استمرارا لسلسلة جرائمها البشعة بحق اليمنيين، تستغل مليشيا الحوثي الإرهابية الأوضاع المعيشية المتردية للصيادين في المناطق الساحلية، لتجنيدهم في صفوفها كدروع بشرية لتنفيذ هجماتها ضد السفن التجارية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن وكذا البحر العربي.

منذ نوفمبر من العام الماضي تسببت هجمات مليشيا الحوثي على السفن التجارية بقطع أرزاق آلاف الصيادين الذين يعتمدون على صيد الأسماك كمصدر وحيد للمعيشة، ولم تكتف المليشيا بذلك، بل أصبحت تستغل حاجتهم المعيشية وخبرتهم ومهنتهم المدنية أيضا، في تنفيذ مهام حربية عالية المخاطر وأحيانا تكون مهام انتحارية ضد القوات الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.

 

وكشفت آخر التقارير الإعلامية عن تجنيد المليشيا الحوثية لصيادين تحت ضغط الحاجة إلى فرص عمل بديلة بعد انقطاع مصدر رزقهم الوحيد بسبب هجماتها على السفن، وبحسب ما نشره موقع وكالة "خبر" للأنباء الأحد، فإن عملية تجنيد الصيادين يشرف عليها القيادي الحوثي منصور السعدي المكنى "أبو سجاد"، والذي عينته المليشيا بمسمى "المشرف العام للقوات البحرية".

وفي تفاصيل التقرير الذي نقلت فيه الوكالة هذه المعلومات عن مصدرين مطلعين فضلا عدم الكشف عن هويتهما، فإن السعدي يعقد اجتماعات سرية مستمرة خلال الأسابيع الأخيرة مع خبراء عسكريين من الحرس الثوري الإيراني في مدينة الحديدة، وأن الصيادين المجندين حضروا هذه الاجتماعات قبل أن يتلقوا تدريبات في جزيرة كمران.

وقال التقرير: إن آخر اجتماعات القيادي الحوثي منصور السعدي بضباط الحرس الثوري الإيراني كان يوم الأحد، اليوم الذي نشر فيه التقرير، وأن الاجتماع ناقش خطة تصعيدية لهجمات المليشيا في البحرين الأحمر والعربي، دون تحديد زمان الهجوم أو الأهداف. مشيرا إلى أن المهام الموكلة للصيادين تتمثل في تنفيذ تسللات باتجاه السفن التجارية التي تعبر المياه البحرية اليمنية وكذلك السفن الحربية وتصويرها ورصد حركتها، ونقل معلومات عنها بشكل مباشر إلى مركز عمليات مشتركة مرتبط بالحوثيين. كما تشمل هذه المهام التحرش الناري بالسفن واستهدافها بمقذوفات وزراعة ألغام بحرية وتجهيز قوارب مفخخة مسيرة، إضافة لتنفيذ محاولات اقتحام ضد السفن.

وأوضح التقرير أن القيادي الحوثي السعدي قام بنقل الصيادين المجندين ضمن لقاءاته بضباط الحرس الثوري الإيراني، إلى جزيرة كمران ليتم تدريبهم على زراعة الألغام البحرية وتفخيخ القوارب وإطلاق الزوارق المسيرة المفخخة. وأضاف نقلا عن المصدرين المطلعين إن مليشيا الحوثي تستخدم الصيادين لتنفيذ هذه المهام الحربية كدروع بشرية من جانب، وأيضا لغرض عدم لفت الانتباه إليها، والاستفادة من قضية الصيادين حال الرد عليهم وتعرضهم لمخاطر الاختطاف أو القتل، على اعتبار أن الاستهداف طال صيادين.

استغلال مركّب للصيادين 

هذا الاستغلال السافر للصيادين اليمنيين يعزز ما يقوله اليمنيون المتضررون من ممارسات المليشيا الحوثية التي لا تراعي أي قيم أخلاقية وإنسانية حتى وهي ترتكب الجرائم ضد الشعب اليمني. فبعد أن قطعت أرزاق الصيادين في البحر الأحمر وخليج عدن، وبدلا من تعويضهم، أمعنت في استغلالهم بشكل مضاعف، مرة باستغلال حاجتهم المعيشية وتجنيدهم في صفوفها، ومرة أخرى باستغلال خبرتهم في البحر، ومرة ثالثة باستخدامهم دروعا بشرية، ومرة رابعة باستغلال صفتهم المدنية كصيادين في حال تعرضوا لأي هجوم من قبل القوات الدولية، وهو ما يجعل من استغلال المليشيا الحوثية لهذه الفئة العمالية جريمة مركبة.

