تحليل : الاتحاد الأوروبي مزيد من التنازلات أمام احتجاجات المزارعين وفرض قواعد على الواردات الأوكرانية
تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT
قررت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مؤخرا فرض قواعد أكثر صرامة على وارداتها الزارعية من أوكرانيا، في خطوة تشكل أحدث حلقة من التنازلات أمام مزارعي التكتل، الذين واصلوا احتجاجاتهم الأسبوع الماضي في بروكسل، وقد استبد بهم الغضب بسبب المنافسة غير العادلة التي تفرضها عليهم الواردات الرخيصة.
ووافقت دول التكتل يوم الأربعاء الماضي على تشديد القيود على الواردات الزراعية من أوكرانيا، في أعقاب شهور من الاحتجاجات الغاضبة التي نظمها المزارعون في أنحاء الاتحاد الأوروبي.
وبحسب دبلوماسيين، يقضي التنازل الجديد بخفض حجم الواردات الزراعية الأوكرانية التي يسمح لها بدخول أسواق الاتحاد الأوروبي، معفاة من الرسوم الجمركية، مقارنة بما كان مقررا في السابق. وتشمل هذه المنتجات البيض والدواجن والسكر والذرة.
ولن يسمح للواردات الأوكرانية التي يطالها قرار الاتحاد الأوروبي بدخول التكتل معفاة من الرسوم الجمركية، إلا بحصص معينة. ويتم فرض رسوم على أي زيادة بعد بلوغ هذه الحصص.
ويستند الحد الأقصى للإعفاء من الرسوم الجمركية إلى متوسط الواردات الزراعية من أوكرانيا خلال فترة مرجعية سابقة. ويقضي الاتفاق الجديد بخفض الحد الأقصى بصورة فعلية عبر تضمين النصف الثاني من عام 2021، عندما كانت الواردات أقل مما سوف يصبح عليه الحال لاحقا. وسعت فرنسا إلى أن يشمل ذلك عام 2021 كاملا، وهو ما كان من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من الخفض في حجم الواردات الأوكرانية.ووصفت مجموعة الضغط الأوروبية القوية للمزارعين "كوبا كوجيكا" في بيان لها الخميس الماضي الاتفاق بأنه "نصف استجابة" غير كافية، ودعت إلى فرض رسوم بشكل تلقائي على واردات القمح والشعير، وخفض حصص واردات البيض والدواجن والسكر التي يسمح لها بدخول الاتحاد الأوروبي دون رسوم جمركية.وسعت فرنسا وبولندا إلى وضع القمح في قائمة المنتجات الزراعية الأوكرانية التي تخضع للرسوم الجمركية، ولكن دون جدوى.
ارتفاع التكاليف
فيما نظم المزارعون في أنحاء الاتحاد الأوروبي احتجاجات منذ بداية 2024، ضد ارتفاع التكاليف، وضد السياسة البيئية للتكتل، وواردات الغذاء الرخيصة، بما يشمل الواردات من أوكرانيا. وقد عادوا إلى العاصمة البلجيكية بروكسل بجراراتهم يوم الثلاثاء الماضي.ويسعى قادة الاتحاد الأوروبي إلى استعادة التوازن بين دعم اقتصاد أوكرانيا وحماية المنتجين الزراعيين في التكتل.
وعقد وزراء الزراعة في الدول الأعضاء اجتماعا في بروكسل يوم الثلاثاء الماضي، في مسعى لتهدئة غضب المزارعين، حيث تبنوا إجراءات لتخفيف شروط حصول المزارعين على دعم من برنامج"السياسة الزراعية المشتركة" للاتحاد الأوروبي. ويعتمد المزارعون على الدعم الذي يتلقونه من" السياسة الزراعية المشتركة" لمواجهة مصاعب الحياة، ولكن المدفوعات مشروطة بقواعد صارمة لحماية البيئة.وقال وزير الزراعة التشيكي ماريك فيبورني للصحفيين: "نرى كيف اهتزت ثقة المزارعين التشيك والأوروبيين، في الاتحاد الأوروبي. إن ما يعنيني هنا هو أن اتمكن من استعادة هذه الثقة".يشار إلى أن القواعد الأكثر صرامة على واردات الاتحاد الأوروبي من أوكرانيا تشكل أحدث التنازلات التي قدمها التكتل لمزارعيه، وهي تأتي قبل أقل من ثلاثة أشهر من انتخابات البرلمان الأوروبي المقررة في ونيو، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى أن من المتوقع أن يشهد التصويت زيادة التأييد للأحزاب اليمينية المتطرفة التي تستغل غضب واستياء المزارعين في حملاتها الانتخابية.
