مُفاجأة استخباراتية لدى المُقاومة: نتنياهو يُخطّط لـ تصفية الأسرى الإسرائيليين
تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT
سرايا - تتحدّث أوساط المقاومة الفلسطينية عن وجود انطباعات وقناعات ميدانية لدى أجهزتها الأمنية والاستخبارية في قطاع غزة بان أوامر عليا تصدر من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو فعلا لقتل الأسرى قدر الامكان بهدف التخلص من تبعات أي صفقة لإطلاق سراحهم.
وتكثّفت مجموعة مؤشرات ميدانية توحي بان جهة ما في غرفة العمليات العسكرية الإسرائيلية تتولى تنفيذ رغبة نتنياهو بالتخلص من الاسرى الإسرائيليين وقتلهم باعتبار ذلك الخيار الأفضل لحكومته لكن ما لا تبدو أجهزة فصائل المقاومة متأكدة منه وكيفية إستجابة قطاعات سلاح الجو الإسرائيلي والمسيرات لتلك الرغبة وعلى اي اساس.
والانطباع هنا بأن قادة أساسيين في العمليات يتصرفون ميدانيا في بعض المناطق وفقا لقواعد الاشتباك التي حددها قانون هانيبال الشهير مع ان مضمون ذلك التقليد النادر بين جيوش العالم هو قتل الأسير مع الخاطف لحظة الاشتباك فقط في الميدان وليس البحث عنه لقتله.
يشكك تقرير لغرفة الإستخبارات العملياتية المشتركة الخاصة بفصائل المقاومة في غزة بان المزيد من القرائن الميدانية ظهرت وتشير الى ان محاولة البحث عن مكان وجود الأسرى الاسرائيليين بقيت نشطة عملياتيا لكن بهدف تصفيتهم وليس تحريرهم وان هذه المنهجية هي التي أدت لمقتل نحو 70 أسيرا إسرائيليا حتى الآن أغلبهم من المدنيين.
وتبحث الاستخبارات الجوية تحديدا بشغف عن مكان احتجاز الاسرى وتقصف بعض الأحداثيات التي يتوقع وجود اسرى فيها بلا تردد وحتى قبل التأكد، الأمر الذي يثير عملياتيا الإشتباه بان المطبخ السياسي لنتنياهو يمنح بعض الأجهزة العميقة في الجيش الاسرائيلي الضوء الأخضر لقتل الاسرى قبل محاولة تحريرهم.
واستنادا إلى مصادر المقاومة وكتائبها في غزة تم جميع أكثر من دليل وقرينة على تلك المنهجية في قتل الأسرى الذين يتم نقلهم بين عدة مواقع طوال الوقت لأسباب أمنية.
ويبدو أن عمليات القصف التي طالت بعض المواقع مؤخرا والأبنية بشكل تدميري وقتل جماعي واسع استندت الى الإشتباه بوجود اسرى وتتحدث المقاومة عن عمليات قصف غير مبررة بعد تدمير لمستشفيات مرتين على الأقل في مخيم النصيرات وثلاث مرات في دير البلح وعمليتان في رفح.
والتصوّر الأمني للمقاومة هنا ان آخر وجبة من قصف بعض المواقع وسط وجنوب قطاع غزة لم تكن مبررة بالمعنى الاستخباري ولا يوجد فيها عسكريين من أبناء المقاومة ما يرجح ان الهدف قصف بعد الاشتباه بمعلومات عن وجود أسرى.
ويبدو أن معركة استخبارية حامية الوطيس تدور روحها خلف السواتر وتحت الركام وبين المواطنين بين المقاومة والجيش الإسرائيلي فكرتها الحفاظ على حياة الأسرى لإستبدالهم من جهة المقاومة وقتل ما يتسر منهم من جهة جيش الاحتلال.
ومن المرجح أن لدى لمقاومة توثيقات استخبارية يمكن ان تعرض بعضها لجمهور الإسرائيلي قريبا جدا.
وما يفسر هذا الاشتباه الاستخباري هو تعزيز حراسات الأسرى الاسرائيليين وتفريغ عشرات العناصر المسلحة للقيام بهذه المهمة ووضع برتوكول أمني دقيق يتضمن اعتبار حماية أسرى ورهائن (إسرائيل) اولية مطلقة للمقاومة وليس لجيش كيانه.
