قال البابا فرنسيس، أمس، باحتفالية درب الصليب أن المرحلة الأولى للجمعة العظيمة عندما حكم على يسوع بالموت.

فقامَ عظيمُ الكَهَنَةِ في وَسْطِ المَجلِسِ وسأَلَ يسوع: "أَما تُجيبُ بِشَيء؟ ما هذا الَّذي يَشهَدُ به هؤُلاءِ علَيكَ؟" فظَلَّ صامِتًا لا يُجيبُ بِشَيء. فسأَلَه بيلاطُسُ ثانِيَةً: "أَما تُجيبُ بِشَيء؟ أُنظُرْ ما أَكثَرَ ما يَشهَدونَ بِه علَيكَ".

ولكِنَّ يسوعَ لم يُجِبْ بِشَيءٍ بَعدَ ذلك حتَّى تَعَجَّبَ بيلاطُس (مرقس ١٤، ٦٠-٦١؛ ١٥، ٤-٥).
 

يا يسوع، أنت الحياة وقد حكم عليك بالموت؛ أنت الحق وتتعرّض لمحاكمة زور. ولكن لماذا لا تشتكي؟ لماذا لا ترفع صوتك ولا تشرح أسبابك؟ لماذا لا تدحض المتعلمين والأقوياء كما فعلت دائمًا بنجاح؟ إنَّ ردت فعلك تفاجئنا يا يسوع: في اللحظة الحاسمة لا تتكلم بل تصمت. لأنه كلما كان الشر أقوى، كان ردُّك أكثر جذرية. وردُّك هو الصمت. لكن صمتك خصب: إنه صلاة، إنه وداعة، إنّه مغفرة، إنّه الدرب لكي تفتدي الشر، وتحوِّل ما يسبب لك الألم إلى عطيّة. يا يسوع، أنا أدرك أنني أعرفك قليلًا لأنني لا أعرف صمتك بما فيه الكفاية؛ لأنه في جنون الجري والعمل، إذ أنغمس في الأشياء، ويأخذني الخوف من الغرق أو هوس أن أضع نفسي في المحور، لا أجد الوقت لكي أتوقَّف وأمكثَ معك: لكي اسمح لك بأن تعمل، أنت كلمة الآب الذي يعمل في الصمت. يا يسوع، إنَّ صمتك يهزني: هو يعلمني أن الصلاة لا تولد من الشفاه التي تُتمتم، وإنما من قلب يعرف كيف يُصغي: لأن الصلاة هي أن أصبح مطيعًا لكلمتك، وأن أعبُدَ حضورك.
 

المرحـلة الثـانيـة يسوع يحمل صليبه

هو الَّذي حَمَلَ خَطايانا في جَسَدِه على الخَشَبة لِكَي نَموتَ عن خَطايانا فنَحْيا لِلبِرّ. وهو الَّذي بِجراحِه شُفيتم (١ بطرس ٢، ٢٤).
 

يا يسوع، نحن أيضًا نحمل صلبانًا، تكون أحيانًا ثقيلة جدًا: مرض، حادث، موت أحد الأحباء، خيبة أمل عاطفية، فقدان ابن، غياب العمل، جرح داخلي لا يلتئم، فشل مشروع، وانتظار آخر ذهب سدى... يا يسوع، كيف يمكننا أن نصلّي في هذه الحالات؟ ماذا أفعل عندما أشعر بأن الحياة تسحقني، وعندما يثقل كاهل قلبي، عندما أكون تحت الضغط ولم يعد لدي القوة للرد؟ إنَّ إجابتك تكمن في اقتراح: "تعالوا إليَّ جميعا أيها المرهقون المثقلون، وأنا أريحكم". أن نذهب إليك؛ أما أنا فأنغلق في نفسي: أبالغ في التفكير، وأُنبِّش، أشعر بالأسف على نفسي، وأغرق في دور الضحية، كبطل في السلبية. تعالوا إليَّ: لم تكتفي بأن تقوله لنا، لا بل ها أنت تأتي للقائنا وتحمل صليبنا على كتفيك، لكي ترفع عنا ثقله. أنت ترغب في هذا: أن نلقيَ فيك أتعابنا وهمومنا، لأنك تريدنا أن نشعر بأننا أحرار وبأنّك تحبّنا. شكرًا يا يسوع، أضم صليبي إلى صليبك، وأحمل لك تعبي وبؤسي، وألقي فيك كل ثقل قلبي.
 

المرحلة الثالثة يسوعُ يقع تحت الصليب للمرة الأولى

الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكم: إنَّ حَبَّةَ الحِنطَةِ الَّتي تَقَعُ في الأَرض إِن لَم تَمُتْ تَبقَ وَحدَها. وإذا ماتَت، أَخرَجَت ثَمَرًا كثيرًا (يوحنا ١٢، ٢٤).
 

