NYT: الاحتلال حوّل غزة إلى مقبرة كبيرة ودفن الآلاف تحت ركام منازلها
تاريخ النشر: 25th, March 2024 GMT
قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن غزة التي لا تزيد مساحتها على الـ140 ميلا حولها الاحتلال إلى مقبرة خشنة وفي كل مبنى أو بناية دفن تحت ركامها بشر.
وأشارت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21" إلى أن آخر رقم موثق لعدد من دفنوا تحت الركام، هو 7 آلاف شخص، لكن الرقم لم يحدث منذ تشرين الثاني/ نوفمبر وتقول وزارة الصحة ومسؤولي الإغاثة، إن أعدادا أخرى أضيفت إلى الرقم، في الأسابيع والأشهر التي تلت.
وتم دفن البعض بسرعة بدون تسجيل أسمائهم في عداد الموتى، فيما تركت جثث الآخرين لتتعفن في العراء، نظرا لعدم الوصول إليها بسبب خطورة الأوضاع. وهناك من اختفوا وسط الفوضى والقتال والاعتقال الإسرائيلي. أما البقية فيحتمل أنهم لا يزالون عالقين تحت الأنقاض.
وتضاعفت أكوام الأنقاض منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، فبعد كل غارة جوية يتجمع المسعفون أو من يعتقد أنهم مسعفون، وهم أفراد في الدفاع المدني وأفراد العائلة والجيران حيث إنهم يحاولون الحفر وسط حطام البيوت والبنايات. إلا أن الآمال تتلاشى بسرعة، ويعثر عن الأشخاص الذين يبحثون عنهم في الأنقاض بعد أيام وأسابيع أو بعد أشهر.
ويشكل المدفونون تحت الأنقاض حصيلة ظل في غزة ونجمة رمادية في أرقام وزارة الصحة التي سجلت الحصيلة بأكثر من 32,000 ويظلون جرحا مفتوحا لعائلاتهم التي تنتظر معجزة للعثور عليهم. وقد قبلت معظم العائلات بأن المفقودين هم ميتون ومن غير الواضح إن كانت التقديرات الخاصة عن المفقودين تنعكس في الأرقام الرسمية.
ومن الصعوبة بمكان البحث عن جثث في الحطام وسط القصف المتواصل وتبادل إطلاق النار والغارات الجوية. وفي بعض الأحيان تكون عملية البحث صعبة نظرا للمسافة البعيدة التي تفصل أفراد العائلة الذي غادروا بحثا عن أماكن آمنة. وتظهر الصور التي جاءت من غزة، رغبة العائلات في استعادة الموتى يوما ما، فقد كتب على بناية مدمرة "عمر الرياطي وأسامة بدوي تحت الأنقاض".
وقال سالم قاسم الذي فر من بيت حانون نحو جباليا "عائلتي تحت الأنقاض منذ أربعين يوما ولا نستطيع الوصول إليهم". وقال إنه سارع نحو بيت حانون ليكتشف أن بيت والده المكون من ثلاثة طوابق دمر تماما. ولم يستطع العثور على والده ولا زوجة والده وأخواته وأخيه.
وحاول الحفر لكنه توقف بعد تعرض الحي لقصف جديد، وحتى لو استطاع تجنب الجيش الإسرائيلي الموجود في المنطقة فإنه لن يعثر على جثث ولكن على رماد، كما قال.
وعندما تنهار البنايات المتعددة الطوابق فمن الصعب تمشيط تلة الأنقاض بدون آليات ثقيلة وغير المتوفرة في العادة. وتعاني غزة من حصار شامل فرضته إسرائيل ومصر ويحظر دخول المعدات الثقيلة المستخدمة في عمليات الإنقاذ بعد الكوارث الطبيعية مثل الزلازل أو الدمار الشامل.
وقال أحمد أبو شهاب، من الدفاع المدني إنه لا يعرف إلا عن آليتين متوفرتين للحفر. وفي غياب المعدات الثقيلة يعتمد عمال الإنقاذ على المجارف والمثقاب وأيديهم، وهي مهمة قاتمة وطويلة يقوم بها رجال غاضبون أو فاقدون لعائلتهم بدون طعام أو شراب أو فرصة للراحة.
