- تحقيق السلام النفسي والطمأنينة من حِكَم عبادة الصيام ومقصد مهمٌّ من مقاصده

- عبادة الصوم لا تحمل في طياتها المشقة والتعذيب والإرهاق وإنما تقوم بترسيخ تزكية النفس

- الإنفاق والدفع في مصالح الناس وإعانة الفقراء أَولى من الحج النافلة والعمرة النافلة

 

قال الدكتور شوقي علَّام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن الصوم الحقيقي يحقق السلام النفسي والطمأنينة والراحة، وهو الصوم المُحلى بالأخلاق الفاضلة والقيم النبيلة التي تحمل المسلم على مجانبة اللغو والكلام فيما لا يفيد، والفحش من القول ومنكر العمل، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس الصيام من الأكل والشرب، إنما الصيام من اللغو والرفث، فإن سابَّك أحد، أو جهل عليك، فقل: إني صائم».

جاء ذلك خلال لقائه الرمضاني اليومي في برنامج "اسأل المفتي" مع الإعلامي حمدي رزق، الذي عُرض على فضائية صدى البلد، مضيفًا فضيلته أن المسلم في حال صومه كما هو مطالب بالامتناع عن تناول جميع المفطرات بنية التقرب إلى الله تعالى من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس، فهو مطالب أيضًا بالإمساك عن الأخلاق السيئة والسلوكيات المذمومة وضبط متطلبات النفس البشرية، فإن لم يتحقق بذلك كله فقد نقص أجر صيامه بل قد يصل الأمر إلى عدم قبوله منه؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «من لم يدع قولَ الزور والعملَ به والجهلَ، فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه».

وأشار فضيلة المفتي إلى أن العلاقة الوثيقة بين العبادات والأخلاق تعمل على ترسيخ سمات استقامة الأفراد وصلاح المجتمع. ولا يخفى أن مهمة غرس مكارم الأخلاق في النفوس مهمة جليلة بعث الله من أجلها الرسل والأنبياء عليهم السلام؛ حيث قال تعالى مبيِّنًا نعمته على الناس بإرساله سيد البشر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [آل عمران: 164].

وأردف قائلًا: إن تحقيق السلام النفسي والطمأنينة من حِكَم عبادة الصيام ومقصد مهمٌّ من مقاصده، مما يرشد ذلك المسلمين إلى أن في شهر رمضان وعبادة الصوم فرصة كبيرة للإنابة إلى الله تعالى، ومجاهدة النفس والارتقاء بها، وكف الجوارح والقلوب عن كل ما يغضب الله تعالى، حتى يتم التحقق بمعاني التقوى التي هي ثمرة من ثمار الصيام، وفي ذلك يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183].

وشدَّد فضيلة مفتي الجمهورية على أن شهر رمضان فرصة عظيمة للإنابة إلى الله سبحانه وتعالى، ومجاهدة النَّفسِ والارتقاء بها في مراقي الطاعات، وكف الجوارح والقلوب عن كلِّ ما يغضب الله؛ ليكون معسكرًا إيمانيًّا نخرج منه بحالٍ غير الحال، نخرج من حال التَّراخي وفُتور الهِمَّة، والجدال والهدم، إلى حالِ الطَّائِعين العابدين، النَّافعين للبلاد والعباد.

وأشار فضيلته إلى عدد من المعاني المستفادة من شهر رمضان، ومنها التدريبُ على الصبر على أذى الآخرين، فيجب ألا نخرج منه إلا وقد وعينا هذا الدرس العظيم بحيث يصبح له مردود على العمل وفي الشارع والبيت وفي كل تعاملاتنا.

وأوضح فضيلة مفتي الجمهورية أن عبادة الصوم  لا تحمل في طياتها المشقة والتعذيب والإرهاق، وإنما تقوم بترسيخ تزكية النفس حتى يتحقق المسلم الصائم بمقام التقوى والمراقبة لله تعالى؛ لذا كان ثواب الصائم وأجره عند الله تعالى وحده، اختص به من سائر الأعمال؛ قال صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي» رواه مسلم.

