الضربة القاضية.. الرئيس النيجيري يغيب عن قمة دول الغاز بالجزائر و يدعم التقارب مع المغرب
تاريخ النشر: 4th, March 2024 GMT
زنقة 20 | الرباط
في صفعة مدوية للنظام الجزائري، لم يستجب الرئيس النيجيري بولا تينوبو، للدعوة التي وجهت له من طرف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، لحضور القمة السابعة لمنتدى الدول المصدرة للغاز.
وكان تبون يمني النفس لحضور الرئيس النيجيري ، لمحاولة احياء مشروع أنبوب الغاز و الذي عرف تعطلاً كبيرا مقابل تقدم كبير في مشروع أنبوب الغاز بين نيجيريا و المغرب و الذي تحاول الجزائر إفشاله بشتى الطرق.
واعتبر مراقبون أن غياب الرئيس النيجيري أحد كبار الدول المصدرة للغاز في العالم ، يعتبر صفعة قوية للنظام الجزائري الذي كان يراهن على حضوره لتعزيز تقاربهما و محاولة التأثير على مشروع أنبوب الغاز نيجيريا المغرب.
في المقابل ، فإن الرئيس النيجيري بولا تينوبو و مباشرة بعد المكالمة الهاتفية التي جمعته مع الملك محمد السادس، أرسل وفدا حكوميا نيجيريا رفيع المستوى الى المغرب يقوده وزير الدولة بجمهورية نيجيريا الفيدرالية المكلف بالموارد البترولية، إكبيريكبي إيكبو.
الوزير النيجيري التقى عددا من المسؤولين المغاربة و تمحورت المباحثات حول التقدم المحرز في مشروع أنبوب الغاز نيجيريا – المغرب، وأوراش ومشاريع أخرى ذات صلة بمجال الطاقة والتنمية.
و قال إيكبو، أن زيارته إلى المملكة تشكل مناسبة “لمناقشة مشروع أنبوب الغاز نيجيريا – المغرب، الذي انطلق الحديث عنه سنة 2016، بمناسبة زيارة جلالة الملك إلى نيجيريا”، وكذا للوقوف على التقدم المحرز في هذا المشروع.
وأكد أنه “من خلال ما تم القيام به، فإن المشروع يحقق تقدما”، معبرا عن تقدير بلاده للجهود التي يبذلها الجانب المغربي، لإنجاز أنبوب الغاز نيجيريا – المغرب.
وتجدر الإشارة إلى أن المغرب ونيجيريا يربطهما تعاون وشراكة مثمرة ومتميزة في مجالات الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، تتميز بتبادل التجارب والخبرات وبناء القدرات وتطوير المشاريع، من خلال العديد من الاتفاقيات الثنائية التي دخلت حيز التنفيذ، لاسيما بين الفاعلين الاقتصاديين بالبلدين، في مجالات تطوير الطاقات المتجددة والمحروقات والفوسفاط وإنتاج الأسمدة.
ويعد مشروع أنبوب الغاز الذي سيربط المغرب ونيجيريا، واحدا من بين أهم المشاريع الاستراتيجية في القارة الإفريقية، حيث سيساهم في تحقيق مكاسب اقتصادية مهمة وتسهيل الاندماج القاري.
ويصل طول هذا الأنبوب إلى أكثر من 5600 كيلومترا، وسيمر عبر 13 دولة إفريقية، قبل أن يصل إلى إسبانيا وعبرها إلى أسواق أوروبية أخرى. ويتوقع أن تبلغ طاقته الاستيعابية ما بين 30 و40 مليار متر مكعب سنويا، بمعدل 3 مليارات قدم مكعبة من الغاز يوميا.
المصدر: زنقة 20
كلمات دلالية: أنبوب الغاز نیجیریا مشروع أنبوب الغاز الرئیس النیجیری
إقرأ أيضاً:
حين يغيب المبدأ
صالح بن سعيد الحمداني
"الفلوس تغيّر النفوس".. عبارة طالما اعتبرها البعض مبالغة أو حكاية شعبية تتداولها الألسنة في المقاهي والمجالس، لكن الوقائع اليومية تثبت أن لهذه المقولة جذورًا واقعية لا يمكن إنكارها، قد نشك أحيانًا في صحتها، لكننا نكتشف مع مرور الوقت أن المال ليس مجرد وسيلة للعيش وإنما أداة قادرة على قلب القيم والموازين وتحويل الصديق إلى خصم والمبادئ إلى شعارات مهجورة.
