بوفاة خالد باطرفي.. ذراع إيران في اليمن تخسر حليفها السني
تاريخ النشر: 14th, March 2024 GMT
يرى الكاتب المصري، هشام النجار، أن وفاة خالد باطرفي زعيم فرع القاعدة في اليمن، تعني خسارة مليشيا الحوثي الإرهابية، ذراع إيران في اليمن، لحليفهم السني.
ومع الإعلان عن وفاة خالد باطرفي المُكنى بأبي المقداد الكندي في العاشر من مارس الجاري سوف تصبح سياساته وتحالفاته قيد التصويب من جانب خلفه سعد بن عاطف العولقي الذي منعه ولاؤه التنظيمي وتقديسه للسمع والطاعة، عن قيادة تمرد مع أبناء الجنوب الذين باتوا على قناعة بأن التنظيم صار عبئاً عليهم.
وقال الكاتب، في تقرير نشره بجريدة العرب اللندنية، إن باطرفي كان قد قطع شوطا في ربط مصير فرع القاعدة باليمن بأجندة إيران وجماعة الحوثي وتمكين القيادات الأجنبية وتعظيم نفوذهم على حساب العناصر اليمنية، مشيراً إلى أن قيادة فرع القاعدة في اليمن السابقة رضخت لأجندة إيران والحرس الثوري وتحولت إلى أداة مساعدة لتوسيع نفوذ الحوثيين داخليًا وداعمة لموقفهم المعادي للغرب تحت ستار دعم المقاومة الفلسطينية في حربها ضد إسرائيل.
وتطرق النجار إلى موقف معارضي باطرفي وقلقهم من جذب الاهتمام الدولي وعودة قنصهم بالطائرات المسيرة نتيجة ظهور بوادر تعاون غير معلن مع الحوثيين قبل هجوم عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي، وقال "تحول القلق إلى ذعر حقيقي بعد هذا التاريخ خوفًا من أن تشمل التنظيم ردة فعل الولايات المتحدة، والتي يرجح ألا تتوقف عند حدود الضربات الجوية بعد مواصلة جماعة أنصار الله (جماعة الحوثي) مهاجمة السفن واستمرار فرع القاعدة في إظهار دعمه لها بالأقوال والأفعال. وتحت ضغط إملاءات قائد القاعدة المركزي محمد صلاح الدين زيدان (سيف العدل) المقيم في إيران وليظهر القاعدة في اليمن في الصورة رفقة الحوثيين في إطار مؤازرة الفلسطينيين في غزة، أعاد الفرع إصدار المجلة المصورة “إنسباير” الناطقة بالإنجليزية بعد توقفها ست سنوات".
وحرض فرع القاعدة باليمن في أعداد المجلة الأخيرة على شن هجمات وفقًا لتكتيك الذئاب المنفردة انتصارا لغزة، على غرار هجمات نفذها متعاطفون مع التنظيم في السابق داخل بعض الدول الغربية. واكتفى خالد باطرفي قبل وفاته الغامضة، وكان في أوائل الأربعينات من عمره، بشن عمليات ذئاب منفردة داخل العمق الأميركي والأوروبي ليظل قادرًا على ترك مسافة إعلامية بينه وبين الحوثيين ويخفف من غضب عناصر التنظيم والقبائل السنية، وكانت هذه العمليات سهلة التنفيذ وقليلة الكلفة وقابلة للتوظيف الدعائي الذي كان يجيده باطرفي.
وعلى الرغم من ذلك كان التحول باتجاه التقارب والتعاون مع الحوثيين ظاهرًا للجميع، فلم يكتف تنظيم القاعدة بوقف العمليات والتحريض الدعائي ضدهم بوصفهم (رافضة ومجوسا) كما كان الحال حتى عام 2014، بل صار أحد الأطراف المُستخدمَة في تصفية الحسابات الإقليمية ومع الولايات المتحدة لإظهار إيران كدولة قادرة على اللعب بمختلف الأوراق السنية والشيعية المتاحة في اليمن، وفق النجار.
