تحمل زيارة وفد الاتحاد الأوروبي إلى مصر، أهمية كبيرة في ضوء السياق الإقليمي الذي تأتي فيه، جنبًا إلى جنب مع كونها تعبيرًا عن حجم الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين على قاعدة تعظيم المصالح المشتركة، ومواجهة التهديدات والتحديات المشتركة في المنطقة، كما أن الزيارة تمثل فرصة كبيرة لتعزيز أوجه التعاون في مواجهة حالة الاضطراب الإقليمي الراهنة.

وتشكل زيارة وفد الاتحاد الأوروبي إلى مصر تأكّيداً لتعاظم الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين وأجندة العمل المشتركة للجانبين على المستوى السياسي والإقليمي تشمل في الفترة الراهنة العديد من الملفات والأولويات الملحة على النحو التالي:

تعزيز التعاون لوقف الحرب في غزة

كانت المقاربة الأوروبية تجاه الحرب في غزة، تقوم على جملة من المقومات الرئيسية، وعلى رأسها تجاوز الانقسامات بداخل الاتحاد تجاه الحرب، وتعزيز العلاقات وأوجه التنسيق والتعاون مع الدول الفاعلة في الملف الفلسطيني من أجل دعم احتواء هذه الحرب ووقفها، وعلى رأس هذه الدول مصر، على اعتبار أن مصر تظل الفاعل الأهم في الملف الفلسطيني، لما تملكه من مقومات جيوسياسية مهمة في هذا الصدد، وعلاقات بكافة أطراف الأزمة، جنبا إلى جنب مع دورها التاريخي المحوري تجاه القضية الفلسطينية.

وفي ضوء هذه الاعتبارات، وفي ضوء سعي الاتحاد الأوروبي لاحتواء الحرب الجارية، واستيعاب ضغوط الرأي العام الأوروبي، وعدم خسارة الاتحاد الأوروبي لدوره كوسيط في أزمات الشرق الأوسط، جنبا إلى جنب مع السعي للحد من تداعيات هذه الحرب، وفي المقابل الموقف الثابت لمصر من تطورات الحرب، وهو الموقف الذي يقوم على دعم حقوق الشعب الفلسطيني، وضرورة وقف هذه الحرب، سيكون ملف الحرب في قطاع غزة، من حيث حلحلة الملفات العاجلة على غرار الهدنة الجديدة ودخول المساعدات لقطاع غزة، على رأس أولويات العمل المصرية الأوروبية في الفترات المقبلة.

التعامل مع تداعيات الحرب في غزة

كان ملف التداعيات الأقليمية للحرب في قطاع غزة، على رأس أولويات الإهتمام المصرية الأوروبية في الفترات الأخيرة، خصوصًا ما يتعلق بحالة الإضطراب التي نشأت في البيئة الأمنية لمنطقة البحر الأحمر، على اعتبار أن هذه الاضطرابات تحمل تداعيات سلبية على مصر (فيما يتعلق بقناة السويس) وكذا بالنسبة للاتحاد الأوروبي الذي يمثل هذا الممر المائي أحد أهم ممرات التجارة، ومصدرا مهما لأمن الطاقه لأوروبا.

ولعل أهمية هذا الملف بالنسبة للاتحاد الأوروبي تجسدت بشكل واضح في الإعلان في 19 فبراير الماضي، عن تأسيس قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، بهدف حماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، على أن تبلغ ميزانية مهمة «أسبيديس» نحو 8 ملايين يورو، توفرها خزانة الاتحاد الأوروبي، وفي المرحلة المقبلة سيتم إعداد خطة العمليات وقواعد الاشتباك وتشكيل القوة البحرية والجوية التي ستتولى الدوريات في أجواء مباه البحر الأحمر، ويبدو أن الاتحاد الأوروبي يسعى عبر هذا التحرك إلى تحقيق جملة من الأهداف الاستراتيجية، وعلى رأسها تأمين الملاحة في البحر الأحمر، من خلال مسارين الأول هو حماية السفن الأوروبية التي تعبر من خلال البحر الأحمر، والثاني، هو التنسيق المنظم مع المهام الأمنية الأخرى المعنية بتأمين الملاحة البحرية على غرار قوة أتلانتك وأجينور، وحارس الازدهار.

