السودان.. اتساع رقعة الحرب يجبر نازحين على «نزوح جديد»
تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT
فرض اتساع رقعة حرب السودان على المدنيين واقعاً مضنياً وضعهم بين قطبي رحى انتهاكات طرفي الحرب وطريق النزوح واللجوء الطويل والمكلف.
التغيير: محمد عبد الرحمن
في 15 ابريل الحالي، تكمل حرب الجيش السوداني وقوات الدعم السريع عاماً بالتمام والكمال، بعد أن وصلت آثارها كل بيت سوداني ما بين قتيل ومصاب ونازح ولاجئ ومحاصر، ومع اقتراب العام تضع الحرب المدنيين أمام تحديات وخيارات قاسية، في وقتٍ تتسع فيه رقعة الحرب وتزداد الأوضاع تعقيداً وسوءاً.
واندلع الصراع منتصف ابريل الماضي بالعاصمة الخرطوم، قبل أن يتمدد لاحقاً إلى ولايات أخرى، وتتزايد كلفته البشرية والمادية، وتتوالى مآسيه ملاحقاً الذين نزحوا ليجبرهم على رحلات نزوح جديدة.
نزوح وعودة اضطراريةمع تطاول أمد الحرب تصاعد خطاب الكراهية والتحريض والاتهامات للمقيمين في مناطق سيطرة أحد طرفي الحرب أو النازحين أو حتى الناشطين والإعلاميين في جو مشحون بالتعبئة والتعبئة المضادة، وهو ما دفع كثيرين للنزوح أكثر من مرة.
وفرض اتساع رقعة الحرب على المدنيين واقعاً مضنياً وضعهم بين قطبي رحى انتهاكات طرفي الحرب وطريق النزوح واللجوء الطويل والمكلف.
(التغيير) تحدثت مع أسرة نزحت قبل أشهر من الخرطوم إلى ولاية الجزيرة وبعد انتقال الصراع إلى الجزيرة اضطرت الأسرة المكونة من خمسة أفراد “أب وأم وبنتين وولد” إلى النزوح مرة أخرى إلى ولاية بعيدة عن الحرب، وشهدت رحلتهم معاناة كبيرة خاصة وأن الأبوين يعانيان من أمراض مزمنة.
الأسرة استقلت عربة كارو يقودها الحصان كوسيلة نقل لمسافة أكثر من عشرين كيلومتراً حتى مكان الحافلات، ووصل سعر إيجار الكارو إلى نحو 100 ألف جنيه سوداني، ومن ثم استقلوا مركباً لعبور النهر فعربات النقل تنتظر عند الضفة الأخرى، للى المبيت مع أسرة في القرية التي تقلهم منها الحافلات صباحاً إلى ولاية آمنة، وبلغ سعر تذكرة الحافلة للشخص الواحد أكثر من 100 ألف جنيه، وسافرت الأسرة في رحلة لأكثر من 12 ساعة حتى وصلت إلى ولاية آمنة لبدء رحلة نزوح جديدة ينتظرهم فيها إيجار منزل باهظ الثمن وتكاليف معيشة وأدوية غالية الثمن.
وروى عدد من الذين نزحوا من الخرطوم إلى مدينة مدني قبل أشهر رحلة نزوحهم الثانية من مدني إلى ولاية سنار سيراً على الأقدام فقد قطعوا مسافة أكثر من 100 كليومتراً، تحركوا في الصباح الباكر ووصلوا عند منتصف الليل، حيث وجدوا من يستقبلون النازحين من أهالي المنطقة بالطعام والماء والعلاج.
ووصفوا في حديث لـ(التغيير)، رحلة النزوح الثاني بأنها كانت الأصعب لسيرهم على الأرجل طويلاً وعدم مقدرتهم على إيجاد سكن بأسعار ميسورة والبحث عن بداية جديدة وسط النزوح أمر صعب وتحدٍّ كبير.
كما أفادت أسر كانت تقيم في مراكز إيواء بمدن الجزيرة، بأنها انتقلت إلى الخرطوم مرة أخرى والقبول بالأمر الواقع، بعد النزوح لأشهر جراء تفجر الأوضاع في الولاية، وقالوا إنهم لا يملكون المال للانتقال إلى ولايات آمنة لذلك اختاروا العودة بعد أن لاحقتهم نيران الصراع.
وهناك ثلاث أسر أخرى عادت من الجزيرة إلى منطقة الكلاكلة بالخرطوم اضطرارياً، وذلك بعد أشهر طويلة قضتها أسرتان منهم في منزل بلغت تكلفته الشهرية 600 ألف جنيه والثالثة في منزل صغير بقيمة 300 ألف، وعادت الأسر مستقلة حافلة بتكلفة 600 ألف من وسط الجزيرة إلى الكلاكلة في طريق غير آمن قد يتعرضون فيه للنهب أو الحوادث.
