أجواء رمضان في المخيم الفلسطيني
تاريخ النشر: 11th, March 2024 GMT
أحاول أن أتخيل كيف سيستقبل الغزاويون شهر رمضان، فيعجز الخيال عن التخيل؛ نظرا لهول الإبادة الجماعية الممنهجة التي تُعمّق الجراح غير القابلة للشفاء، مرورا بالمجاعة وأنين الجرحى واليتامى والثكالى، وسحابة الأحزان التي تظلل كل شبر في قطاع غزة، والشعور بالخذلان من الجميع بدءًا بالعرب والمسلمين وانتهاء بالمجتمع الدولي الذي أقام إسرائيل ومنحها الضوء الأخضر للتمدد على أرض فلسطين.
حين عجز خيالي عن تشكيل صورة عن معاناة أهالي غزة، أسعفني الكاتب الفلسطيني الأسير باسم خندقجي صاحب رواية «قناع بلون السماء»، التي دخلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2024، وهي روايته الثانية الصادرة عن دار الآداب بعد رواية خسوف بدر الدين، يتناول فيها ملامح من مخيم رام الله الذي يعد أفضل حالا من مخيمات اللجوء الحالية في غزة إذ تفتقر لأهم احتياجات الإنسان الفلسطيني المحكوم بالمعاناة ودفع ثمن تهجير أوروبا لليهود.
يُعرّفنا الراوي العليم في الرواية على معنى المخيم الذي لا تحفظه الذاكرة إلا إذا ارتبط بمذبحة وإبادة: «ليس ثمة معنى لاسم المخيم الفلسطيني إلا عندما تُرتكب فيه مجزرة، ليصبح اسمًا من أسماء المآسي في تاريخ الإنسانية، يصبح اسمه مخيم تل الزعتر أو صبرا أو شاتيلا أو جني.
يتدرج الراوي العليم في تقديم مآسي سكان المخيم، يطالع فاطمة الموسى أم عدلي المرأة الستينية التي تذهب إلى زيارة ابنها مراد المحكوم بالسجن مدى الحياة في المعتقل الصهيوني. يقول الراوي: «ها هي بهالتها النورانية تنظر إليه وهو يقترب منها في هذا الصباح النيساني المطعم بنهار رمضاني تباركه هذه المرأة الطاعنة بالصبر والصمود».
حفر شهر رمضان جرحا غائرا في ذاكرة بطل الرواية نور المشهدي الذي سيحمل لاحقا اسم أور شابيرا، فنور يتذكر لحظة اعتقال قوات الاحتلال لصديقه المقرب مراد قبيل الأذان بقليل: «تنتزعه ذاكرته من لحظاته الصباحية هذه، إلى ذلك المساء الرمضاني الواقع في أواسط آب (أغسطس) 2011، وذلك عندما كان هو ومراد يتسكعان في سوق المخيم وأزقته للقضاء على ما تبقّى من لحظات يعقبها موعد أذان المغرب والإفطار، حيث قام مراد بدعوة نور إلى وليمة رمضانية فاخرة تتدلل على مائدتها أكلته المفضلة أوراق العنب المحشو بالأرز ولحم الضأن، كانا على أشد الظمأ، هلكهما آب بقيظه وجفافه وهما في طريقهما إلى بيت أم عدلي، في الوقت الذي شرعت فيه حركة المارة تهدأ تدريجيا مع قرب موعد الإفطار» و «ومنذ ذلك المساء الكارثي، لم يعد نور على قيد الالتزام بصيام شهر رمضان».
أما أهالي المعتقلين فإن آثار الصيام لا تمنعهم من الذهاب إلى سجون الاحتلال وتحمل المشاق لزيارة أبنائهم: «تلوح الحافلة من بعيد بيضاء في هذا الصباح الخالي من المارة، الشوارع خاوية على عروشها سوى ذوي الأسرى الذين نفضوا عنهم أمسيتهم الرمضانية ونعاسهم وتعبهم، ليمضوا بكل التفاني والأشواق إلى زيارة أبنائهم وبناتهم المعتقلين والمعتقلات في سجون الاحتلال».
