الدانمارك ثاني أسعد بلد يهجّر المهاجرين بقوة قانون الغيتو
تاريخ النشر: 28th, May 2025 GMT
وقد سلطت حلقة (2025/5/28) من برنامج "مواطنون درجة ثانية" الضوء على المفارقة الصارخة بين صورة الدانمارك النموذجية وواقع المواطنين من أصول غير غربية المهددين بالتهجير القسري من أحيائهم.
وبدأت هذه المشكلة منذ عقود، حيث شهدت الدانمارك موجة هجرة عمالية كبيرة في الخمسينيات والستينيات، مما أدى لاستقرار المهاجرين في مناطق سكنية ميسورة التكلفة.
ومع مرور الوقت، تزايدت القيود على هذه المناطق، ففي عام 2010، شرعت الحكومة قانونا للسكن أطلقت فيه مصطلح "الغيتو" على الأحياء ذات الأغلبية المهاجرة، معرفة إياها بأنها المناطق التي تتجاوز فيها نسبة السكان غير الغربيين 50%، مع معدل بطالة 40% على الأقل.
ولم تكتفِ السلطات بهذا الإجراء، بل زادت القيود صرامة عام 2018 عندما أقرت حكومة رئيس الوزراء السابق لارس لوكه راسموسن 22 قانونا تهدف لهدم أحياء الغيتو بالكامل بحلول 2030 ونقل سكانها إلى مناطق متفرقة.
وتنفيذا لهذه الخطة، بدأت الحكومة فعليا بهدم ألف وحدة سكنية في حي فولسموسة الواقع في مدينة أودنسه، مما يعني ترحيل ألف عائلة قسرا.
ولم يتوقف الأمر عند ترحيل السكان فحسب، بل تم تصنيف هذه المناطق بتقسيم المواطنين أنفسهم، حيث تقسم الحكومة الدانماركية العالم إلى دول غربية (الاتحاد الأوروبي وأميركا الشمالية وأستراليا) وأخرى غير غربية.
إعلانونتيجة لهذا التقسيم، فإن كل من كان أحد والديه من دولة "غير غربية" يُصنف رسميا كـ"دانماركي غير غربي" حتى لو ولد في الدانمارك وحمل جنسيتها.
وفي مواجهة هذا الواقع القاسي، تروي العائلات المتضررة قصص معاناتها بكلمات مؤثرة: "الناس تختفي وراء بعض، والأطفال تتساءل: لماذا ننتقل؟ نحن مبسوطون في منطقتنا".
ويشرح متضرر آخر معاناته بقوله "عندما تتخيل أنك عشت مع أشخاص سنوات، فعلا شيء قاس، بيتك الذي سكنته عمرك، حياتك الاجتماعية، أهلك، عائلتك، صعب جدا".
وللتعمق أكثر في هذه المأساة الإنسانية، قابل فريق البرنامج عائلة فلسطينية هي آخر من تبقى في إحدى البنايات المحكوم عليها بالهدم، حيث يقول لؤي بإصرار "قالوا لي ممكن الآن ننتقل على بناء آخر، أنا قلت لهم لا، أنا مبسوط، أنا عايش هنا".
سخط شعبي
لم تمر هذه القوانين مرور الكرام، فقد أثارت سخطا شعبيا وتظاهرات في الشارع الدانماركي، كما دفعت بالمتضررين للجوء إلى القضاء.
وفي هذا السياق، يقول أحد المحامين المعنيين بالطعن ضد القانون: "إذا فزنا بهذا الموضوع في المحكمة الأوروبية، فالمتضررون يمكنهم طلب تعويضات".
وتأكيدا لخطورة هذه السياسات، يشير تقرير المركز الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى أن استخدام مصطلح "الغيتو" يخلق تصورا خاطئا، خاصة أن الأبحاث أظهرت أن قلة فقط من الأشخاص غير دانماركيي الأصل يفضلون العيش في أحياء ذات غالبية من خلفيات مشابهة.
