"، وهي على ما يبدو باتت ـوفقا لخبراءـ قاعدة وركيزة أساسية تستند إليها آلة الحرب الإعلامية الإسرائيلية في كسب تعاطف العالم مع ادعاءاتها وتبرير جرائمها والتنكيل بأصحاب الحق والأرض.
الجزيرة نت التقت خلال قمة الويب بقطر مع عدد من الخبراء والمتخصصين للحديث عن أسباب محاربة منصات التواصل الاجتماعي للمحتوى العربي الداعم للقضية الفلسطينية.
تهديد مباشرلم يخف الإعلامي القطري حسن الساعي أثناء حديثه للجزيرة نت انزعاجه من التهديدات التي تصله، وعدد من زملائه الإعلاميين في قطر والخليج بسبب دعمهم للقضية الفلسطينية، وبثهم لمنشورات تناصر أهالي غزة وتظهر جرائم الاحتلال الإسرائيلي ومجازره في حقهم.
يقول الساعي، وهو أحد نشطاء منصات التواصل الاجتماعي في قطر والخليج، إن تهديدات بعض المنصات تصلنا يوميا بالإغلاق أو التقييد بحجة نشر محتوى مخالف لسياسة هذه المنصات، والمحتوى المخالف -يقول الساعي- هو الذي يظهر مدى الظلم الذي يقع على سكان غزة وعمليات القتل اليومية والممنهجة التي يقترفها جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وأكد الساعي أن هذا المحتوى لم يكن مخالفا في أحداث وقعت في أوروبا ومناطق مختلفة من العالم، ولكن لأنه محتوى عربي مسلم يدعم قضية نبيلة كالقضية الفلسطينية فهو بذلك مخالف وغير إنساني.
منصة عربيةيكمل الساعي حديثه بالقول إن الحل الأنسب لمواجهة إجراءات الحجب والتحكم بآرائنا كعرب ومسلمين هو إطلاق منصة عربية خالصة، بإدارة عربية ومحتوى عربي ورأس مال ومقر وإشراف عربي خالص، حيث يمكن من خلال هذه المنصة إيصال صوتنا كمؤثرين عرب للعالم ونظهر الحقائق ونعبر عن معاناة أهلنا في غزة بحرية مطلقة ومهنية.
وبدورها لم تنكر ليزا ماكوي مسؤولة إدارة التسويق ومنظومة الأمن في غوغل كلاود (سحابة غوغل)، إدراكها ومعرفتها بسياسة الكيل بمكيالين لبعض منصات التواصل الاجتماعي، وتعاطيها مع كثير من الأحداث بأجندات وأيديولوجيات محددة ترسمها عدة ملامح أهمها:
توجهات ملاك المنصة. سياسات الدولة التي تتخذ المنصة منها مقرا لها. المال الممنوح من الشركاء والمستثمرين. الأرباح القادمة من الإعلانات والمعلنين.وأشارت ماكوي في حديثها للجزيرة نت، أن كل هذه العوامل لها دور كبير في تحديد المحتوى المطلوب والمسموح به لأي منصة عالمية كبيرة، ومن يخالفها قد يتعرض لإجراءات يختلف مستوى حدتها من منصة لأخرى، مؤكدة بأن هذه الإجراءات تتحول في وقت الحروب والكوارث والصراعات لأدوات يتم من خلالها تحييد البعض وتسليط الضوء على البعض الآخر.
«فيسبوك يفقد ثقة المستخدمين العرب»..
موقع «بازفيد» الإخباري ينشر تقريرا يسلط فيه الضوء على انتقادات من موظفي «#فيسبوك» بشأن تحيز المنصة ضد الشعب الفلسطيني pic.twitter.com/jviuYQRDHL
— شبكة رصد (@RassdNewsN) May 28, 2021
لم ترد مسؤولة إدارة التسويق ومنظومة الأمن في غوغل كلاود على سؤال الجزيرة نت: لماذا تحارب معظم منصات التواصل الاجتماعي المحتوى الداعم لفلسطين وغزة تحديدا؟ ولكنها أظهرت -بشكل ما- عدم رضاها على محاربة بعض المنصات للمحتوى الداعم لغزة.
