الجزيرة:
2025-12-13@22:35:04 GMT

حرب غزّة.. حكايات عن الذين لم يغادروا

تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT

حرب غزّة.. حكايات عن الذين لم يغادروا

هذا الكتاب الذي صدرَ في القاهرة عن "دار ميريت " بعنوان: "غزة تحت الإبادة الجماعية.. حكايات عن الذين لم يغادروا"، كان معركةً خاضها "معسكر المقاومة " بين المثقفين المصريين، بعد أن خاض معركةً سابقةً بكتاب عنوانه: "ما قالته غزة".

الفارق بين الكتابَين أن الأول، كان وليد "الجرح الأخضر" والدّم النازف، في قطاع غزة، وأثره على قلوب وعقول الشعراء في مصر والجزائر واليمن، والثاني كتبه اثنان من المثقفين الفلسطينيين، هما: "زياد عبد الفتاح " و"عادل الأسطة ".

وكان دافعهما، فتح جبهة في المعركة، يصحّ أن نسمّيها "جبهة الثقافة المقاوِمَة"، لأن النضال الفلسطيني لم يكن نضال "بندقية " بل كانت الكلمة بندقية أخرى، ولها شهيد معروف هو "غسّان كنفاني "، القاصّ والروائي والصحفي الذي اغتيل في بيروت في العام 1972 بقرار من "غولدا مائير " رئيسة وزراء إسرائيل، بعد أن استطاع ـ غسّان ـ أن يدير معركة "الكلمة " ضد الكيان الصهيوني، في الداخل والخارج.

وفي الإطار ذاته، كان استشهاد "ناجي العلي " الفلسطيني المقاتل بالكاريكاتير الساخر. وللنضال الفلسطيني رموز كُثر منهم "محمود درويش ومعين بسيسو "وشعراء كثيرون، جعلوا فلسطين قضية حيواتهم وناضلوا بالكلمة حتى النفس الأخير.

وفي الأيام الأولى لحرب غزة، التي تفجّرت يوم "السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023″، يوم "طوفان الأقصى " كان على المثقفين المقاومين المؤمنين بالحق الفلسطيني أن يعبّروا عن الألم والرفض لما ترتكبه إسرائيل وأميركا ضد الشعب الفلسطيني في "غزة" من إبادة جماعية برعاية أميركية أوروبية.

وكان صدور هذا الكتاب، وهو مقسّم إلى قسمين؛ القسم الأول كان توثيقًا سياسيًا للقضية الفلسطينية، والقسم الثاني كان توثيقًا للدور النضاليّ الذي قام به المبدعون منذ ظهور "عصابات الصهاينة " ومرورًا بحرب "1948 "، وكل المواجهات والمعارك التي ضحى الفلسطينيون فيها بأرواحهم في حروب غير متكافئة، يخوضها ضدهم الاستعمار البريطاني، ثم الاستعمار الأميركي والألماني والفرنسي، وأعوانه.

الرهان على أوسلو

والكتاب عبارة عن مذكرات كتبها المؤلفان، تحت قصف الطيران الإسرائيلي للشعب الفلسطيني في غزّة، فكتب ـ زياد عبد الفتاح ـ ما يشبه المرثية المخلوطة بالنّدم على ما جرى في "أوسلو" التي قال عنها؛ إنها كانت محاولةً لخلق تعايش بين العرب واليهود على أرض فلسطين ومما قاله على صفحات الكتاب:

"حاولنا جَهْدَنا وسعينا إلى السلام والتعايش بقلوب مفتوحة، أقبل عليها اليسار الإسرائيلي بما يليق، على أن اليمين المتعصب والمتدينين وأَدُوا التجربة الوليدة، لم يعجبهم السلام ولم يمتثلوا لقواعده وآلياته، فأقدموا على نسف تجلياته واغتالوا "رابين "الذي كان ضامنًا له من الجانب الإسرائيلي، وفيما بعد اغتالوا "ياسر عرفات " الذي غامر بما يملكه من رصيد فارق لدى الشعب الفلسطيني والعالم كله، وأتوا بهذا الأفّاق المجرم "بنيامين نتنياهو" ليجهض التعايش والمصالحة والسلام".

