شارل أبي نادر*
في الذكرى التاسعة للعدوان الأمريكي – السعودي على اليمن، والذي بدأ في 26 مارس 2015، وما يزال ممتدًا بأشكال مختلفة وأهمها الحصار، لا بد من الإضاءة على ما وصل إليه اليمن اليوم من قدرات وتأثير وقوة على الصعيد الإقليمي، وربما أيضًا على الصعيد الدولي، وذلك من خلال إجراء مقارنة موضوعية بين ما كان عليه قبل العدوان ومعه، وما وصل إليه بعد تسع سنوات من الحرب والضغوط المختلفة وعلى الجوانب والمستويات كافة.

طبعًا، في كلّ عام، تأخذ ذكرى العدوان كامل الاهتمام: من داخل اليمن نظرًا إلى كونها شكّلت نقطة مفصلية في تاريخ البلاد على الصعد كافة: السياسية والشعبية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية، ومن خارج اليمن كونه استطاع أن يسرق الأنظار والأضواء بصموده وثبات أبنائه، ويفرض نفسه بقوّة، بمواجهة أطراف خارجية، إقليمية وغربية، تملك فارقًا شاسعًا في الإمكانات والقدرات على المستويات العسكرية والمالية كافة.

أما هذا العام، فقد أخذت ذكرى العدوان السعودي – الأمريكي على اليمن اهتمامًا مضاعفًا واستثنائيًا، كون هذا البلد اليوم، وبقدراته وبإمكاناته وحضوره الإقليمي، يفرض موقفًا تاريخيًّا غير مسبوق في دعم ومساندة الشعب الفلسطيني وقضيته، بمواجهة العدوّ الصهيوني في عدوانه على غزّة وفلسطين، والمدعوم من قوى غربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.

أولًا: في البعد العسكري

في المقارنة بين قدرات اليمن العسكرية قبل العدوان العام ٢٠١٥ وقدراته حاليًا، يتبيّن لنا أنه لا مجال للموازنة بتاتًا، فاليوم تفرض الوحدات العسكرية اليمنية نفسها بصورة لافتة وصادمة، في مناورة عسكرية برية وبحرية وجوية، من خلال امتلاكها لإمكانات ضخمة على صعيد الأسلحة النوعية، وخاصة في المسيّرات المختلفة المهام والصواريخ الباليستية والبحرية. وبواسطة هذه الأسلحة النوعية، يقارع اليمن اليوم، مروحة واسعة من القوى العسكرية الغربية القوية، وخاصة الأمريكية والبريطانية المنتشرة في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، بتنفيذ حصار خانق وفاعل على الموانئ الإسرائيلية في فلسطين المحتلة، نصرة للشعب الفلسطيني في غزّة وفي الضفّة الغربية والقدس.

ثانيًا: في البعد القوميّ

بعد تسع سنوات من العدوان السعودي – الأمريكي عليه، والذي كان بغطاء ما يسمّى “التحالف العربي”، يفرض اليمن نفسه بمواجهة العدوان الأمريكي – الصهيوني على الشعب الفلسطيني، لاعبًا أساسيًا، إذ يبرز من بين هؤلاء العرب الذين شكلوا هذا التحالف ضدّه في آذار من العام ٢٠١٥، حاميًا أول لقضية فلسطين، والتي من المفترض أن تكون قضية هؤلاء العرب أعضاء ذلك التحالف الذي فرضه الأميركيون ضدّ اليمن؛ وفي الوقت الذي يخاذل أغلب هؤلاء العرب قضية فلسطين، ارتهانًا أو خوفًا أو خيانة، يقف اليوم اليمن المحاصر، في ذكرى مرور تسع سنوات على العدوان عليه، موقفًا قويًا وثابتًا وشجاعًا ومشرِّفًا، ليشكّل رأس الحربة في الدفاع عن قضية فلسطين وعن قضية كلّ هؤلاء العرب.

