كشفت صحيفة واشنطن بوست عن أن الولايات المتحدة الأميركية وافقت على أكثر من 100 صفقة مبيعات سلاح لإسرائيل وسلمتها لها منذ بداية حربها  المدمرة على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي.

وأكدت الصحيفة الأميركية أن المبيعات تضمنت آلاف من الذخائر الموجهة، والقذائف الخارقة للتحصينات، وغيرها من المساعدات الفتاكة.

كما لفتت الصحيفة إلى أنه لم يتم الإعلان عن سوى اثنتين فقط من المبيعات العسكرية لإسرائيل منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

ونقلت واشنطن بوست عن مسؤولين ومشرعين أميركيين قولهم إنه تمت معالجة عمليات بيع ونقل الأسلحة بأوامر تنفيذية من قبل الإدارة الأميركية دون نقاش عام.

وأضاف هؤلاء أن إدارة الرئيس جو بايدن وافقت على مبيعات صغيرة مجزأة ضمن السقف المالي المسموح الذي لا يشترط موافقة الكونغرس

كما ذكرت الصحيفة أيضا أن مسؤولين في الإدارة الأميركية قدموا افادة سرية لأعضاء في الكونغرس مؤخراً حول مبيعات سلاح غير معلنة لاسرائيل.

وتلتزم واشنطن بأمن إسرائيل، وظهر ذلك بوضوح في دعم عسكري كامل منذ عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي وما تلاه من عدوان إسرائيلي مدمر على قطاع غزة، تدعمه مساعدات أمنية ضخمة لإسرائيل، منها مذكرة التفاهم لمدة 10 سنوات بقيمة 38 مليار دولار (3.8 مليارات سنويا) والتي تم إبرامها عام 2016. وتماشيا مع مذكرة التفاهم تلك، تقدم واشنطن 3.3 مليارات دولار سنويا في شكل تمويل عسكري و500 مليون دولار إضافية لتمويل الدفاع الصاروخي.

ويدعم تمويل الدفاع الصاروخي العديد من برامج الدفاع الصاروخي التعاونية، ومنذ عام 2022، تقدم واشنطن مليار دولار إضافية كتمويل تكميلي لتجديد مخزون إسرائيل من الصواريخ الاعتراضية للقبة الحديدية. وحتى عام 2020، قدمت الولايات المتحدة لإسرائيل ما قيمته 146 مليار دولار من المساعدات العسكرية (من غير إدخال معدل التضخم طبقا لبيانات خدمة أبحاث الكونغرس)، ويقدر بعض الخبراء إجمالي قيمة المساعدات بعد تعديلها لمراعاة التضخم لتصل إلى 236 مليار دولار.

وتعد إسرائيل أكبر متلق للمساعدات الخارجية الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية، ووفقا للمؤشرات الرسمية الأميركية، بلغت المساعدات الإجمالية المقدمة من الولايات المتحدة لإسرائيل فيما بين عامي 1946 و2023 نحو 158.6 مليار دولار.

وبحسب بيانات "الوكالة الأميركية للتنمية الدولية" فإن حجم المساعدات أكبر بكثير مما جاء في التقديرات الرسمية، إذ وصل إجمالي المساعدات الأميركية الملتزم بها لإسرائيل في الفترة ذاتها نحو 260 مليار دولار.

ومعظم المساعدات الأميركية لإسرائيل تذهب إلى القطاع العسكري، وقد بلغ حجم المساعدات الأميركية العسكرية لإسرائيل فيما بين عامي 1946 و2023، بحسب التقديرات الأميركية الرسمية، نحو 114.4 مليار دولار، إضافة إلى نحو 9.9 مليارات دولار للدفاع الصاروخي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ملیار دولار

إقرأ أيضاً:

الحرب الاقتصادية الأميركية الصينية: من التعرفة الجمركية إلى معركة المعادن النادرة وانعكاساتها على الإقليم واليمن

 