ورغم خطورة القضية وتداعياتها الإنسانية، حاول فريق البرنامج التواصل مع مسؤولين حكوميين، إلا أنهم جميعا رفضوا بذريعة وجود قضية في المحكمة الأوروبية.
ومن المفارقة فقد كان الوحيد الذي تحدث مع "مواطن من الدرجة الثانية" هو السياسي اليميني راسموس بالودان -المعروف بإساءاته للإسلام- والذي صرح بوضوح أن الحل من وجهة نظره هو ليس توزيع المهاجرين في البلد، بل ترحيلهم من الدانمارك نهائيا.
إعلانجدير بالذكر أن مشكلة التمييز السكاني لا تقتصر على الدانمارك فحسب، بل تتجاوزها لتشمل أنحاء أوروبا، وهو ما تظهره حادثة حريق برج غرينفيل في لندن وأحداث ضواحي باريس المتكررة.
ورغم "التمييز المؤسسي"، فإن هذه الأحياء المهمشة خرج منها شخصيات بارزة استطاعت أن تترك بصمة مؤثرة في مختلف المجالات، وهو أمر يتعارض مع الادعاءات العنصرية حول إمكانيات سكان هذه المناطق وقدراتهم.
الصادق البديري28/5/2025المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
استطلاع يكشف شعور البريطانيين تجاه المهاجرين المسلمين وتأثيرهم على المملكة
كشف استطلاع رأي جديد، عن شعور البريطانيين تجاه المهاجرين المسلمين وتأثيرهم على المملكة المتحدة، وذلك قبل تجمع وصفته الجماعة الأحمدية المسلمين بأنه أكبر مؤتمر إسلامي في بريطانيا في هامبشاير.
وأشار الاستطلاع الذي نشرته وكالة الأنباء البريطانية "بي إيه ميديا"، إلى أنّ أربعة من كل عشرة بريطانيين يشعرون بأن المهاجرين المسلمين لديهم تأثير سلبي على المملكة المتحدة، وأن أكثر من نصفهم يعتقدون أن الإسلام غير متوافق مع القيم البريطانية.
ووصف أحد الأئمة في بريطانيا تلك النتائج بأنها "تثير القلق بشكل عميق، وتظهر مستويات عالية من المشاعر المعادية للمسلمين في بريطانيا".
وقال منظمو المؤتمر الإسلامي في بريطانيا إنّه "هذا العام يفتح أبوابه أمام المتشككين في الإسلام، وهؤلاء الذين لديهم أي تساؤلات بشأن الدين"، منوهين على أنه من المقرر أن يحضر اثنان من الناخبين الإصلاحيين في المملكة المتحدة لسماع المزيد عن الدين، ومن المتوقع أن يحضره 49 ألفا من أتباع الطائفة.
وأجرى معهد يوغوف استطلاعا لآراء 2130 بالغا في بريطانيا العظمى في منتصف تموز/ يوليو الجاري وسأل المشاركين فيه عما إذا كانوا يشعرون أن مجموعات مختلفة من المهاجرين حسب الدين بشكل عام، لديها تأثير إيجابي أو سلبي على المملكة المتحدة.
وقال 41% من المستطلعة آراؤهم إنّ المهاجرين المسلمين لديهم تأثير سلبي، لكن نسب هؤلاء الذين يشعرون بتلك الطريقة كانت أقل بكثير بالنسبة للمجموعات الأخرى.
وأعرب حوالي 15% عن نفس الشعور تجاه المهاجرين الهندوس و14% تجاه المهاجرين السيخ و13% تجاه المهاجرين اليهود و7% تجاه المهاجرين المسيحيين.
ويشعر أقل من الربع بقليل (24%) من المشاركين في الاستطلاع أن المهاجرين المسلمين لديهم تأثير إيجابي على المملكة المتحدة، وهي نسبة أقل من أي من الديانات الأخرى المذكورة.
وذكر حوالي 53% من هؤلاء المشاركين في الاستطلاع أنهم يعتقدون أن الإسلام غير متوافق مع القيم البريطانية، بينما ذكر 25% أنه متوافق و22% ذكروا أنهم لا يعرفون.