في أغسطس الماضي، ظهر شاب مصري أطلق على نفسه اسم محمد العلوي في مقطع فيديو على يوتيوب وصف نفسه بأنه صحفي تحقيقات وأنه يمتلك "سبقا صحفيا كبير". 

ادعى الشاب أن لديه تفاصيل بشأن عملية شراء فيلا في مدينة الجونة الساحلية الفاخرة على البحر الأحمر بالغردقة في مايو الماضي، قدرت قيمتها ب5 ملايين دولار، مشيراً إلى أنها تخص والدة زوجة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي وزعم أن عائلة الرئيس الأوكراني تستخدم المساعدات المالية الغربية لمصلحتها الشخصية.

بعد ثمانية أيام من ظهور الفيديو، وصفت شبكات تلفزيون حكومية روسية، مثل القناة الأولى وروسيا 24 (باللغتين العربية والألمانية)، الأمر بأنه سبق صحفي كبير كشف عنه صحفي استقصائي مصري مشهور.

بعدها بأشهر قليلة، وتحديدا في ديسمبر، انتشرت شائعات بشأن مقتل هذا الشاب، لتظهر القصة من جديد مع الإيحاء بأن "المخابرات الأوكرانية" وراء ذلك.

لكن سلطات مدينة الجونة المصرية الواقعة على البحر الأحمر عادت لتنفي صحة كل ما أثاره ذلك الشاب، وأشارت إلى أن العقود التي نشرها ليست صحيحة.

ثم تخرج وزارة الداخلية المصرية عن صمتها وتؤكد أن الفيلا التي تحدث عنها مملوكة لمصريين وأن الأجهزة الأمنية لم تتلق أي بلاغات بشأن تعرض الشخص الظاهر بمقطع الفيديو للإيذاء"، فضلا عن حديث صحفيين استقصائيين معروفين في مصر عن أنهم لم يسمعوا أبدا عن "محمد العلوي". 

غير صحيح https://t.co/4FiSEIhNYk

— Naguib Sawiris (@NaguibSawiris) August 29, 2023

نفى جملةً وتفصيلاً صحة الإدعاءات التى تم تداولها على عدد من الصفحات بمواقع التواصل الإجتماعى بشأن مقتل أحد الصحفيين بمحافظة البحر الأحمر عقب نشره لمقطع فيديو يدعى خلاله تحصله على مستندات تفيد تملك والدة قرينة رئيس إحدى الدول لفيلا بمحافظة البحر الأحمر
أمكن تحديد الفيلا المنشور… pic.twitter.com/VX4O5DI8I3

— وزارة الداخلية (@moiegy) December 30, 2023

ورغم ذلك، انتشرت هذه القصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام بدول عدة لتصل في النهاية إلى روسيا، التي يبدو أن القصة انطلقت منها أصلا، وفقا لما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن باحثين. 

ووفقا لمعهد الحوار الاستراتيجي، تمت مطالعة المنشورات المتعلقة بالقتل المفترض مليون مرة على منصة إكس في يوم واحد في 25 ديسمبر الماضي. 

لم تكن هذه القصة المزيفة الوحيدة التي امتلأت بها مواقع التواصل الاجتماعي في الأشهر الماضية، وتداولها ملايين المستخدمين في جميع أنحاء العالم، لدرجة أن بعض هذه التقارير تم ترديدها داخل أروقة الكونغرس الأميركي خلال مناقشة استمرار المساعدات العسكرية لأوكرانيا من عدمه. 

ومنذ غزت القوات الروسية أوكرانيا قبل عامين، أطلقت موسكو العنان لسيل من المعلومات المضللة في محاولة لتشويه سمعة الرئيس الأوكراني زيلنسكي، وتقويض الدعم الغربي لكييف. 

لكن قصة الشاب المصري التي تضمنت رواية طويلة مبنية على تفاصيل محبوكة بدقة من خلال شخصية خيالية، أثارت الاهتمام بشأن الوسائل التي تستخدمها روسيا في تحقيق غاياتها الإعلامية. 

وتظهر الحملة كيف تحول "مقاتلو المعلومات" في روسيا بمهارة إلى تكتيكات وأهداف جديدة مع استمرار الحرب في أوكرانيا، تماما مثلما عدلت القوات الروسية على الأرض في أوكرانيا  تكتيكاتها بعد خسائرها الكبيرة في ساحة المعركة، بحسب "نيويورك تايمز". 