تبددت الآمال بعقد لقاء مرتقب بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جينبينغ، بعدما وجّه ترامب انتقادات حادة لبكين عقب إعلانها فرض قيود جديدة على صادرات المعادن النادرة، في خطوة يرى مراقبون أنها أعادت إشعال فتيل المواجهة الاقتصادية بين القوتين العظميين، فالمشهد الحالي يعيد إلى الأذهان بدايات الحرب التجارية المعلنة عام 2018 حين فُرضت الرسوم الجمركية المتبادلة، لكن جذور هذا التوتر أعمق من ذلك، فهي تعود إلى صعود الصين الكاسح بعد انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية وتحولها إلى "ورشة العالم"، ثم طموحها اللاحق في تحقيق التفوق التكنولوجي عبر استراتيجية "صنع في الصين 2025"، مما أثار مخاوف واشنطن الهيكلية من فقدان تفوقها، لقد تحولت المعركة اليوم من نزاع تجاري إلى صراع استراتيجي أعمق يمسّ صميم النفوذ الصناعي والعسكري لكلا الطرفين ومستقبل القيادة العالمية.

 

الصين التي تسيطر على أكثر من ثمانين في المئة من إنتاج وتكرير المعادن النادرة في العالم، استخدمت هذا الملف كسلاح اقتصادي بالغ الدقة، إذ تُعد تلك المعادن المكون الأساسي في الصناعات التكنولوجية الحساسة كالرقائق الإلكترونية والطائرات المقاتلة وأنظمة الاتصالات المتقدمة، وبهذه الخطوة وجّهت بكين إنذارًا مبطنًا لواشنطن بأن أي تصعيد إضافي في التعريفات أو القيود التقنية سيقابله ردّ في عمق الصناعات الأميركية، وهو ما جعل الإدارة الأميركية بقيادة ترامب تعلن فرض تعريفة جمركية جديدة بنسبة مئة بالمئة على الواردات الصينية، وتعتبر أن بكين تتعمد تهديد الأمن القومي الأميركي عبر أدوات الاقتصاد، ومن المهم الإدراك أن هذه المواجهة تجاوزت إجراءات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فقد استمرت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن في نهج مماثل وإن بأدوات مختلفة، عبر تشديد القيود على تصدير أشباه الموصلات والتكنولوجيا المتقدمة، في إطار استراتيجية ثنائية تهدف إلى احتواء الصعود الصيني.

 

هذا التصعيد يعكس تحوّل العلاقة من شراكة اقتصادية متوترة إلى صراع بنيوي على قيادة النظام الدولي، حيث تسعى الصين لترسيخ نموذجها التنموي كبديل عن التفوق الغربي، فيما تعتبر واشنطن أن صعودها يشكل خطرًا على استمرار تفوقها التكنولوجي والعسكري، ومع غياب اللقاء المرتقب بين الرئيسين تبدو بوادر مرحلة جديدة من "الحرب الباردة الثانية"، لكن بوسائل مختلفة تستخدم فيها الأسواق وسلاسل الإمداد بديلًا عن الصواريخ والطائرات، ولا يتوقف الأمر عند حدود التجارة، فالصراع يتسع لكي تتخذ واشنطن إجراءات عقابية و حرب شبه مفتوحة على شركات التكنولوجيا الصينية العملاقة مثل "هواوي" و غيرها بهدف حرمانها من أسواق التكنولوجيا المتقدمة، في محاولة لإعاقة طموحات بكين في تحقيق التفوق في مجالات الذكاء الاصطناعي والاتصالات، كما تدور معركة موازية حول من يضع معايير التكنولوجيا والقواعد الاقتصادية العالمية المستقبلية، حيث تتصارع مبادرتا "الحزام والطريق" الصينية و "البنية من أجل عالم أفضل" الغربية على جذب الدول النامية وإقليمنا أحد ساحات هذا التنافس المحتدم.

 

الانعكاسات على الإقليم تبدو معقدة، فدول الخليج العربي والشرق الأوسط عمومًا تقف في موقع جغرافي واستراتيجي حساس، إذ يعتمد الطرفان المتصارعان على استقرار طرق الطاقة والممرات البحرية الممتدة من الخليج العربي حتى خليج عدن و بحر العرب وصولا الى مضيق باب المندب و البحر الأحمر، وقد يدفع التنافس بين واشنطن وبكين تلك الدول إلى سياسات موازنة دقيقة للحفاظ على مصالحها مع الطرفين، فالولايات المتحدة لا تزال الحليف الأمني والعسكري الأول، بينما تعد الصين الشريك التجاري الأكبر والمستثمر الأوسع في مشروعات البنية التحتية والطاقة، وهذا البعد التكنولوجي يضع حلفاء واشنطن التقليديين في المنطقة، خاصة في مجال الأمن السيبراني والاتصالات، أمام خيارات صعبة بين التعاون مع الحليف الأمني الأميركي والاستفادة من العروض الصينية الشبه تنافسية في مجال البنية التحتية الرقمية بتكاليف أقل، كما أن دور إسرائيل التكنولوجي والعسكري كحليف استراتيجي لأمريكا يضيف بعدًا آخر لمعادلات المنطقة، إلى جانب صعود لاعبين إقليميين آخرين كتركيا والإمارات اللتين تتعزز أدوارهما في القرن الأفريقي عبر الاستثمار في الموانئ والتواجد العسكري وبناء تحالفات متعددة، مما يزيد من تعقيد المشهد.