وهذه السطور التي ساقها ـ زياد عبدالفتاح ـ وهو من المشاركين والمراهنين على "أوسلو" التي تمخضت عما يسمى " السلطة الفلسطينية "تحمل نغمة ندمٍ وألمٍ، على دخول مسار السلام مع الصهاينة، ولكنه يفرّق بين "يسار إسرائيلي " و"يمين إسرائيلي "، وهذه تفرقة في غير محلها؛ لأنّ "الصهيونية" التي هي عقيدة هؤلاء الذين قدِموا من بلادهم الأولى في أوروبا، تلزمهم بالدفاع عن "الدولة العبرية " أو "الدولة اليهودية ".

وقصة "اليمين واليسار" هذه، لا يصدّقها غير السُذّج من العرب، فالصهاينة الذين آمنوا بهذه العقيدة الدموية التي تحتقر " الأغيار" لا يصح أن نطبق عليها ما نطبقه على العقائد السياسية الأخرى.

وفي القسم الثاني من كتاب: " غزة تحت الإبادة الجماعية " ساق "عادل الأسطة " – وهو أكاديمي متخصص في الأدب والنقد – مقطعًا من كتاب: "الفلسطينيون المنسيون "لمؤرخ إسرائيلي "إيلان بابيه" يدل على عُنجُهية وغطرسة المؤمنين بالعقيدة "الصهيونية "منذ المواجهات الأولى في مرحلة تأسيس دولة إسرائيل:

" وَفَّرَ السكان الفلسطينيون لأولئك القادمين الجدد بعض وسائل الراحة من مبيت وطعام، ولم يكتفوا بذلك، بل قدموا لهم أيضًا، النصائح في مسائل الزراعة والحراثة، وكانت معرفة أهل صهيون بهذا الموضوع ضئيلة إن لم تكن معدومة، لم يقابل المستوطنون تلك المعاملة الكريمة بالمثل، ففي المساء، أي وقت انصرافهم لكتابة مدوّناتهم الأولى في دفاتر يومياتهم على ضوء الشموع، أشاروا إلى المواطنين الفلسطينيين ـ كغرباء ـ يجولون في الأرض التي هي مِلكٌ للشعب اليهودي، وطلع بعضهم بفكرة فحواها أن الأرض كانت خاليةً، وزعموا أن السكان الذين وجدوهم ليسوا سوى غزاة أجانب !".

نفط وغاز في غزة

ويعلق "عادل الأسطة " بقوله:

" أَجَرْنا الغرباء، فلما تمكّنوا، فعلوا فينا ما يفعلونه الآن، غرباء يجب تهجيرهم إلى "أيرلندا وإلى الصحراء، وما تردد على لسان "عميحاي إلياهو" كان أخطر، وهو استخدام القنبلة الذرية للقضاء على المقاومة في غزة".

وعلى امتداد صفحات الكتاب البالغة ثلاثمائة وأربع صفحات، يسرد الكاتبان بطريقة المذكرات، كل ما جرى للمقاومة الفلسطينية في الماضي والحاضر، لكن ما ذكره ـ زياد عبد الفتاح ـ عن الأسباب الحقيقية للحرب على "غزة" وأهمها، وجود "نفط وغاز" في باطن أرض القطاع، ومعادن أخرى، وهو ما يجعل حكام واشنطن وتل أبيب يصرّون على فكرة "تهجير سكان غزة"، وفي المقابل يصر "الغزّاوية " على البقاء أو الموت على أرض الوطن؛ لأن درس "الهجرة " في العام 1948 كان قاسيًا على الفلسطينيين.