ويبدو أن الحملة الروسية لا تتوقف، إذ تستمر المجموعات المرتبطة بالكرملين في نشر روايات جديدة عندما تفشل الروايات القديمة في الصمود أو تصير قديمة، وذلك باستخدام مقاطع فيديو أو تسجيلات مزيفة أو معدلة وإيجاد منافذ جديدة لنشر المعلومات المضللة ومنها مواقع تبدو أميركية، لكنها في الحقيقة مزيفة. 

فقد ظهر مقطع فيديو على تيك توك الشهر الماضي يفترض أنه لطبيب أوكراني يعمل لدى "فايزر"، اتهم الشركة الأميركية بإجراء اختبارات غير قانونية على الأطفال. 

وعلى منصة إكس، ادعى رجل أنه منتج مشارك في شركة أميركية تنتج فيلما هوليوديا عن قصة حياة زيلنسكي.

ولم تكن قصة الشاب المصري الكذبة الوحيدة التي تستند على ادعاء استخدام الرئيس الأوكراني للمساعدات المالية الغربية بشكل غير شرعي، إذ انتشرت قصص أخرى عن شراء قصر في ولاية فلوريدا وموقع في ألمانيا.

وكلها كانت مخصصة للانتشار عند جمهور معين في نطاق جغرافي محدد، بل إن روسيا حاولت تشويه سمعة زيلنسكي باتهامه بأنه "مدمن مخدرات"، بحسب الصحيفة.

وحتى عندما يتم فضح مثل هذه الافتراءات، ثبت أنه من الصعب للغاية القضاء عليها تماما.

جـ ـريمة اوكرانية تم ارتكابها على ارض مصرية!! قتل محمد العلوى وهو صحفى مصرى استقصائي بعد نشره عن فيللا حماة زيلينيسكى فى البحر الاحمر والأمن والاعلام المصرى نايم في العسل، والسبب انه لا توجد قيمة للمواطن فى جمهوريات الموز العسكرية مثل التى فى مصر!!! #محمد_العلوي pic.twitter.com/ArR6BmBECR

— Dr.Sam Youssef Ph.D.,M.Sc.,DPT. (@drhossamsamy65) December 27, 2023

وأزال موقع يوتيوب الفيديو الأصلي لشخصية محمد العلوي، وربطه بحسابين آخرين سبق أن انتهكا سياسات الشركة. ومع ذلك، لا يزال الاتهام المزيف بشأن فيلا الجونة رائجا، خاصة على منصات مثل إكس وتليغرام، اللتان يقول الخبراء إنهما لا تفعلان الكثير لمنع الحسابات التي تولد أنشطة آلية بهدف تضخيم الكذبة ولخلق انطباع بأن المحتوى شائع.  

ففي نوفمبر ادعى شخص يعرف نفسه على منصة إكس باسم شاهزاد ناصر، يقول إنه يعمل صحفيا بموقع إماراتي باللغة الإنكليزية، أن مقربين من زيلنسكي اشتروا يختين مقابل 75 مليون دولار. وتشمل أدلته المفترضة، مثل شهادة محمد العلوي، صورا للسفن واتفاقيات الشراء المزعومة.

وفي ديسمبر وثقت بي بي سي عدم شراء اليخوت وأنها بقيت معروضة للبيع. 

ورغم جهود عدة بذلها مدققو الحقائق لكشف حقيقة ذلك الادعاء، فقد تم تداوله على نطاق واسع.

والشهر الماضي، عادت شخصية ناصر للظهور في فيديو آخر. وفي هذه المرة كان يعرض نسخة جديدة من القصة، إذ ادعى أن العملية ألغيت بعدما تم كشف "الصفقة السرية".

وبحسب نيويورك تايمز فإن ما يربط هذه الروايات بروسيا ليس فقط المحتوى الذي يستخف بأوكرانيا، بل أيضا الشبكات التي تنشرها، وهي تشمل وسائل الإعلام وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي، التي ربطها باحثون بحملات الكرملين السابقة.

????⚡️ هل اخترقت المخابرات الأوكرانية مصر⁉️
⚡️ قُتل صحفي مصري نشر مادة عن شراء حماة زيلينسكي لفيلا مقابل 5 ملايين دولار في أغسطس.

