"سي إن إن" تكشف مستجدات العلاقة بين واشنطن وتل أبيب بعد تمرير قرار وقف إطلاق النار في غزة
تاريخ النشر: 29th, March 2024 GMT
بعد عدة محاولات فاشلة على مدى خمسة أشهر من عدوان الاحتلال الإسرائيلي المدمر علي قطاع غزة، مرر مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة يوم الاثنين الماضي قرارا يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار. وقررت الولايات المتحدة، التي كانت العقبة الوحيدة المتبقية أمام مثل هذه الدعوة، عدم إستخدام حق النقض (الفيتو) ضد القرار.
وجاء التصويت بمثابة صدمة لإسرائيل، التي شهدت امتناع حليفها الأمريكي منذ عقود عن التصويت بدلا من استخدام الفيتو ضد هذه الخطوة، كما فعلت الولايات المتحدة باستمرار على مر السنين في دعمها الدبلوماسي لإسرائيل. وانتقد المسؤولون الإسرائيليون القرار قائلين إنهم لا يعتزمون وقف إطلاق النار، بحسب ما ذكرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
واستشهد أكثر من 32000 شخصا في غزة خلال عدوان الاحتلال الإسرائيلي علي القطاع منذ 7 أكتوبر بعد عملية "طوفان الأقصي".
وانتقدت إسرائيل لغة القرار زاعمة إنه لا يربط وقف إطلاق النار بإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدي حماس في غزة.
وأشارت "سي إن إن" إلي أن نص القرار يطالب "بوقف فوري لإطلاق النار... ويطالب أيضا بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن ". وطالب قرار لم يتم تمريره في مجلس الأمن الدولي، والذي اقترحته الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، بوقف إطلاق النار المرتبط مباشرة بالإفراج عن الرهائن.
وبينما تقول الولايات المتحدة إن القرار الأخير غير ملزم، يختلف الخبراء حول ما إذا كان ملزم، ويقولون إن الأمر يعتمد علي لغة الوثيقة.
وردت إسرائيل بغضب على القرار قائلة إنها لا تنوي الالتزام به. واستمرت الهجمات الإسرائيلية على غزة يوم الثلاثاء.
وانتقد السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان، مجلس الأمن، حيث أدعي أنه قام بتمرير إجراء يطالب بوقف إطلاق النار "دون اشتراط إطلاق سراح الرهائن."
وزعم أن القرار: "يقوض الجهود المبذولة لتأمين إطلاق سراح الرهائن."
وفي غضون ذلك، قال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، عبر حسابه علي "اكس"، إن بلاده لن تلتزم بالقرار.
وأكد كاتس أن: "دولة إسرائيل لن توقف إطلاق النار. سندمر حماس وسنواصل القتال حتى يعود اخر الرهائن إلى ديارهم."
ورد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على امتناع الولايات المتحدة عن التصويت بإلغاء زيارة مقررة إلى الولايات المتحدة من قبل اثنين من كبار مستشاريه. وكان من المقرر أن يسافر مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنجبي، ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر إلى واشنطن مساء الاثنين لمناقشة بدائل اقترحتها واشنطن عن شن إسرائيل هجوم علي مدينة رفح بجنوب غزة. وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد طلب عقد الاجتماع.
وقالت السفيرة الإسرائيلية السابقة لدى الأمم المتحدة جابرييلا شاليف: "على الأرض الآن... أعتقد أنه لا يوجد تأثير فوري لقرار مجلس الأمن. لكن بالطبع له تأثير أخلاقي وعام."
وبعد تمرير القرار، بذل المسؤولون الأمريكيون جهودا كبيرة ليقولوا إن القرار غير ملزم. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر، مرارا وتكرارا خلال مؤتمر صحفي إن القرار غير ملزم، قبل الاعتراف بأن التفاصيل الفنية بشأن القرار يحدده المحامين الدوليين.
وبالمثل، أصر المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي، والسفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد، بشكل منفصل على أن القرار غير ملزم.