وقال أبو شهاب إنه استخدم وفريقه في الخريف جرافات وحفارات لإخراج العشرات من بناية متعددة الطوابق دمرها القصف، وكانت عملية طويلة ولم يصلوا إلى العالقين في الأنقاض إلا بعد 48 ساعة وكانوا كلهم قد فارقوا الحياة.
وأوضح أحمد إسماعيل، 30 عاما، من مخيم النصيرات أن غارة جوية دمرت في نهاية تشرين الأول/أكتوبر بناية متعددة الطوابق ولم تستطع الجرافات الوصول إلى المكان بسبب ضخامة الركام وصعوبة الطريق. ولم تنج عائلتان في البناية المحاذية ومات العشرات بما فيهم الأطفال.
وقال إسماعيل الذي يعمل ممرضا إن قريبته كانت من بين الموتى، وفرت العائلة الممتدة من حي الشيخ رضوان ولكنها قررت أن توزع نفسها على عدة أماكن، بحسب قول إسماعيل. واستطاع المنقذون إخراج بعض الجثث من الطابق الثاني عبر الحفر بأيديهم، إلا أن قريبة إسماعيل، سلوى، وأحد أولادها وشقيقها محمد لا يزالون تحت الأنقاض، إضافة إلى خمسة أفراد من العائلة التي استضافتهم.
ولم تساعد الجرافة، فبعد أن نظفت الشارع أخبر السائق المنقذين بأن الوقود قد نفد. ولم يعد الاتصال برقم 101، وهو مقابل 911 للطوارئ في أمريكا مجديا، لأن شبكات الاتصال ضعيفة ومتقطعة وغير عاملة. وبدلا من ذلك فقد خاطر العديد من الناس بحياتهم وذهبوا بأنفسهم إلى الدفاع المدني طلبا للمساعدة. وحتى لو وصلوا فإن نقص الوقود واستمرار القتال يعني أن سيارات الإسعاف والدفاع المدني لن تكون قادرة على التحرك في غزة.
كما أن احتلال إسرائيل لشمال غزة ومدينة غزة منع سيارات الإسعاف من الوصول إلى هناك، ولا يمكنهم عمل شيء للرد على مكالمات 101 من تلك المناطق. وقالت المتحدثة باسم الهلال الأحمر الفلسطيني، نبال فرسخ: "للأسف نشعر بالعجز لأننا لا نستطيع الوصول إلى تلك المناطق ولا يزال آلاف الأشخاص عالقين تحت الأنقاض وماتوا الآن على أكبر احتمال بسبب طول المدة".
وكانت نيفين المدهون، 40 عاما، في مدينة رفح في الجنوب عندما علمت أن غارة إسرائيلية ضربت بناية كان فيها شقيقها مجد وعائلته في الشمال. وشعرت بدافعية للذهاب والبحث في الأنقاض مستخدمة يديها، لكنها لم تستطع لأن الجيش الإسرائيلي عزل الشمال عن الجنوب. وذهب أقارب آخرون للبحث حيث ناشدتهم للعثور ولو على ناج واحد. وكانت العملية طويلة حيث عثر على سوار، 14 عاما، لاعبة كرة السلة وكانت تحلم بأن تصبح مدربة.
وتقول: "عندما علمت أنهم ماتوا بدأت بالبكاء والصياح لكن لا أحد يسمعك في مكان غريب" و"لكن عندما قالوا إنهم أخرجوهم شعرت ببعض الراحة لأن الكثيرين لم ينتشلوا". ودفنوا جميعا في مقبرة العائلة ببيت لاهيا، وتأمل في زيارتهم، يوما ما.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية غزة الاحتلال القصف مقابر غزة قصف الاحتلال شهداء صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تحت الأنقاض
إقرأ أيضاً:
إطلاق النار على الدبلوماسيين.. هكذا تتصرف إسرائيل بلا رادع
جنين- مثّل تعرّض أكثر من 32 دبلوماسيا وممثلا لسفارات أوروبية وعربية لإطلاق نار إسرائيلي متعمّد في محيط مخيم جنين شمال الضفة الغربية، ظهر الأربعاء، "صدمة" للفلسطينيين وفي الرأي العام الدولي، كما وصفها مسؤول فلسطيني للجزيرة نت.