وتقول مصادر خاصة إن كتائب المقاومة انتبهت لإستراتيجية نتنياهو التي يدعمها بعض جنرالات الجيش وليس كلها.
وعلى ضوء ذلك تم اعتبار الاستمرار في تأمين وحماية الأسرى الاسرائيليين من أولويات المقاومة الأساسية حيث كلفت مجموعات النخبة في كتائب القسام وسرايا القدس وليس الحراسات العادية بتامين وحماية الاسرى الكبار من ضباط جيش الاحتلال لأن المقاومة تعتقد بأن قتلهم هدف عمليّاتي الآن.
ويُساهم ذلك طبعا بالتأثير على النطاق العملياتي الميداني للمقاومة حيث تم تكليف أفرع في النخبة بتولي مهمة حراسة نحو 70 أسيرا ورهينة في المرحلة الحالية والدفع باستبدال قوات النخبة المشغولة بهذه المهمة بغيرها لمواجهة آليات جيش الاحتلال في الميدان.
إقرأ أيضاً : لماذا لم تشن (إسرائيل) حرباً شاملةً على حزب الله حتى الآن؟إقرأ أيضاً : حركة حماس تكشف عن آخر تفاصيل مباحثات "تهدئة غزة" إقرأ أيضاً : مروان البرغوثي يعتلي منصات التواصل .. الاحتلال يشرع بقتل الأسير داخل العزل الإنفرادي
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: غزة رئيس الوزراء العالم غزة غزة غزة القدس العالم العزل الله القدس غزة الاحتلال رئيس الوزراء
إقرأ أيضاً:
المقاومة بين ضغط العدو وصمت القريب
أحمد الفقيه العجيلي
تبدو المفارقة في المشهد العربي اليوم لافتة: فبعض الأنظمة تبدو أكثر تشددًا تجاه حركات المقاومة مما هي عليه القوى الكبرى نفسها. ولا يرتبط الأمر بخلاف سياسي محدود؛ بل بتراكم تاريخي وتعقيدات تتداخل فيها هواجس الأمن الداخلي، وتحولات الإقليم، ومحاولات إعادة بناء الأولويات بعيدًا عن القضية الفلسطينية.
حركات المقاومة- وفي مقدمتها حماس- تمثل نموذجًا حساسًا لدى عدد من الأنظمة. فهي قوى شعبية تمتلك خطابًا مؤثرًا، وحضورًا ميدانيًا متماسكًا، وقدرة على الاستمرار رغم الظروف القاسية.
هذا النموذج يُثير مخاوف متوارثة من انتقال "عدوى القوة الشعبية" إلى الداخل، كما حدث حين ألهبت ثورات الخمسينيات مشاعر الشعوب العربية، أو عندما فجّرت انتفاضة 1987 موجة تعاطف وضغط شعبي هزّت المنطقة بأكملها. لذلك تصبح هذه الحركات هدفًا مزدوجًا: تُحارَب من الاحتلال لأنه يراها خصمًا مباشرًا، وتتحفظ عليها بعض الأنظمة لأنها تمثل نمطًا لا ترغب في رؤيته يتكرر.
الأحداث الأخيرة كشفت هذه المعادلة بوضوح؛ فبعد طرح "خطة ترامب"، التي تكشف عن ثغرة قاتلة: غياب الضمانات الحقيقية لوقف الخروقات الإسرائيلية. هذه الخطة لم تُبنَ على أساس موازين قوى متكافئة أو حقوق ثابتة؛ بل اعتمدت في جوهرها على أجندة أمريكية- إسرائيلية تهدف إلى تصفية المقاومة ونزع سلاحها أولًا، دون إلزام الاحتلال بضوابط ردع فعالة لوقف الاستيطان أو الاغتيالات أو التعدي على المقدسات.
وبالتالي تجعل تركيزها كله على مطالبة المقاومة بالتنازل، دون وضع آليات عقابية لإلزام الطرف الإسرائيلي.
