يُواصل الاحتلال الإسرائيلي شن حرب الإبادة الجماعية على غزة للشهر السادس على التوالي منذ طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023؛ مخلفًا ما يزيد علي 32 ألف شهيدٍ وأكثر من 75 ألف مٌصاب؛ مُنتهكًا كل الأعراف الإنسانية والدولية والقانونية لوقف العدوان وإيصال المساعدات الإنسانية الملحة والضرورية؛ في ظل تزايد حدة الدمار والمجاعة التي طال لهيبها ما يزيد على 2 مليون مواطن أعزل مُحولًا القطاع للأطلالٍ هُدمت عمدًا فوق رؤوس قاطنيها وتكسوها دماء الآلاف من الأبراء.

 

فعلى مدار الـ 6 أشهر من هولوكوست غزة؛ الذي يُشن بالقصف والقنص برًا وبحرًا وجوًا آناء الليل وأطراف النهار؛ يدفع ملايين المدنيين العُزل فاتورة عدوان الاحتلال الذي يأبى أن يمنح الحد الأدنى من الحياة الإنسانية للصغار والنساء والمدنيين العزل؛ مُصرًا تعميق إجرام الإبادة الوحشية حتى بلغت حصيلة قتل النساء يومًا نحو 37 أمًا يُقتلن كل 24 ساعة حسب إحصائية للهلال الأحمر الفلسطيني؛ فما أكد المتحدث باسم اليونيسف عمار عمار في حديثه مع "البوابة نيوز" أن الاحتلال قتل أكثر 13500  طفل في القصف المتواصل على غزة منذ السابع من أكتوبر وحتى الآن.. وإلى نص الحوار: 

المتحدث باسم اليونيسف عمار عمار في حديثه مع "البوابة نيوز"

بعد 6 أشهر من العدوان على غزة.. هل يمكن إطلاعنا على آخر تداعيات العدوان على الأطفال والنساء؟ 

بكل صراحة ووضح؛ الأطفال في قطاع غزة يعيشون في إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية التي شهدها العالم خلال العقود الماضية وكابوس لا ينتهي من القتل والجرح المستمرين ليل نهار، وحسب آخر التقارير الواردة إلينا؛ فإن أكثر من 13500  طفل قتلوا حتى الآن في قطاع غزة؛ إضافة إلى الآلاف من الجرحى؛ ونتج عن القصف المُتواصل النزوح القسري لما يزيد 1.7 مليون شخص من منازلهم نصفهم من الأطفال الذين يعيشون في ظروف غير إنسانية؛ فهؤلاء النازحون يعيشون في مراكز الإيواء (وهي مدارس تحولت لملاجئ ومراكز إيواء) ويعيشون في ظروف مُكتظة وصعبة جدًا بسبب العدد الهائل من الأشخاص التي يعيشون بها؛ وهم أيضًا يتشاركون الخدمات الأساسية الشحيحة والقليلة جدًا؛ من استخدام المرافق الصحية أو أماكن الاستحمام؛ وانعدام خدمات الصرف الصحي والمياه الصالحة للشرب بشكل كاف. 

رفح تكتظ بكم هائل من النازحين قسرًا.. وكل 850 شخصًا يستخدمون مرحاضًا واحدًا.. ومكان واحد لاستحمام كل 6600 شخص

 هل يمكن أن تُحدثنا بوضوح أكثر عن الأوضاع الإنسانية لهؤلاء الملايين من النازحين قسرًا؟ 

إذا نظرنا على سبيل المثال إلى رفح؛ والتي يعيش بها الآن ما يزيد علي 1.2 مليون شخص؛ منهم ما يقرب من 900 ألف شخص من النازحين؛ فحسب المعايير العالمية لحالات الطوارئ الإنسانية فإنه يجب أن يكون هناك عشرون شخصًا كحد أقصى يستخدمون مرحاضًا واحدا؛ لكن في رفح بسبب الاكتظاظ الهائل للنازحين  يوجد مرحاض واحد فقط لكل 850 شخصًا تقريبا؛ أما بالنسبة لمرافق الاستحمام فهي أربعة أضعاف هذا الرقم؛ أي مكان استحمام واحد لكل 6600 شخص وهذا تجاهل فظيع للاحتياجات الإنسانية الأساسية والضرورية جدًا. 