لكن الاتحاد الأوروبي حتى وإن تبنى الخيار العسكري على مستوى التعامل مع هذه التحديات، إلا أن كافة المؤشرات التي صاحبت تأسيس «أسبيدس» وما تبعها، تكشف غلبة الطابع الدفاعي على عمل القوة، في إشارة إلى صد الهجمات المحتملة ضد الملاحة البحرية في منطقة البحر الأحمر، وهو نهج يتفق وهدف الاتحاد الأوروبي المعلن منذ بداية التصعيد، والمتمثل في ضرورة تحقيق ردع للحوثيين عبر آليات تضمن خفض التصعيد ومنع اتساعه، وكذا الحفاظ على حرية المالحة البحرية.

الحرص على مواجهة التهديدات الإرهابية

تحظى التجربة المصرية في مكافحة التطرف والإرهاب بإشادة وتقدير كبير من قبل الاتحاد الأوروبي، وينظر إلى مصر باعتبارها شريكا استراتيجيا مهما في ملف مكافحة الإرهاب، وفي هذا السياق تتصاعد التخوفات الأوروبية حاليا بخصوص التهديد الإرهابي، وذلك على خلفية بعض الاعتبارات الرئيسية، وعلى رأسها احتمالية تصاعد موجات الهجرة إلى الاتحاد الأوروبي من منطقة الشرق الأوسط، بما يحمله ذلك من تداعيات أمنية خطيرة.

السعي للتسوية السياسية في دول الأزمات

يحمل استمرار الأزمات التي تشهدها بعض البلدان في المنطقة، تهديدات مشتركة بالنسبة لمصر والاتحاد الأوروبي، خصوصًا في ليبيا والسودان واليمن ولبنان، وهي التهديدات التي يحمل بعضها طابعًا أمنياً، جنبًا إلى جنب مع تهديدات إنسانية واستراتيجية أخرى، خصوصا على مستوى تنامي وطأة الأزمات الإنسانية، وتنامي موجات الهجرة واللجوء، واحتمالية عودة النشاط الإرهابي، بالإضافة لمجموعة من التداعيات الاقتصادية، وفي هذا السياق يمكن القول إن هناك جملة من القواسم المشتركة على مستوى المقاربة المصرية الأوروبية للتعامل مع هذه الأزمات، خصوصا ما يتعلق بضرورة تقديم الدعم الإنساني لشعوب هذه الدول، والعمل الدبلوماسي والسياسي على الوصول إلى تسوية سياسية لهذه الأزمات، وإنجاز الاستحقاقات الدستورية فيها بناء على خريطة طريق توافقية، والسعي لتوحيد المؤسسات الأمنية وإعادة بناء قدرات الجيوش، وهي اعتبارات تزيد من فرص التعاون بين الجانبين في مواجهة التهديدات المتصاعدة المترتبة على استمرار هذه الأزمات.

ملف الطاقة

وجنبا ً إلى جنب مع الملفات الخاصة بدول الأزمات، ينظر الاتحاد الأوروبي إلى مصر باعتباره شريكًا استراتيجيا رئيسيا في مجال الطاقة، خصوصًا في ضوء الدور الرئيسي لمصر والمحوري في منتدى غاز شرق المتوسط، والجهود الحالية لتعظيم الدور المصري كمركز إقليمي ومحوري لتجارة وتداول الغاز الطبيعي في المنطقة.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبي القمة المصرية الأوروبية غزة غاز المتوسط الاتحاد الأوروبی البحر الأحمر ا إلى جنب مع الحرب فی إلى مصر فی ضوء

إقرأ أيضاً:

العليمي: أولويات المرحلة يجب أن تتصدرها حشد الطاقات لإستعادة الدولة

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، الثلاثاء، على ضرورة أن تتصدر أولويات المرحلة حشد كافة الطاقات لمعركة استعادة مؤسسات الدولة واسقاط الانقلاب ومواجهة المشروع الإيراني في اليمن.

 

جاء ذلك خلال كلمة ألقاها رئيس مجلس القيادة أمام هيئة التشاور والمصالحة في العاصمة المؤقتة عدن، وفق وكالة سبأ الحكومية.