والأدهى، أن دور الوسطاء العرب والدوليين يظل في الغالب ضعيفًا وغير فعّال عند وقوع الخروقات الإسرائيلية الكبرى؛ فبدلًا من ممارسة ضغط حقيقي لفرض عقوبة على العدو، تقتصر ردود فعلهم غالبًا على بيانات حذرة أو متابعة للمشهد، ما يضعهم في موقع "المراقب" بدلًا من "الضامن الفعّال". هذا الضعف في آليات الضمان يرسخ الانطباع بأن أي تسوية تُطرح، هي بالأساس إطار قابل للتلاعب من قبل الاحتلال، يتيح له استخدام الوقت لصالحه للمزيد من القضم والتمدد.
التاريخ القريب يدل على أن أي تسوية لا تنطلق من الإرادة الفلسطينية تتحول إلى إطار قابل للتلاعب. حدث ذلك في كامب ديفيد، وفي أوسلو، ويتكرر اليوم مع خطة ترامب. فالاحتلال يملك القدرة على إعادة تفسير البنود واستخدام الوقت لصالحه، بينما تكتفي الأطراف العربية المعنية بمتابعة المشهد أكثر مما تُسهم في تشكيله.
ويبقى السؤال: هل يمكن لمثل هذه الخطط أن تنجح؟ التجربة تشير إلى أن نجاحها يتطلب قبولًا فلسطينيًا واسعًا، وهو ما لم يتحقق، خصوصًا أن الخطة بُنيت على منطق أحادي يجعل "الحل" أقرب إلى إعادة ترتيب الاحتلال بلغة سياسية ناعمة. وهكذا تبقى المقاومة- رغم اختلاف تقييم أدائها- الطرف الوحيد الذي يتحرك على قاعدة الفعل لا البيانات.
بحسب ما أتابعه من قراءات وتحليلات، فإن فرص نجاح أي خطة لا تُلزم الاحتلال بقواعد واضحة وتضمن الحد الأدنى من الحقوق، ستظل ضعيفة. فالخطة التي تستند على الضغط على المقاومة دون ردع الاحتلال، تشبه محاولة بناء بيتٍ على أرض رخوة؛ أول هبّة ريح تكشف هشاشته.
ولعل العدو يدرك- قبل غيره- أن كسر حماس ليس سهلًا؛ فالمقاومة التي صمدت تحت الحصار، وتحت النار، وتحت كل حملات التشويه، ليست مجرد تنظيم؛ إنها حالة وعي تشكّلت عبر عقود من الجراح والأمل. وهذا ما يجعل بعض الأنظمة أكثر حذرًا… وربما أكثر عداءً.
في الجوهر، الموقف المتشدد تجاه المقاومة لا يرتبط بقيم سياسية بقدر ما يرتبط برغبة عدد من الأنظمة في طيّ صفحة الصراع، أو على الأقل تحييده عن حساباتها الجديدة. لكن وجود مقاومة فاعلة يعيد تذكير الجميع بأن الملف لم يُغلق، وأن أي ترتيب لا يأخذ حقوق الفلسطينيين بجدية لن يعيش طويلًا.
لهذا تبدو المفارقة مفهومة: تُنتقد المقاومة لأنها ترفض التكيف مع المعادلات الجديدة، ولأن استمرارها يربك خطاب “الاستقرار بأي ثمن”. أما الاحتلال، فاعتاد أن يجد من يخفف عنه عبء الانتقاد، حتى وهو يمضي في خروقاته يومًا بعد يوم.
ولذلك، كلما اشتد الهجوم على حماس… ازددتُ يقينًا أن ما يؤلم خصومها ليس فعلها، بل ثباتها.
وما يزعجهم ليس قوتها، بل قدرتها على النجاة. وما يخيفهم ليس خطابها؛ بل الأمل الذي تبقيه حيًا في قلوب الناس.
هذه الصورة ليست تحليلًا سياسيًا بقدر ما هي قراءة واقعية لمشهد يتكرر عبر العقود: حين يتراجع الصوت الرسمي، تظل القوى الشعبية- مهما اختلفت التقديرات حولها- هي الكف التي تمنع سقوط القضية بالكامل.
في النهاية.. يظل الثابت أن من يحمل البندقية ومن يرفض الانحناء هو الأكثر استهدافًا. أما من يفاوض بلا أوراق قوة، أو يساير الرياح حيثما هبّت، فلن يكون موضع قلق لأي أحد.