يذكر أن التعديلات التي جرى الاتفاق عليه يوم الأربعاء الماضي تعد جزءا من تمديد لمدة عام واحد- اعتبارا من يونيو- لقرار مؤقت بتعليق الرسوم الجمركية على الوارات من أوكرانيا، والذي كان يهدف إلى دعم اقتصاد البلاد الذي مزقته الحرب الروسية.ويتعين موافقة البرلمان الأوروبي على الاتفاق الذي توصلت إليه الدول الأعضاء، كي يدخل حيز التنفيذ. وحال لم يتم التمديد بحلول الخامس من يونيو المقبل، يجرى بشكل تلقائي إعادة فرض الرسوم الجمركية التي كان معمولا بها قبل اندلاع الحرب في فبراير 2022، على البضائع الأوكرانية.كما تسعى المفوضية الأوروبية إلى فرض رسوم جمركية على واردات الحبوب من روسيا للاتحاد الأوروبي. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إن الاتحاد الأوروبي لا يريد لموسكو أن تحصل على عائدات الحبوب من التكتل، أو أن "تؤثر" على سوق الاتحاد الأوروبي.
منع دخول المنتجات الزراعية الأوكرانية
ويحاول مزارعو بولندا منع دخول المنتجات الزراعية الأوكرانية إلى بلادهم عبر الحدود ، خشية أن تضر بأعمالهم.وأعلنت وارسو يوم الأربعاء الماضي، عشية المحادثات الثنائية في هذا الأمر، أن بولندا وأوكرانيا قريبتان من تسوية النزاع ثنائي فيما يتعلق بالواردات الزراعية.وقال وزير الزراعة البولندي تشيسلاف سيكيرسكي لوكالة "فرانس برس" : نستطيع أن نقول إنه حدث تقارب معين بين المواقف المعنية"، ولكن تابع: "كل يقاتل من أجل مصلحته".وأدى حظر دخول المنتجات الأوكرانية على الحدود، والنزاع، إلى توتر العلاقات بين الدولتين الجارتين، رغم دعم بولندا القوي لأوكرانيا في التصدي للغزو الروسي. وتدعو وارسو إلى وضع سقف لدخول الوارات من أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، كما فعلت وارسو، بشكل أحادي، العام الماضي.وقال وزير الزراعة الدنماركي جاكوب جنسن: "ثمة أمور في هذا العالم أكثر أهمية من أي شيء آخر. يتعين علينا أن ندعم أوكرانيا بالقدر المستطاع فيما يتعلق بالأمن والسياسة الخارجية."وأضاف الوزير: "نقوم بذلك عسكريا، ولكن يتعين علينا أيضا أن نفعله لضمان ألا تقوم الدنمارك والاتحاد الأوروبي بوضع عقبات في طريق تمكن (كييف) من بيع منتجاتها ودعم اقتصادها.وأقر جنسن بأنه ربما توجد أسواق محلية، مثل بولندا، تتضرر عل نحو غير متناسب بتخفيف القيود التجارية مع أوكرانيا.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الزراعیة الأوکرانیة الواردات الزراعیة الاتحاد الأوروبی الرسوم الجمرکیة من أوکرانیا على واردات
إقرأ أيضاً:
الاتحاد الأوروبي يشدد نظام الهجرة
بعد سنوات من النقاش الحاد بشأن قضية الهجرة ومع صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة وضع مسؤولو الاتحاد الأوروبي اللمسات الأخيرة على إصلاح شامل لنظام الهجرة يشمل تبسيط عمليات الترحيل وزيادة فترات الاحتجاز.