وقالت: أشعر بكثير من الأسى لما يحدث لأطفال فلسطين وأتمنى أن تقف هذه الحرب بسرعة، وأن يصير تطور العالم التكنولوجي متلازما لإنسانيته واحترام الإنسان.
وعن إمكانية نجاح فكرة إنشاء منصة عربية جديدة، عبرت ماكوي عن دعمها للفكرة وقابليتها للتحقق والنجاح بحكم العدد الكبير من الناطقين بالعربية، والقرب الجغرافي بين سكان المنطقة العربية، إضافة لتوفر رأس المال والعقول وعدد المستخدمين الضخم من الشباب.
وأعربت عن تفاؤلها بما رأته في قطر من تطور كبير في التحول الرقمي والطريقة الصحيحة التي يستخدم بها القطريون التكنولوجيا في تحسين جودة حياتهم.
مقاطعة المنصاتومن جهته، طالب رئيس عمليات الاتصال بمكتب الاتصال الحكومي المنظم لقمة الويب في قطر أحمد كريم، نشطاء وسائل التواصل في العالم العربي والإسلامي بمقاطعة المنصات التي تتصف بعدم الحياد اتجاه ما يحدث في غزة، مؤكدا أن المقاطعة ستأتي بنتائج مهمة وغير متوقعة.
وقال كريم في حديثه للجزيرة نت إن حملة مقاطعة واحدة وإغلاق منصات شركة ميتا المالكة لفيسبوك وإنستغرام وواتساب لمدة 24 ساعة فقط ستكون كفيلة بأن تغير الشركة سياستها في التعامل مع المجازر التي تقترفها آلة الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، على أن يعلن المقاطعون أن المقاطعة جاءت اعتراضا على سياسة الشركة المناهضة للقضية الفلسطينية وعلى الأحداث التي تجري في غزة.
وشدد على أن شركة ميتا حذفت مئات الآلاف من المنشورات الداعمة والمؤيدة للقضية الفلسطينية، كما أغلقت أو أوقفت حسابات إنستغرام للكثير من المؤيدين للقضية الفلسطينية، وهذا إجراء ظالم ومجحف، لا يمكن مواجهته إلا بالمقاطعة الشعبية، حسب كريم.
وعن البديل في حال تم تنفيذ "مقاطعة شعبية" لمنصات محددة، يرى رئيس عمليات الاتصال بمكتب الاتصال الحكومي، أن إنشاء منصة عربية هو البديل الأفضل في الوقت الراهن، حيث من المهم الآن أن يتفق مستثمرون عرب على إطلاق شبكة عربية للتواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت تمتلك مواصفات حديثة ومتطورة لا تقل عن مثيلاتها العالمية.
الرواية العربية في الغربأما ليوناردو ناتوزي مستشار تطوير الأعمال في شركة (Diseo) الإيطالية المختصة بإنشاء التطبيقات وحلول البرمجيات، فيقول إن المجتمع الإيطالي شبه منفصل عن ما يحدث في غزة بسبب ممارسات وسائل التواصل الاجتماعي في حجب وتقييد المحتوى عن هذه القضية، طارحا فكرته الخاصة بإنشاء منصة عالمية حيادية لا تخضع لأي أجندات.