ودأبت مليشيا الحوثي إلى استغلال حاجة الصيادين وخبرتهم في البحر منذ أن كانت عمليات التحالف العربي ضدها مستمرة، حيث قتل خمسة صيادين في أغسطس من عام 2018 بغارة جوية لمقاتلات التحالف العربي بالقرب من جزيرة عقبان، للاشتباه في كونهم عناصر حوثية، حيث كانت العناصر الحوثية تزرع الألغام البحرية وتهاجم سفن دول التحالف.

ومنذ بداية هجماتها على السفن التجارية بزعم مناصرة غزة والقضية الفلسطينية، وقعت عدة حوادث استهداف للصيادين في البحر الأحمر أبرزها مقتل الصيادين الثمانية الذين عثر عليهم في يناير الماضي في جزر ذو الحراب بعد حوالي شهر من اختفائهم في ظروف غامضة. واستغلت مليشيا الحوثي تلك الحادثة واتهمت القوات الدولية المتواجدة في البحر الأحمر بقتلهم دون تحديد جنسية تلك القوات. 

وفي مطلع مارس الجاري، استهدفت غارة أمريكية زورقين لصيادين بالقرب من السفينة (روبيمار) التي كانت جانحة في ذلك الوقت على بعد 16 ميلا بحريا غرب المخا على إثر استهدافها من قبل مليشيا الحوثي بصاروخين في 19 فبراير. وأدت الغارة الأمريكية إلى مقتل عدد من الصيادين وفقدان بعضهم، وعلقت وزارة الخارجية في بيان على ذلك قائلة: "بينما تعمل الحكومة اليمنية، عبر خلية الأزمة، على إنقاذ السفينة المنكوبة "ام في روبيمار" لتجنب كارثة بيئية في البحر الأحمر، تفاجأت بهجمات جوية استهدفت زورق لصيادين يمنيين قرب السفينة الجانحة، ما أدى إلى مقتل وفقدان بعض الصيادين وتضرر السفينة". 

ولم تكشف أي جهة عن هوية الصيادين وسبب اقترابهم من السفينة الجانحة، لكن الحكومة اليمنية أعلنت في اليوم التالي غرق السفينة. بينما أصدرت مليشيا الحوثي بيانا عبر الهيئة العامة للمصائد البحرية بنسختها الحوثية، قالت فيه إن الضربة الأمريكية قتلت اثنين من الصيادين أثناء اقترابهم من السفينة روبيمار، معتبرة أن سبب اقتراب الصيادين من السفينة كان لكسب الرزق من خلال ممارسة مهنة الصيد، وهو ما يؤكد استخدام المليشيا لهذه المهنة والبسطاء الذين يعملون فيها لأغراض حربية. وكمثال على استغلالها المركّب للصيادين اليمنيين، استخدمت المليشيا الحوثية مقتل الصيادين لإدانة القوات الأمريكية البريطانية، وقالت في بيانها إن تواجد هذه القوات في البحر الأحمر "يشكل تهديداً خطيراً على حياة الآلاف من الصيادين اليمنيين، ويشكل تهديداً للثروة السمكية والبيئة البحرية".

التمدد نحو البحر العربي

وتسلط هذه الأحداث الضوء على طبيعة ونوع "قواعد الاشتباك" الجديدة التي أعلن عنها المنتحل صفة وزير الدفاع في حكومة مليشيا الحوثي، الذي قال في تصريحات سابقة إن جماعته فرضت قواعد اشتباك جديدة على أمريكا وبريطانيا اللتين تنفذان هجمات جوية على مواقع عسكرية للمليشيا منذ 12 يناير الماضي.

والأحد، كشفت وزارة الداخلية في بيان على موقعها الإلكتروني أن الأجهزة الأمنية بمحافظة المهرة ضبطت ثلاثة أشخاص متهمين في عملية تواصل مع مليشيا الحوثي وبحوزتهم مواد مخدرة وأسلحة ومبلغ مالي كبير.