مخاوفومع إكمالها عاماً كاملاً تزداد المخاوف من تأثيرات حرب السودان التي خلفت كوارث عديدة وأدت إلى انهيار البنية التحتية وتوقف المصانع والمشافي وانعدام الأغذية، بجانب الكوارث الصحية وانعدام الدواء في وقت انتشرت فيه الاوبئة بسبب تحلل الجثث في الشوارع والمنازل بمناطق الصراع خلال الأشهر الاولى للحرب، وقد سجلت مناطق الصراع حالات كثيرة للإصابة بالكوليرا والإسهالات المائية والملاريا والحميات في ظل نقص للأدوية ومراكز العلاج والمستشفيات، مما يضع المقيمين والنازحين والعائدين أمام اختبارات وخيارات صعبة.
وأدى الصراع في البلاد إلى سقوط أكثر من 13 ألف مدني وفق ما اكدته تقارير اممية، بجانب الدمار والخراب الكبير الذي لحق بالبنية التحتية من جامعات ومدارس ومرافق حكومية وجسور ومرافق الكهرباء ومحطات المياه والمراكز الصحية والمستشفيات.
الوسومالجزيرة الجيش الخرطوم الدعم السريع السودان مدنيالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الجزيرة الجيش الخرطوم الدعم السريع السودان مدني إلى ولایة أکثر من
إقرأ أيضاً:
السودان يدمر نحو 50 ألف «جسم متفجّر» من مخلفات الحرب .. مدير مركز مكافحة الألغام: نحتاج 90 مليون دولار لإكمال المهمة
بورتسودان: الشرق الأوسط: أعلن مدير المركز القومي لمكافحة الألغام في السودان، اللواء خالد حمدان، تسجيل 50 حادث انفجار لمخلفات الحرب، راح ضحيتها 14 قتيلاً و36 جريحاً، في حين دمرت الجهات المختصة أكثر من 49 ألف جسم متفجر، منها 37 ألفاً من الذخائر الكبيرة، و12 ألف قذيفة صغيرة، وجمعت أعداداً مماثلة يُنتظر تدميرها خلال الأيام القادمة في الخرطوم، إلى جانب تدمير 8 آلاف «دانة» في ولاية الجزيرة بوسط البلاد.
وقال حمدان لـ«الشرق الأوسط» إن ولاية الخرطوم تعد من أكثر المناطق التي توجد بها مخلفات حرب، وإن فرقاً تابعة لقوات «سلاح المهندسين» تعمل على إزالة الألغام التي زرعتها «قوات الدعم السريع» في الخرطوم، خصوصاً حول مصفاة «الجيلي» ومنطقة صالحة في جنوب مدينة أم درمان، وبعض المناطق المتفرقة في ولاية نهر النيل.
وتوقع حمدان أن يكون عدد ضحايا المواد المتفجرة أكبر في المناطق التي لا تزال تسيطر عليها «قوات الدعم السريع»، بحيث يصعب التواصل مع تلك المناطق بسبب انقطاع شبكات الاتصال، وعجز المواطنين عن التبليغ عما أصابهم من أذى بسبب صعوبات التنقل.
90 مليون دولار لإزالة المخلفات
وقال المسؤول السوداني المختص في إزالة مخلفات الحرب، إن هناك 7 فرق عمل في الخرطوم، تعمل على إزالة المخلفات، وأنجزت بالفعل تنظيف مباني الأمم المتحدة والمؤسسات الحكومية والبنوك من مخلفات القذائف غير المتفجرة. وتابع: «هناك فرق منتشرة أيضاً في ولايات الجزيرة، وسنار، والنيل الأزرق، والنيل الأبيض، وكردفان، مدعومة من وزارة الدفاع».
وقدر حمدان الميزانية المطلوبة لإزالة الألغام وإكمال مهمة التخلص من مخلفات الحرب بنحو 90 مليون دولار، مشيراً إلى تأثر عمليات إزالة المخلفات بقرارات الرئيس الأميركي دونالد ترمب بوقف المساعدات الخارجية. وقال إن «مكتب الأمم المتحدة المختص في بورتسودان كاد يغلق أبوابه لولا الدعم الكندي الذي قُدم لمواصلة الأنشطة».
وأشار حمدان إلى صعوبة المهمة؛ لأن الحرب دارت في مناطق مأهولة بالسكان، قائلاً: «قبل الحرب كان من السهل تحديد المناطق الخطرة، لكن للأسف اندلعت الحرب في المناطق المأهولة؛ ما يتطلب جهوداً مكثفة للتوعية، وحث المواطنين على التبليغ عن وجود أي مخلفات». وأوضح أن السودان قبل الحرب «كاد يعلن خلوه من الألغام، لكن الحرب أفرزت واقعاً جديداً، فانتشرت مخلفاتها في عدد من ولايات البلاد، خاصة في الخرطوم التي شهدت بداية الحرب».
يُذكر أن «قوات الدعم السريع» قد انسحبت من آخر معاقلها في ولاية الخرطوم، بعد أن سيطرت على معظمها لنحو عامين منذ الأيام الأولى للحرب التي اندلعت بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في 15 أبريل (نيسان) 2023.