لجريدة عمان:
2025-06-02@11:44:18 GMT

أجواء رمضان في المخيم الفلسطيني

تاريخ النشر: 11th, March 2024 GMT

أحاول أن أتخيل كيف سيستقبل الغزاويون شهر رمضان، فيعجز الخيال عن التخيل؛ نظرا لهول الإبادة الجماعية الممنهجة التي تُعمّق الجراح غير القابلة للشفاء، مرورا بالمجاعة وأنين الجرحى واليتامى والثكالى، وسحابة الأحزان التي تظلل كل شبر في قطاع غزة، والشعور بالخذلان من الجميع بدءًا بالعرب والمسلمين وانتهاء بالمجتمع الدولي الذي أقام إسرائيل ومنحها الضوء الأخضر للتمدد على أرض فلسطين.

لقد تخلى العالم عن فلسطين وغزة تحديدا بسبب عجزهم عن ردع العدوان وفشلهم في فتح المعابر لإيصال المساعدات بحجة احترام القانون الدولي واتفاقيات السلام التي اتضح أنها لا قيمة لها أمام القتل المتعمد للبشر في غزة والتنكيل بكل شيء والنكوث بالعهد والأمان، والآن يؤدي الغرب ومن معه مسرحية سمجة على أنقاض المدن عبارة عن إسقاط مساعدات من السماء بدل فتح المعابر وإدخال المساعدات.

حين عجز خيالي عن تشكيل صورة عن معاناة أهالي غزة، أسعفني الكاتب الفلسطيني الأسير باسم خندقجي صاحب رواية «قناع بلون السماء»، التي دخلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2024، وهي روايته الثانية الصادرة عن دار الآداب بعد رواية خسوف بدر الدين، يتناول فيها ملامح من مخيم رام الله الذي يعد أفضل حالا من مخيمات اللجوء الحالية في غزة إذ تفتقر لأهم احتياجات الإنسان الفلسطيني المحكوم بالمعاناة ودفع ثمن تهجير أوروبا لليهود.

يُعرّفنا الراوي العليم في الرواية على معنى المخيم الذي لا تحفظه الذاكرة إلا إذا ارتبط بمذبحة وإبادة: «ليس ثمة معنى لاسم المخيم الفلسطيني إلا عندما تُرتكب فيه مجزرة، ليصبح اسمًا من أسماء المآسي في تاريخ الإنسانية، يصبح اسمه مخيم تل الزعتر أو صبرا أو شاتيلا أو جني.

يتدرج الراوي العليم في تقديم مآسي سكان المخيم، يطالع فاطمة الموسى أم عدلي المرأة الستينية التي تذهب إلى زيارة ابنها مراد المحكوم بالسجن مدى الحياة في المعتقل الصهيوني. يقول الراوي: «ها هي بهالتها النورانية تنظر إليه وهو يقترب منها في هذا الصباح النيساني المطعم بنهار رمضاني تباركه هذه المرأة الطاعنة بالصبر والصمود».

حفر شهر رمضان جرحا غائرا في ذاكرة بطل الرواية نور المشهدي الذي سيحمل لاحقا اسم أور شابيرا، فنور يتذكر لحظة اعتقال قوات الاحتلال لصديقه المقرب مراد قبيل الأذان بقليل: «تنتزعه ذاكرته من لحظاته الصباحية هذه، إلى ذلك المساء الرمضاني الواقع في أواسط آب (أغسطس) 2011، وذلك عندما كان هو ومراد يتسكعان في سوق المخيم وأزقته للقضاء على ما تبقّى من لحظات يعقبها موعد أذان المغرب والإفطار، حيث قام مراد بدعوة نور إلى وليمة رمضانية فاخرة تتدلل على مائدتها أكلته المفضلة أوراق العنب المحشو بالأرز ولحم الضأن، كانا على أشد الظمأ، هلكهما آب بقيظه وجفافه وهما في طريقهما إلى بيت أم عدلي، في الوقت الذي شرعت فيه حركة المارة تهدأ تدريجيا مع قرب موعد الإفطار» و «ومنذ ذلك المساء الكارثي، لم يعد نور على قيد الالتزام بصيام شهر رمضان».

أما أهالي المعتقلين فإن آثار الصيام لا تمنعهم من الذهاب إلى سجون الاحتلال وتحمل المشاق لزيارة أبنائهم: «تلوح الحافلة من بعيد بيضاء في هذا الصباح الخالي من المارة، الشوارع خاوية على عروشها سوى ذوي الأسرى الذين نفضوا عنهم أمسيتهم الرمضانية ونعاسهم وتعبهم، ليمضوا بكل التفاني والأشواق إلى زيارة أبنائهم وبناتهم المعتقلين والمعتقلات في سجون الاحتلال».

نور أيضا لم يتوقف عن السؤال والاطمئنان على حال صديقه مراد المعتقل، وكأن الكاتب باسم خندقجي يتحدث عن حاله في السجن والمعاناة اليومية التي يتعرض لها في المعتقل: «قبيل أذان المغرب المبشر بموعد الإفطار، بلغ نور مقر الصليب الأحمر الواقع بالبيرة، حيث كانت الحاجة أم عدلي على وشك الركوب في سيارة ولدها عدلي بعد عودتها الشاقة من زيارة ولدها الأصغر مراد»، ينتظر نور أخبار صديقه مراد الذي يُكاتب صديقه من السجن فيطلب منه كتبا معينة، ويناقشه في عدة أمور مشتركة بينهما. يقدم لنا الكاتب حالة بعض الأسر الفلسطينية المخذولة وهي تنتظر الأذان مثلما وجد نور والده وعمته خديجة «جالسين إلى مائدة الإفطار بوجهين عابسين مكفهرين سارحين صامتين ينتظران انبعاث الأذان من مكبرات الصوت على مئذنة مسجد المخيم»، وقبل ذلك كان الأب يتحايل على الصوم بنوم محبذ، ليهرب من الحر والعطش واللهفة لسيجارة»، قبل انتظار «صوت أذان المغرب. إنه وقت إفطار يتنفس من خلاله الناس صعداء صومهم بعد يوم حار»، ولكن نور لا يفطر مع الصائمين بل يذهب مباشرة إلى المقبرة «يعدو بلهفة كأن إفطارًا رمضانيًا شهيًا سيجمعه بعد قليل مع أمه.. ويعود أدراجه إلى البيت، ثمة حركة خجولة للمارة تشي بقرب ازدحام الشوارع والأزقة بالمارة بعد الإفطار». يتكرر هذا المشهد في المدن العربية والأحياء الإسلامية في الغرب، حيث تزداد حركة الناس قبل الإفطار وتقل بعده لتدب الحياة من جديد في شرايين المدن والحارات.