لقد وقعتَ يا يسوع: بماذا تفكر، كيف تصلي ووجهك في التراب؟ ولكن بشكل خاص، ما الذي يمنحك القوة لكي تنهض مجدّدًا؟ بينما كان وجهك على الأرض ولم تكن ترى السماء، كنت أتخيلك تردد في قلبك: أيها الآب الذي في السماء. إن نظرة الآب المحبة التي تستقر عليك هي قوتك. لكنني أتخيَّلك أيضًا، بينما تقبِّل الأرض القاحلة والباردة، تفكر في الإنسان الذي أُخذ من الأرض، فينا، نحن الموجودين في محور قلبك؛ وتكرر كلمات وصيّتك: "هذا هو جسدي الذي يبذل من أجلكم". محبة الآب لك ومحبتك لنا: أيها الحب، هذا هو الدفع الذي يجعلك تنهض وتسير قدمًا. لأن من يحب لا يبقى على الأرض، بل يبدأ من جديد؛ من يحب لا يتعب بل يركض؛ ومن يحب يطير ويحلِّق. يا يسوع، أنا أطلب منك دائمًا أشياء كثيرة، لكني أحتاج إلى شيء واحد فقط: أن أعرف كيف أحب. سوف أقع في الحياة، لكن بالحب سأتمكن من أن أنهض مجدّدًا وأمضي قدمًا، كما فعلت أنت، أيها الخبير في السقوط. إن حياتك، في الواقع، كانت سقوطًا مستمرًا نحونا: من الله إلى الإنسان، ومن الإنسان إلى الخادم، ومن الخادم إلى المصلوب، وصولًا إلى القبر؛ لقد وقعتَ على الأرض مثل البذرة التي تموت، وقعتَ لكي ترفعنا من الأرض وتحملنا إلى السماء. أنت الذي تنهض من التراب وتعيد الرجاء إلى الحياة، أعطني القوة لكي أحب وأبدأ من جديد.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: أقباط البابا فرنسيس

إقرأ أيضاً:

شيخ الأزهر يبحث مع رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة مراحل تنفيذ تعيين 40 ألف معلّم

أكَّد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، أنَّ الأزهر الشريف يضع ملف التعليم في مقدمة أولوياته، ويحرص دائمًا على اختيار الكفاءات القادرة على الإسهام في بناء أجيالٍ تحمل رسالة الوسطية والاعتدال.

وأشار إلى أن التعليم في الأزهر ليس مجرد نقلٍ للمعرفة، بل هو رسالة سامية تهدف إلى إعداد أجيالٍ تنهل من نور العلم وهداية الدين، وتنشر قيم التسامح والتعايش، مستندة إلى تراثٍ علميٍّ راسخ، ومنهجٍ فكريٍّ معتدل، يُعلي من شأن العقل، ويُرسِّخ القيم الإنسانية.

جاء ذلك خلال استقبال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، المهندس حاتم نبيل، رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، اليوم الأربعاء، لمناقشة سبل تعزيز التعاون بين الأزهر الشريف والجهاز، وتطوير آليات التوظيف، وسدّ العجز القائم في مختلف قطاعات الأزهر، وفي مقدمتها قطاع التعليم.

من جانبه، استعرض رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة مستجدات الإعلان الخاص بتعيين 40 ألف معلِّم أزهري موزعين على أربع سنوات.

وأوضح أن المرحلة الأولى قد تم الإعلان عنها بالفعل لتعيين 10 آلاف معلِّم في تخصّصَي رياض الأطفال والرياضيات، بواقع 5500 لمعلمي رياض الأطفال، و4500 لمعلمي الرياضيات، مشيرًا إلى أن عدد المتقدمين لوظيفة معلم رياض الأطفال بلغ نحو 44 ألف متقدم، بينما تقدَّم لوظيفة معلم رياضيات 20 ألفًا، ويجري حاليًا فحص أوراق المتقدمين بدقة، تمهيدًا لبدء الاختبارات التخصصية، التي من المقرر أن تنطلق في شهر نوفمبر من العام الجاري.

وأوضح رئيس الجهاز أن المرحلة الثانية من الإعلان ستتضمن طرح 10 آلاف وظيفة موزعة على تخصّصات: القرآن الكريم، والمواد الشرعية، والحاسب الآلي، مشيرًا إلى أنه يجري حاليًّا الإعداد للإعلان عن فتح باب التقديم فور الانتهاء من اختبارات المتقدّمين في المرحلة الأولى، على أن يلي ذلك الثالث والرابع تباعًا.

كما استعرض المهندس حاتم نبيل التصور الجديد للهيكل الإداري للأزهر الشريف، والذي تم إعداده بما يواكب رؤية الأزهر والتوسعات التي شهدها من حيث الهيئات والقطاعات المستحدثة، كما تم بحث آليات سد العجز في القطاعات الهندسية، والمالية، والإدارية، إلى جانب تلبية الاحتياجات العامة لمختلف قطاعات الأزهر.

اقرأ أيضاًشيخ الأزهر يستقبل سفراء مصر الجدد في 22 دولة حول العالم

شيخ الأزهر يبحث مع سفير كمبوديا سبل تعزيز التعاون العلمي والدعوي

مقالات مشابهة

  • على رتبة جندي.. فتح باب القبول للعمل بعدد من قطاعات الداخلية
  • على رتبة «جندي».. فتح باب القبول والتسجيل الموحد للعمل بعدد من قطاعات «الداخلية» 
  • تأملات قرآنية
  • الهندسة 95.8% التجارة 86.2%.. مؤشرات تنسيق الدبلومات الفنية 2025
  • شيخ الأزهر يبحث مع رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة مراحل تنفيذ تعيين 40 ألف معلّم
  • شيخ الأزهر يبحث مع رئيس التنظيم والإدارة مراحل تنفيذ تعيين 40 ألف معلم
  • وداعا أيها الطيب
  • الهادي آدم.. الشاعر السوداني الذي كتب لفلسطين و غنت له أم كلثوم
  • من 3 مراحل و12 منتخباً.. تفاصيل النظام الجديد لبطولة غرب آسيا تحت 23 عاماً
  • حاول الهرب بأوراق مزورة.. سوريون يحتفون بضبط أبرز طياري الأسد