الناقد المصري أحمد درويش يدعو لاستقبال الشعر بما يليق بجماله وجلاله
تاريخ النشر: 28th, July 2023 GMT
القاهرة – “رأي اليوم”- محمود القيعي: دعا الناقد المصري الكبير دكتور أحمد درويش إلى استقبال الشعر بما يليق بجماله وجلاله من تأهب وحفاوة، مذكّرا بمقولة الناقد الفرنسي الشهير جون كوين في كتابه “بناء لغة الشعر” “إن الشعر ذو مزاج ملكي، فإما أن يسود وحده أو يعتزل”. وذكّر درويش- الحاصل على درجة الدكتوراه في النقد الأدبي والبلاغة من جامعة السربون- بقول الحطيئة: الشعر صعب وطويل سلّمه إذا ارتقى فيه الذي لا يعلمه زلت به إلى الحضيض قدمه يريد أن يعربه فيعجمه ولفت درويش- في حفل توقيع كتابه” استقبال الشعر.
. محاورات مع الشعر التراثي والمعاصر” الصادر أخيرا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب والحاصل على جائزة البابطين – إلى أن صرخة الحطيئة القديمة موجهة للشعراء والنقاد سواء بسواء. وقال- في الندوة التي أقيمت بمقر الهيئة العامة للكتاب وسط القاهرة مساء الخميس – إن هذه الدعوات القديمة تدعو إلى مزيد من التأمل في ارتقاء سلالم الشعر إبداعا أو نقدا، لكي نستقبله بما يليق به. وقال إن مادة الاستقبال في العربية غزيرة الإيحاءات والدلالات والاحتمالات، لافتا إلى أنها بهذا كله قريبة من جوهر الشعر الذي يطمح إلى أن يضع متلقيه في جاذبية هذه الأطر غير الراكدة. وعن الفرق بين مصطلح تلقي الشعر الأكثر شيوعا، ومصطلح “استقبال الشعر” قال إنه فرق مكاني وحركي قد يكون طفيفا، ولكنه ذو دلالة، مشيرا إلى أن المتلقي ثابت في مكانه يسعى إليه النص فيتلقاه، والمستقبل يتحرك من مكانه ليستقبل نصا لاح في الأفق ،لافتا إلى أن عنصر الإرادة والحركة والاختبار أوضح في الاستقبال منه في التلقي. واختتم درويش مؤكدا أنه يميل إلى فكرة أن أضواء النقد ينبغي أن لا تسلط على عين القارئ،وإنما على صفحات النص، لكي تعطي للمتأمل فرصة الوصول إلى مفتاح النص بمساعدة النص. وقال إن الشعر العربي له طبقات جيولوجية رهيبة،ويكاد يكون الشعر الوحيد في العالم الذي نستطيع أن نتمتع بنصوص منه تاريخها يتعدى 1500 سنة، وكأنها حفريات. شارك في مناقشة الكتاب كل من: د. محمد عبد الباسط عيد، والشاعر أحمد حسن عوض، ود. شريف حتيتة. الندوة شهدت كذلك مداخلات ثرية من الحضور، حيث تحدثت د.رشا صالح عن د. أحمد درويش الناقد القادر على الإفهام. وتحدث د. سيد إبراهيم عن أحمد درويش القيمة والقامة .
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
النص الكامل لرسالة الرئيس تبون بمناسبة الذكرى الـ80 لمجازر 8 ماي 1945
وجّه رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، اليوم، رسالة بمناسبة إحياء اليوم الوطني للذّاكرة، المُخلّد للذّكرى الـ80 لمجازر الثّامن ماي 1945 - 2025.
وفيما يلي نص الرسالة الكامل:
“بسم الله الرحمن الرحيم
والصّلاةُ والسّلامُ على أشرف المرسلين،
أيّتُها المُواطِناتُ، أيُّها المُواطِنُون،
يَحْتَفِي الشَّعْبُ الجزائريُّ في الثَّامِنِ (08) ماي – بِاعْتِزَازٍ – بِذِكْرَى انْتِفَاضَةٍ شَعْبِيَّةٍ فَاصِلَةٍ، اقْتَرَبَتْ بِنِضَالاتِ الحَرَكَةِ الوَطَنِيَّةِ على مَدَى عُقُودٍ إلى لَحْظَةٍ تَاريخِيَّةٍ حَاسِمَةٍ .. وَالتَّحَوُّلِ إلى جَبْهَةِ الكِفَاح المُسَلَّح، الَّذي غَدَا سَبِيلًا لا بِدِيلَ عَنْهُ، للخَلاصِ مِنْ اسْتِعْمَارٍ دَمَوِيٍّ، سَجَّلَ عَلَيْهِ تارِيخ البَشَرِية حَصِيلَةَ أزْيَدَ مِنْ قَرْنٍ مِنَ الانْتِهَاكَاتِ الفَظِيعَةِ في حَقِّ الشَّعْبِ الجزائري ..
وفي هَذَا اليَوم الوطني المُخَلِّد للذِّكرى الثَمانِين (80) لمُظاهرات 08 ماي 1945، يَقِفُ الجزائرياتُ وَالجزائريُونَ عِنْدَ هذهِ الذّكرَى الَّتي تُبْرِزُ حَجْمَ وَقَسَاوَةَ المُعَانَاة الَّتي تَكَبَّدَها شَعْبٌ مُقَاوِمٌ مُعْتَزٌّ بِشِدَّةِ بَأْسِه بِالأمْسِ وَاليَوم وَغَدًا في دَفْعِ العُدْوَان عَنْ أرْضنا الطَّاهِرَة .. وَبِصَبْرِهِ وَسَخَاءِ دَمِهِ فِدَاءً لِلْوَطَن ..
