أولويات التعاون بين مصر ودول الاتحاد الأوروبي خلال المرحلة المقبلة
تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT
تحمل زيارة وفد الاتحاد الأوروبي إلى مصر، أهمية كبيرة في ضوء السياق الإقليمي الذي تأتي فيه، جنبًا إلى جنب مع كونها تعبيرًا عن حجم الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين على قاعدة تعظيم المصالح المشتركة، ومواجهة التهديدات والتحديات المشتركة في المنطقة، كما أن الزيارة تمثل فرصة كبيرة لتعزيز أوجه التعاون في مواجهة حالة الاضطراب الإقليمي الراهنة.
وتشكل زيارة وفد الاتحاد الأوروبي إلى مصر تأكّيداً لتعاظم الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين وأجندة العمل المشتركة للجانبين على المستوى السياسي والإقليمي تشمل في الفترة الراهنة العديد من الملفات والأولويات الملحة على النحو التالي:
تعزيز التعاون لوقف الحرب في غزةكانت المقاربة الأوروبية تجاه الحرب في غزة، تقوم على جملة من المقومات الرئيسية، وعلى رأسها تجاوز الانقسامات بداخل الاتحاد تجاه الحرب، وتعزيز العلاقات وأوجه التنسيق والتعاون مع الدول الفاعلة في الملف الفلسطيني من أجل دعم احتواء هذه الحرب ووقفها، وعلى رأس هذه الدول مصر، على اعتبار أن مصر تظل الفاعل الأهم في الملف الفلسطيني، لما تملكه من مقومات جيوسياسية مهمة في هذا الصدد، وعلاقات بكافة أطراف الأزمة، جنبا إلى جنب مع دورها التاريخي المحوري تجاه القضية الفلسطينية.
وفي ضوء هذه الاعتبارات، وفي ضوء سعي الاتحاد الأوروبي لاحتواء الحرب الجارية، واستيعاب ضغوط الرأي العام الأوروبي، وعدم خسارة الاتحاد الأوروبي لدوره كوسيط في أزمات الشرق الأوسط، جنبا إلى جنب مع السعي للحد من تداعيات هذه الحرب، وفي المقابل الموقف الثابت لمصر من تطورات الحرب، وهو الموقف الذي يقوم على دعم حقوق الشعب الفلسطيني، وضرورة وقف هذه الحرب، سيكون ملف الحرب في قطاع غزة، من حيث حلحلة الملفات العاجلة على غرار الهدنة الجديدة ودخول المساعدات لقطاع غزة، على رأس أولويات العمل المصرية الأوروبية في الفترات المقبلة.
التعامل مع تداعيات الحرب في غزةكان ملف التداعيات الأقليمية للحرب في قطاع غزة، على رأس أولويات الإهتمام المصرية الأوروبية في الفترات الأخيرة، خصوصًا ما يتعلق بحالة الإضطراب التي نشأت في البيئة الأمنية لمنطقة البحر الأحمر، على اعتبار أن هذه الاضطرابات تحمل تداعيات سلبية على مصر (فيما يتعلق بقناة السويس) وكذا بالنسبة للاتحاد الأوروبي الذي يمثل هذا الممر المائي أحد أهم ممرات التجارة، ومصدرا مهما لأمن الطاقه لأوروبا.
ولعل أهمية هذا الملف بالنسبة للاتحاد الأوروبي تجسدت بشكل واضح في الإعلان في 19 فبراير الماضي، عن تأسيس قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، بهدف حماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، على أن تبلغ ميزانية مهمة «أسبيديس» نحو 8 ملايين يورو، توفرها خزانة الاتحاد الأوروبي، وفي المرحلة المقبلة سيتم إعداد خطة العمليات وقواعد الاشتباك وتشكيل القوة البحرية والجوية التي ستتولى الدوريات في أجواء مباه البحر الأحمر، ويبدو أن الاتحاد الأوروبي يسعى عبر هذا التحرك إلى تحقيق جملة من الأهداف الاستراتيجية، وعلى رأسها تأمين الملاحة في البحر الأحمر، من خلال مسارين الأول هو حماية السفن الأوروبية التي تعبر من خلال البحر الأحمر، والثاني، هو التنسيق المنظم مع المهام الأمنية الأخرى المعنية بتأمين الملاحة البحرية على غرار قوة أتلانتك وأجينور، وحارس الازدهار.
لكن الاتحاد الأوروبي حتى وإن تبنى الخيار العسكري على مستوى التعامل مع هذه التحديات، إلا أن كافة المؤشرات التي صاحبت تأسيس «أسبيدس» وما تبعها، تكشف غلبة الطابع الدفاعي على عمل القوة، في إشارة إلى صد الهجمات المحتملة ضد الملاحة البحرية في منطقة البحر الأحمر، وهو نهج يتفق وهدف الاتحاد الأوروبي المعلن منذ بداية التصعيد، والمتمثل في ضرورة تحقيق ردع للحوثيين عبر آليات تضمن خفض التصعيد ومنع اتساعه، وكذا الحفاظ على حرية المالحة البحرية.