وقال بيان الداخلية: إن الأشخاص الثلاثة تم القبض عليهم في أحد الفنادق، وأن رجال الأمن عثروا بحوزة المتهمين بعد تفتيشهم على ثلاث قطع سلاح كلاشينكوف وجعبتين ومسدس مكروف وملازم منهجية حوثية وشعارات تابعة للحوثي، ومبلغ 300 ألف ريال سعودي، وخمسة هواتف محمولة أحدها كان بداخله 16 حبة من مخدر الكبتاجون.

وتشير هذه العملية الأمنية إلى محاولات المليشيا الحوثية اختراق المناطق المحررة بتجنيد أشخاص من أبنائها لخدمة مشروعها الطائفي وتنفيذ المشروع الإيراني في اليمن بكل الوسائل والطرق. وما دامت هذه المليشيا تستطيع الوصول إلى أشخاص في المناطق المحررة لتجنيدهم واستقطابهم إلى صفوفها، فإن مخاطر مشروعها الطائفي المتماهي مع مشروع إيران في تصاعد مستمر، وخطورته تطال أعراف وقيم المجتمع اليمني بكل فئاته وفي كل المحافظات.

وإزاء هذا الاستغلال السافر من قبل مليشيا الحوثي للصيادين ومهنتهم الشريفة، ومحاولاتها المتكررة في اختراق المجتمع اليمني في المناطق المحررة لنشر أفكارها السامة وتجنيد أتباع لها، تتزايد المسؤولية على الحكومة والأطراف الممثلة في مجلس القيادة الرئاسي، لترصد الوباء الحوثي وتحصين المجتمع والدولة منه.


المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: الملیشیا الحوثیة المناطق المحررة فی البحر الأحمر السفن التجاریة ملیشیا الحوثی فی المناطق من السفینة

إقرأ أيضاً:

اليمن يتقدّم أولويات إسرائيل .. خطة موسّعة ضد صنعاء

ووفقاً لمعلومات نقلتها القناة، فإن الجهات المختصة في الجيش والأجهزة الاستخباراتية تعمل «على مدار الساعة»، في انتظار الإشارة السياسية للانطلاق، وإن تل أبيب «تعرف كيف تكرّر ما فعلته خلال 12 دقيقة في إيران، وتنفّذه في اليمن»، في إشارة إلى العملية الجوية الخاطفة التي نفذتها إسرائيل ضد منشآت عسكرية إيرانية أخيراً واغتالت خلالها عدداً من القادة العسكريين الإيرانيين.

خطة إسرائيلية لضرب «أنصار الله» في اليمن تعكس تحوّلاً في الأولويات الأمنية، وسط فشل الحسم الأميركي ومأزق الردع في البحر الأحمر.

 وجاء هذا التصريح في سياق تقييم أمني شامل أجراه وزير الأمن الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الذي اعتبر أن غزة واليمن باتا الجبهتين الأكثر سخونة، مقابل فتور نسبي في جبهتي لبنان وسوريا. وبحسب التقديرات الإسرائيلية، فإن اليمن لم يعد ساحة هامشية كما كان خلال العامين الماضيين، حيث تولّت الولايات المتحدة بالوكالة عن إسرائيل استهدافه؛ وبات حالياً يتقدّم اليمن إلى مركز الأولويات الأمنية الإسرائيلية، خصوصاً بعد أن أصبحت العمليات اليمنية (صواريخ ومسيّرات) تشكّل تهديداً ماثلاً لإسرائيل.

ويأتي هذا التصعيد الإسرائيلي المتزايد، في ظل تعطّل كامل في العمل في ميناء «إيلات» - المنفذ البحري الحيوي الوحيد لإسرائيل على البحر الأحمر -، بعد سلسلة استهدافات شنتها حركة «أنصار الله» ضد سفن شحن متّجهة نحو الموانئ الإسرائيلية. ودفعت هذه الهجمات شركات الملاحة إلى تقليص رحلاتها في اتجاه إسرائيل، وهو ما رفع بدوره كلفة التأمين البحري، وحمّل الاقتصاد الإسرائيلي أعباءً إضافية.

ويخشى المسؤولون الإسرائيليون من أن يؤدي استمرار هذا الواقع إلى تكريس «تفاهم غير معلن» بين واشنطن وصنعاء في شأن وقف إطلاق النار، وهو ما تعتبره تل أبيب مقدمة لتثبيت واقع إستراتيجي جديد يكرّس دور «أنصار الله» كقوة بحرية فاعلة من مضيق باب المندب إلى قناة السويس، الأمر الذي ترى فيه إسرائيل تهديداً يتجاوز أمنها القومي ليطال الأمن البحري الإقليمي والدولي.