شهدتُ شخصيًا موقفًا يُجسِّد هذا التناقض الصارخ؛ شخصٌ كان بالأمس ينتقد فردًا آخر علنًا ويشكك في نواياه وأعماله ويمتدح من هو على النقيض منه متغنّيًا بنجاحه وتميّزه، لكن ومع أول بريق للمال تغيّر المشهد كليًا فأصبح ذلك المنتقد بالأمس صديقًا حميمًا لمن كان يُهاجمه، متجاهلًا كل ما كان يقوله وكأنَّ ذاكرته قد مُسحت تمامًا، وفي العلن يخشى أن يعلم الآخرون بعلاقته بذلك الشخص متناسيًا أننا نعيش في مجتمع أصبح كقرية صغيرة لا يمكن أن يختفي فيه سرّ، وعندما سُئل عن هذا التغير أجاب بلا تردد "المهم أن معي المال فأنا محتاج إليه فأنا باحث عن فرصة أو عن مصلحة مؤقتة".
وهنا يطرح السؤال نفسه هل الحاجة المادية تبرر التخلي عن المبادئ التي تربى عليها الإنسان؟ وهل الضائقة المالية يمكن أن تُحوِّل من كان وفيًا نزيهًا إلى شخص يلهث وراء المصلحة الشخصية دون اعتبارٍ للقيم؟ المؤسف أن الإجابة في كثير من الحالات هي "نعم"؛ فالبعض يسمح للمال بأن يعمي بصيرته فينسى من وقف إلى جانبه في أوقات الشدة ومن علّمه الأبجدية ويقابل المعروف بالجحود، وقد يقدّم أقسى الصفعات لمن مدّ له يد المحبة والوئام، والأخطر أن حب المال قد يقود بعضهم إلى ظلم الآخرين فيأخذون ما لا حق لهم فيه مستغلين الحاجة أو النفوذ متناسين أن هذا الظلم سيرتدّ عليهم يومًا وسيتجرّعون من نفس الكأس.
هذه الحالة لا تمثل مجرد سقوطٍ أخلاقي فهي تدخل ضمن ما يمكن وصفه بـ الفساد الذاتي؛ فالإنسان الذي يظلم نفسه قبل أن يظلم الآخرين حين يبيع قيمه مقابل المال هو في الحقيقة يختار طريق الانحدار الروحي والإنساني، والتاريخ مليء بالأمثلة التي تؤكد أن المال كان سببًا في تحطيم صداقات وتفكيك أسر وإشعال حروب وارتكاب جرائم وموت الضمير، لكن الأمر لا يتعلق بالمال في حد ذاته فالمال أداة محايدة يمكن أن تكون وسيلة للبناء أو للهدم، والمشكلة الحقيقية تكمن في عبودية المال فحين يصبح المعيار الوحيد لتحديد القرارات والمواقف هو المصلحة المادية الشخصية تحت شعار "أنا المهم مصلحتي فوق كل اعتبار".
ومن المؤسف أن هذا السلوك بات ينتشر في مجتمعاتنا العربية حيث نرى أشخاصًا يتخلّون عن مبادئهم بسهولة مقابل مكاسب آنية وكأن القيم الأخلاقية ترف يمكن الاستغناء عنه عند أول اختبار، والأخطر أن هذا النمط من التفكير يخلق بيئة خصبة للفساد على نطاق أوسع فحين يبرر الفرد لنفسه الظلم بحجة الحاجة أو الطموح المادي فهو يساهم في ترسيخ ثقافة تجعل المال فوق القانون وفوق الأخلاق.
ومن هنا تبرز الحاجة إلى إعادة ترسيخ قيم النزاهة والوفاء في التربية والتعليم وغرس قناعة لدى الأجيال بأن المال وسيلة لا غاية وأن الكرامة والمبدأ لا يُقدّران بثمن، كما إن دور المجتمع لا يقل أهمية؛ إذ يجب أن يكرّم ويحتفي بالنماذج التي تلتزم بالقيم رغم المغريات لا تلك التي تبرر الانتهازية وتصفها بـ"الذكاء"؛ فالمال قادر على تغيير النفوس ولكن هذا التغيير ليس قدرًا محتومًا؛ فالنفوس القوية المتمسكة بالمبادئ تستطيع أن تجعل المال خادمًا لا سيدًا ووسيلةً للخير لا أداةً للفساد، والتحدي الأكبر أمام كل فرد هو أن يسأل نفسه في كل موقف "هل أنا أمتلك المال، أم أن المال هو الذي يمتلكني"؟!
رابط مختصر