لم يسبق أن امتلك مخرجا تلفزيونيا سوريا جرأة القول بأن الدراما في بلاده تحوّلت إلى "مهنة للاسترزاق، وصار من الصعب تقديم فن حقيقي من خلالها".

وهو ما صرح به المخرج السوري مؤمن الملّا، فأثار بقوله ذلك الجدل. لذا، سنستهل حوار الجزيرة نت معه بسؤاله: متى تصبح الدراما استرزاقا ومتى تمكن إضافة قيمة فنية وحياتية لها؟ فيجيب: "جميع صناع دراما بلادنا يعلمون أن الهدف الأول هو الاسترزاق، وعلينا نحن الصناع أن نقدم -في أثناء تحصيلنا لقمة عيشنا- متعة وتسلية ونحاول تضمين مادّتنا الدرامية قيمة مفيدة، علها ترخي بظلالها على المجتمع رغم كل الصعوبات، فالرقابة كسيحة، ولدينا مشاكل كبيرة مع رأس المال أصلا، وغيرها من ظروف صعبة! شخصيا، أجرّب طرح مضمون إنساني عميق في مهنة أسترزق منها".

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4حريق هائل في أستوديو الأهرام يلتهم ديكور مسلسل "المعلم" و 3 بنايات مجاورةlist 2 of 4بسبب طفل فلسطيني شهيد.. مسلسل “لانش بوكس” يثير غضب المشاهدينlist 3 of 4"الحشاشين".. جدل تاريخي حول مسلسل لم يرقَ إلى مستوى التطلعاتlist 4 of 4بعدما نشرت أغنية "المداح" الرعب بين المشاهدين.. كيف نجح المسلسل؟end of list

في هذا الموسم يحضر الملا للمرة الأولى بعيدا عن أجواء البيئة الشامية التي اعتادها الجمهور منه، خاصة أنه سبق أن خاض تجربة طويلة مع هذا النوع من الدراما.

لكن يبدو أن الصفحة طويت بالنسبة للمخرج مؤمن الملا، إذ يقدم هذا العام مسلسل "أغمض عينيك" من كتابة لؤي النوري وأحمد الملا وبطولة عبد المنعم عمايري، وأمل عرفة، ومنى واصف، وأحمد الأحمد، ويعرض على منصة "شاهد" والتلفزيون السعودي.

وعن إغلاق صفحة الدراما الشامية إلى أجل غير مسمى، يقول الملا إن "أي جهة أو فرد يعمل في المجال الفني لا يمكن له الاستمرار من دون خطة لتطوير مهاراته أو قدراته وفاعليته، ومن المؤكد أنه سيصبح خارج المعادلة. لذا، يمكن اعتبار (أغمض عينيك) ولادة جديدة لي، ومن المؤكد أن الهدف هو الابتعاد عن التكرار، لأن النتيجة ستكون الفشل".

ويتابع "في ما يتعلق بالدراما الشامية أو الشعبية -كما أحب تسميتها بالدرجة الأولى بذريعة ما تنضوي عليه من فانتازيا في الحكاية- فطالما أنني لا أملك الجديد بعد سنوات من طرح الحكايات التي لاقت جماهيرية كبيرة، كان لا بد من البحث عن حكاية جديدة تستحق تبنيها والاهتمام فيها، وإذا لم أكن جديرا بالمحاولة، فلن أكرر التجربة".

المخرج مؤمن الملا (ويكيبيديا) أزمة تواصل

يقدم "أغمض عينيك" موضوعا حساسا وشائكا، ويغوص في قضية إنسانية خالصة، إذ تدور حكايته حول "جود" الطفل المصاب بطيف التوّحد، ويعاني صعوبات حسية في التواصل والكلام. يعيش مع والدته "حياة وحيدا بعدما هجرهما والده. تضطر الأم لتركه وحده في وجه هذا العالم الموحش. وتقع هذه المهمة الشاقة على عاتق "مؤنس" الرجل الخمسيني الذي يعمل أستاذ رياضيات وتتّسم سلوكياته باللطافة والمسالمة والودّ نحو الجميع، وقد صار وحيدا بعد فقدانه زوجته وابنه الصغير في حادث سيارة. يتشكّل بين جود ومؤنس رابط قوي غير مفهوم، لكن الثاني سيصطدم بكثير من التحديات لإبقاء الطفل في أيد أمينة.

من هنا تبدأ رحلة جود ومعه مؤنس في مواجهة التحديات المضنية لاستمرار الحياة. يكبر جود بعيدا من والدته ويستطيع أن يصل إلى الدراسة في الجامعة بعد نضال طويل. تختلف الصراعات وتتغير العلاقات بطريقة مفاجئة مع ظهور أشخاص جدد في حياة جود وعودة والدته وتطوّر الأحداث وسط أسئلة عميقة.