 

تكتسب منطقة البحر الأحمر وخليج عدن أهمية متزايدة في ظل التحولات الجارية، إذ تشكل اليوم أحد الممرات الحيوية في خريطة سلاسل الإمداد العالمية، ومع تصاعد الحرب الاقتصادية بين واشنطن وبكين، قد تتجه القوى الكبرى إلى تعزيز حضورها في هذا الممر بوصفه البديل الأكثر أمانًا في حال تعرض طرق التجارة في شرق آسيا لأي اضطراب، ومن هنا تتضاعف القيمة الجيوسياسية للموانئ اليمنية الممتدة على الساحل الغربي للبحر الأحمر و خليج عدن و بحر العرب، لأنها تمثل حلقة وصل بين المحيط الهندي وقناة السويس، كما أن أي توتر أو اختلال أمني في هذه المنطقة ينعكس مباشرة على حركة التجارة بين القارتين، الأمر الذي يجعل البحر الأحمر ساحة تنافس صامتة بين الاستراتيجية الأميركية الرامية إلى تأمين الممرات الدولية، والاستراتيجية الصينية التي تسعى إلى ترسيخ وجودها البحري ضمن مبادرة الحزام والطريق، وهذا ما يعيد اليمن ومحيطه إلى قلب التفاعلات الدولية من جديد.

 

في المدى القريب قد يؤدي تصاعد الصراع إلى تقلّب أسعار النفط والمعادن نتيجة التوتر في الأسواق العالمية، وهو ما سيؤثر مباشرة على اقتصادات دول الخليج التي تعتمد على الاستقرار المالي والتجاري مع كلا القوتين، كما أن إعادة تموضع الشركات الأميركية وتوجهها لنقل سلاسل التوريد إلى دول أخرى في آسيا قد تفتح أمام بعض دول الإقليم فرصًا استثمارية جديدة، لكنها في الوقت ذاته تفرض عليها تحديات في التوازن السياسي، لأن الانحياز الواضح لأي طرف قد يجرّ عواقب اقتصادية أو أمنية غير مرغوبة، ولكن من ناحية أخرى يمكن أن تتخذ أمريكا إجراءات أكثر صرامة لمنع وصول النفط الإيراني إلى الصين وبقدرة أقل على وصول النفط الروسي إلى الصين أيضًا، مما يتيح للصين الاعتماد أكثر على النفط من دول الخليج العربي، وهو ما يعزز من قدرة هذه الدول على ممارسة دبلوماسية اقتصادية مرنة.

 

أما بالنسبة لليمن، فإن انعكاسات هذا الصراع الدولي تتصل بعدة مستويات، فالصراع الاقتصادي بين واشنطن وبكين ينعكس على حركة الموانئ وسلاسل الإمداد في البحر الأحمر وخليج عدن، كما يرفع من أهمية المواقع الجيوسياسية اليمنية في باب المندب، حيث تتقاطع مصالح القوى الكبرى، ومن المحتمل أن يزداد اهتمام الصين بتأمين خطوط تجارتها البحرية عبر دعم موانئ القرن الإفريقي وتعزيز وجودها في الموانئ اليمنية الاستراتيجية التي كانت محط اهتمام مستثمرين قبل الحرب، كا موانئ المخا وعدن و المكلا والعديد من الموانئ الأخرى على بحر العرب وخليج عدن والبحر الأحمر، في حين ستسعى واشنطن إلى تعزيز وجودها العسكري والاقتصادي في المنطقة لمواجهة التمدد الصيني والإيراني معًا، الأمر الذي يجعل اليمن جزءًا من لوحة الصراع الجيو-اقتصادي العالمي، وإن بصورة غير مباشرة، وقد تدفع الديناميكية الجديدة الأطراف اليمنية المختلفة إلى محاولة توظيف هذا التنافس الدولي لصالحها، عبر الاقتراب الانتقائي من أحد الأطراف لتحقيق مكاسب سياسية أو اقتصادية في مرحلة إعادة الإعمار المستقبلية، مع ما يحمله ذلك من مخاطر استقطاب داخلي إضافي وتأثير على معيشة المواطن اليمني الذي يعاني من عشرية سوداء اوصلت اكثر من ثمانين بالمائة تحت خط الفقر حسب تقارير منظمات أممية و دولية.