 

وجدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي، دعم المجلس لجهود هيئة التشاور والمصالحة في توحيد وجمع القوى الوطنية حول هدف استعادة مؤسسات الدولة، واسقاط انقلاب جماعة الحوثي.

 

وأعرب الرئيس عن امله في ان تتحول جهود هيئة التشاور الى عمل جماعي تكاملي لتحقيق الهدف الاستراتيجي من وجود القوى الوطنية الفاعلة تحت ائتلاف رئاسي واحد.

 

وذكّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي، بأولويات خمس رئيسية لتحالف القوى الوطنية انطلاقا من العمل على حماية التوافق القائم في إطار مجلس القيادة الرئاسي وحكومة الكفاءات السياسية، ودعم جهود الدولة لبناء النموذج في المحافظات المحررة، بما في ذلك الوفاء بالتزاماتها الحتمية تجاه المواطنين، وتسهيل وصولها الى كافة مواردها العامة.

 

وأشار الى ان أولويات المرحلة يجب ان يتصدرها على الدوام حشد كافة الطاقات لمعركة استعادة مؤسسات الدولة واسقاط الانقلاب ومواجهة المشروع الايراني التخريبي، وترسيخ انتماء اليمن إلى حاضنته العربية، اضافة الى تعزيز الشراكة مع دول تحالف دعم الشرعية، وجعلها اساسا لأمن واستقرار اليمن، والمنطقة، فضلا عن توحيد الخطاب الاعلامي والاستجابة الفورية للتطورات، والمتغيرات الطارئة.

 

وعرض رئيس مجلس القيادة الرئاسي الى احاطة موجزة لما حققه مجلس القيادة الرئاسي حتى الان، مشيرا الى بعض المكاسب المهمة ذات الصلة بمهام المجلس المشمولة بإعلان نقل السلطة، والتي من أبرزها "تماسك المجلس واستمرار هذا التوافق الوطني، باعتباره أعظم المكاسب".

 

وقال العليمي: "رغم التقدم البطيء في بعض المسارات، الا ان حقن إراقة الدماء بين شركاء الهدف الواحد، هو انجاز لا يقدر بثمن"، لافتا إلى تحسن الأوضاع الأمنية في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة، واستمرار وفاء الدولة بالتزاماتها الحتمية، بما في ذلك انتظام دفع رواتب الموظفين، وتامين متطلبات الواردات السلعية، رغم الازمة التمويلية الحادة.

 

وأكد الرئيس، المضي قدما في إجراءات توحيد وتكامل القوات المسلحة والامن، بموجب توصيات اللجنة الأمنية والعسكرية المشتركة، مشددا على استمرار دعم المجلس لجهود الحكومة واصلاحاتها المنفذة على مختلف المستويات، بما في ذلك قرارات البنك المركزي لحماية القطاع المصرفي ومكافحة غسل الأموال.


مقالات مشابهة

  • العليمي: أولويات المرحلة يجب أن تتصدرها حشد الطاقات لإستعادة الدولة
  • «المجلس الأوروبي»: يجب الالتزام بقرارات «العدل الدولية» في وقف إطلاق النار بغزة
  • أستاذ اقتصاد: الاتحاد الأوروبي حريص على الشراكة مع مصر رغم تحديات التعاون مع دول جنوب المتوسط
  • رئيس اتحاد الطائرة يزور معسكر المنتخب قبل السفر إلي اليابان
  • رجال الأعمال المصريين تناقش خطة عمل لجنة الاستشارات الهندسية خلال المرحلة المقبلة
  • وزيرة التعاون الدولي تبحث مع المدير العام لمفاوضات الجوار والتوسع في المفوضية الأوروبية آلية ضمانات القطاع الخاص
  • وزيرة التعاون: التنسيق مع الاتحاد الأوروبي من أجل دعم الإصلاحات
  • 1.8 مليار دولار من الاتحاد الأوروبي لتعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر
  • المشاط تبحث مع مسئرل في المفوضية الأوروبية استعدادات إنعقاد مؤتمر الإستثمار
  • تأشيرة «شنجن» لدخول دول أوروبا مجانا لهذه الفئة.. من هي؟