لسنوات عديدة شكّل القطاع المصرفي ركيزة رئيسية وكان بمثابة العمود الفقري للاقتصاد اللبناني، الا انه منذ عام 2019 يُعاني من أسوأ أزمة في تاريخه نتيجة الانهيار المالي والاقتصادي الذي عصف بالبلاد، فإلى جانب نقص السيولة وحجز أموال المودعين، عمدت المصارف إلى التخفيف من مصاريفها التشغيلية عبر إقفال فروع لها وبالتالي صرف موظفين.


 
عمليات صرف الموظفين بدأت منذ عام 2019 ولا زالت مُستمرة، فبعد موجة صرف حُكي عنها في أواخر عام 2023، انتشرت أخبار في الأيام القليلة الماضية عن نية أحد المصارف صرف 40 بالمئة من موظفيه، مُبرراً ذلك بأن خطّة تقليص حجم المصرف كانت موجودة قبل الأزمة المالية، إذ ان هناك فروعاً لا لزوم لها في بعض المناطق حيث يوجد أكثر من فرع، وأصبح هناك ضرورة اليوم لتفعيل هذه الخطة مقارنة مع حجم الأعمال المتدنّي.
 
وتُفيد المعلومات بأن التعويضات التي يدفعها هذا المصرف للموظفين المصروفين مُرتفعة، وهو ما دفع بموظفين آخرين إلى تقديم استقالاتهم للاستفادة من هذه الفرصة، ولا سيما الذين لم يتبقَّ لديهم سنوات خدمة كثيرة قبل بلوغ سن التقاعد. فما صحة هذه الأخبار؟ وما هو وضع موظفي المصارف حالياً بعد مرور نحو 5 سنوات على انهيار هذا القطاع؟
 
في هذا الإطار، يوضح رئيس نقابة موظّفي المصارف ابراهيم باسيل في حديث عبر "لبنان 24" أن "ما حُكي مؤخرا عن عملية صرف موظفين في أحد البنوك مرده إلى ان المصرف المذكور اتخذ قرارا بتقليص النفقات عبر إقفال عدد من فروعه وتقليل عدد العاملين وذلك بالإتفاق مع الموظفين الذين قبلوا بالتعويضات المُقدمة كونها مُرتفعة".
 
وأكد باسيل ان "النقابة لم تتبلّغ بأي شكوى من العاملين المصروفين وبالتالي لا يمكنها التحرّك إلا في حال وجود شكوى".
 
وقال باسيل: "هناك عملية صرف مُبطنة للموظفين مُستمرة منذ سنوات، ولا أحد يملك الأرقام الحقيقية لأعداد المصروفين ومن المُفترض ان تكون التعويضات المُقدمة وفق قانون العمل وليس وفق أي بروتوكولات أخرى".
 
وأوضح ان "المصرف الذي يتخذ قرار صرف موظفين عليه إبلاغ وزارة العمل ثم عقد اتفاق مع الموظفين بشأن التعويضات كي تكون عادلة ولكن هذا الأمر لا يُطبق حاليا".
 
ويُشير باسيل إلى انه "في نهاية عام 2019 كان عدد العاملين في القطاع المصرفي يبلغ نحو 24 ألف موظف أما الآن فأصبح العدد أقل من 12 ألف موظف أي ان نسبة من غادر القطاع تبلغ نحو 42 %".
 
وأشار إلى أن "بعض الموظفين رأوا ان هذا القطاع لم يعد يُلبي طموحاتهم فقرروا الاستقالة وهناك من هاجر إلى الخارج وثمة من تمّ صرفه وقبض تعويضه وثمة من أُجبر على الاستقالة".
 
ويؤكد باسيل ان "موظف المصرف هو الأكثر غبنا كونه خسر أمواله في المصارف، حاله حال سائر المودعين وبين عمله والضغط الذي يشعر به نتيجة الأزمة الحاصلة".
 
ورأى انه "طالما لم يتم إعادة هيكلة المصارف ووضع استراتيجية للإصلاح المالي الأزمة ستستمر والمصارف مُضطرة لخفض عدد موظفيها وإقفال عدد من فروعها بما انها فقدت وظيفتها والخدمة التي كانت تبيعها للزبون لم تعد تملكها".
 