 

وإذا استمرت المواجهة بالتصعيد المتبادل، فإن العالم سيتجه نحو نظام اقتصادي متعدد المراكز تفقد فيه المؤسسات الدولية كمنظمة التجارة العالمية فاعليتها، ما يترك الدول الهشة مثل اليمن أمام واقع أكثر صعوبة في الاندماج الاقتصادي وإعادة الإعمار، لأن الصراعات الكبرى تخلق دائمًا فراغات في الدول الطرفية، وتحوّلها إلى ساحات تنافس نفوذ بدلًا من أن تكون مناطق تنمية واستقرار، وفي مواجهة هذا المشهد، تبرز ضرورة أن تعي النخب اليمنية وبخاصة مليشيات الحوثي الإرهابية قيمة موقعهم الجيواستراتيجي الفريد ويحولوه من ورقة في صراع الآخرين إلى رافعة للتفاوض من أجل بناء الدولة واستقطاب الاستثمارات في مرحلة ما بعد الحرب، كما أن على دول الإقليم انتهاج سياسة "الحياد الإيجابي" الذكية، والاستثمار في علاقات متوازنة مع كلا القوتين، والاستفادة من التنافس كفرصة للاستثمار في تحولاتها الاقتصادية بدلاً من أن تكون ساحة للصراع، وذلك عبر انتهاج سياسات مرنة كالقبول بمشاريع صينية للبنية التحتية مع الحفاظ على التعاون الأمني مع واشنطن.

 

في النهاية يبدو أن الحرب الاقتصادية بين واشنطن وبكين لن تتوقف عند حدّ التعريفات أو المعادن النادرة، بل ستتمدّد إلى مجالات الطاقة والتكنولوجيا والتحالفات العسكرية، مما يجعل الشرق الأوسط واليمن خصوصًا جزءًا من خارطة التوازنات الجديدة التي تُرسم على وقع صراع العقول والتقنيات لا المدافع والدبابات، وتبقى احتمالات المستقبل مفتوحة بين سيناريو التصعيد الأكثر قتامة، الذي يقسم العالم إلى كتل اقتصادية متصارعة، وسيناريو التعايش التنافسي الذي تفرضه الاعتماديات المتبادلة، حيث قد تلعب أطراف ثالثة كدول الخليج دورًا في عبور هوة الخلاف، فالمواجهة هذه المرة اقتصادية الطابع لكنها تحمل كل سمات الحروب الكبرى التي تعيد تشكيل العالم من جديد.

  

مقالات مشابهة

  • صحيفة: إسرائيل وسعت التعاون العسكري مع 6 دول عربية خلال الحرب على غزة
  • ترامب: سننزع سلاح حماس ولن يكون هناك أي تهديد لإسرائيل
  • واشنطن بوست: أوبن إيه آي تدرب سورا على مقاطع فيديو من يوتيوب
  • «واشنطن بوست»: زيارة ترامب لإسرائيل تعد أكبر مغامرة دبلوماسية في مسيرته السياسية
  • إيران تشكك في اتفاق غزة وتتهم واشنطن بالانحياز لـإسرائيل
  • “واشنطن بوست”: أربــع دول عربية تآمرت مع “اسرائيل” ضد صنعاء
  • الحرب الاقتصادية الأميركية الصينية: من التعرفة الجمركية إلى معركة المعادن النادرة وانعكاساتها على الإقليم واليمن
  • اعتراف أمريكي: مواجهة إيران كان المحرك الرئيسي وراء التعاون الأمني العربي-الإسرائيلي
  • بدعم من وكالة الإمارات.. جسر الدعم الإماراتي لقطاع غزة عبر مصر يتجاوز 1.7 مليار دولار
  • صفقة القرن في عالم الألعاب.. استحواذ سعودي على شركة EA بقيمة 55 مليار دولار