نور أيضا لم يتوقف عن السؤال والاطمئنان على حال صديقه مراد المعتقل، وكأن الكاتب باسم خندقجي يتحدث عن حاله في السجن والمعاناة اليومية التي يتعرض لها في المعتقل: «قبيل أذان المغرب المبشر بموعد الإفطار، بلغ نور مقر الصليب الأحمر الواقع بالبيرة، حيث كانت الحاجة أم عدلي على وشك الركوب في سيارة ولدها عدلي بعد عودتها الشاقة من زيارة ولدها الأصغر مراد»، ينتظر نور أخبار صديقه مراد الذي يُكاتب صديقه من السجن فيطلب منه كتبا معينة، ويناقشه في عدة أمور مشتركة بينهما. يقدم لنا الكاتب حالة بعض الأسر الفلسطينية المخذولة وهي تنتظر الأذان مثلما وجد نور والده وعمته خديجة «جالسين إلى مائدة الإفطار بوجهين عابسين مكفهرين سارحين صامتين ينتظران انبعاث الأذان من مكبرات الصوت على مئذنة مسجد المخيم»، وقبل ذلك كان الأب يتحايل على الصوم بنوم محبذ، ليهرب من الحر والعطش واللهفة لسيجارة»، قبل انتظار «صوت أذان المغرب. إنه وقت إفطار يتنفس من خلاله الناس صعداء صومهم بعد يوم حار»، ولكن نور لا يفطر مع الصائمين بل يذهب مباشرة إلى المقبرة «يعدو بلهفة كأن إفطارًا رمضانيًا شهيًا سيجمعه بعد قليل مع أمه.. ويعود أدراجه إلى البيت، ثمة حركة خجولة للمارة تشي بقرب ازدحام الشوارع والأزقة بالمارة بعد الإفطار». يتكرر هذا المشهد في المدن العربية والأحياء الإسلامية في الغرب، حيث تزداد حركة الناس قبل الإفطار وتقل بعده لتدب الحياة من جديد في شرايين المدن والحارات.
لم يتوقف نور في رام الله بل وصف القدس التي يحبها وأحب أحد ساكنيها الشيخ مرسي الذي ساعده في الحصول على وظيفة دليل سياحي، ثم زوّر له صورة في بطاقة الهوية الإسرائيلية التي عثر عليها نور في معطف في سوق الخردة، البطاقة التي ستسهل لنور الإقامة والتنقل بسهولة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
بعد محاولة الاقتراب من الأجواء الرمضانية في المخيمات الفلسطينية دار بخلدي سؤال ما الذي يمكن تقديمه للفلسطينيين في غزة خلال شهر رمضان، قبل الإجابة علينا الاعتراف بعجزنا عن إيقاف آلة القتل اليومي، لكن العجز لا يمنعنا من التعبير عن التضامن وإظهار حجم الكارثة للعالم، ولا يمنعنا من تكثيف حملات المقاطعة للشركات الداعمة للكيان الصهيوني.
محمد الشحري كاتب وروائي عماني
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: شهر رمضان
إقرأ أيضاً:
فتاوى وأحكام| هل البشعة حرام وشرك بالله؟.. احذر كشف الكذب بها لـ7 أسباب.. ما حكم إجراء عملية ربط المبايض حفاظا على استقرار صحة الأم؟.. حكم إعطاء فدية الإفطار للأخ المريض لشراء علاجه
فتاوى وأحكام|
هل البشعة حرام وشرك بالله؟
ما حكم إجراء عملية ربط المبايض حفاظا على استقرار صحة الأم؟
حكم إعطاء فدية الإفطار للأخ المريض لشراء علاجه
نشر موقع صدى البلد خلال الساعات الماضية عددا من الفتاوى والأحكام التى تشغل بال الكثير نستعرض أبرزها فى التقرير التالى.
هل البشعة حرام وشرك بالله؟
لعله ينبغي معرفة هل البشعة حرام وشرك بالله ؟، حيث إنها طريقة خطيرة يلجأ إليها البعض لكشف الكذب، وهو ما حدث مؤخرًا مع فتاة البشعة ، حيث تداول رواد موقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو لفتاة لجأت إلى البشعة لإثبات إنها عذراء وقت زواجها، بعد أن اتهمها زوجها بأنها لم تكن عذراء ذلك الوقت، من هنا تتضح أهمية معرفة هل البشعة حرام وشرك بالله ؟ ، وقد يظنها البعض خرافة فيما يعتقد فيها آخرون، وحيث إن الحلال بين والحرام بين في الشرع الحنيف، من هنا ينبغي الوقوف على حكم هذه الطريقة ومعرفة هل البشعة حرام وشرك بالله ؟.
قال الدكتور علي فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن البشعة إحدى الطرق القديمة التي تُستخدم للكشف عن الصدق أو الكذب.