ثالثًا وأخيرًا: في البعد الاستراتيجي

انطلاقًا من الموقع الجغرافي الحيوي لليمن على بحر العرب وعلى البحر الأحمر، حيث كان هذا الموقع أحد أهم أهداف العدوان عليه منذ تسع سنوات، نظرًا إلى قدرة التأثير الاستراتيجي التي يمكن لهذا الموقع أن يؤمّنها لمالكه، وبهدف انتزاع هذه الميزة من أبنائه، يفرض اليوم اليمن نفسه طرفًا فاعلًا من الأقوى بين الأطراف الإقليمية، لا يمكن تجاوزه أو تجاهل قدراته وإمكاناته وحقوقه. وبمعزل عن المواجهة الحاصلة اليوم بين أطراف محور المقاومة وكيان العدو على خلفية الحرب على غزّة وفلسطين، استطاع اليمن، وبعد مرور تسع سنوات على العدوان، أن يثبت نفسه لاعبًا قويًا متمكّنًا، في بقعة جغرافية استراتيجية، قد تكون الأكثر حساسية في العالم.

* المصدر: موقع العهد الاخباري

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: هؤلاء العرب تسع سنوات

إقرأ أيضاً:

أكثر من 160 كاتبا إسرائيليا يطالبون بوقف العدوان على غزة.. حرب لا أخلاقية

أطلق أكثر من 160 كاتبا ومثقفا للاحتلال، بيانا طالبوا فيه بوقف فوري للعدوان على غزة، مؤكدين أن الحكومة الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو لا تمثلهم، وأن ما يجري يتعارض مع "القيم الأخلاقية والإرادة الشعبية للإسرائيليين" وفق وصفهم.

وجاء البيان، بحسب صحيفة هآرتس، تحت عنوان "نتنياهو ليس إسرائيل، وحكومته لا تمثلنا"، ووقعته شخصيات ثقافية بارزة لدى الاحتلال، من بينهم الروائي دافيد غروسمان، والكاتبة يهوديت كاتسير، والمسرحي يهوشواع سوبول، والكاتبة تسرويا شاليف، وغيرهم من الشخصيات الأدبية والأكاديمية.

وقال الموقعون: "الحرب التي لا تصاحبها أهداف سياسية هي حرب حمقاء، والحرب التي قتل فيها أكثر من 15.600 طفل هي حرب غير أخلاقية ترفع عليها راية سوداء، إنها تتعارض مع إرادة الأغلبية في إسرائيل وليس لرئيس الوزراء أي تفويض أخلاقي لمواصلتها، نحن عازمون على الدفاع عن ما تبقى من ديمقراطية مزعومة والحفاظ على أمل الشعبين".



وأشار البيان إلى أن هذه المبادرة جاءت ضمن نشاط مجموعة "احتجاج الكتاب والكاتبات"، التي سبق أن نظمت حملات مماثلة، كان آخرها رسالة وقع عليها نحو 300 شخصية في آب/أبريل الماضي للمطالبة بوقف العدوان وإعادة الأسرى.

وجاء في البيان: "نحن مصدومون من أفعال إسرائيل في غزة، الحرب التي بدأت في 18 آذار/مارس 2025، عقب خرق وقف إطلاق النار من جانب إسرائيل، ليست هي الحرب التي خضناها في 7 تشرين أول/أكتوبر 2023 بعد المجزرة الفظيعة في بلدات النقب الغربي، يجب أن يتوقف القتل العشوائي في غزة فورا، ويجب إعادة جميع الأسيرات والأسرى فورا في دفعة واحدة، الأحياء إلى منازلهم، والضحايا إلى الدفن".

مقالات مشابهة

  • الداخلية تكشف قضية اتجار فى العملات الأجنبية بقيمة 12 مليون جنيه
  • أكثر من 160 كاتبا إسرائيليا يطالبون بوقف العدوان على غزة.. حرب لا أخلاقية
  • الحوثيون يهددون بالرد على دول في المنطقة في حال تورطها مع إسرائيل بإستهداف اليمن
  • برعاية سعودية وإماراتية .. عصابات الارتزاق تنهب تاريخ اليمن وتغتال موروثه الحضاري
  • المشاط: أنباء سارة قريباً بشأن الطائرات الصهيونية المشاركة في العدوان على اليمن
  • تكلفة الغموض الأمريكي في اليمن
  • اليونيسف: مقتل وجرح أكثر من 50 ألف طفل منذ بدء العدوان على غزة
  • تصاعد التضامن ’’العالمي’’ مع غزة تنديداً بجرائم الإبادة الصهيونية بحق الأطفال والنساء .. اليمن نموذجًا للموقف المشرّف
  • العليمي: اليمن عازم اليوم أكثر من أي وقت مضى لإسقاط مشروع الحوثيين
  • سوريا.. رفع العلم الأمريكي في دمشق للمرة الأولى منذ أكثر من عقد.. وتوقيع اتفاقيات طاقة بـ7 مليارات دولار