إعلان شخصية " حياة " للنجمة #أمل_عرفة من مسلسل #أغمض_عينيك pic.twitter.com/PBN3bCpJch

— سردة .. (@Saqafa_) March 3, 2024

 

عبدالمنعم عمايري استاذ استاااذ♥️♥️♥️
مشاهده مع جود ومشاهده وقت يتذكر ابنه
بمنتهى الإحساس #اغمض_عينيك مسلسل مليان مشاعر
وكتير حب لظهور منى واصف ????#رمضان2024

— حَــسَــن (@zisishasan2) March 14, 2024

وعن سبب اختيار الموضوعات الصعبة المتعلقة بطفل مصاب بطيف التوحد، يوضح مخرج العمل أنه "منذ سنوات بت أطرح على نفسي سؤالا لم أجد له إجابة دقيقة، حول ضعف التواصل بين الأشخاص في أغلب الحالات. وهو ما قادني نحو اضطراب طيف التوحد، إذ يوصف بأنه إعاقة في التواصل".

وتابع الملا "درست هذا الموضوع مع فريقي، وتبين معي أنه ربما يعاني جميع البشر من مشاكل في التواصل، لكن البعض يتم تشخصيه باضطراب طيف التوحد، هنا وجدت من الضروري تقديم عمل يتحدث عن مثل هذا الاختلاف، ليحكي عن هؤلاء الذين يعانون مشكلة تواصل، ولا يوجد أمامهم إلا حل وحيد يتمثّل في إحاطتهم بالحب، إذ لا يمكن تجاوز هذه الإعاقة إلا بشعور الدفء والطمأنينة، من هنا انطلقت فكرة مسلسل (أغمض عينيك) لتضمين مجموعة من الرسائل، وعلى رأسها أننا جميعنا مختلفون لكن دعونا نحل هذه المشكلة بجرعة زائدة من الحب نقدمها لبعضنا".

حالة خاصة جدا

وفق هذا السياق، يبدو تقديم "أغمض عينيك" ما يشبه السباحة عكس التيّار والابتعاد عن منطق التشويق وفق القواعد التسويقية، فيقول الملا "ليكن ذلك! من خلال مراقبة الدراما التلفزيونية وتحديدا السورية يبدو واضحا انغماس غالبية أعمالها بما يعرف بـ(الفيميه) أي: العنف، الدم، الخيانة.. ولا أعرف لماذا هذا التهافت حول نوع واحد من الموضوعات بقصد خلق الإثارة. طيّب، السؤال الذي يجب أن نطرحه: أين الوجه الأبيض في حياتنا الذي لا يزال موجودا رغم كل الشقاء؟! وفقا لهذا لا بد من الجنوح بعيدا عن القسوة والعنف".

وعلى الرغم من المخاطرة عند إنتاج مثل هذه الأعمال لمواجهتها صعوبات تسويقية بليغة، فإن "أغمض عينيك" تمكّن من الحضور هذا الموسم على منصّة "شاهد" والتلفزيون السعودي ومجموعة محطّات أخرى، يعّقب مخرج العمل على الموضوع بالقول: "كنت خائفا جدا من الذوق العام للمتلقي بعد سنوات من سيطرة أعمال الإثارة، لكن فوجئت بوجود رغبة حقيقية لكثير من المحطات والمنصات لمثل هذا النوع من الدراما، وهذا يخلق حماسا فائضا ورغبة عميقة للمضي قدما بمشاريع إنسانية مشابهة".

وعن مشاريعه التلفزيونية القادمة، أوضح الملا "لدي توجه أن أضع يدي بيد الشباب الماهرين مع إبقاء التركيز على الأعمال النوعية التي لا تشبه الأعمال السائدة حاليا، وسنقدم عملا هو المشروع الواعد الشبابي الذي يرقى لما نفكر فيه في عقلنا وما نحس به في قلبنا، وما نملكه من مهارات في هذه الصناعة، وسيكون الإعلان عنه قريبا".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات أغمض عینیک

إقرأ أيضاً:

في ذكرى ميلاد زهرة العلا.. الوجه الهادئ الذي أضاء الشاشة وأسر القلوب رغم العزلة والنهاية الحزينة

في كل عام تحل ذكرى ميلاد الفنانة الراقية زهرة العلا، حاملة معها عبق زمن الفن الجميل، حيث الأدوار المخلدة والوجوه التي لم تغب عن ذاكرة الشاشة، ولدت زهرة العلا في العاشر من يونيو عام 1934، لتصبح لاحقًا واحدة من أيقونات السينما المصرية في القرن العشرين، بفضل رقتها، وتنوع أدوارها، وحضورها الهادئ الجذاب. 

وبين محطات النشأة والبدايات، وأعمالها الفنية المتنوعة، وحتى لحظات المرض والوفاة، كانت زهرة العلا تجسد رحلة فنية وإنسانية جديرة بالتأمل والاحتفاء.

