القاهرة تساند الأشقاء.. تحركات ومطالب عاجلة لحقن دمـ اء الشعب السوداني
تاريخ النشر: 6th, March 2024 GMT
منذ اندلاع الأزمة في السودان في الـ15 من أبريل 2024، سخّرت مصر مؤسساتها المعنية كافة لاحتواء الأزمة وحقن دمـ اء الشعب السوداني.
الأزمة في السودانالتحركات المصرية استندت إلى ثوابت رئيسية تمثلت في الحفاظ على استقرار ووحدة السودان وأراضيه وبحلول سودانية خالصة بعيدًا عن أي تدخل خارجي حماية لخيارات الشعب الشقيق بعدم التدخل في شئونه الداخلية وتقديم جميع المساعدات الممكنة له، في إطار من الحفاظ على الأمن القومي المصري.
أطلق الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، اليوم الثلاثاء، نداء لحقن دماء الشعب السوداني تعظيماً لحرمة شهر رمضان الكريم.
وجاء في نص النداء: "نحن على أعتاب شهر رمضان المعظم الذي يحل بعد أيام قليلة ولازالت الدماء السودانية الغالية تراق وجرح الوطن ينزف بسبب الحرب الدائرة في ربوع البلاد على مدار عام كامل تقريباً، مهددة معها أحلام ملايين السودانيين وآمالهم المشروعة في حياة آمنة ومستقرة في وطن يسعهم".
كما دعا الأمين العام الأشقاء السودانيين إلى عدم ادخار أي جهد في البحث عن كل ما يقرب من خيارات السلام والحوار وإيثار الوطن على ما عداه، واتخاذ كل خطوة جادة تسكت المدافع وتضمد الجروح وتعيد الأمل في المستقبل.
وأضاف: "لقد شردت هذه الحرب الضروس ملايين السودانيين من منازلهم وقراهم، وضربت العاصمة القومية للبلاد، وعرضت أسرا وقرى بأكملها إلى جرائم يندى لها الجبين، وبذرت الخوف والرعب في قلوب الأبرياء بعد أن فقدوا أحبتهم وممتلكاتهم، ونشرت خطابات الكراهية والثأر والانتقام فيما بين أبناء الوطن الواحد".
وحرص أبو الغيط على أن يذكر جميع السودانيين بأن التسامح وصفاء القلب من صفاتهم المشهورة التي عرفوا بها وسط جيرانهم، وأن المساهمات القيمة للأجيال السابقة في الدفاع عن أمتهم وقارتهم وبناء نهضتها لم تمح من الذاكرة، وأن لهم أن يستذكروا هذه الصفات وهذه الجهود في هذه اللحظات المصيرية التي تمر بها بلادهم ومؤسساتهم القومية.
وتابع: "على أعتاب شهر التسامح الذي يتسابق فيه المسلمون إلى الخير والعفو وإيثار الغير، أدعو الأشقاء السودانيين إلى حقن دمائهم تعظيماً لحرمة الشهر، وحرمة الوطن،وحرمة أعراضهم ودمائهم".
وأكد الأمين في ختام ندائه أن يد الجامعة العربية ستظل ممدودة لكل مسعى يرنو نحو استعادة السلام والاستقرار والأمل في السودان ولصالح السودانيين.
دور مصرولم تتوان الدولة المصرية وفي مقدمتها مؤسسة الرئاسة، عن إجراء اتصالات مكثفة مع دول الجوار وقادة دول العالم ومنظماته لاحتواء الأزمة في السودان ورأب الصدع بين الأطراف كافة، وعملت في سبيل ذلك على العديد من المبادرات كان أبرزها استضافة القاهرة لقمة دول جوار السودان في 13 من يوليو العام الماضي لصياغة رؤية مشتركة بين تلك الدول، واتخاذ خطوات لحل الأزمة وحقن دماء الشعب السوداني وتجنيبه الآثار السلبية التي يتعرض لها.
وتماشيًا مع الثوابت المصرية، أكدت قمة القاهرة في بيانها الختامي على الاحترام الكامل لسيادة ووحدة السودان وعدم تدخل أي أطراف خارجية في الأزمة والحفاظ على السودان ومقدراته ومؤسساته ومنع تفككه.
ولم تتوقف مصر عن مساعيها السياسية لتسوية الأزمة، وإنما كان حضورها قويًا في تقديم آلاف الأطنان من المساعدات الغذائية والإغاثية والطبية للأشقاء في السودان، سواء عبر معابرها البرية مع الجارة الجنوبية أو عبر جسور جوية مكثفة.