لا مياه صالحة للشرب.. وحصول الفرد على لتر مياه كل 24 ساعة بـ “أعجوبة”    

وماذا عن توفر الحد الأدنى من مياه الشرب والخدمات الصحية والاحتياجات الأساسية؟ 

تشير المعايير العالمية إلى أن خلال أوقات الأزمات فإن كل شخص يحتاج إلى 15 لترًا من المياه يوميًا؛ و3 لترات من المياه يومًا كحد أدنى للبقاء على قيد الحياة؛ ولكن في غزة يعتمدون على أقل من 3 لترات من المياه في اليوم الواحد؛ حتى في بعض الأماكن أقل من لتر واحد على مدار اليوم الكامل من المياه الصالحة للشرب. 

أما التبعات الصحة النفسية؛ فإن القصف المتواصل على قطاع غزة أثر بشكل عميق وكبير على الأطفال من الناحية النفسية والاجتماعية؛ فالأطفال يعيشون في حالة رعب؛ ويُعانون من أعراض شديدة للصدمة؛ بما في ذلك الانفصال النفسي والقلق والخوف والكوابيس؛ واضطرابات النوم والذكريات وعدم القدرة على التحدث بالإضافة إلى ميول الانعزال.

فقبل السابع من أكتوبر كانت تقديرات الأمم المتحدة الرسمية تُشير إلى أن حوالي 50% من السكان من أطفال قطاع غزة بحاجة لدعم الصحة النفسية والاجتماعية؛ ولكن الآن مع المستوى الهائل من الدمار والظروف غير الإنسانية والنزوح التي يعيشها أطفال غزة خلقت واقعًا جديدًا مُروعًا فكل أطفال قطاع غزة بحاجة لنوع من الدعم النفسي والاجتماعي. 

الاطفال في غزة 

هل يتمكن الأطفال في غزة من الحصول على الحد الأدنى من الأغذية خلال شهر رمضان؟ 

إذا تحدثنا عن شُح الأغذية في غزة والحوجة الإنسانية والجوع، فحدث ولا حرج؛ فالوضع الغذائي في غزة حرج جدًا جدًا ويضع حياة مئات الآلاف من الأشخاص والأطفال خاصة في خطر مباشر؛ فقد رأينا خلال الأسابيع القليلة الماضية وفاة 23 طفلًا بسبب الجوع وسوء التغذية والجفاف "حسب التقارير الواردة"، وهذا ناتج العديد من العوامل فيما يتعلق بعدم السماح بدخول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة بشكل كبير وبشكل متواصل وبشكل آمن. 

فوصول المساعدات مُقتصرة على معبرين فقط؛ وهو غير كاف ويجب فتح جميع المعابر البرية مع قطاع غزة لضمان وصول المساعدات بشكل كبير جدا للاستجابة للاحتياجات الإنسانية الهائلة الموجودة في قطاع غزة؛ ولكن مع استمرار دخول المساعدات عبر معبرين فقط  وكمية المساعدات التي تدخل فإنها غير كافية لتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان وخاصة فيما يتعلق بمجال الغذاء. 

اليوم الوضع الغذائي والإنساني في غزة كارثي.. وطفل من بين كل ثلاثة دون العامين يُعاني من سوء التغذية الحاد 

استنادًا إلى التقارير التي تصلكم.. ما هو حجم أزمة الغذاء والمجاعة في غزة بعد 6 أشهر من الحرب؟  
حسب تقرير التصنيف المٌتكامل لمراحل الأمن الغذائي والصادر خلال الأيام الماضية فإن المجاعة وشيكة في شمال القطاع؛ خاصة وأن غزة تمتلك الآن أكبر نسبة من السكان عن أي مكان آخر حول العالم للذين يقعون في التصنيف الأكثر خطورة  منذ أن بدأت الهيئة تقديم تقاريرها في عام 2004  أي قبل هذه الحرب كان هزال الأطفال في قطاع غزة نادر؛ حيث أشارت التقارير إلى أن أقل من 1% من الأطفال دون سن الخامسة يُعانون من سوء التغذية الحاد؛ ولكن اليوم الوضع كارثي إذ يُعاني واحد من بين كل ثلاثة أطفال دون سن السنتين من سوء التغذية الحاد. 