الحرص على مواجهة التهديدات الإرهابيةتحظى التجربة المصرية في مكافحة التطرف والإرهاب بإشادة وتقدير كبير من قبل الاتحاد الأوروبي، وينظر إلى مصر باعتبارها شريكا استراتيجيا مهما في ملف مكافحة الإرهاب، وفي هذا السياق تتصاعد التخوفات الأوروبية حاليا بخصوص التهديد الإرهابي، وذلك على خلفية بعض الاعتبارات الرئيسية، وعلى رأسها احتمالية تصاعد موجات الهجرة إلى الاتحاد الأوروبي من منطقة الشرق الأوسط، بما يحمله ذلك من تداعيات أمنية خطيرة.
السعي للتسوية السياسية في دول الأزماتيحمل استمرار الأزمات التي تشهدها بعض البلدان في المنطقة، تهديدات مشتركة بالنسبة لمصر والاتحاد الأوروبي، خصوصًا في ليبيا والسودان واليمن ولبنان، وهي التهديدات التي يحمل بعضها طابعًا أمنياً، جنبًا إلى جنب مع تهديدات إنسانية واستراتيجية أخرى، خصوصا على مستوى تنامي وطأة الأزمات الإنسانية، وتنامي موجات الهجرة واللجوء، واحتمالية عودة النشاط الإرهابي، بالإضافة لمجموعة من التداعيات الاقتصادية، وفي هذا السياق يمكن القول إن هناك جملة من القواسم المشتركة على مستوى المقاربة المصرية الأوروبية للتعامل مع هذه الأزمات، خصوصا ما يتعلق بضرورة تقديم الدعم الإنساني لشعوب هذه الدول، والعمل الدبلوماسي والسياسي على الوصول إلى تسوية سياسية لهذه الأزمات، وإنجاز الاستحقاقات الدستورية فيها بناء على خريطة طريق توافقية، والسعي لتوحيد المؤسسات الأمنية وإعادة بناء قدرات الجيوش، وهي اعتبارات تزيد من فرص التعاون بين الجانبين في مواجهة التهديدات المتصاعدة المترتبة على استمرار هذه الأزمات.
ملف الطاقةوجنبا ً إلى جنب مع الملفات الخاصة بدول الأزمات، ينظر الاتحاد الأوروبي إلى مصر باعتباره شريكًا استراتيجيا رئيسيا في مجال الطاقة، خصوصًا في ضوء الدور الرئيسي لمصر والمحوري في منتدى غاز شرق المتوسط، والجهود الحالية لتعظيم الدور المصري كمركز إقليمي ومحوري لتجارة وتداول الغاز الطبيعي في المنطقة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبي القمة المصرية الأوروبية غزة غاز المتوسط الاتحاد الأوروبی البحر الأحمر ا إلى جنب مع الحرب فی إلى مصر فی ضوء
إقرأ أيضاً:
خلال حفل تسليم جائزة شارلمان: ملك إسبانيا يرفض بشدة الدعوات إلى تفكيك الاتحاد الأوروبي
آخن (ألمانيا) "د ب أ": رفض ملك إسبانيا، فيليبي السادس، بشدة الدعوات إلى تفكيك الاتحاد الأوروبي، محذرا من تصاعد "أصوات خطيرة ومضللة" تدعو إلى العودة إلى سياسات وطنية انعزالية.
وأدلى الملك الإسباني بهذه التصريحات، اليوم، خلال كلمة ألقاها في حفل تسليم جائزة شارلمان في مدينة آخن بألمانيا.
وقال ملك إسبانيا "علينا أن نواجههم! تلك الأصوات الخطيرة والمضللة التي تزعم أن الأوروبيين سيكونون أكثر حرية واستقلالية وسيادة إذا ما سكنوا في مجتمعات سياسية وطنية منفصلة وعملوا بمفردهم لمواجهة التحديات العالمية".
وأضاف الملك "أعتقد بقوة أن البيئة الدولية تدعو إلى المزيد من أوروبا. لقد حان الوقت بالفعل لأجل أوروبا، لا من أجل رؤية عالمية أكثر "تمركزا على أوروبا".
وتعد جائزة شارلمان على نطاق واسع أرفع تكريم يمنح للمساهمات في تعزيز الوحدة الأوروبية.
وأشادت لجنة الجائزة بالفائزة هذا العام، رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، لدورها في "الحفاظ على وحدة أوروبا وصمودها وقدرتها على العمل".
ويقام حفل توزيع الجوائز في مبنى بلدية مدينة آخن العريقة التي تقع على الحدود مع بلجيكا وهولندا، وترتبط بالإمبراطور الأوروبي شارلمان في القرنين الثامن والتاسع.