وناشد فضيلة المفتي جموع الصائمين بالإكثَار من الاستغفارِ والذِّكرِ وقراءةِ القرآن، وغيرها من الطَّاعات والتَّنافُسِ والتَّعاون فيها، خاصَّةً الطَّاعات التي فيها نفع للنَّاس؛ كإفطار الصَّائمين، والصَّدقات، وجبر الخواطر بقيام المسيء بالاعتذار لصاحب الحق، بل جبر الخواطر كذلك يكون بالبحث عن المحتاجين المتعففين وإكرامهم.

وردًّا على سؤال عن فضل العمرة في رمضان قال فضيلته: العمرة في الأوقات المباركة ثوابها عظيم، وخاصَّة في رمضان، فقد ثبت في الحديث عن ابن عباس رضيَ الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: «عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً مَعي» متفق عليه، فهذا الحديث دليلٌ على فضل العمرة في رمضان، ولكن لا يعني فضلها العظيم سقوط فرض الحج عن المعتمر، ولكن تعني الفضل العظيم في الثواب.

وسؤال عن حكم تفضيل الإنفاق على المحتاجين بدلًا من العمرة النافلة؛ قال: الإنفاق والدفع في مصالح الناس وإعانة الفقراء أَولى من الحج النافلة والعمرة النافلة، مؤكدًا أنه كلما كانت المنفعة متعدية كانت أولى من المنفعة القاصرة على النفس، ونحن في هذه الظروف الاقتصادية نحتاج إلى وعي مجتمعي.

وردًّا على سؤال يقول: هل بالإمكان عمل مستويات لزكاة الفطر بناءً على مستويات القدرة المالية؟ قال: الحد الأدنى 35 جنيهًا ومن استطاع فله الاستزادة.

وفي رده على سؤال يقول: هل المرأة نجسة؟ أجاب على ذلك، قائلًا: من سنن الله تعالى في خلقه أن جعل للمرأة طبيعة وهيئة خلقية خاصة بناءً على تكوينها الجسماني وخصائصها التي خلقها الله تعالى عليها، وأقامها في الوظائف التي تتناسب مع هذه الخصائص، ورتَّب لها الأحكام الشرعية في عباداتها ومعاملاتها على وَفقِ هذه الطبيعة حيث إن المؤمن لا يكون نجسًا أبدًا.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الصوم مفتى الجمهورية شهر رمضان قراءة القران صلى الله علیه وسلم الله تعالى ة فی رمضان العمرة فی

إقرأ أيضاً:

يوم النفر الثاني بدأ منذ دقائق.. فيه يكرم الله عباده بنعيمين

يوم النفر الثاني ما هو ومتى يبدأ وما أفضل الأعمال فيه؟، باعتباره آخر فرصة ، حيث إنه من الأزمنة المباركة التي يغفل عنها الكثيرون، والذي يكون رابع أيام عيد الأضحى، ويعد يوم النفر الثاني أحد أسرار عيد الأضحى المبارك، كما أن يوم النفر الثاني هو من أعظم أيام الدنيا فيما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم.

ثاني أيام التشريق الآن.. اغتنمه فالدعاء فيه لا يرد و5 جوائز أخرىماذا نفعل في أيام التشريق؟.. أهم الأعمال فيها وسبب تسميتهايوم النفر الثاني

بدأ يوم النفر الثاني ، من فجر اليوم الإثنين الموافق 13 من ذي الحجة 1446هـ، ويوافق 9 يونيو 2025 م ، أي أنه بدأ منذ دقائق قليلة وينتهي مع غروب شمس اليوم، رابع أيام عيد الأضحى المبارك ، وهو آخر أيام عيد الأضحى المبارك، وكذلك آخر أيام التشريق الثلاثة.