انهيار أم على فقد ذويها 


وإذا لم يتغير وضع العمليات على الأرض فيما يتعلق بالسماح بوصول المساعدات الغذائية بشكل أكبر لداخل قطاع غزة وبشكل أكبر لشمال القطاع والذي هو بالطبع يُعاني بشكل واضح وأكبر ويحتاج إلى كميات هائلة من الغذاء والعلاجات التغذوية بشكل عاجل لأنهم كانوا مقطوعين عن المساعدات الإنسانية القليلة التي كانت تصل إلى شمال قطاع غزة مُقارنة بما كان يصل إلى جنوب القطاع واللي هو أيضا قليل مُقارنة باحتياجات السكان.

فيجب أن تكثف الجهود لتقديم تلك المساعدات ويجب أن يتم تسهيلها ولا تتعرض للعرقلة ورفع جميع القيود المفروضة على وصول المساعدات بشكل آمن وسريع عبر جميع المعابر وإيصالها لجميع المناطق داخل قطاع غزة. 

الأزمة الغذائية كارثية.. والاحتياجات الإنسانية تتزايد والوضاع من سيء إلى أسوأ 

هل ترى أن إسقاط المساعدات جوًا على غزة ساهم في تقليل حدة الأزمة الإنسانية؟ 

نحن في اليونيسيف ممتنون جدًا لاسقاطات المساعدات جوًا، ونقدر أي شيء يمكن أن يزيد من وارد المساعدة ووصولها لغزة؛ سواء كان ذلك عبر الوصول البحري أو الاسقاطات الجوية؛ لكن لا شك أن الوصول عبر الطرق هو الأكثر كفاءة لإيصال المساعدات بشكل كبير وضمان عدالة التوزيع لجميع الأشخاص والأسر؛ في ظل عدم قدرة عدد كبير من السكان للوصول إلى المساعدات التي يتم إسقاطها.

وفي ظل هذه المرحلة الحرجة فإن جهود إيصال المساعدات عبر البحر أو الجو هو جهد كبير مُقدر ويُخفف بشكل قليل من التداعيات الإنسانية الهائلة؛ ولكن ويجب أن يكون التركيز على ضمان وصول المساعدات عبر المعابر البرية حتى يتم إغمار غزة بالغذاء وهذا يكون أفضل حل للجميع؛ ونؤكد أنه لا يوجد سبب لعدم إدخال المساعات والتي تتزايد الحوجة إليها يومًا بعد يوم في ظل العدوان المتواصل لنحو 180 يومًا. 

حوجة الأطفال في غزة على الطعام 

المجاعة وشيكة في الشمال.. وغزة أعلى نسبة للسكان تحت تصنيف الأكثر خطورة

ماذا عن تعمد الاحتلال إعاقة عمل اليونيسيف وبعض المنظمات الأممية في غزة؟ 

في الفترة ما بين 1 إلى 22 مارس تم رفض أربع بعثات للمساعدات الإنسانية الأربعين المُوجهة إلى شمال غزة؛ وحسب تصريح منظمة الأونروا فإن المنظمة ممنوعة الآن من إيصال الغذاء والمساعدات إلى الشمال؛ مع العلم أن 50% من الغذاء المتجه للشمال تقوم الأونروا بتوصيلها؛ فبالتالي كل هذه العوامل ستؤدي إلى زيادة الاحتياجات الإنسانية التي هي هائلة بل وضع الغذاء سيكون أسوأ بمراحل مما هو عليه الآن. 