وأوضح “ فخر ” في إجابته عن سؤال : هل البشعة حرام أم حلال ؟، أن هذه الطريقة تعتمد على تسخين قطعة حديد على النار حتى تصبح شديدة الحرارة، ثم يُطلب من الشخص المشتبه في كذبه أن يلعقها، فإذا لم يُصَب بأذى، يُفترض أنه صادق، وإذا أصابته حروق، يُفترض أنه كاذب.
ونبه إلى أن هذه الطريقة ليست شرعية وليست من منهج الإسلام، والإسلام يعلمنا أن (البينة على من ادعى واليمين على من أنكر)، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، البشعة تخرج عن المنهج النبوي وتسبب مشكلات كثيرة بين الناس.
وأكد أن هذا التصرف يتنافى مع المبادئ الإسلامية التي تقضي بالحكم بالدلائل والأدلة الشرعية وليس بأساليب غير شرعية، مشددًا على أن اتباع منهج النبي صلى الله عليه وسلم هو الأساس، وأن أي محاولة لاختراع طرق جديدة غير مبنية على أساس ديني صحيح قد تؤدي إلى النزاعات والمشاكل.
وأوصى بالالتزام بالطرق الشرعية والنصوص الواضحة التي أرساها الإسلام في هذا الشأن، والتوقف عن استخدام أساليب غير معترف بها شرعًا.
حكم البشعة
وكانت دار الإفتاء المصرية قد أفادت بأن البشعة، وَصِفَتُها أنهم عندما يُتَّهم أحدهم بتهمة ما فإنهم يذهبون به إلى شخص يسمونه المُبَشِّع، ويقوم هذا الشخص بتسخين قطعة حديد مستديرة -طاسة- حتى تصل إلى درجة الاحمرار، ويطلب من المتهم لعقها فإن لم تصبه بأذًى فهو بريءٌ، وإن أصابته، أو أبى أن يتعرض لها فهو مُدانٌ.
وأشارت إلى أن البشعة ليس لها أصلٌ في الشرع في إثباتِ التُّهَمِ أو مَعرِفة فاعِلِها، والتعامل بها حرامٌ؛ لِمَا فيها مِن الإيذاء والتعذيب، ولمَا فيها مِن التَّخَرُّص بالباطل بدعوى إثبات الحَقِّ، وإنَّمَا يجب أن نَعمَل بالطُّرُق الشرعية التي سَنَّتْها لنا الشريعة مِن التراضي أو التقاضي، مُستَهْدِينَ بنحو قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «البَيِّنةُ على مَنِ ادَّعى واليَمِينُ على مَن أَنكَرَ» رواه الدارقطني.
هل البشعة مذكورة في القرآن
ورد أن هذه العادة السيئة المنكرة عادة جاهلية ، وحكم من أحكام الطواغيت ، لا يجوز اعتمادها في شريعة الإسلام ، التي تحارب الكفر والجهل والبدعة والمنكر .وكان لدى الرومان قديما وسائل تشبه هذه الوسيلة ، مثل مصارعة بعض الحيوانات المفترسة ، فإذا كان الشخص صادقا ، فإن الحيوان المفترس سيجلس بجواره من دون أن يؤذيه ، أما الكاذب ، فسيقوم الحيوان بافتراسه ، وهي خرافة شأنها شأن البشعة .
وجاء أن البشعة هذه ، تشبه ما كان يفعله الناس في الجاهلية ، من " الاستقسام بالأزلام " ، وقد قال الله تعالى : ( وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ) المائدة/ 3 ؛ وذلك أن أهل الجاهلية ، كان أحدهم إذا أراد سفرًا أو غزوًا أو نحو ذلك ، أَجال القداح ، وهيأ الأزلام .
وكانت قِداحًا مكتوبًا على بعضها : " نهاني ربّي " ، وعلى بعضها : " أمرني ربّي " ، فإن خرج القدح الذي هو مكتوب عليه : " أمرني ربي " ، مضى لما أراد من سفر أو غزو ، أو تزويج ، وغير ذلك . وإن خرج الذي عليه مكتوب: " نهاني ربي " ، كفّ عن المضي لذلك وأمسك " انتهى من " تفسير الطبري " (9/ 510) .
وورد أن البشعة تقوم على الظنون ، والظن أكذب الحديث ، وهذا يخالف شريعة الله التي تؤكد في الخصومات على ضرورة التحقق من كل دعوى ، وإقامة الطالب لبينته الشرعية عليها ، وإلا لفسدت حال الناس ، وضاعت حقوقهم ، إذا كان المدار على مجرد الدعوى ، أو قول قائل ، أو منام ، أو استقسام بالأزلام ، أو أخبار الكهنة والعرافين ، ومن ذلك الباب الفاسد : الحكم عن طريق " البُشعة" .