وعثر على جثة محمد العلوي قرب طريق الهضبة وعليها سحجات وكسور وكدمات عديدة بالجسم وإصابات في الدماغ.

وطرح مصدر من شرطة الغردقة رواية تعرض الصحفي… pic.twitter.com/wd3zqsFwDS

— الموجز الروسي | Russia news ???????? (@mog_Russ) December 25, 2023

وتعتبر ريتا كاتز مديرة مجموعة "سايت" الاستخباراتية،التي تتعقب النشاط المتطرف عبر الإنترنت وتحقق في الادعاءات الكاذبة والمضللة أن هذه الحسابات تتصيد شريحة حساسة من المواطنين (..).

وما يدل على دقة حديث كاتز أن عضو مجلس الشيوخ الجمهوري جيه دي فانس وهو ينتقد بصراحة إرسال مساعدات إلى أوكرانيا قد تبنى قصة ناصر المزيفة عن شراء مقربين من زيلنسكي يختا فاخرا خلال مقابلة له في برنامج.

وعرضه ذلك لانتقادات زميله الجمهوري توم يليس الذي تساءل عن شعور زوجات نحو 25 ألف جندي أوكراني لقوا حتفهم في الميدان لصد العدوان الروسي، عندما يسمعون هذه الادعاءات الكاذبة. 

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الرئیس الأوکرانی البحر الأحمر محمد العلوی

إقرأ أيضاً:

فاتن حمامة.. سيدة الشاشة التي صنعت مجد السينما المصرية وقلوب الجماهير لا تزال تنبض باسمها

في كل عام ومع حلول 27 مايو، تتجدد ذكرى ميلاد الفنانة القديرة فاتن حمامة، التي لم تكن مجرد نجمة لامعة في سماء الفن، بل كانت حالة فريدة من النقاء الفني والوعي الاجتماعي والذكاء الإنساني، لم تُعرف فقط بجمال ملامحها، بل بعُمق أدوارها وحرصها على تقديم فن نظيف وهادف يعبّر عن واقع المجتمع المصري ويُلامس قضاياه الحساسة ورغم مرور سنوات على رحيلها، لا تزال فاتن حمامة حاضرة في قلوب الملايين وأذهانهم، رمزًا للأنوثة الراقية والموهبة النادرة والالتزام القيمي.

النشأة.. بداية موهبة مبكرة

 

ولدت فاتن حمامة في 27 مايو 1931 في مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية، وسط أسرة تنتمي للطبقة المتوسطة، حيث كان والدها يعمل موظفًا في وزارة التعليم. 

 

منذ طفولتها، بدت عليها ملامح النجومية؛ فقد شاركت في مسابقة لجمال الأطفال وفازت بها، مما لفت أنظار المخرج الكبير محمد كريم، الذي قدمها لأول مرة في فيلم "يوم سعيد" عام 1940 إلى جانب الموسيقار محمد عبد الوهاب، وكانت لم تتجاوز التاسعة من عمرها. ومن هنا بدأت رحلة الصعود، التي ستجعل من هذه الطفلة واحدة من أعظم الفنانات في تاريخ السينما العربية.

مسيرة فنية امتدت لعقود.. رقي وأداء بلا حدود

 

طوال أكثر من 60 عامًا، أبدعت فاتن حمامة في تقديم شخصيات متنوعة عكست تطور المرأة المصرية وتحولاتها، وتعاونت خلالها مع كبار المخرجين مثل يوسف شاهين وصلاح أبو سيف وكمال الشيخ. جسّدت المرأة القوية، المظلومة، المكافحة، العاشقة، والمتمردة، فتركت بصمة لا تُنسى في كل دور قدمته.

من بين أبرز أفلامها: "دعاء الكروان" (1959)، "أريد حلًا" (1975)، "الحرام" (1965)، "نهر الحب" (1960)، "الخيط الرفيع" (1971)، "أفواه وأرانب" (1977)، "إمبراطورية ميم" (1972)، "بين الأطلال"، "لا أنام"، و"الطريق المسدود".

 

كما أثرت الشاشة الصغيرة بمسلسلات ناجحة أبرزها "ضمير أبلة حكمت" و"وجه القمر"، الذي كان آخر ظهور فني لها في عام 2000.