وَمَا أصْدَقَ مُظاهَرَاتُ الثَّامِن (08) مِنْ ماي في التَّعْبِير عَنْ تَعَلُّقِ الشَّعْب الجزائري بِالحُرِّيَةِ وَالكَرَامَةِ وَالأنَفَةِ، وَهُوَ يَخْرُجُ قَبْلَ ثَمانِينَ عَامًا مُوَاجِهًا أبْشَعِ جَرَائِمِ الإبَادَةِ، وَالجَرَائِمِ ضِدَّ الإنْسَانِيَّة في العَصْرِ الحَدِيث، مضحيًا بأكثر من 45.000 شهيد في سبيل الحرية والإنعتاق.
إنَّ إحْيَاءَ هَذِهِ الذّكرى الأليمة بِرُوحِ الوَفَاء لأسْلافِنَا الَّذِين تَحَمَّلُوا أهْوَالًا وَمَآسٍ مُدَمِّرَةً للإنسان وَالأرض، هُوَ وَجْهٌ للثَّبَاتِ على حِفْظِ أمَانَةِ الشُّهَدَاءِ، يُرَسِّخُ في الوِجْدَانِ طَبِيعَةَ الهُوِيَّةِ الوَطَنِيَّةِ، الَّتي تَشَكَّلَ عُمْقُهَا، وَتَبَلْوَرَتْ مَلامِحُهَا مِنْ مُقَاوَمَاتِ وَنِضَالاِتِ وَكفَاحِ أجْيَالٍ تَرْبُطُهَا جُسُورُ التَّوَاصُلِ وَيَجْمَعُهَا حُبُّ الوَطَن ..
وَمَا هَذِهِ اللَّحْظَةُ المُؤَثِّرَةُ الَّتي تَعُودُ فِيها ذِكْرَى اسْتِشْهَادِ عشرات الآلاف مِنْ أعز أبناء هذا الوطن في كلٍّ من سطيف وخراطة وقالمة وعين تموشنت وغيرها، إلّا تَصْدِيقًا لِطَبْعٍ مُتَأصِّلٍ في الشَّعْب الجزائري المُمَجِّد لِتَاريخِهِ ووطنه وحريته.
إنَّ الجزائرَ السَّيِّدَة، الأبيّة والمنتصرة تَبْنِي صَرْحَ حَاضِرِهَا، وَتَتَطَلَّعُ بِالعَزْمِ وَالعَمَل إلى مزيد منَ التَّنْمِيَةِ المُسْتَدَامَةِ .. تَدْفَعُهَا اليَوْم إرَادَةُ الوَطَنِيِّينَ الغَيُورِينَ على وطنهم العَامِلِينَ – في هَذِهِ المَرْحَلَةِ الدَّقِيقَةِ – على حَشْدِ قُدُرَاتِهَا لِتَثْبِيتِ مَكانَتِهَا إقْلِيميًا وعالميًا .. يُسْنِدُهَا رَصِيدٌ تَارِيخيٌّ بَاعِثٌ لِفَخْرِ الشَّعْبِ الجزائري المَجْبُولِ على الشَّجَاعَةِ .. وَإعْلاءِ مَبَادِئ الحَقِّ وَالحُرِّيَة.
وَتَمَسُّكًا بِحَقِّ شَعْبِهَا، واعْتِبَارًا لِقَدَاسَةِ إرْثِ المُقَاوَمَة وَالكِفَاح .. وَارْتِبَاطًا بنهج نوفمبر وَرِسَالَةِ الشُّهَدَاءِ الأبَدِيَّةِ، فإنَّ الجزائر لا تقبلُ – إطلاقًا – أن يكونَ ملفُّ الذّاكرةِ عُرضةً للتَّنَاسي وَالإنْكار .
إنَّ الشَّعْبَ الجزائريّ الَّذي صَنَعَ بِالأمْسِ مِنْ المُعَانَاةِ وَالتَّضْحِيَاتِ أمْجَادًا، لَنْ تُوقِفَ مَسِيرَتَهُ صُعُوبَةُ التَّحَدِّيَاتِ، وَسَيَزْدَادُ عَزْمًا في مُوَاجَهَةِ النّاقِمينَ على مَبَادِئِنا وَاستِقلالِ قَرَارِنا الوَطنيِّ، وَإفْشَالِ مَكَائِدِهَم بِمُوَاصَلَةِ التَّقَدُّمِ على طَريقِ تَحْقِيق الإنْجَازَاتِ الكُبرَى، للبُنْيَةِ التَّحْتِيَّةِ في كُلّ المناطِقِ، وَتَجْسِيدِ إستراتيجيَّة وَضْعِ اقتِصَادِنا على مَسَارٍ جَدِيدٍ للاسْتِثْمَارِ الرَّشِيد في مُقَدَّراتِ الجزائرِ الهَائِلَةِ .. وَالارتِقاءْ بمُسْتَوَيَاتِ رَفَاهِ الشّعبِ الجزائريّ، الّذي انتَصَرَ بعبقريّتهِ في كلِّ المَراحِلِ على الصّعوباتِ، كَمَا تَعَلَّمَ مِنْ تَارِيخِهِ .. وَمِن الشُّهَدَاءِ الَّذين نَتَرَحَّمُ على أرْوَاحِهم الطَّاهِرَةِ في هَذِهِ المُنَاسَبَةِ الخالِدَة.
“تَحيَا الجَزائِر ”
المَجْد والخُلودُ لِشُهدائِنَا الأبرَار
والسّلامُ عَليكُم ورَحمَةُ اللهِ تَعالى وَبركاتُه.”