وشدد باسيل على ان "هناك "مجزرة" تُرتكب بحق موظفي المصارف المصروفين فهُم من دون ودائع ومن دون تعويضات مُنصفة ولاسيما الموظف الذي عمل 25 سنة في هذا القطاع وصُرف من عمله وبالتالي أصبح من الصعب جدا ان يجد عملا جديدا"، مُشيراً إلى ان "الرواتب في القطاع المصرفي لا تزال بالليرة اللبنانية الا ان بعض إدارات المصارف قررت في بداية السنة الحالية دفع نسبة 20 بالمئة من الراتب بالدولار".
 
ماذا عن إعادة هيكلة المصارف؟
بدوره، اعتبر الخبير في المخاطر المصرفية والباحث في الاقتصاد الدكتور محمد فحيلي ان "ما يحصل في القطاع المصرفي هدفه التخفيف من المصاريف التشغيلية لأن قدرة المصارف التجارية على تحصيل إيرادات أصبحت صعبة جدا بعد توقف القروض كما خف التعاطي معها عقب الأزمة"، مُشيرا إلى ان "إيرادات المصارف اليوم تأتي من العمولات بنسبة 90 بالمئة وهي تحاول قدر المُستطاع الاستمرار في الخدمة والبقاء على "قيد الحياة".
 
وتابع فحيلي في حديث لـ "لبنان 24": "المصاريف التشغيلية تتأتى من الفروع والموظفين لذا تم إقفال العديد من الفروع وصرف موظفين من الخدمة وهذا أمر طبيعي بوجود أزمة بحجم الأزمة التي يُعاني منها القطاع المصرفي في لبنان".
 
وعن ضرورة إعادة هيكلة المصارف، قال فحيلي: "نحن اليوم في وضع المطلوب فيه من كافة مكونات القطاع الاقتصادي اللبناني وأيضا من الوزارات التي تُقدم خدمات تصويب الأداء وليس إعادة الهيكلة".
 
وأوضح ان "تصويب الأداء لا يعني ان المطلوب من الدولة اليوم صرف موظفين من الخدمة بل تقديم خدمات للمواطنين والتي هي اليوم مفقودة لذا المطلوب تصويب الأداء لأن إعادة الهيكلة في الوقت الحالي ستؤدي لأزمة اجتماعية مُتفاقمة لبنان بغنى عنها وهذا الأمر ينطبق أيضا على مكونات القطاع الخاص".
 
وتابع: "المصارف حاليا تخفف من المصاريف التشغيلية وهذا أمر ضروري ولكن إعادة الهيكلة لا يمكن المباشرة فيها الآن لأنها تحتاج لتمويل وموارد وهذان الأمران غير متوفرين حاليا".
 
وجدد التأكيد ان "تصويب الأداء اليوم هو الأهم وإطلاق عجلة ترميم الثقة من خلال التواصل الإيجابي والشفاف مع المواطن اللبناني او المودع ينفع أكثر وهذا ما نحن بحاجة له للتخفيف من التداعيات الاجتماعية".
 
وأخيرا لا بد من الإشارة إلى ان عدد فروع المصارف التجارية في لبنان تراجع من 1090 فرعًا في بداية الأزمة إلى 710 فروع أي تمّ إقفال نحو 280 فرعاً إستناداً الى تقرير المؤشرات المصرفية الصادر عن جمعية المصارف في لبنان لغاية نيسان 2023، وبالتالي العمل في مصرف الوظيفة التي كانت تُعتبر "الوظيفة الحلم" للعديد من اللبنانيين جراء التقديمات والتسهيلات التي تميزت بها قبل الأزمة تحوّلت إلى كابوس يؤرق من يعمل فيها.