وليست تلك المخاوف وليدة اللحظة؛ إذ سبق أن وجهت إسرائيل، منذ أكتوبر 2023، نحو ست ضربات إلى اليمن، استهدفت - بحسب ادعائها - منشآت مرتبطة بالبنية اللوجستية والعملياتية للحركة؛ لكن تل أبيب، كما واشنطن قبلها، لم تحقّق «حسماً عملياتياً» من ذلك. وتفيد تقارير عسكرية واستخباراتية غربية بأن «أنصار الله» أعادت بناء قوتها العسكرية على قاعدة التحصينات التحتية، حيث أنشأت شبكة أنفاق تمتد لعشرات الكيلومترات، مزودة بمصاعد كهربائية، وأنظمة تهوئة ذكية، ومولدات مستقلّة، وتضم مخازن للصواريخ ومراكز قيادة محصّنة يصعب استهدافها جواً. وقد عجزت القوات الأميركية، خلال حملتها المكثّفة في البحر الأحمر مطلع 2024، عن تعطيل هذه البنية أو وقف الهجمات «الحوثية» الجوية والبحرية.

وبالتوازي مع التهديدات العسكرية، أفادت تقارير عبرية بأن إسرائيل أعادت توجيه أقمارها الصناعية نحو اليمن، وبدأت عمليات استخبارية لالتقاط بيانات الاتصالات الهاتفية من المحطات الهوائية داخل مناطق سيطرة «أنصار الله»، في محاولة لتفكيك بنية القيادة والسيطرة التابعة للحركة، بالاستفادة من تجربتَي حربيها على لبنان وإيران.

ورغم تسارع التحضيرات العسكرية، تبدو إسرائيل مدركة لتعقيدات الساحة اليمنية. فالجغرافيا الصعبة، والبعد الكبير عن حدودها، والتجربتان السعودية والأميركية، كلها أمور غير مشجعة، وتجعل من خيار «حرب الاستنزاف» أمراً مستبعداً، على عكس ما يجري في غزة أو جرى في إيران. وحتى الضربات الجوية المحدّدة، تواجه تحديات كبيرة في فعالية التدمير، نظراً إلى طبيعة الأهداف المحصّنة.

ويرى محللون أن إسرائيل تميل، في ضوء ذلك، إلى تبني نهج «الضربات الذكية»: عمليات دقيقة عالية التأثير الرمزي، تستهدف شخصيات قيادية أو منشآت ذات بعد سياسي أو معنوي، مع تضخيم إعلامي يخلق انطباعاً بالردع ويعزّز معنويات الجبهة الداخلية الإسرائيلية، من دون الانجرار إلى صراع طويل ومكلف في ساحة بعيدة.

في المحصّلة، إسرائيل أمام معضلة إستراتيجية؛ فمن جهة، ثمة ضغوط متزايدة لضمان أمن الملاحة وكبح قوة «أنصار الله» المتنامية في البحر الأحمر، ومن جهة أخرى، ثمة إدراك بأن اليمن ليس مسرحاً قابلاً للحسم العسكري السريع. وهكذا، تتحرّك المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بين خياري «الرسائل المحدّدة» و«الضربات الرمزية»، في محاولة لاحتواء التهديد، من دون إشعال حرب استنزاف جديدة.

"نقلاً عن الأخبار اللبنانية"

مقالات مشابهة

  • دراسة عالمية جديدة: المياه العذبة تختفي بمعدلات مخيفة
  • الأرصاد في اليمن تحذر من التواجد في ممرات السيول واضطرب البحر
  • الهلال الأحمر التركي: التجويع الإسرائيلي بغزة جريمة حرب موثقة
  • مليشيا الحوثي تختطف طالباً جامعياً في إب
  • مليشيا الحوثي تمنع دخول صهاريج المياه إلى تعز
  • مراسل الجزيرة على متن السفينة حنظلة: لم يبقَ إلا القليل
  • طقس اليوم في عموم محافظات اليمن
  • اليمن يتقدّم أولويات إسرائيل .. خطة موسّعة ضد صنعاء
  • مليشيا الحوثي تتكبد خسائر فادحة بمحافظة صعدة فجر اليوم وتتعرض لإنتكاسة خلال هجومها على محور علب
  • عائشة الماجدي تكتب ✍️ رجال المرور ببورتسودان