ويشير الكاتب إلى أن باطرفي ضحى بتماسك القاعدة باليمن الذي كان يُعد أقوى فروع التنظيم عبر إقحامه في نشاطات إرهابية خارجية، رغم ما أثارته من خلافات وتصدعات داخلية وما سببته من انشقاقات لقادة مؤثرين رأوا في ذلك انحرافا عن المسار الأصلي، في سبيل الحفاظ على علاقاته المتينة بسيف العدل قائد القاعدة المركزي الذي أولى اليمن عناية خاصة بهدف جعل الحالة الميليشياوية السنية والشيعية متناغمة وقادرة على الإنجاز وفقًا للحسابات الإيرانية.
ولم تكن هرولة القاعدة في اليمن للتحالف مع ميليشيا الحوثي بداية من تمكينها من مناطق استراتيجية كان يسيطر عليها وصولًا إلى دعوته إلى شن هجمات ذئاب منفردة ضد المصالح الغربية سبب الخلافات الوحيد، حيث نشب خلال الفترة الماضية صراع متعدد الأوجه بين قادة أجانب ويمنيين من جهة، وبين متنفذين مُرفهين وفقراء معوزين من جهة أخرى.
ويضيف "شعرت الكثير من العناصر خاصة اليمنيين بالتمييز والظلم بسبب تمكين غير اليمنيين من الهيمنة على مقاليد التنظيم، مثل القيادي المصري إبراهيم البنا الذي تربطه علاقات وثيقة بسيف العدل، ويُعد الرجل القوي داخل التنظيم وأقصى الكثيرين من القادة والعناصر فور إبدائهم اعتراضا على بعض السياسات مستخدمًا تهمة الجاسوسية والعمالة، مقابل منح الموالين امتيازات مالية وحياة فارهة".
ويعتقد الكاتب أن القيادي اليمني بالقاعدة سعد العولقي الذي طرح اسمه كمناهض لتصورات باطرفي والمجموعة الأجنبية المقربة منه ويدعمها سيف العدل في إيران بات مطالبا بحكم الأمر الواقع بعد تسميته قائدًا للتنظيم بتدشين مسار مختلف وإجراء إصلاحات نادى بها بلا جدوى في حياة خالد باطرفي.
واستعرض الكاتب التحديات التي تواجه العولقي أبرزها النفوذ الكبير الذي اكتسبته المجموعة التي كانت مقربة من باطرفي والمسؤولة عن الشؤون المالية والمتهمة بالفساد والاستيلاء على مبالغ ضخمة من مخصصات التنظيم، علاوة على النفوذ المتعاظم للقيادي المصري إبراهيم البنا مسؤول الجهاز الأمني بالتنظيم، وقال "يصعب أن تقبل جماعة الحوثيين الموالية لإيران بسهولة عودة فرع القاعدة باليمن إلى سابق عهده ككيان مناهض لها، ناهيك عن فض التحالف بينهما".
ويرى الكاتب أن سعد العولقي يمتلك نقاط قوة تمكنه من تثبيت أقدامه وتكريس نفوذه داخل تنظيم ممزق تعصف به صراعات عدة، منها فرضية عودة العناصر الموالية له ممن تركوا التنظيم سخطا على سياسات باطرفي والبنا، ومن المُرجح أن يحظى العولقي صاحب النفوذ القبائلي بالدعم من قبائل جنوب اليمن الساخطة على التحالف بين تنظيم القاعدة وميليشيا الحوثي على خلفية تمكين الأخيرة من التوسع على حسابه، علاوة على الدعم الذي سوف يحظى به من قبل العناصر الفقيرة واليمنيين داخل التنظيم.
وبحسب الكاتب، فإن قوة العولقي الفعلية تكمن في أنه أتى بعد تولي قيادات ضعيفة ارتكبت جرائم فساد وقتل داخلي باستخدام شماعة العمالة لكل من يرفض توجهاتها، ودأبت على تغطية عجزها الإداري بصناعة انتصارات وهمية واكتساب نفوذ خيالي عبر العمل ضمن أجندة إيرانية رفقة الحوثيين.