كان الوفد في جولة دبلوماسية لتفقد آثار العملية العسكرية الإسرائيلية المستمرة في مخيم جنين منذ يناير/كانون الثاني الماضي، والتي أدت إلى تهجير سكانه، وتدمير عدد كبير من منازله وبنيته التحتية.
وضم الوفد سفراء وقناصل ودبلوماسيين من 32 دولة، بينها مصر والأردن والمغرب والبرتغال والصين والنمسا والبرازيل وبلغاريا وتركيا وإسبانيا وليتوانيا وبولندا وروسيا واليابان ورومانيا والمكسيك وسريلانكا وكندا والهند وتشيلي وفرنسا وبريطانيا، وممثلين عن الاتحاد الأوروبي، برفقة أحمد الديك مستشار وزير الخارجية الفلسطيني.
وبدأت الجولة في محافظة جنين بهدف الاطلاع على الأوضاع الإنسانية والاقتصادية لسكان المدينة والمخيم، في ظل الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة عليها منذ 5 أشهر والمسماة "السور الحديدي".
ووفق الجدول المعلن، فإن الزيارة تضمنت وصول الوفد إلى محيط مخيم جنين للاطلاع على أوضاعه، وتوثيق الإجراءات العسكرية الإسرائيلية فيه، وهو ما تم التنسيق المسبق له والموافقة عليه من سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بحسب وزارة الخارجية الفلسطينية.
إعلانلكن جيش الاحتلال الإسرائيلي فتح النار تجاه السفراء والدبلوماسيين والسياسيين بعد فترة بسيطة من اقترابهم من إحدى البوابات الحديدية التي أقامها على المدخل الشرقي لمخيم جنين قبل شهر.
وقال الديك للجزيرة نت، إن أعضاء الوفد عاشوا "رعبا حقيقيا" و"صدمة كبيرة"، و"لأول مرة جرب هؤلاء الدبلوماسيون شعور المواطن الفلسطيني وما يعيشه بشكل يومي من تهديد لحياته".
وأكد أن إسرائيل كانت على علم مسبق "ومنذ حوالي أسبوع" ببرنامج الزيارة، وما يتخللها من فعاليات، ومن بينها الوصول إلى مخيم جنين والوقوف أمام مداخله.
وقال "بعد وصولنا بربع ساعة فوجئنا بإطلاق الرصاص الحي، لم نعلم إن كان الرصاص بهدف القتل أم لا. حاولوا إفشال البرنامج الذي أعد من فترة وأُبلغ به الجيش الإسرائيلي وتمت الموافقة عليه، فضلا عن برنامج مشابه تم قبل يومين في محافظة طولكرم".
وباسم وزارة الخارجية الفلسطينية، أدان المستشار الديك "هذا العمل غير المبرر، الذي يشكل استمرارا للعدوان الإسرائيلي على فلسطين وشعبها وكل من يحاول مساندته".
سريعا نشر جيش الاحتلال بيانا قال فيه "إن الوفد الدبلوماسي انحرف عن مسار الزيارة المقرر، ودخل منطقة غير مسموح بالدخول إليها". وقال إن "الجنديين اللذين أطلقا الرصاص في الهواء لم يكونا على علم بزيارة الوفد، وأنه سيتم التحقيق في الحادثة".
لكن الخارجية الفلسطينية ردت في بيان شديد اللهجة، وقالت إن "ادعاءات جيش الاحتلال غير صحيحة"، وأكدت أنها أعلنت عن الزيارة منذ 10 أيام، وأن الوفد تحرك باتجاه جنين بسيارات دبلوماسية، وأنه زار أحد مداخل جنين المغلق بسواتر ترابية وانتقل في موكب دبلوماسي إلى إحدى البوابات الحديدية على بعد 500 متر من المدخل الأول.