اليوم الوضع الغذائي والإنساني في غزة كارثي.. وطفل من بين كل ثلاثة دون العامين يُعاني من سوء التغذية الحاد 

هل تراجعت جهود اليونيسيف خلال الأشهر الـ 6 من العدوان على غزة.. وماذا تقدم الآن؟  

تواصل اليونسيف جهودها والمتركزة على دعم الأطفال والنساء في زمن الحرب وخاصة مع الواقع الحالي؛ ونحن متواجدون في قطاع غزة من قبل أحداث الـ 7 من أكتوبر وما زلنا مٌوجودين ولدينا فرقنا التي تعمل على الأرض بشكل مُتواصل في ظروف صعبة بل أشبه بالمستحيلة؛ من حيث القصف المتواصل والظروف الأمنية الخطرة؛ فموظفينا يعيشون كما يعيش جميع أهالي غزة في نفس الظروف الصعبة جدًا؛ ورغم كل التهديدات ما زلنا مُلتزمين وفرقنا مازالت ملتزمة بالعمل على الرغم من كل هذه الظروف بالعمل المساعدة وإنقاذ حياة السكان وخاصة الأطفال والنساء. 

دمار غزة 

نعمل بشكل أساسي من حيث توفير مياه صالحة للشرب وتوصيل النقد المُعتدد حيث وصلنا لأكثر من نصف مليون شخص؛ وهذا النقد المتعدد يسمح للعوائل بتلبية بعض احتياجاتها الأساسية من بعض الأسواق التي لا تزال موجودة؛ بالإضافة إلى ذلك نوفر بعض الملابس الشتوية للأطفال وتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية للمستشفيات توفير الأدوية العلاجية والمغذيات الدقيقة للأطفال المصابين بسوء التغذية بالإضافة إلى خدمات الصرف الصحي في بعض الملاجيء وبناء المراحيض للسكان خاصة وأن أكثر من 850 شخصا يستخدمون حماما واحدا في رفح؛ وهو الأمر الذي يؤدي إلى انتشار الأمراض مع انعدام وجود المياه الصالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي. 

كما نعمل على توفير مواد النظافة الشخصية والمواد الخاصة بالنساء؛ إلى جنب خدمات الحماية والبحث عن الأطفال المنفصلين والمفقودين عن عوائلهم وتقديم الحماية اللازمة لهم بالعمل مع الشركاء والعمل على إعادتهم لأسرهم ولم شملهم.

 كل الجهود المقدمة غير كافية أمام الكم الهائل من الاحتياجات.. وفتح المعابر وإدخال المساعدات المتنفس الوحيد للحد من الأزمة الإنسانية 

هل ترى أن جهود اليونيسيف خلال الأشهر الـ 6 من العدوان على غزة كافية؟ 

كل هذه النشاطات والجهود التي تقوم بها اليونيسيف على أرض الواقع في غزة؛ تحافظ فقط على الحد الأدنى المطلوب للحياة؛ ولكن غير كافية أبدًا حتى مع جهود المنظمات الدولية الأخرى فكل هذه الجهود للحفاظ على الحد الأدنى من الحياة؛ ويمكن زيادة كل هذه الخدمات والمساعدات برفع وإنقاذ المزيد من حياة الأطفال والأشخاص المتضررين من خلال رفع القيود المفروضة على وصول المساعدات بشكل أسرع وأكبر إلى قطاع غزة؛ وبالتالي كل هذه الجهود ستُساهم في تخفيف الأزمة ولكنها في النهاية غير كافية بسبب الاحتياجات الإنسانية الهائلة. 