فاتن حمامة والسينما النظيفة

 

لم تكن فاتن حمامة مجرد ممثلة تؤدي أدوارًا مكتوبة، بل كانت تمتلك رؤية وضميرًا فنيًا حيًا. كانت من أوائل الفنانات اللاتي رفضن المشاهد الجريئة أو الأدوار التي تُهين صورة المرأة أو تهدم القيم. بل كانت دائمًا تحرص على أن تقدم رسالة اجتماعية أو إنسانية من خلال كل عمل، لذلك لُقّبت بـ "صاحبة المدرسة النظيفة في السينما المصرية".

زيجاتها.. حبّان في حياتها وثالث كان السكينة

 

مرت فاتن حمامة بثلاث زيجات شكلت فصولًا مختلفة من حياتها:

عز الدين ذو الفقار: المخرج الذي تزوجته عام 1947 وأنجبت منه ابنتها "نادية"، وكان له دور كبير في بداياتها الفنية.

عمر الشريف: نجم السينما العالمي الذي وقعت في حبه أثناء تصوير "صراع في الوادي"، وتزوجا عام 1955، وأنجبا ابنها طارق، لكن انتهت علاقتهما بالطلاق بسبب حياة عمر الشريف العالمية.

 الدكتور محمد عبد الوهاب: وهو طبيب مصري تزوجته عام 1975، وعاشت معه حياة مستقرة بعيدة عن الأضواء حتى وفاتها.

تكريمات وجوائز.. اعتراف عالمي ومحلي

نالت فاتن حمامة عشرات الجوائز والتكريمات تقديرًا لموهبتها وحرصها على تقديم فن راقٍ، منها:

جائزة أفضل ممثلة من مهرجان طهران الدولي، جائزة أفضل ممثلة من مهرجان جاكرتا، جائزة "نجمة القرن" من منظمة الكتاب والنقاد المصريين، دكتوراه فخرية من الجامعة الأمريكية ببيروت عام 2013، وسام الفنون والآداب من فرنسا.

الرحيل في صمت.. لكن صوتها لا يزال حيًا

 

في 17 يناير 2015، غابت فاتن حمامة عن عالمنا إثر أزمة صحية عن عمر ناهز 83 عامًا. رحلت في هدوء كما عاشت، لكن ظلت سيرتها تتردد في كل بيت، وكل لقاء عن الفن الأصيل.

 

خرجت جنازتها من مسجد الحصري بمدينة السادس من أكتوبر وسط حضور فني وجماهيري كبير، مودعين واحدة من أنبل من عرفتهم الشاشة العربية.

إرث لا يُنسى.. مدرسة في الفن والخلق

 

بموهبتها وثقافتها واحترافها، أرست فاتن حمامة قواعد فنية وأخلاقية لا تزال تُدرَّس حتى اليوم. لم تكن مجرد فنانة، بل كانت صوت المرأة الواعية، والضمير الحي للفن. وفي كل ذكرى لميلادها، يعود جمهورها ليتأمل أعمالها، ويتذكر قيمة فنية وإنسانية قلّ أن تتكرر.

 

رحلت فاتن حمامة، لكن أعمالها لا تزال تنطق بالحياة، واسمها محفور في الذاكرة العربية كأعظم من أنجبتهم الشاشة المصرية.

مقالات مشابهة

  • القصة الكاملة لمهاجمة طفلي زينة داخل كمبوند فاخر
  • نيويورك تايمز: ترامب وعائلته استغلوا البيت الأبيض تجاريا
  • فاتن حمامة.. سيدة الشاشة التي صنعت مجد السينما المصرية وقلوب الجماهير لا تزال تنبض باسمها
  • قصور الثقافة تقدم عرض "موعد مع أمس" ضمن الموسم المسرحي بكفر الشيخ
  • غدا.. قصور الثقافة تقدم الأوبريت الغنائي "بنت مصر" ببورسعيد
  • القصة مش بسيطة زي ما الناس متخيلة.. عمرو أديب يكشف مفاجأة بشأن وفاة أحمد الدجوي
  • فتاة تنتحر بعد تعذيب قاسٍ من زوجها وعائلته
  • تفاصيل مفاوضات التصالح بين أحمد الدجوي وعائلته قبل وفاته
  • القصة الكاملة لوفاة 3 عمال إثر سقوطهم في بيارة صرف صحي بالإسماعيلية
  • عاجل- ترامب يفجّر مفاجأة: "أخبار سارة قريبة بشأن إيران وحماس".. ما القصة؟