إعلانوقال أحمد الديك إن الوفد مكث قرابة 15 دقيقة أمام البوابة مستمعا لشرح مفصل من محافظ جنين كمال أبو الرب حول إفراغ المخيم من سكانه وتهجيرهم، وما تبع ذلك من تردي الأوضاع الاقتصادية والصحية والتعليمية في المدينة، كل ذلك بحضور عدد من الصحفيين الذين وثقوا إطلاق النار على الهواء مباشرة بعد ربع ساعة من وصول الوفد إلى المنطقة.
رد على مواقفبحسب الديك، فإن ما حدث "يعكس استخفاف إسرائيل بالمجتمع الدولي، وبالمواثيق الدولية واتفاقيات جنيف، كما يدل على عدم احترام إسرائيل لحصانه الدبلوماسيين".
وأكد أن الحادثة تأتي بعد قراري بريطانيا وكندا فرض عقوبات على إسرائيل "لاستمرارها في إبادة شعبنا في قطاع غزة"، وعقب قرارات هذه الدول بقطع إمدادات السلاح عن إسرائيل "وهو استخفاف بمطالبة دول الاتحاد الأوروبي بوقف الإبادة والحرب على غزة".
وبيّنت مقاطع فيديو لحظات إطلاق الرصاص بشكل مباشر تجاه الوفد، في حين أظهر مقطع لسفير المملكة المغربية وهو على الهواء مباشرة، حين بدأ صوت الرصاص الكثيف، من داخل المخيم، ومحاولة هروب الموجودين للاحتماء منه.
وشكلت الحادثة صدمة كبيرة في الشارع الفلسطيني الذي اعتبر أن إسرائيل وصلت لأقصى درجات الاستهتار بدول العالم وممثليها. وقال مواطنون من جنين إن ما حدث يفسّر استمرار إسرائيل في جرائمها ومجازرها في غزة وعقوباتها في الضفة وخاصة بمخيمات الشمال؛ فهي لا تقيم اعتبارا لأية دولة مهما كان وزنها، وهذا يفسر عدم وجود رادع لأفعالها.
وبالمقابل، استنكرت الدول التي شارك ممثلوها في الزيارة الحادثة، مطالبة إسرائيل بتوضيح ما حدث، في حين استدعت بعض الدول، منها فرنسا وإيطاليا وأيرلندا والبرتغال، سفراء إسرائيل لديها.
ووفق محللين فإن الحادثة أثبتت عكس ما تحاول إسرائيل ترويجه لدول العالم من أنها تقوم بملاحقة من تسميهم "الإرهابيين" في المخيمات الفلسطينية، وأنها لا تنكل بالفلسطينيين في المدن والبلدات والقرى ولا تقيّد حركتهم على حواجزها العسكرية.
إعلانوخلال الزيارة وصف عدد من السفراء والدبلوماسيين الواقع الذي تعيشه جنين ومخيمها بـ"الصعب". وقال سفير الأردن لدى فلسطين عصام البدور في حديثه لوسائل إعلام محلية إن واقع مخيم جنين "أليم ومعقد"، ويجب على العدوان الإسرائيلي أن يتوقف على الفور من أجل إعطاء الفلسطينيين فرصة للعيش بصورة طبيعية كباقي العالم.
وشرح محافظ جنين كمال أبو الرب، لسفراء وممثلي 32 دولة أوروبية وعربية خلال الزيارة لمقر المحافظة في المدينة، الوضع المتردي للنازحين من المخيم، وكذلك التراجع الحاد في الاقتصاد المحلي، وتأثير العملية العسكرية الإسرائيلية على كافة مرافق الحياة في المحافظة.
وقال أبو الرب إن عدد النازحين من مخيم جنين ومحيطه وصل إلى 22 ألفا، في حين دمّر الاحتلال مئات المنازل بشكل كلي في المخيم، ووصلت الخسائر المباشرة إلى 298 مليون شيكل. في حين استشهد 40 مواطنا وأصيب 200 آخرون برصاص الاحتلال منذ بدء الحملة العسكرية.