دمار غزة 

صحيح أن بعض المنظمات لديها القدرة على الوصول وزيادة المساعدات وزيادة تقديم الخدمات لإنقاذ حياة الأطفال وعوائلهم المتأثرين بالحرب؛ ولكن إذا بقى الوضع سيئا كما هو عليه فإن عدد الوفيات بين الأطفال سيشهد انفجارا خلال الأسابيع والأيام القادمة خاصة إذا لم يتغير الوضع وظل كما هو عليه في قطاع غزة من حيث بيئة العمل الإنساني وإعاقة عمل المنظمات الدولية وخاصة في شمال قطاع غزة؛ خاصة وأن بوادر الكارثة رأيناها خلال الأيام الماضية بعد وفاة الأطفال؛ والتي يُمكن تفاديها فعلًا إذا ما تم فتح جميع المعابر للوصول إلى جميع المناطق داخل قطاع غزة بشكل آمن وسريع.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: متحدث اليونيسف غزة قصف مستشفى القدس الأردن إيران سوريا دمشق البيت الأبيض طهران القسام المقاومة الفلسطينية الملثم مصر رفح اجتياح رفح العدوان على غزة الضفة الغربية الهلال الأحمر فلسطين قصف غزة حرق مستشفى الصليب الاحمر من سوء التغذیة الحاد المساعدات بشکل وصول المساعدات الحد الأدنى من العدوان على فی قطاع غزة الأطفال فی یعیشون فی من أکتوبر القصف الم غیر کافیة من المیاه ما یزید على غزة أکثر من کل هذه ی عانی فی غزة ا واحد غزة من

إقرأ أيضاً:

إيكونوميست: هل مؤسسة غزة الإنسانية مؤامرة وأداة إسرائيلية؟

حللت مجلة "إيكونوميست" الجدل المحيط بـ"مؤسسة غزة الإنسانية" والذي يدور حول كونها مؤامرة، أم مهمة قاصرة أو حل إسرائيلي تجاه مسألة المساعدات في قطاع غزة الذي يتعرض لحرب إبادة مستمرة منذ أكثر من 20 شهرا.

وتحدثت المجلة في البداية إلى  أيمن، وهو سائق سيارة أجرة من شمال غزة، نزح سبع مرات، حيث غادر في صباح الأول من حزيران/ يونيو خيمته عند الشاطيء ومشى هو وشقيقه مسافة 5 كيلومترا عبر الأنقاض إلى أطراف مدينة رفح، جنوب غزة، وقيل لهما إنه مركز أمريكي جديد لتوزيع الأغذية هناك. 

وعبر أيمن مع شقيقه ممرا تحيط به الأسلاك الشائكة نحو صف من رجال الأمن الخاص المسلحين، بعضهم أمريكيون وبعضهم يتحدث العربية، كانوا يحرسون أكواما من الصناديق الكرتونية المملوءة بالطعام.


وكان عدد الفلسطينيين الجائعين يفوق عدد الصناديق بكثير، كما يقول أيمن، فاندلعت الفوضى. وأطلقت أعيرة نارية، بينما تشير التقارير اللاحقة إلى استشهاد حوالي 30 شخصا.

ومنذ ذلك الحين، يتجنب أيمن وشقيقه مراكز توزيع الأغذية، بينما أكدت المجلة أن "إسرائيل" منعت منذ بداية آذار/ مارس وحتى منتصف أيار/ مايو  جميع المساعدات من دخول غزة، وحتى ضباط في جيش الاحتلال الإسرائيلي أقروا بأن سكان غزة  تواجه أزمة طعام وجوع.

وفي أيار/ مايو أعلنت "إسرائيل" عن حلها: ستدير مؤسسة غزة الإنسانية، وهي منظمة غامضة، شبكة من مراكز توزيع المساعدات، وحتى الآن، أنشأت "إسرائيل" ثلاثة مراكز جنوب محور "موراغ"، وهو شريط أمني جنوب غزة يعزل محافظة رفح، ومركزا رابعا قرب مدينة غزة شمالا.

وقالت المجلة إن "استخدام إسرائيل المساعدات الإنسانية كسلاح حرب أثار الغضب، لقد منعت دخول الإمدادات الأساسية إلى غزة. ومع ذلك، فإن جهودها الجديدة لتوزيع المساعدات تثير جدلا واسعا. وتقول حماس إنها واجهة للجيش الإسرائيلي. وقد شجبتها منظمات الإغاثة الدولية".