وفسر الكاتب السرعة التي تمت بها تسمية سعد العولقي كقائد للتنظيم خلفا لباطرفي بالرغبة الملحة في تصحيح المسار باتجاه تفكيك الروابط مع جماعة الحوثيين وتحجيم نفوذ القادة الأجانب وإعادة تمكين اليمنيين، تمهيدا لتدشين سياسة داخلية تنأى بالقاعدة في اليمن عن توجهات تنظيم القاعدة المركزي الذي يقيم قادته في إيران، والتي حرصت طوال الفترة الماضية على رهن الفرع اليمني لخدمة الاستراتيجية الإقليمية لطهران.
لكنه لم يستبعد عجز فرع القاعدة في اليمن بقيادته الجديدة عن تدشين سياسات مختلفة والمضي في مسار معاكس لما كان عليه طوال السنوات الأربع الماضية، إلا إذا حقق استقلالا ماليا وتسليحيا، واستغنى عن الخدمات التي تقدمها له مليشيا الحوثي في هذا السياق.
ويقتضي البدء في مسار التصحيح تحييد مراكز القوى داخل التنظيم خاصة القيادي إبرهيم البنا والقيادات غير اليمنية المرتبطة بقوة بسيف العدل، فضلا عن المجموعة النافذة التي اعتمد عليها باطرفي في إدارة الشؤون المالية خاصة عاشور عمر (أبويونس الحضرمي) وعبدالله بادرة (أبوأحمد الحضرمي) وعبدالله شاكر بن هامل (أبوياسين الحضرمي).
ومن دون اكتساب القوة والتماسك سريعا لن يقوى العولقي على اتخاذ مسار مستقل بعيدا عن التحالف الذي دشنه سلفه مع ميليشيا الحوثي، والتي زادت حاجتها إلى تنظيم القاعدة بعد تصاعد وتيرة الصراع في البحر الأحمر، ما يستدعي الإمعان في اللعب بورقة التنظيمات الإرهابية السنية بهدف خلط الأوراق وتوسيع حلقات المناورة، وتنفيذ أهداف طهران بأقل الخسائر الممكنة في صفوف وكلائها الشيعة، حسبما يرى الكاتب.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: القاعدة فی الیمن القاعدة بالیمن تنظیم القاعدة جماعة الحوثی خالد باطرفی
إقرأ أيضاً:
حسني بي: اختلال القاعدة النقدية وراء المضاربة ونقص السيولة
حسني بي: سحب فئة الـ50 دينار جزء من هيكلة القاعدة النقدية وليس تعويضًا للنقص
ليبيا – علّق رجل الأعمال حسني بي على مسألة سحب إصدارات فئة الـ50 دينار من السوق، وما يترتب عليها من آثار تتعلق بالسيولة وهيكلة القاعدة النقدية، إضافة إلى الدفع الإلكتروني وسياسات سعر الصرف في ليبيا.
هيكلة القاعدة النقدية وأزمة السيولة
وفي رده على سؤال حول ما إذا كان سحب العملة يهدف إلى تعويض النقص الناتج عنها، أوضح حسني بي في تصريح لقناة “ليبيا الأحرار” التي تبث من تركيا وتابعته صحيفة المرصد أن هذه العملية تندرج ضمن إطار هيكلة القاعدة النقدية. وبيّن أن ودائع المصارف كانت تبلغ نحو 110 مليارات دينار، لترتفع بعد سحب العملة إلى 140 مليار دينار، في حين كان حجم النقد الورقي المتداول 78 مليار دينار، وأصبح الآن أعلى بـ39 مليار دينار.