وأشار ناتوزي في حديثه للجزيرة نت إلى صعوبة تحقيق هذا الهدف للتحديات التي ربما سيواجهها في حال إطلاقها، كون من يسيطر على عالم التكنولوجيا في العالم لا يقبلون سماع أصوات مناهضة لخطوطهم العريضة القائمة على أن ذكاء العنصر الأبيض يفوق ذكاء أصحاب البشرات الأخرى، وأن الفقراء هم وقود هذا العالم لينعم الأغنياء وسلالاتهم بثروات الأرض.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: منصات التواصل الاجتماعی للقضیة الفلسطینیة للجزیرة نت منصة عربیة فی غزة فی قطر
إقرأ أيضاً:
مخاطر إهمال القضايا الكبرى في عالم غارق بالصراعات
من الطبيعي أن تنشغل الحكومات، والدوائر الفكرية، ووسائل الإعلام، بل وجميع الأفراد بدرجات متفاوتة، بالمشهد الدولي الحافل بالتحولات، ومن أبرزها الحروب التجارية الراهنة، وساحات التنافس والصراع المفتوحة في أوكرانيا وقطاع غزة ودول أخرى في الشرق الأوسط، فضلاً عن التوترات التي كادت أن تتصاعد إلى مواجهة هائلة بين الهند وباكستان. بيد أن المشكلة الكبرى تكمن في أن هذا الانشغال، على الرغم من كونه مفهوماً؛ يؤدي إلى تجاهل العديد من الملفات والتحديات التي تمس مستقبل البشرية، بل وتهدد بقاء العالم واستقراره بدرجات متفاوتة.
ويمكن القول إن هناك أربعة مجالات كبرى تستدعي تفكيراً عميقاً واستعداداً مدروساً للتعامل معها؛ اثنان منها واضحان وهما التغير المناخي، وتدهور مستويات التنمية وارتفاع معدلات الفقر، وآخران ذوا طبيعة مختلفة ويتمثلان في تنظيم وسائل التواصل الاجتماعي، والارتباك العالمي وأزمة النموذج الغربي السائد. وإذا كان المجال الخاص بمنصات التواصل الاجتماعي يُشكل قوة هائلة ومضافة للتطور البشرى، فإنه أيضاً يحمل في طياته تحديات وتساؤلات تستدعي فهماً عميقاً وتنظيماً دقيقاً لاستكمال منافعه الضخمة التي ستعود على العالم.
التغير المناخي:
ربما يكون هذا المجال، إلى جانب ارتفاع مستويات الفقر، الأكثر تعبيراً عن انعكاسات انشغال النظام الدولي بتحولاته وصراعاته الممتدة، والتي يعود معظمها إلى العقد الماضي على الأقل. وبحسب تقرير حالة المناخ العالمي، الصادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، في مارس 2025؛ فإن 2024 هو أول عام تتجاوز فيه حرارة الأرض 1.5 درجة مئوية مقارنةً بمتوسط درجات الحرارة في فترة ما قبل الثورة الصناعية؛ مما يجعله العام الأكثر دفئاً على الإطلاق، ليتوج عقداً من الحرارة غير المسبوقة التي تغذيها الأنشطة البشرية. كذلك، بلغ ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي أعلى مستوياته خلال الـ800 ألف سنة الماضية، كما تسجل السنوات العشر الأخيرة ارتفاعاً مستمراً في درجة حرارة المحيطات.
وحسب نفس التقرير، فإنه بالإضافة إلى ظاهرة الاحتباس الحراري، أسهمت عوامل أخرى في هذه القفزات غير المتوقعة في درجات الحرارة، بما في ذلك التغيرات في الدورة الشمسية، وثوران بركاني هائل. كما يستمر ذوبان الأجزاء المتجمدة من سطح الأرض، المعروفة باسم الغلاف الجليدي. وأشار التقرير كذلك إلى أن نصف دول العالم فقط تمتلك أنظمة إنذار مبكر لرصد التغيرات المناخية؛ وهو ما يعكس فجوة خطرة في الاستعداد لمواجهة هذه الظاهرة.