ووافق مجلس الاتحاد الأوروبي أمس الاثنين على تشريعات من شأنها وضع قواعد جديدة للجوء والتوافق على قائمة مشتركة للتكتل لما تسمى "دول المصدر الآمنة"، وإقرار سياسة على مستوى التكتل لإعادة المهاجرين غير النظاميين.
وذكر المجلس في بيان له أمس أن التشريعات الجديدة -التي تعدل مفهوم "البلد الثالث الآمن"- توسع نطاق الظروف التي يمكن بموجبها رفض طلب اللجوء.
وأوضح الاتحاد في بيانه أنه استكمل جزءا مهما من "ميثاق الهجرة واللجوء لعام 2024″، وذلك بالموافقة على أول قائمة مشتركة للاتحاد الأوروبي لبلدان المنشأ الآمنة، مما يسمح للدول الأعضاء بالتعامل مع طلبات الحماية الدولية بسرعة.
وتشمل هذه النصوص فتح "مراكز عودة" خارج حدود الاتحاد الأوروبي يُرسل إليها المهاجرون الذين رُفضت طلبات لجوئهم.
كما يشمل فرض عقوبات أشد صرامة على المهاجرين الذين يرفضون مغادرة الأراضي الأوروبية من خلال تمديد فترات الاحتجاز، وإرسال مهاجرين إلى دول لا يتحدرون منها، ولكن تعدها أوروبا "آمنة".
وقال وزير الهجرة الدانماركي راسموس ستوكلوند أمس إن الوزراء المجتمعين في بروكسل اتفقوا على مفهوم "دولة ثالثة آمنة" وقائمة في دول المنشأ الآمنة.
وهذا يعني أن دول الاتحاد الأوروبي يمكنها رفض منح الإقامة وترحيل المهاجرين لمجرد أنهم ينحدرون من دولة آمنة أو يمكنهم التقدم بطلب لجوء في دولة خارج الاتحاد الأوروبي.
وقال ستوكلوند "سنتمكن من رفض الأشخاص الذين ليس لديهم سبب للجوء في أوروبا، وعندها سنتمكن من وضع آليات وإجراءات تمكننا من إعادتهم بشكل أسرع، ولا ينبغي أن يكون مهربو البشر هم من يتحكمون في الوصول إلى أوروبا".
إعلانكما اتفق الوزراء على تشكيل "صندوق تضامن" لتقاسم تكاليف استضافة اللاجئين بين الدول الأعضاء.
ويهدف الصندوق إلى جمع 430 مليون يورو (489 مليون دولار) لتوزيعها على الدول التي تواجه ضغوط هجرة أكبر، بما في ذلك قبرص واليونان وإيطاليا وإسبانيا في جنوب أوروبا.
أما المجر وبولندا فترفضان أي التزام على الدول باستضافة المهاجرين أو دفع تكاليف إقامتهم.
وقال مفوض الاتحاد الأوروبي للهجرة ماغنوس برونر "من المهم أن نعيد للناس الشعور بأننا نتحكم فيما يحدث".
وسيتفاوض المجلس الأوروبي الآن مع 720 نائبا في البرلمان الأوروبي لقبول أو تعديل تغييرات سياسة الهجرة، وتتفق أحزاب اليمين واليمين المتطرف إلى حد كبير في دعم هذه التغييرات.
ومنذ زيادة أعداد طالبي اللجوء وغيرهم من المهاجرين إلى أوروبا قبل عقد من الزمان تغيرت الآراء العامة بشأن هذه القضية، وشددت سياسات الهجرة في الاتحاد الأوروبي وانخفض عدد طالبي اللجوء عن مستوياته القياسية.