النشأة والبدايات الفنية

 

وُلدت زهرة العلا في حي محرم بك بمدينة الإسكندرية، قبل أن تنتقل مع أسرتها إلى مدينة المحلة الكبرى، ومنها إلى القاهرة، بسبب ظروف عمل والدها الذي كان موظفًا حكوميًا. 

 

ظهرت موهبتها الفنية مبكرًا، فالتحقت بالمعهد العالي للفنون المسرحية وتخرجت منه عام 1954، وهو ما مهد لها الطريق نحو الاحتراف.

 

انضمت إلى فرقة يوسف وهبي المسرحية، ثم إلى فرقة زكي طليمات، حيث برزت في عروض مسرحية عديدة، من بينها "البخيل"، و"مريض بالوهم"، و"حورية من المريخ"، وهو ما عزز من ثقتها في نفسها كممثلة قادرة على أداء أدوار مركبة أمام جمهور حي.

بزوغ نجمها في السينما

 

دخلت زهرة العلا إلى عالم السينما في منتصف الخمسينيات، وكان أول أفلامها "خدعني أبي" عام 1954. ومنذ تلك اللحظة، بدأ نجمها في الصعود، لتصبح واحدة من أكثر نجمات السينما المصرية حضورًا في ذلك الزمن. تنوعت أدوارها بين الكوميديا والتراجيديا والرومانسية، وشاركت في أكثر من 120 فيلمًا، بالإضافة إلى أكثر من 50 مسلسلًا تلفزيونيًا.

 

من بين أبرز أفلامها التي لا تُنسى: "دعاء الكروان" مع فاتن حمامة، "جميلة بوحريد" الذي جسدت فيه شخصية مؤثرة، و"في بيتنا رجل"، و"الوسادة الخالية" إلى جانب عبد الحليم حافظ، و"سر طاقية الإخفاء" الذي ما زال يبهج الأجيال حتى اليوم.

حياتها الشخصية وزيجاتها

 

لم تكن حياة زهرة العلا الشخصية أقل إثارة من مشوارها الفني، فقد تزوجت أربع مرات، كانت أبرزها من النجم صلاح ذو الفقار، وذلك أثناء تصوير فيلم "جميلة بوحريد" عام 1957، إلا أن هذا الزواج لم يستمر طويلًا وانتهى بالطلاق عام 1958.

 

زواجها الثاني كان من المخرج حسن الصيفي، الذي كان له تأثير كبير في حياتها، وأنجبت منه ابنتها منال الصيفي، التي اقتحمت مجال الإخراج لاحقًا، وابنها عمرو الصيفي.

 

أما الزواج الثالث والرابع فكانا من أقاربها، لكنهما لم يدوما طويلًا، حيث انتهيا بسبب اعتراض الزوجين على استمرارها في العمل بالتمثيل، وهو ما رفضته زهرة العلا التي كانت ترى في الفن رسالتها الأساسية.

سنوات المرض والرحيل الحزين

 

رغم عطائها الطويل في عالم الفن، اختارت زهرة العلا في سنواتها الأخيرة أن تنسحب بهدوء من الأضواء. عانت من مرض الشلل الذي أقعدها عن الحركة، وابتعدت عن الحياة العامة بشكل شبه كامل.

 

توفيت في 18 ديسمبر 2013 عن عمر ناهز 79 عامًا، تاركة خلفها إرثًا فنيًا كبيرًا وحبًا صادقًا في قلوب جمهورها ورغم معاناتها في نهاية حياتها، إلا أن التكريم جاءها في عام 2010، حين زارها الأب بطرس دانيال رئيس المركز الكاثوليكي في منزلها، ليكرمها بدرع تقديرًا لما قدمته من إبداع فني.

مقالات مشابهة

  • وجه مشدود دون جراحة.. تمارين اليوغا لمحاربة التجاعيد والذقن المزدوج
  • وعد تقدم وصفة لجمال الوجه وصفائه: الصلاة في الثلث الأخير من الليل.. فيديو
  • انتظام أعمال النظافة لإعادة الوجه الحضاري بمحافظة الغربية
  • جيهان خليل تكشف أسرار حياتها الفنية والشخصية: من الفلسفة إلى أدوار التحدي في الدراما المصرية
  • فى عيد ميلاده.. قصة زواج محمود عبد المغني وأهم أعماله
  • في ذكرى ميلاد زهرة العلا.. الوجه الهادئ الذي أضاء الشاشة وأسر القلوب رغم العزلة والنهاية الحزينة
  • استشهاد الصحفي مؤمن أبو العوف يرفع حصيلة “شهداء الصحافة” في غزة إلى 227
  • دراسة تكشف الوجه الآخر لروتين البشرة المنتشر بين المراهقات على تيك توك
  • الوجه المظلم لمدينة المضيق الساحلية.. انتشار الخنازير و استفحال البناء العشوائي
  • فهرية أفغان نجمة مسلسل عفت شخص مختلف.. المقتبس عن الدراما الكورية Birth of a Beauty