ما هو يوم النفر الثاني

ورد عن ما هو يوم النفر الثاني ؟، هو اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة ، و هو اليوم الثالث من أيام التشريق ، و يُسمى أيضا بيوم النفر الأخير، ويرمي فيه غير المتعجلين الجمرات الثلاث قبل الخروج من منى، سُمِّي بذلك كدلالة على أن من تعجل ونفر من منى في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر أيضاً لا يكون عليه أي إثم.

أعمال يوم النفر الثاني

ورد أنه من مناسك الحج في هذا اليوم بالنسبة لمن بات ليلة الثالث عشر في منى رمي الجمار الثلاثة في اليوم الثالث عشر أيضاً على الأظهر ، و هي الجمرة الأولى ثم الجمرة الوسطى ثم جمرة العقبة ، ويُسمّى اليوم الثالث من أيّام التشريق بيوم النَّفر الثاني؛ فإذا أنهى الحاجّ رَمي الجِمار في هذا اليوم، فإنّ عليه أن ينفرَ إلى مكّة؛ إذ لا يُسَنّ له المَبيت بمِنى بعد الرَّمي.

ذهب جمهور الفقهاء من المالكيّة والشافعيّة والحنابلة إلى أنّ وقت الرّمي في هذا اليوم يكون بعد زوال الشمس، وذهب الحنفية إلى جواز الرَّمْي قبل زوال الشمس بعد الفجر، أمّا آخر وقت للرَّمي فقد اتّفق الفقهاء على أنّه ينتهي بغروب الشمس؛ وذلك لانتهاء وقت مناسك الحجّ بغروب شمس ثالث أيّام التشريق.

أيام التشريق

ورد أن أيام التشريق الثلاثة تبدأ من بعد يوم العيد أي من ثاني أيام عيد الأضحى وتوافق الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة، المنهي عن الصيام فيها، لما ورد فى حديث عن النبي صلي لله عليه وسلم عن نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ رضي الله عنه أنه قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ».

ويبدأ حجاج بيت الله الحرام في أول أيام التشريق الثلاثة، رمي الجمرات، بداية من وقت الظهر، ويتوجه الحجاج لإلقاء الجمرة الصغرى وتليها الوسطي ثم جمرة العقبة، وكل منهم 7 حصوات ويتم التكبير مع إلقاء كل حصاة، والتوجه بالدعاء إلي الله مع كل جمرة من الجمرات الثلاثة.

وتعد أيام التشريق هي الأيام الثلاثة المذكورة في القرآن بـ «أيام معدودات»، وقال الله تعالي في فضل تلك الأيام «وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (203)» البقرة: 203.

روي ابن عباس رضي الله عنهما أن الأيام المعدودات هي أيام التشريق، والأيام المعلومات: أيام العشر، والأيام المعدودات هي ثلاثة أيام بعد يوم النحر، وسُميت الأيام الثلاثة أيام التشريق؛ لأن الناس يشرقون فيها لحوم الأضاحي أي يُقددونها وينشرونها لتجف.

أعمال أيام التشريق

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن للعبادات في الإسلام حكمًا وأسرارًا تنكشف لكل ذي تفكير سليم وعقل راجح ونفس راقية‏،‏ ويعد الحج من أعظم العبادات أسرارًا وأكثرها حكمًا‏،‏ تتمثل هذه الأسرار.

وأضاف «جمعة» أن تلك الحكم في شعائره جميعها من طواف وسعي ووقوف بعرفة وغيرها، وتمتد أيضًا إلى سائر الشعائر التي ترتبط بالحج وتجمع الأمة الإسلامية تحت لوائها كيوم العيد وأيام التشريق، وأيام التشريق هي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة.

و تابع: وسميت بـالتشريق، لكثرة ما ينشر في الشمس من اللحم فيها، وهي أيام ذكر لله تعالى وشكر له، قال -صلى الله عليه وسلم-: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله» [صحيح مسلم]، وهي أيام يحرم الصوم فيها لغير الحاج، قال -صلى الله عليه وسلم-: «يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق، عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب» [سنن الترمذي]، وهي الأيام المعدودات المذكورة في قوله تعالى: «وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ».