كما لعبت مصر كذلك دورًا محوريًا وفعالًا في رعاياها وكذا رعايا الدول الأجنبية من السودان، كما وفرت خروجا آمنًا لرعايا معظم دول العالم بجانب تقديم الخدمات الصحية والعلاجية لهم، بالإضافة إلى استقبال آلاف من السودانيين عبر معبر "أرقين - وقسطل" البريين وهو ما حظي بإشادة دولية واسعة النطاق.
ورغم سخونة الأوضاع على الجبهة الشرقية تحديدًا في قطاع غزة، لم تغفل مصر الأوضاع في السودان، وحذرت من تجاهل المجتمع الدولي للأزمة في السودان، وطالبت بتنسيق الجهود الإقليمية والدولية لجذب أطراف النزاع نحو التفاعل الإيجابي مع ظهور تسوية الأزمة.
في هذا السياق، أكد المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أن المنطقة العربية والشرق الأوسط في مرحلة لم يشهدها منذ عقود وفيها توتر وانفجار أحداث وتطورات وأحداث شديدة ومؤلمة لنا كمصريين وعرب بما يحدث في فلسطين والسودان.
وأضاف فهمي، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج "كل الزوايا"، المذاع على قناة on e، أن مصر لا تتعامل مع الشهداء والضحايا كأرقام وكل مواطن من إحدى الدول العربية في السودان وفلسطين نشعر بألم كبير لسقوطه أو إصابته، ولذلك هناك التزام مصري لتصحيح هذه الأوضاع لوقف الاعتداءات والوصول لمسارات سياسية تقوم على التفاوض السلمي وهذا يتم في السودان وفي غزة وعلى مستوى القضية الفلسطينية.
وأشار فهمي، إلى أنه بالنسبة للسودان الروابط بين البلدين تاريخية وأزلية وممتدة دائما، مضيفا: "ملايين السودانيين مقيمون في مصر ومحتضنون من المصريين، ومصر لا مصلحة لها في السودان إلا وقف نزيف الدم السوداني الغالي علينا ومصر تعمل كل ما تستطيع لدفع جهود تسوية النزاع".
وأضاف: "هناك محددات عليا وهي مصلحة الشعب السوداني مستقبله ومكتسابه ودولته وسلامة أراضيه وهذه أمور مهمة ومحددات أساسية يدور فيها الجهد المصري، ومصر والسودان بينهما علاقات ثنائية طويلة".
من جانبه، قال وزير الخارجية الأسبق محمد العرابي، إن مصر تبذل كل الجهود الممكنة للتوصل لوقف شامل ومستدام لإطلاق النار، ودعم مساعي الحوار السلمي واستئناف المرحلة الانتقالية، بما يؤدي إلى حقن دماء الشعب السوداني وتجنيبه المخاطر وصولًا إلى تحقيق تطلعاته بالمستقبل الآمن وتعزيز مسار التنمية والبناء.
وأبرز العرابي تحذير مصر دائماً من خطورة الأوضاع الحالية والاشتباكات العسكرية الجارية بين طرفي الأزمة في السودان، ومناشدتها كافة الأطراف بالتهدئة، وتغليب صوت الحكمة والحوار السلمي وإعلاء مصلحة الوطن فوق أي اعتبار.
وسلط العرابي، الضوء على المساعدات التي تسيرها مصر إلى السودان دعماً لشعبه الشقيق، وسعياً لتجنب وقوع كارثة إنسانية في البلد الجار، من خلال تقديم المواد الإغاثية والغذائية.
وتابع أن مصر حاضرة دائما في المفاوضات بين الأطراف السودانية باعتبار أن تلك القضية ترتبط ارتباطاً مباشراً بالأمن القومي المصري، كما تسعى لرأب الصدع وحلحلة الخلافات بين مختلف الأطراف السودانية، مذكّراً في هذا الصدد باستضافة مصر لمؤتمر دول جوار السودان في 13 يوليو الماضي، لبحث سبل إنهاء الصراع.
واستطرد أن القاهرة دعت كذلك دول الجوار السوداني إلى توحيد رؤيتها ومواقفها تجاه الأزمة في السودان، واتخاذ القرارات المتناسقة والموحدة التي تسهم في حل القضية، بالتشاور مع أطروحات المؤسسات الإقليمية الفعالة، وعلى رأسها الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية.