وروى البخاري (4552) ، ومسلم (1711) واللفظ له : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ ، لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ) .
وعند الترمذي (1341) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( البَيِّنَةُ عَلَى المُدَّعِي ، وَاليَمِينُ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ ) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .
وورد أنه إذا كانت طريقة التقاضي وتقصي الحقوق : أمرا محددا معلوما في الشرع ، فكذلك البينات : ليست متروكة لأهواء الناس وأعرافهم ، فما عده الناس بينة ودليلا ، فهي مقبولة في الشرع ، لا ؛ بل إن الشرع حدد ذلك كله .
وفاوت بين هذه البينات بحسب كل قضية ؛ لئلا يقول قائل ، أو يدعي مدع . وكم وقعت فتن بين الناس ، وقطعت أواصر وأرحام ، وانتشرت عداوات .. بسبب هذه الطرق الجاهلية ، من حكم البشعة ، وقول الكاهن والعراف ، وسلوم البادية ، ونحو ذلك كله .
وجاء أن ثانيا : إذا لعق المتهم هذه الطاسة الشيطانية فأصابته بعاهة في لسانه : فإن كان عن رضا منه وقبول بهذا الحكم الجاهلي ، فالواجب على ولي الأمر الشرعي : أن يعاقبه ، هو وكل من باشر هذا المنكر وأعان عليه .
ويكون ما أصابه عقابا له على اتباع هذا المنكر والرضا به ، من باب التعزير له . أما إن كان عن غير رضا منه ، وإنما أجبر عليه ، أو : غُرَّ وخُدع ؛ فالضمان يكون على من استكرهه ، أو خدعه ؛ وتقدير ذلك في كل واقعة : يرجع إلى القاضي الشرعي.
ما حكم إجراء عملية ربط المبايض حفاظا على استقرار صحة الأم؟
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: ما حكم الشرع في إجراء عملية ربط المبايض؟ حيث إن زوجتي قد سبق لها الولادة عدة مرات بعمليات قيصرية، وجميع وسائل منع الحمل غير مناسبة منها اللوب، وتكرار الحمل قد يؤدي إلى مضاعفات شديدة، ولا يصلح معها إلا عملية ربط المبايض، وقد أرفق الطالب تقريرًا طبيًّا يؤيد ما ذكره.
وأجابت دار الإفتاء عن السؤال قائلة: ما دام الطبيب المختص قد قرر أنه لا يوجد غير هذه الوسيلة لمنع الحمل منعًا يمكِّنُنا من الحفاظ على استقرار صحة الأم وحياتها- فلا مانع من ذلك شرعًا.
عملية الربط النهائي للرحم
عملية الربط النهائي للرحم إذا كان يترتب عليها عدم الصلاحية للإنجاب مرة أخرى حرامٌ شرعًا إذا لم تَدْعُ الضرورة إلى ذلك؛ وذلك لما فيه من تعطيل الإنسال المؤدي إلى إهدار ضرورة المحافظة على النسل، وهي إحدى الضرورات الخمس التي جعلها الإسلام من مقاصده الأساسية.
أما إذا وجدت ضرورة لذلك؛ كأن يُخْشَى على حياة الزوجة من الهلاك إذا ما تمَّ الحمل مستقبلًا، أو كان هنالك مرضٌ وراثي يُخشى من انتقاله للجنين، فيجوز حينئذٍ عمل عملية الربط، والذي يحكم بذلك هو الطبيب الثقة المختص، فإذا قرَّر أن الحلَّ الوحيد لهذه المرأة هو عملية الربط الدائم فهو جائزٌ ولا إثم على المرأة ولا عليه، ما لم تكن هناك خطورة من عملية الربط نفسها.
وأوضحت الإفتاء بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: أنه يجوز شرعًا إجراء هذه العملية ما دام الطبيب المختصُّ قد قرَّر أنه لا يوجد غير هذه الوسيلة لمنع الحمل منعًا يمكِّنُنا من الحفاظ على استقرار صحة الأم وحياتها.