وذكرت أن "مؤسسة غزة الإنسانية سجلت في ديلاوار، أمريكا وقبل أسبوعين من تولي دونالد ترامب منصبه، وعنوانها في ديلاوار على أنها مجموعة من الشركات، ويعتقد أنها تلقت 150 مليون دولار من التمويل حتى الآن. وقد خصص جزء كبير من هذا التمويل لتوظيف مرتزقة،  بعضهم من شركات أمنية أمريكية خاصة".

وأوضحت أن المسؤولين الإسرائيليين يرفضون الكشف عن هوية الجهة التي تمولها، وحتى وزير المالية المتشدد، بتسلئيل سموتريتش، يدعي أنه لا يعلم من يمولها، لكن الإجماع هو أن الأموال تأتي من داخل "إسرائيل". 

ويعتقد أفيغدور ليبرمان، النائب المعارض ووزير المالية والحرب السابق، أن الجهة التي تدفع المال هي دولة الاحتلال نفسها.

وأوضحت المجلة "تضاءلت آمال تمويل الحكومة الأمريكية للمؤسسة، في أعقاب أعمال العنف المتكررة والمشاهد المروعة لرجال جياع يتسلقون أسوار المراكز. وقد ساعدت بوسطن كونسالتينغ غروب في وضع خطة المجموعة، لكنها نأت بنفسها عنها منذ ذلك الحين. واستقال أول مدير للمؤسسة، احتجاجا على انتهاكها للمبادئ الإنسانية. أما رئيسها الجديد فهو واعظ إنجيلي مقرب من ترامب،  اسمه جوني مور، ولا يزال متفائلا، حيث يقول: لقد قدمنا ما يقرب من 11 مليون وجبة الأسبوع الماضي". "إنها واحدة من أكثر المهام الإنسانية تعقيدا في عصرنا".


وينفي أن تكون مؤسسة غزة الإنسانية أداة لـ"إسرائيل"، قائلا: "ليس كل التمويل، ليس من إسرائيل". 
وزعم أن هدف استبدال نظام الأمم المتحدة الفاسد يتماشى مع رؤية البيت الأبيض وأن ترامب وعد بتقديم المساعدة من خلال آلية مختلفة لشعب غزة.

وتضيف المجلة أن أداء مؤسسة غزة الإنسانية حتى الآن كان بائسا، قائلة "يحرس مرتزقة أجانب الطعام في مراكز التوزيع، بينما تدافع القوات الإسرائيلية عن محيطها وطرق القوافل. ويطلق النار على القادمين لجمع المساعدات يوميا تقريبا. وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من 200 شخصا قتلوا. ألقي اللوم على الجيش الإسرائيلي وحماس والعصابات المسلحة، وتشير تحليلات مستقلة لبعض حوادث إطلاق النار إلى القوات الإسرائيلية".

وأضافت أنه "في 11 حزيران/ يونيو، قتل ما لا يقل عن خمسة من العاملين في غزة الإنسانية، حيث حملت المرسسة حماس المسؤولية، بينما يقول فيليب لازاريني، رئيس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، إن الإغاثة أصبحت فخا قاتلا. وتدافع إسرائيل عن الشبكة الجديدة، قائلة إنها ستمنع حماس من التحكم في تدفق المساعدات وتضعف قبضتها على السكان المدنيين".

ويقول المسؤولون الإسرائيليون إن السيطرة على المساعدات أمر بالغ الأهمية لكسب الحرب، زاعمين أن حماس "حققت ما بين 0.5 مليار دولار ومليار دولار من سرقة المساعدات العام الماضي، على الرغم من أنهم لم يقدموا أدلة موثوقة عن هذه الأرقام".