وحث العرابي كافة الأطراف السودانية على تغليب لغة الحوار والتوافق الوطني وصوت العقل والحكمة للحفاظ على وحدة واستقرار السودان، محذراً من تداعيات استمرار التصعيد الجاري، خصوصاً في مناطق أم درمان والخرطوم، وعدد من مناطق كردفان ودارفور، الأمر الذي سيعمل على انزلاق الوضع إلى منحنى أكثر تدهورا.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: السودان الشعب السوداني ابو الغيط مصر الأطراف السودانية الأزمة فی السودان الشعب السودانی
إقرأ أيضاً:
عامان على الحرب: صورٌ تحكي مأساة الإعلام السوداني وصمت استوديوهاته
منتدى الاعلام السوداني: غرفة التحرير المشتركة
تقرير : راديو دبنقا
الخرطوم- بعد عامين من لهيب الحرب الذي اكتوى به السودان، تتجلى فصول كارثة إنسانية متفاقمة، لا تقتصر فصولها المؤلمة على قصص الضحايا والنازحين الذين عصفت بهم رياح الصراع. ففي العاصمة القومية الخرطوم، يبرز وجه آخر للمأساة، يتمثل في الدمار الشامل الذي لحق بجميع المؤسسات الإعلامية والصحف السودانية التي كانت يوماً نبضاً للحقيقة ومنبراً للمعرفة، مُسهمةً في ترسيخ قيم التعايش المشترك والديمقراطية. باستثناء مبنى الإذاعة والتلفزيون القوميين الذي سقط تحت سيطرة قوات الدعم السريع لرمزيته السيادية، تحولت هذه الصروح الإعلامية إلى مجرد أطلال صامتة، شاهدة على حجم الخراب الذي طال حتى صوت الكلمة.
يتضح من خلال هذا المشهد المأساوي، كيف لم يسلم من نيران الحرب حتى حراس الحقيقة وناقلوها، ليضاف فصل جديد ومؤلم إلى سجل الخسائر الفادحة التي تكبدها السودان وشعبه. نحاول في هذا التقرير استعراض نماذج للدمار الذي تعرضت له هذه المؤسسات، بعد ان اصبح الوصول لدور ومقار هذه المؤسسات ممكنا عقب اعادة الجيش السيطرة على الخرطوم.
إذاعة “هلا”… صمتٌ يلف الأثيرياسر أبو شمال، مدير إذاعة “هلا” التي كانت نبض الشباب السوداني وأحد أكثر المنابر الإذاعية شعبية، حبس أنفاسه وهو يشاهد للمرة الأولى صوراً ومقاطع فيديو لمبنى الإذاعة العريق في قلب العاصمة الخرطوم. “الخسارة فادحة ومؤلمة”، قالها بصوت يخنقه الأسى.
يضيف أبو شمالة، واصفاً حجم الكارثة في مقابلة مع راديو دبنقا: “لم يكن الأمر مجرد تدمير لمبنى، بل هو تدمير ممنهج لاستوديوهات البث والإنتاج بالكامل. كانت هذه الاستوديوهات مجهزة بأحدث التقنيات الرقمية: مازجات صوت متطورة، سيرفرات ضخمة، مكتبات صوتية لا تقدر بثمن، أرشيف برامجي يوثق لتاريخنا، ميكروفونات، كوابل، وحتى جهاز الإرسال الرئيسي الذي كان يحمل أصواتنا عبر الأثير إلى المحطات الأرضية لإعادة البث”. يؤكد أبوشمالة أن كل تلك المعدات الثمينة “أتت عليها نيران الحرب ويد النهب، ولم تسلم الملحقات الأخرى، بما في ذلك أنظمة البودكاست الصوتية والمرئية المتطورة، شبكة الحواسيب، وأجهزة لا حصر لها”. قُدّرت الخسائر المادية الأولية لإذاعة “هلا” بأكثر من 350 ألف دولار.