ورد سفير الصين لدى الأمم المتحدة تشانج جون، بأن مثل هذه القرارات ملزمة بالفعل.
ويقول الخبراء إن ما إذا كان القرار ملزما يعتمد على اللغة المستخدمة، لأن اللغة الغامضة تترك مجالا ليتم تفسيرها بأكثر من طريقة. وفي هذه الحالة، هناك آراء مختلفة حول ما إذا كان القرار يندرج تحت الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة (يعتبره غير ملزم) أو الفصل السابع (ملزم).
ولطالما قام حلفاء إسرائيل الغربيون، وخاصة الولايات المتحدة، بحمايتها في مجلس الأمن. وظهر دعمهم بقوة بعد وقت قصير من عملية "طوفان الأقصي" في 7 أكتوبر، عندما وقفت العديد من الدول إلى جانب إسرائيل في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة. ولكن مع استمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي علي غزة وتزايد عدد الشهداء هناك، بدأ هذا الدعم في التضاؤل، حتى من بعض حلفاء إسرائيل الأكثر التزاما، تاركا الولايات المتحدة كداعمة وحيدة لها في الأمم المتحدة خلال الأشهر القليلة الماضية، إلي أنه حدث تصويت يوم الاثنين الماضي.
وقالت شاليف، إنه بامتناعها عن التصويت، اتخذت الولايات المتحدة "طريقا وسطا"، لكنه يوضح إلى أي مدى "يشعر البيت الأبيض بالقلق الشديد بشأن ما يحدث."
وأصبح مسؤولو إدارة بايدن يعتقدون أن إسرائيل تخاطر بأن تصبح منبوذة دوليا إذا تفاقمت الأزمة الإنسانية في غزة أو استمرت لفترة طويلة من الزمن.
وواجهت إسرائيل انتقادات شديدة على الصعيد الدولي، مع دعوات من سياسيين أمريكيين ومسؤولين أوروبيين لإعادة النظر في إرسال أسلحة إليها، خاصة في ظل العدد الهائل من الشهداء المدنيين في غزة.
وتتدهور العلاقات مع إدارة بايدن حيث تتعهد إسرائيل بالمضي قدما في غزو محتمل لرفح، حيث يحتمي 1.4 مليون فلسطيني. وحذرت الولايات المتحدة من مثل هذه الخطوة، علي الرغم من إصرار المسؤولين على التزام واشنطن بأمن إسرائيل.
وقالت نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، نهاية الأسبوع الماضي، إن الغزو سيكون "خطأ" ورفضت استبعاد العواقب على إسرائيل في حالة المضي قدما به.
وترك قرار نتنياهو إلغاء الاجتماعات الرسمية في واشنطن احتجاجا على امتناع الولايات المتحدة عن التصويت، المسؤولين الأمريكيين في حيرة من أمرهم. وقال كيربي إن الولايات المتحدة "تشعر بخيبة أمل كبيرة بسبب إلغاء الاجتماعات" لكنه أصر على أن الامتناع عن التصويت لم يكن تحولا في السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل.
وسافر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت، إلى واشنطن يوم الثلاثاء، لتقديم قائمة لوزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، بالأسلحة والمعدات الأمريكية التي تريدها إسرائيل.
وقالت شاليف، إن إسرائيل تواجه "نقطة متدنية للغاية في علاقاتنا مع الولايات المتحدة،" مشيرة إلى أنه بينما يوجد توتر على المستوى الحكومي، فإن معظم شعب إسرائيل يريد تحسين العلاقات.
وأضافت إن امتناع الولايات المتحدة عن التصويت يظهر تأكيد وجهة نظرها فيما يتعلق بالجوانب الإنسانية لعدوان الاحتلال الإسرائيلي على الأرض في غزة، وكذلك فيما يتعلق بالإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: غزة مجلس الأمن الولايات المتحدة إسرائيل الاحتلال الإسرائیلی لدى الأمم المتحدة الولایات المتحدة وقف إطلاق النار عن التصویت مجلس الأمن غیر ملزم فی غزة
إقرأ أيضاً:
إسرائيل ارتكبت 738 خرقا لاتفاق وقف إطلاق النار خلال شهرين
أكد المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب 738 خرقا لاتفاق وقف إطلاق النار في شهرين، ما أدى إلى استشهاد 386 فلسطينيا وإصابة 980، بينما أدخل مساعدات لا تتجاوز 38 بالمئة من المتفق عليه ما فاقم معاناة المدنيين.