فهُم صدّقوا الحكومات العربية السبْع التي دفعت بجيوشها لقتال "عصابات الصهاينة"، وصدّقوا ما قيل لهم، وقد قيل لهم؛ إن الأمر سوف يحسم خلال أيام، فتحولت الأيام إلى عشرات الأعوام، وعاشت أجيال من الفلسطينيين في "المخيمات " التي ليس فيها الحد الأدنى من وسائل الحياة.

وعلى ذكر ـ المخيمات ـ اختص الطيران الإسرائيلي "مخيم جباليا " بالقصف العنيف؛ لأنه المخيم الذي انطلقت منه "المقاومة " بعد هزيمة " يونيو ـ حزيران 1967″، فهذا المخيم، كان مهد الثورة، حسب ما ذكر "يحيى السنوار" في روايته: "الشوك والقرنفل" وفيها حكى عن لعبة "عرب ويهود" التي لعبها في طفولته داخل المخيم، وربط ـ عادل الأسطة ـ بين ما حكاه "يحيى السنوار" عن طفولته، وما قاله الشاعر المصري "أمل دنقل " في قصيدته المشهورة "لا تصالح":

" وغدًا سوف يُولد من يلبس الدّرع كاملةً

يُوقدُ النار شاملةً

يستولدُ الحقّ من أضلُعِ المستحيلِ "

رمزية صدوره من القاهرة

وأهمية هذا الكتاب "غزة تحت الإبادة الجماعية ـ حكايات عن الذين لم يغادروا"، تكمن في رمزية صدوره، من القاهرة، عن "دار ميريت "، وهي دار لها موقف داعم للقضية الفلسطينية، رغم ضعف إمكاناتها المالية، وتكمن في أنّ مؤلفَيْه يُعدّان من كبار المثقفين الفلسطينيين، وفي إصرارهما على الكتابة تحت القصف والقتل، والحرص على خلق ذاكرة لنضال المثقف الفلسطيني، الذى حارب بالريشة والكلمة والنغمة والصورة، طوال السنوات الماضية.

وإن كانت الساحة الثقافية العربية خَلتْ من الشعراء الكبار الذين تبَنّوا القضية ونقلوها إلى الشارع العربي، فإن "وائل الدحدوح " – الصحفي الفلسطيني البطل الذي فقد أولاده وزوجته، عقابًا له على قول الحقيقة على شاشة "قناة الجزيرة "-  وعشرات الصحفيين الذين استشهدوا تحت القصف والذين مازالوا يفضحون الكيان الصهيوني وأعماله الإجرامية، نجحوا في توصيل الحقائق كاملةً للجيل الجديد، فاليوم في مصر، يواصل الشبّان الصغار، مقاطعة منتجات الشركات التي دعمت إسرائيل، مقاطعةً ناجحةً وفاعلةً، رغم أنّ الإعلام لا يهتمّ بمتابعة تفاصيلها.

هذا الكتاب مهمٌ لكل مُهتمٍ بالقضية الفلسطينية، فيه تلخيص للنضال الفلسطيني، وتوثيق لجرائم إسرائيل التي ترتكبها ضد أهالي" غزّة "منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول2023 حتى كتابة هذه السطور.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات هذا الکتاب

إقرأ أيضاً:

تعاون بين هيئة الكتاب وقصور الثقافة لتوسيع منافذ بيع الإصدارات بالمحافظات

في خطوة جديدة تهدف إلى تعزيز حضور الكتاب وتيسير وصوله إلى الجمهور في مختلف المحافظات، وقّعت الهيئة المصرية العامة للكتاب بروتوكول تعاون مشترك مع الهيئة العامة لقصور الثقافة لفتح منافذ دائمة لبيع إصدارات هيئة الكتاب داخل قصور الثقافة المنتشرة بجميع أنحاء الجمهورية، كما ينص البروتوكول على إتاحة إصدارات قصور الثقافة داخل منافذ الهيئة المصرية العامة للكتاب، بما يضمن تبادلًا معرفيًا وثقافيًا واسعًا بين المؤسستين، ويعزز فرص الجمهور في الوصول إلى مختلف أشكال الإنتاج الفكري.