احد استديوهات مركز ارتكل في الخرطوم بعد تدميره بسبب العمليات العسكرية الصورة ردايو دبنقا مركز “أرتكل”… حلمٌ تحوّل إلى أنقاضمشهد الخراب لم يقتصر على “هلا”، بل امتد ليطال مركز “أرتكل” للإنتاج الإعلامي، الذي كان يُعد منارة إعلامية واعدة وصرحاً إنتاجياً ضخماً في السودان، مبنىً ومعنى. عثمان فضل الله، مدير المركز، عبّر عن صدمته في مقابلة مع دبنقا بصوت كاد يغيب من فرط الألم: “ليتني لم أرَ تلك الصور القاسية… الدمار الذي لحق بالمركز جعلني أشعر وكأن خمسين عاماً من عمري قد سُحقت، وأن 25 عاماً من مسيرتي المهنية تحولت إلى مجرد ركام.”
يتحدث عثمان عن “أرتكل” بحرقة، كأنه يتحدث عن كائن حي فُجع فيه: “المركز لم يكن مجرد مبانٍ ومعدات تُقدّر بمئات الآلاف من الدولارات، بل كان قصة حياة، مشروع حلم راودني طيلة مسيرتي المهنية، سكبت فيه عصارة فكري وجهدي، وكل ما أملك من خبرة وعلاقات وتفانٍ.”
ويستطرد قائلاً: “كل قطعة أثاث، كل جهاز، كان يمثل لي جزءاً من كياني، ومساحة من ذاكرتي. كان طموحنا كبيراً، أردنا لـ”أرتكل” أن يكون نقطة ضوء حقيقية تشع في سماء الإعلام السوداني”.
يكشف فضل الله أن المركز، الذي أُنشئ عام 2022 بُعيد ثورة ديسمبر المجيدة، حمل في طياته رؤية طموحة ليتجاوز كونه مجرد مركز إنتاج، ويصبح مدرسة للصحافة. “نظمنا العديد من الدورات التدريبية المتخصصة في صحافة السلام، ومكافحة خطاب الكراهية، وتعزيز النسيج الاجتماعي. كان المركز منصة لتوثيق فعاليات الثورة وملتقى للحوارات البناءة بين الصحفيين والصحفيات.”
من الناحية الفنية، كان “أرتكل” صرحاً متكاملاً لإنتاج البرامج التلفزيونية، يضم استوديوين من أفخم الاستوديوهات المتكاملة، وخمس وحدات صوت مجهزة بتقنيات متنوعة، وثماني وحدات إضاءة حديثة، وثماني كاميرات احترافية، من بينها ثلاث كاميرات من طراز Canon 5D. كما كان يحتوي على ثلاثة حواسيب “ماك” متقدمة بأنظمة مونتاج وأرشفة متكاملة، ووحدة طباعة حديثة، وقاعة مؤتمرات شهدت العديد من الفعاليات الهامة، بالإضافة إلى قاعتين تدريبيتين مجهزتين بأحدث الوسائل.
“كنا نطمح لتحويله إلى أكاديمية تخرّج أجيالاً من الإعلاميين القادرين على مواكبة التطورات المهنية باحترافية عالية”، يقول فضل الله بحسرة، ثم يتنهد بعمق: “لكن كل ذلك الطموح أمسى حطاماً.”
الدمار الشامل… ورغم الجرح، يبقى وميض الأمللم يسلم شيء من آلة الدمار؛ فالأجهزة والمعدات والأثاث وشبكات البث، وحتى السيارة الخاصة بإدارة المركز، كلها إما سُرقت أو دُمّرت بالكامل. ورغم هول الفاجعة، يقول فضل الله بنبرة يمتزج فيها الأسى بالإصرار: “لا أريد أن أبدو محبطاً أو يائساً، فذلك ليس من شيمنا، ولكن إعادة بناء المركز بنفس المواصفات والمعايير تبدو مهمة بالغة الصعوبة في ظل الظروف الراهنة.” ومع ذلك، يختتم حديثه بلمحة أمل: “سنبذل قصارى جهدنا لإعادة الحياة إلى “أرتكل” قدر المستطاع… فالأمل، رغم كل شيء، ما زال يراودنا.”
هذا التقرير الصحفي من إعداد راديو دبنقا ، وقد تم نشره عبر مؤسسات منتدى الإعلام السوداني بمناسبة اليوم العالمي للصحافة لتسليط الضوء على اوضاع الصحافة والصحفيين في السودان. لنقف مع السودان#
SilenceKills #الصمت يقتل #NoTimeToWasteForSudan #الوضع في السودان لايحتمل التأجيل #StandWithSudan #ساندواالسودان #SudanMediaForum
الوسومإذاعة هلا الإعلام الحرب الخرطوم السودان مركز آرتكل منتدى الإعلام السوداني