وقال المكتب في بيان له الثلاثاء إن "الاحتلال ارتكب خروقات جسيمة ومنهجية لاتفاق وقف النار الذي دخل حيّز التنفيذ في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2025 وحتى مساء الاثنين 8 كانون الأول/ ديسمبر 2025".
وأكد أن هذه الخروقات تمثل "انتهاكا صريحا للقانون الدولي الإنساني، وتقويضا متعمدا لجوهر بنود البروتوكول الإنساني الملحق به".
وأوضح أن الجهات الحكومية المختصة رصدت خلال هذه الفترة "738 خرقاً للاتفاق، من بينها 205 جرائم إطلاق نار مباشرة ضد المدنيين، و37 جريمة توغل للآليات العسكرية داخل المناطق السكنية".
ويذكر أن اتفاق وقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ في 10 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وأنهى حرب إبادة جماعية بدأتها إسرائيل في 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، خلفت أكثر من 70 ألف شهيد وما يزيد على 171 ألف جريح، معظمهم أطفال ونساء.
كما رصد المكتب "358 جريمة قصف واستهداف لمواطنين عزل ومنازلهم، و138 جريمة نسف وتدمير لمنازل ومؤسسات وبنايات مدنية"، مشيرا إلى أن هذه الخروقات أسفرت عن "استشهاد 386 مواطناً، وإصابة 980 آخرين، إلى جانب 43 حالة اعتقال غير قانوني نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي".
وأضاف أن "إسرائيل" أخلت بالتزاماتها الإنسانية "إذ سمحت بدخول 13 ألفا و511 شاحنة من أصل 25 ألف شاحنة كان يفترض إدخالها خلال تلك الفترة، بمتوسط يومي 226 شاحنة فقط من أصل 600 شاحنة مقررة يومياً، وبنسبة التزام لا تتجاوز 38 في المئة".
ولفت إلى أن "هذا الإخلال الجسيم أدى إلى استمرار نقص الغذاء والدواء والماء والوقود، وتعميق مستوى الأزمة الإنسانية الكارثية في قطاع غزة".
وتابع: "كما بلغت شحنات الوقود الواردة إلى قطاع غزة خلال الفترة ذاتها 315 شاحنة فقط من أصل 3,000 شاحنة وقود يفترض دخولها، بمتوسط 5 شاحنات يوميا من أصل 50 شاحنة مخصصة وفق الاتفاق".
وشدد على أن هذا "يعني أن الاحتلال قد التزم بنسبة 10 في المئة فقط من الكميات المتفق عليها بخصوص الوقود، وهو ما يُبقي المستشفيات والمخابز ومحطات المياه والصرف الصحي في وضع شبه متوقف، ويفاقم المعاناة اليومية للسكان المدنيين".
كما أكد المكتب الحكومي أن "استمرار هذه الخروقات والانتهاكات يُعد التفافا خطيرا على وقف إطلاق النار، ومحاولة لفرض معادلة إنسانية تقوم على الإخضاع والتجويع والابتزاز".
وحمل إسرائيل "المسؤولية الكاملة عن التدهور المستمر في الوضع الإنساني، وعن الأرواح التي أُزهقت والممتلكات التي دُمّرت خلال فترة يفترض فيها أن يسود وقف كامل ومستدام لإطلاق النار".
ودعا المكتب المجتمع الدولي والأمم المتحدة والرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووسطاء ورعاة اتفاق وقف النار، "إلى تحمّل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية، وإلزام الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ التزاماته كاملة دون انتقاص، وضمان حماية المدنيين، وتأمين تدفق المساعدات الإنسانية والوقود وفق ما نصّ عليه الاتفاق".