مضاربة ناتجة عن اختلال السيولة والودائع
وأشار إلى أن هذه الهيكلة أفرزت وضعًا شبيهًا بالمضاربة على العملة، حيث استمر نقص السيولة مقابل وفرة الودائع، ما خلق فرص ربح تصل إلى 25% لكل من يتمكن من سحب النقد، سواء عبر الصرافات الآلية أو خزائن المصارف أو من خلال المصارف التي تتيح سحب 3 آلاف دينار شهريًا. ولفت إلى أن المضاربة تنشأ عندما يسحب المواطن النقد ويستفيد منه.
غياب الثقة بالمصارف
وأكد حسني بي ضرورة إعادة هيكلة النظام النقدي، مشيرًا إلى أن ثقة المواطن بالمصارف مفقودة، إذ لم يتمكن المواطنون من سحب الأموال المودعة خلال العام الحالي، والبالغة 47 مليار دينار، بسبب أن حجم السيولة التي ضُخت أقل بكثير من هذا الرقم، في وقت تُقدَّر فيه السيولة الموجودة في المنازل بنحو 39 مليار دينار.
الإنفاق العام وتمويل العجز
وأوضح أن أي إنفاق عام من الحكومة أو الحكومات المتعددة لا يكون له أثر سلبي إلا في حال تم تمويله نقديًا من مصرف ليبيا المركزي، مشيرًا إلى أن أرقام المصرف خلال شهر نوفمبر أظهرت وجود فائض بالدينار، سواء أُعلن عنه أو لم يُعلن. وأضاف أن التمويل الموازي يحدث فقط عند تمويل العجز عبر خلق نقود جديدة، مؤكدًا أن ما جرى هذا العام لم يكن خلقًا للنقود، بل انخفاضًا بنسبة 4% في عرض النقود.
سعر الصرف والدفع الإلكتروني
وبيّن أن هذا الانخفاض لم ينعكس على تحسن سعر الصرف أو الفارق بين النقد والصكوك، لأن المشكلة الأساسية تكمن في هيكلة القاعدة النقدية وعرض النقود، لا في خلق نقود جديدة. وبشأن الدفع الإلكتروني، شدد على أن تطبيقه ممكن جدًا في ليبيا، في ظل امتلاك أكثر من 90% من السكان أجهزة ذكية، وتجاوز عدد بطاقات الدفع الإلكتروني عدد السكان، مع امتلاك الغالبية حسابات مصرفية.
تضارب المصالح والسياسات النقدية
وأشار إلى وجود تضارب مصالح، حيث تعمل بعض الشركات الوطنية كمعالجات وطنية وفي الوقت نفسه مُصدِرة لبطاقات الدفع، ما يمثل عائقًا. وأكد أن مصرف ليبيا المركزي لا يتحمل المسؤولية إلا إذا لجأ إلى تمويل العجز أو الميزانية نقديًا، معتبرًا أن تجنب ذلك كفيل بعدم انهيار الاقتصاد أو الدولة.
سياسة سعر الصرف والمزادات
وتطرق حسني بي إلى ممارسات خاطئة في السوق، مثل شراء سبائك الذهب من تونس بالدينار الليبي ثم تحويلها إلى الدولار لتوريد بضائع، معتبرًا أن هذه العمليات تخلق فرصًا للمضاربة. وأوضح أن العملة تُعد سلعة تُباع وتُشترى مقابل السلع والخدمات، وأن أي عوائق لحركتها تولد بيئة خصبة للمضاربة.
وأكد أن تغيير سياسة السعر الثابت والاعتماد على المزادات يمثل الحل الأنسب، مشيرًا إلى أن الحكومة تمتلك الدولار بينما يمتلك المواطن الدينار، وأن المصلحة الاقتصادية للمواطن تدفعه لتحويل الدينار إلى الدولار لتحقيق ربح أكبر. ولفت إلى أن الدولار النقدي في المزادات قد يمثل 20%، وبطاقات الدفع 45%، مع اختلاف فرص الربح لكل وسيلة، موضحًا أن اعتماد المزادات سيقلل الحاجة إلى البطاقات والوسطاء بنحو 19%، ومؤكدًا أن النظريات الاقتصادية يجب أن تراعي الواقع الليبي حتى تكون فعالة.