ويأتي هذا التعاون في إطار توجيهات وزارة الثقافة بتكامل الأدوار بين هيئاتها المختلفة، وتوحيد الجهود لخدمة القارئ المصري، ودعم استراتيجية الدولة في نشر الثقافة وتفعيل دور مؤسساتها في المحافظات والمناطق الحدودية والنائية، حيث يعاني الكتاب عادة من ضعف التوزيع وصعوبة الوصول.

وقال الدكتور خالد أبو الليل، رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، إن البروتوكول «يمثل خطوة نوعية في ملف النشر الحكومي، ويعيد للكتاب دوره المركزي في الحياة الثقافية المصرية».

وأضاف: «نعمل على أن تكون إصدارات الهيئة متاحة لكل مواطن، في أي محافظة، وبسعر عادل يناسب جميع الفئات، وفتح المنافذ داخل قصور الثقافة يحقق حلمًا طال انتظاره: أن يصبح الكتاب قريبًا من الجمهور، وأن تتحول مؤسسات الثقافة إلى مراكز حقيقية للتنوير وليس مجرد مبانٍ إدارية».

من جانبه، أكد اللواء خالد اللبان، رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، أن التعاون يأتي تماشيًا مع سياسة الهيئة في تنشيط الحركة الثقافية داخل المواقع التابعة لها، مشيرًا إلى أن قصور الثقافة تمتلك شبكة واسعة من المواقع القادرة على دعم عملية التوزيع والوصول إلى القارئ في مختلف القرى والمراكز.

وقال: «وجود منافذ لهيئة الكتاب داخل قصور الثقافة يعزز من دورنا المجتمعي، ويحوّل القصور إلى منصات يومية للقراءة والاكتشاف، كما أن توفير إصدارات قصور الثقافة داخل منافذ هيئة الكتاب يضمن وصول إنتاجنا إلى شرائح أكبر من الجمهور».

وبدأ تنفيذ البروتوكول خلال الأسابيع الماضية، بافتتاح منفذ في قصر ثقافة العريش، ومن المقرر أن يتم افتتاح المنافذ تباعًا في المحافظات، مع تنظيم فعاليات مشتركة للترويج للكتاب ودعم القراءة، تشمل عروض الكتب، وتخفيضات موسمية، ولقاءات مع الكتّاب، بما يخلق حراكًا ثقافيًا ممتدًا يخدم الجمهور في كل ربوع مصر.

طباعة شارك الهيئة المصرية العامة للكتاب الهيئة العامة لقصور الثقافة منافذ دائمة لبيع الجمهورية منافذ الهيئة

مقالات مشابهة

  • إسرائيل اليوم: هؤلاء قادة حماس الذين ما زالوا في غزة
  • طارق الشناوي: عمار الشريعي أحد أهم الموهوبين الذين ظهروا في العالم العربي
  • من أين جاء لاعبو الإمارات الذين هزموا الجزائر في كأس العرب؟
  • مجمع البحوث يعلن إصدار جديد بمعرض الكتاب"دليل السالك إلى مالك الممالك"
  • افتتاح منافذ لهيئة الكتاب بجميع قصور الثقافة في المحافظات (تفاصيل)
  • انتصار الحبسية.. فنانة تنسج حكايات الماضي في صورة
  • تعاون بين هيئة الكتاب وقصور الثقافة لتوسيع منافذ بيع الإصدارات بالمحافظات
  • هل يجوز للمرأة حضور صلاة الجمعة؟ الإجابة الشرعية من الكتاب والسنة
  • الوزيرة الجنجويدية… هل يُفتح أخيراً ملف المتعاونين الذين عادوا إلى مؤسسات الدولة
  • حكايات سودانيين هربوا من الرصاص ببلادهم ليواجهوا الجوع في تشاد