وسط تناقض دولي.. هل قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار في غزة مُلزم؟
تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT
بعد انتظار دام لأكثر من 5 أشهر تبنى مجلس الأمن الدولي، قرارا بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، اليوم، القرار الذي لاقى ردود أفعال متباينة ما بين احتفاء واستنكار ففي ظل احتفاء عربي بالقرار خرجت الولايات المتحدة لتعلن أنه قرار غير ملزم بينما وصفت روسيا القرار بأنه قرار «فضفاض» ويسهل التلاعب به.
وكانت الولايات المتحدة امتنعت عن التصويت، فيما أضافت روسيا تعديلًا على مشروع القانون وهو كلمة «دائم» في إشارة لوقف النار، ولكن تم فقط الموافقة على التعديل، والتصويت على النسخة الأساسية والتي تنص على الوقف الفوري لإطلاق النار والذي صوت عليها 14 دولة أخرى، كما طالب مجلس الأمن بإفراج فوري وغير مشروط عن جميع الرهائن، وإزالة جميع العوائق أمام تسليم المساعدات.
استنكر الدكتور محمد محمود مهران أستاذ القانون الدولي، عضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي التصريحات الأخيرة للمتحدث باسم الخارجية الأمريكية، والتي زعم فيها أن قرار مجلس الأمن بشأن وقف إطلاق النار في غزة غير ملزم، واصفًا إياها بأنها تتناقض بشكل صارخ مع أحكام القانون الدولي والتزامات الولايات المتحدة كعضو دائم في المجلس، بل تعد ازدواجية في التعامل مع قرارات الشرعية الدولية، وتقوض جهود تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
وكانت الخارجية الأمريكية أعلنت في اعقاب القرار بأن الولايات المتحدة تعتبره «غير ملزم» بعكس ما صرحت به الأمم المتحدة بأنه قانون دولي وملزم، وفقا لتصريحات المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر، خلال مؤتمر صحفي، اليوم: «هذا القرار غير ملزم، وسأترك لخبراء القانون الدولي التعليق بالتفصيل على هذه المسألة».
وشدد ستاذ القانون الدولي، في تصريحاته لـ«الوطن» على أن الالتزام بتنفيذ قرارات مجلس الأمن هو واجب قانوني على جميع الدول دون استثناء، وليس خيارًا متروكًا لتقديرها وأن لقرارات مجلس الأمن طبيعة إلزامية، موضحًا أن المادة 25 من ميثاق الأمم المتحدة تنص صراحةً على أن «يتعهد أعضاء الأمم المتحدة بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها وفق هذا الميثاق»، ما يعني أن جميع الدول الأعضاء ملزمة باحترام وتطبيق هذه القرارات دون استثناء.
كما أن الفصل السابع من الميثاق، ولا سيما المادتين 41 و42، يمنحان مجلس الأمن صلاحيات واسعة لاتخاذ تدابير قسرية في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان، بما في ذلك فرض عقوبات اقتصادية وقطع العلاقات الدبلوماسية وحتى استخدام القوة العسكرية، بهدف حفظ الأمن والسلم الدوليين أو إعادتهما إلى نصابهما.
كيف تنفذ قرارات مجلس الأمن الدولي؟وأكد مهران أن عدم الامتثال لقرارات مجلس الأمن يُعد بحد ذاته تهديدًا للسلم والأمن الدوليين، ويستوجب اتخاذ إجراءات حازمة بحق الدولة المعنية، مشيرًا إلى أن المادة 41 من الميثاق تشير إلى التدابير غير العسكرية التي يمكن فرضها، مثل وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفًا جزئيًا أو كليًا، وقطع العلاقات الدبلوماسية، وفي حال فشل هذه التدابير في ثني الدولة الممتنعة عن موقفها، فالمادة 42 تتيح للمجلس اتخاذ إجراءات عسكرية، عن طريق القوات الجوية والبحرية والبرية، قد تكون لازمة لحفظ السلم والأمن الدوليين أو لإعادتهما إلى نصابهما، مؤكدًا أن الهدف ليس عقاب الدولة المعنية، وإنما إجبارها على الرضوخ للقانون الدولي.