ومع ذلك، وجّه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الأيام الأخيرة انتقادات لاذعة إلى سياسات الهجرة التي ينتهجها الاتحاد، والتي تُعد جزءا من إستراتيجية للأمن القومي تصور الحلفاء الأوروبيين على أنهم ضعفاء.
وشبهت أوليفيا سوندبرغ دييز مدافعة الاتحاد الأوروبي عن الهجرة في منظمة العفو الدولية تغييرات الاتحاد الأوروبي المتعلقة بالهجرة بـ"حملة القمع التي شنتها إدارة ترامب".
ودعت أوليفيا المشرعين الأوروبيين إلى عرقلة الإجراءات الجديدة التي "ستُلحق ضررا بالغا بالمهاجرين والمجتمعات التي تستقبلهم".
أما النائبة الفرنسية عن حزب الخضر ميليسا كامارا فاعتبرت هذه التغييرات" تخليا عن قيمنا الأساسية وحقوق الإنسان".
وفي مايو/أيار الماضي أقرت دول الاتحاد الأوروبي إصلاحات شاملة لنظام اللجوء في الاتحاد، حيث أصدرت المفوضية الأوروبية الميثاق الجديد للهجرة واللجوء.
ودعا الميثاق من بين أمور أخرى إلى زيادة عمليات الترحيل وإنشاء "مراكز عودة"، وهو تعبير ملطف عن مراكز ترحيل طالبي اللجوء المرفوضين.
ولن ينشئ الاتحاد الأوروبي أو يدير مثل "مراكز العودة" هذه التي قد تكون في أوروبا أو في أي مكان آخر، ولكنه سينشئ الإطار القانوني الذي يسمح للدول بالتفاوض مع الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الراغبة في استقبال طالبي اللجوء المرفوضين.
وقالت مديرة معهد سياسات الهجرة في أوروبا كاميل لو كوز إن دولا مثل النمسا والدانمارك ستسعى على الأرجح إلى إيجاد شركاء لاستضافة مثل هذه المراكز المكلفة والغامضة قانونيا، مشيرة إلى الاتفاق الذي أبرمته هولندا في سبتمبر/أيلول مع أوغندا لاستضافة اللاجئين.
وتختلف هذه المراكز عن الاتفاق الحالي -وإن كان غير فعال حتى الآن- والذي وقعته إيطاليا مع ألبانيا لنقل معالجة طلبات اللجوء للمهاجرين الذين يتم إنقاذهم في البحر إلى الخارج.
وأشادت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بهذه الخطة المثيرة للجدل، ووصفتها بأنها حل "مبتكر" لإدارة الهجرة غير النظامية، لكن المحاكم الإيطالية عرقلتها مرارا وتكرارا.
إعلانوتأمل الأحزاب السياسية الرئيسية أن يحل اتفاق الهجرة القضايا التي قسمت دول الاتحاد الأوروبي منذ تدفق أكثر من مليون مهاجر إلى أوروبا عام 2015، معظمهم فارون من الحرب في سوريا والعراق.
من جانبه، قال وزير الهجرة الدانماركي راسموس ستوكلوند "إن بلاده وأغلبية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تسعى إلى معالجة طلبات اللجوء في بلدان ثالثة آمنة من أجل التخلص من الحوافز التي تدفع إلى الشروع في رحلات محفوفة بالمخاطر إلى الاتحاد الأوروبي".
وأضاف" اتفقنا نحن -الدول الأعضاء- على نهج عام لمراجعة مفهوم البلد الثالث الآمن، والذي يسمح للدول الأعضاء بعقد اتفاقات مع دول ثالثة آمنة بشأن معالجة طلبات اللجوء خارج أوروبا".
وعلى الرغم من انتقادات قوية وجهتها أكثر من 200 منظمة فإن من المرجح أن تتحول البنود الرئيسية إلى مقترحات المفوضية الأوروبية إلى قانون، في حين سيتفاوض المجلس حاليا على مواقفه مع البرلمان الأوروبي للاتفاق على النصوص القانونية النهائية.