وكان الإنجاز الكبير الذي حققه العالم في اتفاقية باريس لعام 2015 بانضمام الولايات المتحدة إليها، قد بدا هشاً بعدما انسحبت منها واشنطن مرتين خلال ولايتي الرئيس دونالد ترامب الأولى والثانية. كما جاء قرار إلغاء وكالة المساعدات الأمريكية، ليضيف نتائج بالغة السلبية على تمويل العديد من مشروعات المناخ والاقتصاد الأخضر، التي كانت الولايات المتحدة الداعم الرئيسي لها في دول الجنوب، بالرغم من تذبذب موقفها تاريخياً من هذه القضية. وألقى الموقف الأمريكي بالكثير من الظلال على مواقف الدول المتقدمة، ولا سيّما تلك المترددة بشأن قضية تغير المناخ، كما هدد التقدم الذي أحرزته مؤتمرات الأمم المتحدة للتغير المناخي سواء في مصر (كوب27)، أم دولة الإمارات (كوب28)، أم أذربيجان (كوب29).
وفي المجمل، ثمة حالة من الضبابية الواضحة بشأن مستقبل قضية تغير المناخ؛ نظراً لتراجع الالتزام الأمريكي، وكذلك الارتباك الدولي الواسع بسبب اندلاع الحروب سواء العسكرية أم التجارية في مناطق عدة حول العالم.
ارتفاع معدلات الفقر:
تشير التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة وكذلك البنك الدولي، إلى أن ثمة تباطؤاً ملحوظاً في الحد من الفقر؛ حيث لا يوجد أي تحسن في هذا الصدد، مع وجود نحو 700 مليون شخص في العالم يعيشون على أقل من 65 دولاراً شهرياً. كما أن أكثر من مليار شخص في العالم يعانون الفقر الحاد، وتُرجع هذه التقارير الدولية أسباب ارتفاع الفقر إلى عدة أسباب، تتراوح ما بين التغير المناخي، واندلاع الحروب والنزاعات، وفشل خطط التنمية الاقتصادية.
وفي الواقع، يُضاف كل يوم مشهد جديد إلى سلسلة الصراعات الممتدة في عدد من دول الجنوب، وهي صراعات ناجمة بدرجة كبيرة عن الصراع الدولي والتنافس على النفوذ السياسي والاقتصادي. وتُؤدي هذه النزاعات إلى تفاقم ظاهرة ارتفاع معدلات الفقر، وتجعل من معالجتها أمراً أكثر صعوبة. وتكفي نظرة على حجم الدمار في كل من غزة، واليمن، وسوريا، وغيرها، لتقدم أدلة واضحة على التحديات الإنسانية المتراكمة، خاصةً على مستويات الصحة، والغذاء، والبنية التحتية الأساسية. وإذا أضفنا إلى ذلك حالة الارتباك ونقص التمويل التي تعاني منها العديد من المنظمات الدولية، ولا سيّما بعد تراجع حجم المساعدات الأمريكية، يتضح أن أزمة الفقر وتدهور مستويات المعيشة والصحة والتعليم تتفاقم، وتحتاج إلى تكاليف أكبر وجهود دولية مكثفة لمعالجتها بشكل فعّال.
وسائل التواصل الاجتماعي:
عندما قامت منصتا “تويتر” (إكس حالياً)، وجوجل، بفرض عقوبات على الرئيس ترامب عقب أحداث اقتحام الكابيتول في 6 يناير 2021، والتي أسس بسببها ترامب منصته الخاصة “تروث سوشيال” (Truth Social)، ثم تحالفه لاحقاً مع رموز مواقع التواصل الاجتماعي وانضمامهم إليه في حملته الانتخابية العام الماضي؛ فقد أدى ذلك إلى تعميق أزمة وسائل التواصل الاجتماعي. وتتضح ملامح هذه الأزمة في عدة مظاهر، ومنها الموقف من القضية الفلسطينية، والإشكاليات المرتبطة بسيطرة هذه المنصات على تدفق المعلومات ومضامينها، حيث تمارس أدواراً معتمدة على رقابتها الذاتية، وعلاقة غامضة بسلطات وجهات أمريكية لا يفصح عن تفاصيلها؛ ومن ثم فهي تُمثل تحدياً ضخماً ربما قد لا يلفت الانتباه في وسط حالة السيولة والفوضى العالمية.