وحذر من التشكيك في إلزامية هذه القرارات إذ يفتح الباب أمام التصرفات الأحادية والاستخدام غير المشروع للقوة، ويشجع الدول على التمادي في انتهاكاتها للقانون الدولي، في ظل غياب آليات المساءلة والردع الفعالة، داعيا الولايات المتحدة إلى مراجعة موقفها والتراجع عن أي تصريحات من شأنها تقويض سلطة مجلس الأمن وهيبة الأمم المتحدة، مؤكدًا أن مصداقية النظام العالمي برمته تتوقف على التزام الجميع، ولا سيما الدول العظمى، باحترام المبادئ والقواعد التي تحكم العلاقات الدولية، وأن التذرع بعدم الإلزامية هو مسلك خطير يتيح للدول الأقوى فرض إرادتها وتغليب مصالحها الضيقة على حساب السلم والأمن الدوليين، في تناقض صارخ مع مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة التي قامت المنظمة من أجلها.
الخارجية المصرية ترحب بالقرار: يشوبه عدم التوازنرحب مصر بـ قرار مجلس الأمن لـ وقف إطلاق النار في قطاع غزة خلال شهر رمضان، للمرة الأولى منذ بدء الأزمة، واعتبرت أن إصدار هذا القرار يمثل خطوة أولى هامة وضرورية لوضع حد لسقوط الضحايا من المدنيين الفلسطينيين، وإتاحة الفرصة لدخول المساعدات الإنسانية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: قرارات مجلس الأمن مجلس الأمن وقف فوري لإطلاق النار قرار وقف إطلاق النار وقف إطلاق النار قرارات مجلس الأمن الولایات المتحدة القانون الدولی الأمم المتحدة الأمن الدولی النار فی غیر ملزم
إقرأ أيضاً:
وسط غضب إسرائيلي ورفض أمريكي.. الأمم المتحدة تصوت بأغلبية ساحقة لوقف فوري لـ«حرب غزة»
صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة، الخميس، لصالح قرار يدعو إلى وقف فوري ودائم وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة، وسط تأييد واسع من الدول الأعضاء، في خطوة تعكس ضغوطًا دولية متزايدة لوقف الحرب المتواصلة منذ أشهر.
القرار، الذي تم تبنيه بأغلبية 149 صوتًا من أصل 193 دولة عضوًا، يشمل كذلك مطالبات بالسماح الفوري بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، والإفراج عن الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس، وإعادة الفلسطينيين المعتقلين لدى إسرائيل، وانسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل من غزة.
في المقابل، رفضت 12 دولة القرار، أبرزها الولايات المتحدة وإسرائيل، إلى جانب الأرجنتين، والمجر، وفيجي، وبابوا غينيا الجديدة، وباراغواي، وميكرونيسيا، وناورو، وبالاو، وتونغا، وتوفالو، كما امتنعت 19 دولة عن التصويت، من بينها الهند، والتشيك، وألبانيا، والإكوادور، والكاميرون، وجورجيا، وجنوب السودان، وتيمور الشرقية، وغيرها.
ويندد القرار باستخدام “تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب، والمنع غير القانوني للمساعدات، وحرمان المدنيين من مقومات البقاء الأساسية”، وفق ما ورد في نصه.
رغم أن قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة غير ملزمة قانونيًا، فإنها تُعد ذات ثقل سياسي وأخلاقي، كونها تعكس الإرادة الدولية، ويأتي هذا التصويت بعد أيام من استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لإجهاض مشروع قرار مماثل، مما عزز من أهمية التصويت في الجمعية العامة التي لا تملك فيها أي دولة حق النقض.
مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة، داني دانون، هاجم القرار واعتبره “فرية دم”، منتقدًا الدول التي دعمته، وقال أمام الجمعية إن “عدم ربط وقف إطلاق النار بالإفراج عن الرهائن يبعث برسالة خطيرة لكل المنظمات الإرهابية حول العالم بأن اختطاف المدنيين مجدٍ”.
ورغم التوافق الدولي الواسع، إلا أن قرارات سابقة مشابهة من الجمعية العامة لم تجد طريقها للتنفيذ، مما يثير تساؤلات بشأن جدوى هذه التحركات الأممية في ظل غياب آليات تنفيذ فعالة ورفض أطراف الصراع للامتثال.
آخر تحديث: 13 يونيو 2025 - 12:42