المصدر: لبنان 24

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: القطاع المصرفی إعادة هیکلة صرف موظفین فی المصارف إلى ان

إقرأ أيضاً:

انهيار 3 مبانٍ وغرق آلاف الخيام في غزة وسط أمطار غزيرة وأزمة إنسانية حادة

أكد الدفاع المدني في قطاع غزة يوم الخميس انهيار ثلاثة مبانٍ في مدينة غزة نتيجة الأمطار الغزيرة المصاحبة للمنخفض الجوي الذي يضرب المنطقة، دون وقوع إصابات، وحذر من مخاطر انهيار المباني المتضررة والآيلة للسقوط.

وأضاف المتحدث باسم الدفاع المدني، محمود بصل، أن آلاف الخيام غُمرت بالمياه منذ فجر الأربعاء، وأن فرق الطوارئ تلقت خلال 24 ساعة أكثر من 2500 نداء استغاثة من نازحين يواجهون أوضاعًا إنسانية قاسية نتيجة انعدام مقومات الحياة وتراجع الخدمات الأساسية بفعل الحصار الإسرائيلي.

ويؤثر المنخفض الجوي على فلسطين منذ فجر الأربعاء، ترافقه كتلة هوائية باردة أدت إلى انخفاض ملموس في درجات الحرارة وتساقط زخات غزيرة على مختلف المناطق، مع تزايد مخاطر الانهيارات نتيجة وجود مئات المنازل المدمرة جزئيًا أو الآيلة للسقوط نتيجة القصف الإسرائيلي خلال الحرب في قطاع غزة.

وفي سياق متصل، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية يوم الجمعة بأن الولايات المتحدة طالبت تل أبيب بتحمل تكاليف إزالة الأنقاض من غزة، وأوضحت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن إسرائيل وافقت مبدئيًا على دفع تكاليف العملية الهندسية الضخمة التي قد تتجاوز مليار دولار، على أن تبدأ بإخلاء منطقة في رفح جنوبي القطاع تمهيدًا لإعادة الإعمار.

وأشار المصدر إلى أن إزالة الأنقاض تُعد شرطًا أساسياً لبدء أعمال إعادة الإعمار ضمن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار الذي رعته الولايات المتحدة، مع رغبة واشنطن في تحويل رفح إلى نموذج ناجح لإعادة تأهيل القطاع وجذب السكان قبل البدء في إعادة بناء المناطق الأخرى لاحقًا.

اندلعت الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023 عندما أعلنت حركة “حماس” بدء عملية “طوفان الأقصى”، وردّت إسرائيل بإعلان حالة الحرب وشنّ حملة عسكرية واسعة النطاق شملت قصفًا مكثفًا وعمليات برية داخل القطاع، ما أدى إلى كارثة إنسانية واسعة. وأسفرت جهود الوساطات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها مصر وقطر بدعم أمريكي، عن التوصل إلى اتفاق هدنة إنسانية دخل حيّز التنفيذ في 10 أكتوبر شمل وقف العمليات وإدخال مساعدات عاجلة وإطلاق دفعات من المحتجزين.

مقالات مشابهة

  • رابطة موظفي الإدارة العامة تدعو إلى الإضراب لثلاثة أيام وتحذر من خطوات تصعيدية
  • باسيل: المشهد الذي رأيناه الاسبوع الماضي هو نوع من احتلال جديد للبنان
  • الإغاثة الطبية في غزة تحذر: الأزمة الإنسانية تتفاقم
  • علامة استفهام كبيرة.. إعلامي يثير الجدل بشأن نجم الزمالك..ماذا حدث؟
  • المباراة الوداعية و4 نجوم يدعمونه..ماذا ينتظر محمد صلاح في قلعة آنفيلد
  • تحرّكات في الجنوب... ماذا قال موقع إسرائيليّ عن عناصر حزب الله؟
  • باسيل في ذكرى جبران تويني وفرنسوا الحاج: أرواحهم ما زالت تقاتل فينا
  • انهيار 3 مبانٍ وغرق آلاف الخيام في غزة وسط أمطار غزيرة وأزمة إنسانية حادة
  • باسيل: على الحزب الاعتراف انه لم يعد قادرا على حماية لبنان
  • بري: تصريحات الموفد الأمريكي عن ضم لبنان لسوريا غلطة كبيرة