وما هو ظاهر للعيان أن هناك لجاناً تصفها منصات التواصل الاجتماعي بأنها محايدة لمراجعة سياسات النشر، وتتخذ قرارات بما في ذلك حظر رئيس سابق للولايات المتحدة، أو منع النشر في قضايا مثل تلك التي تعتبرها “معاداة السامية”. وبطبيعة الحال، فإننا أمام سلطة ضخمة تسيطر على فضاء معلوماتي هائل؛ لكنها ليست قضائية، فضلاً عن كونها متركزة في الولايات المتحدة، وهو ما يثير التساؤل عن مدى حياديتها. وفي الوقت الذي يلهث فيه العالم خلف أزماته المتعددة، فإنه لا يجد وقتاً لالتقاط الأنفاس، أو حتى لطرح فكرة تنظيم هذا المرفق الدولي المهم، وإخضاعه لقواعد رقابية دولية محايدة، خاصةً في ضوء ضخامته، حيث أصبحت قيمته المادية تفوق اقتصاديات الكثير من دول العالم. وحتى لو تدخل القضاء لضبط توجهات وسائل التواصل الاجتماعي مثلما حدث في دول مثل فرنسا، فإن هذا لا يغير من حقيقة أن العديد من هذه المنصات خاضعة جزئياً لسيطرة دولة واحدة هي الولايات المتحدة، فيما تخضع منصات أخرى لدول منافسة مثل الصين.
نحن إذن أمام ظاهرة بالغة الأهمية وتستحق وقفة من البشرية، حيث يتجاوز تأثيرها حدود الحياة اليومية للناس، إلى التأثير في ساحات الصراع حول العالم. ومع ذلك، لا تزال هذه القضية خارج أولويات المجتمع الدولي، في ظل حالة الانشغال والارتباك التي يشهدها العالم.
أزمة النموذج الغربي:
يمكن القول إن الظواهر الاجتماعية والسياسية العديدة التي يعرفها العالم ارتباطاً بالتحولات الراهنة في النظام الدولي، واتساع الصراعات ومشاهد القتل والدمار حول العالم التي أصبحت يومية، وصعود اليمين المتطرف في العالم الغربي، وتراجع العولمة، وتخبط منظومة الأمم المتحدة وعجزها عن التصدي الفعال لهذه الأزمات؛ كل هذا أدى إلى حالة من عدم اليقين في العالم، زادتها الأدوار المعقدة التي تقوم بها وسائل التواصل الاجتماعي؛ مما نتج عنه الكثير من التساؤلات حول مدى فعالية النموذج الغربي الراهن.
وربما لم يشهد العالم منذ انهيار الاتحاد السوفيتي السابق، تساؤلات مماثلة لما هو مطروح الآن حول شكل النظم السياسية ومستقبل الديمقراطية، وخاصةً أن العالم الغربي لم يعد يملك القدرة على الترويج لنموذجه في ظل صعود اليمين الشعبوي والعنصرية، وإخفاق مؤسسات الحوكمة الدولية وعلى رأسها محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، لتضع مستقبل هذه المؤسسات في حالة ترقب وغموض.
كما أنه لا يغيب عن أي مراقب أن حالة الانشغال بالصراعات السياسية والعسكرية والاقتصادية في العالم، لا تترك الكثير من الوقت للتفكير في مناقشة هذه الأسئلة الصعبة، بالرغم من أنها وثيقة الصلة بقدرة العالم على مواجهة التحديات المختلفة.
وفي النهاية هذه بعض القضايا الكبرى التي كان يجب أن تتركز فيها طاقات البشرية لإيجاد حلول ومعالجات لها، ولكن العالم يبدو غارقاً في جبهات صراع متعددة، وتهديدات بحروب عسكرية وتجارية مستمرة، لا تعطي فرصة للتوقف والتحسب لاهتمامات مستقبلية ضرورية.
” يُنشر بترتيب خاص مع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أبوظبى ”