واستطرد: أنه حث الشرع الشريف على الإكثار من ذكر الله تعالى في أيام التشريق، حيث يتأكد في هذه الأيام المباركة التكبير المقيد بأدبار الصلوات المكتوبات، والتكبير المطلق في كل وقت إلى غروب شمس اليوم الثالث عشر، وقد امتثل الصحابة لذلك، فقد كان عمر رضي الله عنه يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيرا. وكان ابن عمر رضي الله عنهما يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه وفي مجلسه وممشاه تلك الأيام جميعا، وكانت ميمونة رضي الله عنها تكبر يوم النحر وكان النساء يكبرن خلف أبان بن عفان وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المساجد. [صحيح البخاري].

وواصل: وكون هذه الأيام أيام أكل وشرب فيه إشارة إلى أن الأكل في أيام الأعياد والشرب يستعان به على ذكر الله تعالى وطاعته، وذلك من تمام شكر النعمة أن يستعان بها على الطاعات، وقد أمر الله تعالى في كتابه بالأكل من الطيبات والشكر له، قال -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها» فأيام التشريق يجتمع فيها للمؤمنين نعيم أبدانهم بالأكل والشرب، ونعيم قلوبهم بالذكر والشكر، وبذلك تتم النعمة.

صيام أيام التشريق

وأكد أنه في النهي عن صيام أيام التشريق بعد العمل الصالح في العشر الأول من ذي الحجة لمن لم يحج وبعد أعمال الحج للحاج لفتة إلى حال المؤمنين في الدنيا؛ فإن الدنيا كلها أيام سفر كأيام الحج، وهي زمان إحرام المؤمن عما حرم الله عليه من الشهوات، فمن صبر في مدة سفره على إحرامه وكف عن الهوى، فقد قضى تفثه ووفى نذره، وصارت أيامه كلها أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل، وصار في ضيافة الله عز وجل في جواره بجنة الخلد، ولهذا يقال لأهل الجنة: «كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ»، ويقال لهم: «كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ»، مؤكدًا أن من صام اليوم عن شهواته أفطر عليها غدًا بعد وفاته، ومن تعجل ما حرم عليه من لذاته عوقب بحرمان نصيبه من الجنة وفواته.

الدعاء في أيام التشريق

ورد أن يوم عيد الأضحى المبارك هو يوم النحر، ويكون في العاشر من ذي الحجة، ويلي يوم العيد أيام التشريق الثلاثة، التي توافق الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة.

فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إن أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يوم النحر ثم يوم القر))، ويوم القر هو أول أيام التشريق الثلاث التي لا يُرد فيها الدعاء، فقد سُمع أبا موسى الأشعري يقول في خطبته يوم النحر (يوم عيد الأضحى): «بعد يوم النحر ثلاثة أيام التي ذكر الله الأيام المعدودات، لا يرد فيهن الدعاء، فارفعوا رغبتكم إلى الله».

ما معنى أيام التشريق

سُمِّيَت أيام التشريق بهذا الاسم؛ لأنّ الناس كانوا يُشرّحون اللحم في هذه الأيّام، ويُقدّدونه أي يجففونه؛ فالتشريق هو التشريح، وقِيل لأنّ نحر الهدي والأضاحي لا يكون إلّا بعد شروق الشمس فيها، وقِيل إنّ سبب تسميتها بذلك أنّ الناس كانوا يُشَرّقون فيها للشمس في مِنى ولم تكن فيها بيوت أو أبنية، وقِيل أيضاً إنّ التشريق هي صلاة العيد؛ لأنّها لا تُؤَدّى إلّا عند شروق الشمس وارتفاعها.