حكم استخدام حبوب من الحمل؟
ورد سؤال إلى دار الإفتاء، يقول صاحبه: «يقوم أحد الزوجين بفعل ما يمنع الحمل منه أو من الطرف الآخر دون علمه، والدوافع في هذه الحالات مختلفة، ويتساءل الناس هل هناك حكم واحد ينطبق على كل الحالات؟ وما الأصل فيه؟ وهل هناك حالات تخرج عن هذا الأصل؟ وما هي؟وقد فطر الله الخلق على حب النسل؛ قال تعالى: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ﴾ [آل عمران: 14]، وأخبرنا أن من صفوته من خلقه من طلب ذلك، فحكى عن زكريا عليه السلام قوله: ﴿رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ﴾ [الأنبياء: 89]، وحكى عن إبراهيم عليه السلام قوله: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [الصافات: 100].
وعن آسية -وهي ممن كمل من النساء كما في الحديث الشريف- قال: ﴿وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا﴾ [القصص: 9].
ولم يترك الله طريقة إيجاد ذلك النسل هملًا، بل قيد العلاقة التي يمكن إيجاد النسل من خلالها؛ فقال عز من قائل: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ۞ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ۞ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾ [المؤمنون: 5-7]، وقال: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء: 32]، فأحل الزواج وحرم السفاح حفاظًا على الأعراض والنسل، وكذا شرع العدد للمزوجات بعد الدخول إذا كان هناك فرقة؛ لـحكم متعددة: منها استبراء الرحم.
ومنع الله النسب إلا مِن طريقِ ما شرعه لعباده ولو كان هذا الطريق بعيدًا عن الفاحشة كالتبني، وفي هذا يقول سبحانه: ﴿وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ۞ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ﴾ [الأحزاب: 4-5].
والخلاصة: أن طلب النسل جائز ومشروع، ولا يُعدُّ الحرص عليه من المكروهات؛ لفعل الصفوة ذلك.
وقد تكلم الفقهاء على منع النسل بوسائل مؤقتة من الزوجين أو من أحدهما خاصة في كتاب النكاح.
والحكم الشرعي في ذلك أنه لا يجوز استخدام وسيلة لمنع الحمل بدون إذن الطرف الآخر، فكل من الزوجين لا يحق له أن ينفرد بتحديد النسل، لكن بالتشاور.
حكم إعطاء فدية الإفطار للأخ المريض لشراء علاجه
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا من رجل كبير في السن مريض، عليه فدية عن أيام أفطرها من رمضان يقول فيه: هل يجوز لى شرعًا أن أعطي فدية الأيام التي أفطرتها في رمضان لأخي الذي يبلغ من العمر 76 عامًا، والمقيم بدار مسنين، والمصاب بضغط دم مرتفع، ويحتاج إلى أموال يشتري بها الأدوية اللازمة له؟
وأجابت دار الإفتاء ، عن السؤال قائلة: يجوز للسائل أن يعطي أخاه المسن المريض فدية الأيام التي أفطرها في رمضان؛ ليتمكن من شراء ما يلزمه من أدوية لعلاجه، فإن ذلك جائز شرعًا وهي صدقة وصلة رحم.
فدية الصيام
قالت لجنة الفتوى التابعة لمجمع البحوث الإسلامية، إن من رحمة الله بعباده المؤمنين في الصيام عدم فرضيته على كل المكلفين، بل فرضه على الصحيح المقيم القادر عليه الذي لا يلحقه به مشقة غير محتملة.
وأوضحت «البحوث الإسلامية» عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، في إجابتها عن سؤال: «ما مقدار خروج فدية الصيام عن اليوم ؟»، أن الله سبحانه وتعالى أسقط الصيام عن المريض والمسافر والشيخ الهرم صاحب السن المتقدم في العمر وأعفى الشرع الحكيم المرأة الحامل والمُرضع، إن تضررتا أو تضرر الجنين والطفل بسبب صوم الأم.
وأضافت لجنة الفتوى أن المريض الذي يرجى برؤه-شفاؤه- والمسافر، ومثلهما المرضع والحامل، ويلحق بهم كل من كان عذره مؤقتًا لا يجب عليه إلا القضاء فقط، أما أصحاب الأعذار الدائمة غير المنقطعة لا في رمضان ولا غيره مثل أصحاب السن المتقدمة «الشيخ الكبير»، الذي أعجزه هرمه عن الصوم وأصحاب الأمراض المزمنة والميئوس من شفائها فهؤلاء يفطرون وليس عليهم إلا الفدية.
وتابعت: مقدار فدية المفطر في رمضان العاجز عن الصوم عجزًا دائما عن اليوم الواحد مقدار ما تتكلفه وجبتا الإفطار والسحور.