لم يتوقف نور في رام الله بل وصف القدس التي يحبها وأحب أحد ساكنيها الشيخ مرسي الذي ساعده في الحصول على وظيفة دليل سياحي، ثم زوّر له صورة في بطاقة الهوية الإسرائيلية التي عثر عليها نور في معطف في سوق الخردة، البطاقة التي ستسهل لنور الإقامة والتنقل بسهولة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

بعد محاولة الاقتراب من الأجواء الرمضانية في المخيمات الفلسطينية دار بخلدي سؤال ما الذي يمكن تقديمه للفلسطينيين في غزة خلال شهر رمضان، قبل الإجابة علينا الاعتراف بعجزنا عن إيقاف آلة القتل اليومي، لكن العجز لا يمنعنا من التعبير عن التضامن وإظهار حجم الكارثة للعالم، ولا يمنعنا من تكثيف حملات المقاطعة للشركات الداعمة للكيان الصهيوني.

محمد الشحري كاتب وروائي عماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: شهر رمضان

إقرأ أيضاً:

أيمن فريد : موعد نهائي كأس مصر يمثل خطورة على صحة اللاعبين

أطلق الدكتور أيمن فريد، طبيب نادي الزمالك السابق، تحذيراً بشأن توقيت إقامة مباراة نهائي كأس مصر، مؤكداً أن إقامة المباراة عقب الإفطار مباشرة قد تُشكل خطراً على صحة اللاعبين، في ظل عدم مرور الوقت الكافي بين الإفطار وبداية المجهود البدني العنيف.

خالد بيبو يعلق علي قرار تعديل مباراة الزمالك وبيراميدزتعديل مرتقب في موعد نهائي كأس مصر بين الزمالك وبيراميدز بسبب وقفة عيد الأضحىالزمالك وبيراميدز يتصارعان على ضم حارس مرمى الجونةصراع ثلاثي بين الأهلي والزمالك وبيراميدز للفوز بصفقة "جزار المحلة"

3 ساعات ونصف بعد الإفطار.. التوقيت الأمثل للمباريات

وفي تصريحاته لبرنامج “زملكاوي” الذي يقدمه الكابتن محمد صبري عبر قناة نادي الزمالك، أوضح فريد أن “اللاعب الرياضي يُفضل أن يُمارس النشاط البدني بعد نحو ثلاث ساعات ونصف من الإفطار”، مشيراً إلى أن هذا التوقيت يسمح للجسم بهضم الطعام واستعادة التوازن البدني، وهو ما يُقلل من فرص التعرض للإصابات أو انخفاض اللياقة أثناء اللعب.


 

دعوة لتأجيل المباراة حرصاً على سلامة اللاعبين

ودعا فريد الجهات المنظمة إلى إعادة النظر في موعد نهائي كأس مصر، مُقترحاً تأجيله لمدة ساعة أو ساعة ونصف على الأقل بعد الإفطار، لمنح اللاعبين وقتاً كافياً لاستعادة طاقتهم بعد الصيام. وأشار إلى أن إقامة المباراة في أول أو ثاني أيام عيد الفطر سيكون أفضل من الناحية البدنية والطبية.
 

سلامة اللاعبين أولاً

واختتم فريد حديثه بالتأكيد على أن صحة اللاعبين يجب أن تكون أولوية قصوى عند اتخاذ القرارات التنظيمية للمباريات، خاصة تلك التي تُقام خلال شهر رمضان أو في توقيتات غير مناسبة من الناحية البدنية


 

طباعة شارك الزمالك بيراميدز كأس مصر اخبار الزمالك اخبار بيراميدز

مقالات مشابهة

  • بوريطة: الموقف الذي عبرت عنه المملكة المتحدة بشأن قضية الصحراء المغربية سيعزز الدينامية التي يعرفها هذا الملف
  • بإطلالة شبابية.. جومانا مراد تخطف الأنظار من أحدث جلسة تصوير
  • وزير الداخلية: تم اتخاذ كل التدابير الكفيلة بتأمين امتحاني “البيام” و”الباك”
  • السفارة التركية بالقاهرة تنظم فعاليةً بمناسبة يوم الإفطار العالمي
  • امريكا ترفض ردّ “حماس” الذي يؤكد على حقوق الشعب الفلسطيني
  • حكم الإفطار يوم عرفة وهل له كفارة؟ .. دار الإفتاء توضح
  • ناقد رياضي: إقامة نهائي الكأس بعد الإفطار مباشرة أمر غير مفهوم
  • أيمن فريد : موعد نهائي كأس مصر يمثل خطورة على صحة اللاعبين
  • قسنطينة.. 6 جرحى في اصطدام بين سيارتين بديدوش مراد
  • البليدة.. حريق حاويات بلاستيكية بالمنطقة الصناعية بـ بني مراد