أسماء أيام التشريق

يُسمّى اليوم الأول من أيام التشريق بيوم القَرِّ بفتح القاف وتشديد الراء، وسُمِّي بهذا الاسم؛ لأنّ الحُجّاج بعد يوم التروية ويوم عرفة ويوم النَّحر يكون التعب قد أصاب منهم ما أصاب، فيَقِرُّون بمِنى، فيما يُسمّى اليوم الثاني من أيّام التشريق بيوم النَّفر الأوّل؛ وذلك لأنّه يجوز فيه للحاجّ الذي أنهى رَمْي الجِمار، وأحبّ تعجيل الانصراف من مِنى أن ينفر؛ أي يرحل إلى مكّة، وذلك باتِّفاق العلماء؛ إذ إنّ رَمْي اليوم الثالث من أيّام التشريق يسقط بالنَّفر الأوّل؛ لقوله -تعالى-: (فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَىٰ).

قد ذهب جمهور أهل العلم من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنّ النفر يجب أن يكون قبل غروب الشمس، وذهب الحنفية باستمرار النفر ما لم يطلع فجر اليوم الثالث من أيّام التشريق، ويُسمّى اليوم الثالث من أيّام التشريق بيوم النَّفر الثاني؛ فإذا أنهى الحاجّ رَمي الجِمار في هذا اليوم، فإنّ عليه أن ينفرَ إلى مكّة؛ إذ لا يُسَنّ له المَبيت بمِنى بعد الرَّمي، وقد ذهب جمهور الفقهاء من المالكيّة والشافعيّة والحنابلة إلى أنّ وقت الرّمي في هذا اليوم يكون بعد زوال الشمس، وذهب الحنفية إلى جواز الرَّمْي قبل زوال الشمس بعد الفجر، أمّا آخر وقت للرَّمي فقد اتّفق الفقهاء على أنّه ينتهي بغروب الشمس؛ وذلك لانتهاء وقت مناسك الحجّ بغروب شمس ثالث أيّام التشريق.

فضل أيام التشريق

معلومٌ أنّ ذكر الله تعالى من أعظم العبادات وأفضل الطاعات؛ وفي هذا يقول الله -تعالى-: (وَلَذِكْرُ اللَّـهِ أَكْبَرُ)؛ فذِكر الله -تعالى- حياة للنفوس وطمأنينة للقلوب، والذّاكر ربّه في كلّ أحواله تغشاه رحمات الله، وتحوطه عنايته سبحانه، ويزداد فضلُ الذّكر في الأوقات الفاضلة، كما في فضل أيّام التشريق، ومكانتها العظيمة، وممّا يُدلّل على ذلك ما يأتي:

- تُؤدّى أفضل العبادات على الإطلاق في هذه الأيّام؛ وهي ذِكر الله -تعالى-، قال: (وَاذْكُرُوا اللَّـهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ).

- تُعَدّ أيّام التشريق من أعظم الأيّام عند الله -تعالى-؛ لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ أعظمَ الأيَّامِ عندَ اللَّهِ تبارَكَ وتعالَى يومُ النَّحرِ ثمَّ يومُ القُرِّ).

- شرع الله -تعالى- لعباده المؤمنين في هذه الأيّام نَحر الهَدي والضحايا؛ لتكتمل لَذّاتهم بأكل لحومها، ولِتتقوّى بها أبدانهم على طاعته وذِكره، وهذا من تمام شُكر الله -تعالى- على نِعَمه.

-تُذكِّر أيّام التشريق المؤمنين بحقيقة الدُّنيا؛ فكما أنّ أيّام الحجّ فيها تحريم لبعض الأمور من الشهوات والهوى، فيمتدّ الإحرام إلى أن يصل الحاجّ إلى منى فيتحلّل منه؛ فيأكل، ويشرب، ويذكر الله -تعالى-، فإنّ الدُّنيا كذلك؛ ما هي إلّا أيّام يصوم فيها المؤمن عن شهواته؛ لينال نصيبه من الجَنّة في الآخرة.