وقالت المجلة إن "مراكز غزة الإنسانية لم تقض على ممارسات التحكم وإساءة استخدام المواد الإنسانية، وتباع  الحصص الغذائية بالفعل، فلا شيء يمنع تكرار الزيارات إلى المراكز، كما أن النظام الجديد لا يقدم خدمة عادلة لسكان غزة العاديين. فهو يفتقر إلى ضمانات تضمن وصول المساعدات إلى أشد الناس احتياجا. ولا يستطيع الناس الضعاف قطع مسافات طويلة عبر منطقة حرب إلى مراكز بعيدة".

وأضافت أنه "بمقارنة هذا النموذج، بما كانت تقوم به الأمم المتحدة، فقد وصلت مساعدات شبكتها إلى 1.1 مليون شخص عبر 400 مركزا محليا، ولم تكن الشبكة مثالية، فقد عملت بتعاون ضمني أو صريح من حماس، التي تحكم غزة منذ عام 2007. وأعيد بيع الكثير من المساعدات، لكن المساعدات كانت تصل".


وأوضحت "تلقت العائلات رسائل نصية تعلمها بموعد استلام المساعدات واعتمد المحتاجون على خدمة توصيل ووزعت الأدوية والخيام بالإضافة إلى الطعام".

وتائلت المجلة عما سيحدث بعد، قائلة إن أحد من السيناريوهات هو أن "تكون المؤسسة مرحلة مؤقتة وإذا استمر العنف وثبت عجزها عن تخفيف معاناة سكان غزة، فقد ينهار نموذجها في غضون أسابيع.. وإذا تم وقف إطلاق النار وانسحبت القوات الإسرائيلية من معظم أنحاء غزة، فستصبح المراكز غير محمية، وقد يلغى المخطط، مع استعادة الأمم المتحدة دورها المهيمن".

أما السيناريو الآخر، فهو مواصلة المؤسسة عملها وتصبح جزءا من مشهد غزة وأداة للسلطة. وتقول المجلة إن نهاية نظام التوزيع السابق لن يكون في مصلحة حماس، حيث لن تكون قادرة على دفع رواتب 50,000 من موظفي الخدمة المدنية.

وأوضحت أنه "إذا استمرت خطة مؤسسة غزة الإنسانية، فهناك سؤال مثير للقلق يجب الإجابة عليه. فالنموذج يستخدم بالفعل لحصر الفلسطينيين في مساحات من الأرض. ويخشى العسكريون المجربون من توسع نطاق مهمتهم، وأن تصبح مؤسسة غزة الإنسانية أداة تستخدم على الأمد البعيد للاحتلال وإعادة التوطين والتطهير العرقي. ويتحدث ساسة من اليمين المتطرف، بمن فيهم سموتريتش، الذي يشيد بعمل المؤسسة، علنا عن خططهم لإعادة توطين غزة. وقد تحدث بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، عن إنشاء "منطقة معقمة" للفلسطينيين حول مراكز التوزيع قرب الحدود مع مصر".

مقالات مشابهة

  • “اليونيسف”: ما يدخل غزة من القنابل والصواريخ أكثر بكثير من المواد الغذائية
  • "اليونيسف": يدخل غزة من القنابل والصواريخ أكثر بكثير من المواد الغذائية
  • اليونيسف: عائلات غزة تعاني الأمرّين لتأمين وجبة يومية لأطفالها
  • «مؤسسة خالد بن سلطان الإنسانية» تحمي 30 ألف طفل ومجتمعاتهم
  • اليونيسف: عائلات غزة تعاني الأمرّين لتأمين وجبة لأطفالها
  • متحدث اليونيسف: عائلات غزة تعاني الأمرّين لتأمين وجبة لأطفالها
  • غزة.. مقتل 40 فلسطينيا في يوم واحد معظمهم قرب نقطة توزيع مساعدات غذائية
  • مدبولي يكلف وزير الصحة بمتابعة حالة الطفلة التي أصيبت بعمى بعد أن ضربها أحد الأطفال على رأسها
  • إيكونوميست: هل مؤسسة غزة الإنسانية مؤامرة وأداة إسرائيلية؟
  • تنديد أممي بفشل مؤسسة غزة الإنسانية واتهام للاحتلال بعسكرة المساعدات