-يُكرِم الله -تعالى- عباده المؤمنين في هذه الأيّام بنعيمَين؛ فالأوّل نعيم أبدانهم؛ بالأكل والشرب بلا إسراف ولا تبذير، والثاني نعيم قلوبهم بذِكر الله -تعالى- ودعائه، وحريّ بالحاج أنْ يستغلّ وقته في هذه الأيام المباركة بالإقبال على التّكبير، وذكر الله وشكره على نعمه العظيمة.

أعمال الحج في أيام التشريق

ورد أنه أمرَ الله تعالى بذِكره في أيّام التشريق، بقوله: (وَاذْكُرُوا اللَّـهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ)، ومثل الذكر الكثير من الأعمال، ومن أفضل أعمال أيام التشريق ما يأتي:

المَبيت في مِنى: وهو أحد واجبات الحجّ؛ إذ ينبغي على الحاجّ المُتعجّل أن يبيت في مِنى ليلة الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجّة، ومن تأخّر فعليه المَبيت ليلة الثالث عشر أيضاً.

رَمي الجِمار: ذِكر الله -تعالى- في هذه الأيام يشمل رَمي الجِمار الثلاث؛ الصُّغرى، ثمّ الوُسطى، ثمّ الكُبرى؛ كلّ جمرة بسبع حَصيات.

نحر الهَدي: نحر الهَدي قد يكون واجباً، كهدي التمتُّع، والقران، أو في حال فِعل مَحظور من محظورات الحجّ، أو قد يكون تطوُّعاً، ووقت النحر يبدأ يوم العيد ويمتدّ إلى أن تنتهي أيام التشريق الثلاثة، والدم الواجب بسبب فِعل محظور من محظورات الإحرام يُسمّى بدم أو هَدي الجُبران، ولا وقت مُحدَّد لنحره ، ومَن لم يستطع شراء الهَدي فعليه صيام عشرة أيّام؛ ثلاثة منها في الحجّ قبل يوم عرفة، وإن لم يستطع صامها في أيّام التشريق، وسبعة يصومها بعد رجوعه من الحجّ، قال -تعالى-: (فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ).

أداء الصلوات الخمس قَصراً بلا جَمع: أداء الصلوات اقتداءً بالنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عندما أقام في مِنى أيّام التشريق ولياليها؛ فكان يُصلّي كلّ صلاة بوقتها مع قَصر الصلاة الرُّباعية منها؛ إذ يُؤدّيها ركعتَين.

التكبير المُقيَّد بعد الصلوات الخمس في جماعة: يُكبّر المسلم فيها بعد السلام من الصلاة الجماعيّة؛ فيقول: "الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد"، ولا يُشرَع هذا التكبير بعد الصلاة لِمَن صلّى مُنفرِداً.

طباعة شارك يوم النفر الثاني ما هو يوم النفر الثاني أعمال يوم النفر الثاني أيام التشريق أعمال أيام التشريق صيام أيام التشريق الدعاء في أيام التشريق

مقالات مشابهة

  • حكم أداء العمرة بعد الفراغ من مناسك الحج.. المفتي السابق يرد
  • حزب مصر أكتوبر: دعم أسرة الشهيد خالد شوقي بـ 10 آلاف جنيه شهريًا
  • خرج بالعربية مشتـ..ـعلة.. شقيق البطل خالد عبد العال: طول عمره راجل وبنتسند عليه
  • إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ
  • يوم النفر الثاني بدأ منذ دقائق.. فيه يكرم الله عباده بنعيمين
  • رمز للفداء .. رئيس الوزراء ينعى خالد شوقي ويأمر بتوفير رعاية خاصة لأسرته
  • رئيس الوزراء ينعي خالد محمد شوقي بطل واقعة حريق محطة بنزين العاشر من رمضان
  • وزير الأوقاف ينعي خالد محمد شوقي الذي افتدى "بجسده "أهل العاشر من رمضان
  • فتاوى تشغل الأذهان| حكم نحر الأضحية ليلًا في أيام التشريق.. ماذا يفعل المتعجلون في الحج وتوقيت مغادرة مكة
  • شوقي علام: كتاتيب القرية هي المدرسة الأولى التي نتعلم ونتربى فيها