دلالات إنهاء النيجر تعاونها العسكري مع واشنطن
تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT
يمثل انسحاب النيجر من اتفاقية التعاون العسكري مع الولايات المتحدة ضربة قوية للنفوذ الأمريكي في منطقة الساحل، خاصةً أن النيجر كانت تُعد حليفًا استراتيجيًا هامًا لواشنطن في مكافحة الإرهاب، باعتبارها مركزاً للعمليات في منطقتي غرب وشمال إفريقيا، وبالتالي فخسارة واشنطن لوجودها في النيجر ستكون لها انعكاسات سلبية على القدرة التشغيلية الأمريكية في المنطقة.
تفقد الولايات المتحدة قاعدة عسكرية مهمة في أغاديز، كانت تُستخدم لشن غارات بطائرات بدون طيار ضد الجماعات الإرهابية في المنطقة.
وقد يُشجع انسحاب الولايات المتحدة من النيجر دولًا أخرى في المنطقة على إعادة تقييم علاقاتها مع واشنطن.
كان المتحدث باسم المجلس العسكري الحاكم في النيجر، الكولونيل أمادو عبدالرحمن، أعلن منذ أيام، انسحاب بلاده من اتفاقية التعاون العسكري المُبرمة مع الولايات المتحدة، والتي سمحت للعسكريين الأمريكيين والموظفين المدنيين من البنتاجون بالوجود داخل النيجر؛ الأمر الذي أثار العديد من التساؤلات بشأن مستقبل الحضور الأمريكي في النيجر ومنطقة الساحل وغرب إفريقيا بشكل عام.
وتجدر الإشارة إلى أن الاتفاقية العسكرية التي تم إنهاؤها مؤخراً من قبل نيامي كان قد تم توقيعها في عام 2012، وبموجبها بدأت واشنطن عام 2013 في نشر 100 عسكري في قاعدة عسكرية بمطار نيامي، وكان ذلك بشكل مشترك مع فرنسا؛ إذ بدأ الجنود الأمريكيون على إثرها في إدارة قاعدة "101" العسكرية في العاصمة نيامي، قبل أن تتمكن واشنطن في عام 2018 من بناء واحدة من أكبر القواعد العسكرية للطائرات من دون طيار في إفريقيا، وهي قاعدة "201" الموجودة بالقرب من أغاديز، التي تبعد حوالي 920 كيلومتراً عن العاصمة نيامي، وقد مكنت هذه القاعدة الولايات المتحدة من القيام بأنشطة استخباراتية واستطلاع ومراقبة في منطقة الساحل الإفريقي بشكل عام، وباتت واشنطن تعتمد على هذه القاعدة في استهداف عناصر تنظيم داعش وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة لتنظيم القاعدة، كما أصبحت هذه القاعدة تمثل العمود الفقري للقواعد العسكرية الأمريكية في غرب وشمال إفريقيا؛ الأمر الذي يعكس مدى أهمية النيجر بالنسبة للمصالح الأمريكية.
وتُعد روسيا والصين من الدول التي تسعى لتعزيز نفوذها في إفريقيا، من أكبر المستفيدين من انسحاب الولايات المتحدة من النيجر لتعزيز علاقاتها مع نيامي.
إذ قد تُقدم روسيا والصين الدعم العسكري والاقتصادي للنيجر، مما قد يُساعد المجلس العسكري الحاكم على تعزيز سلطته.
وقد يُؤدي ذلك إلى صراع على النفوذ بين الولايات المتحدة وروسيا والصين في منطقة الساحل، إذ أنه منذ الانقلاب العسكري الذي شهدته النيجر منتصف العام الماضي، رصدت العديد من التقارير تكرار الزيارات التي قام بها مسؤولون عسكريون روس إلى نيامي، بما في ذلك نائب وزير الدفاع الروسي، يونس بك يفكوروف، ودافع المجلس العسكري الحاكم في نيامي عن رغبته في تعزيز التعاون مع موسكو، للحد الذي جعل بعض التقارير الأمريكية تربط بين التصعيد الأخير من قبل السلطات النيجرية ضد الولايات المتحدة وبين النفوذ الروسي المتزايد في نيامي.
في حين قد يُؤدي انسحاب الولايات المتحدة من النيجر إلى تفاقم الأوضاع الأمنية في المنطقة، خاصةً مع ازدياد نشاط الجماعات الإرهابية، وقد تُصبح النيجر مركزًا لتدريب الجماعات الإرهابية، مما قد يُشكل تهديدًا لدول المنطقة والعالم.
كما تُؤدي الفوضى الأمنية في النيجر إلى موجات نزوح جديدة، مما قد يُفاقم الأزمة الإنسانية في المنطقة، بالإضافة إلى تراجع التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، وهذا يجعل دول المنطقة أكثر عرضة لخطر الإرهاب، مما قد يُشكل تهديدًا للسلم والأمن الدوليين.
كما تُؤدي هذه التطورات إلى إعادة النظر في استراتيجيات مكافحة الإرهاب في المنطقة.
ومما لا شك فيه أن انسحاب الولايات المتحدة من النيجر، سيؤدي حتما إلى الإضرار بسمعة الرئيس الأمريكي جو بايدن، خاصةً في ظل تصاعد التوترات مع روسيا والصين، قد يُستخدم هذا الانسحاب من قبل المعارضين لبايدن كدليل على فشل سياسته الخارجية، ما يجعل فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية 2024 في غاية الصعوبة.
كما عكس قرار الحكومة العسكرية في النيجر ضد الولايات المتحدة جملة من الدلالات المهمة، إذ يُعد القرار النيجري بإنهاء التعاون العسكري مع الولايات المتحدة بمثابة فك ارتباط بين الجانبين، وهو ما يعزى بالأساس إلى جملة من المحددات الرئيسية التي ربما تبرر توقيت هذا القرار، فمن ناحية جاء هذا القرار بعد عدة أشهر من توقف الدعم المالي الذي اعتادت الولايات المتحدة تقديمه للنيجر؛ إذ تُعد الأخيرة إحدى أفقر دول العالم، وتعتمد بشكل رئيس على المساعدات الخارجية، وكانت واشنطن قد قررت في أكتوبر 2023 قطع مساعدات تقدر بحوالي 500 مليون دولار عن النيجر، ويبدو أن زيارة الوفد الأمريكي الأخير لنيامي عززت قناعة المجلس العسكري الحاكم هناك بأن الولايات المتحدة ستواصل الضغط بورقة المساعدات المالية.
كما تزايدت الشكوك لدى السلطات النيجرية بشأن رغبة الولايات المتحدة في مواصلة التعاون العسكري معها، خاصةً وأن واشنطن توقفت عن تبادل المعلومات الاستخباراتية مع المجلس العسكري منذ الانقلاب العسكري في النيجر، وباتت عمليات الطائرات من دون طيار الأمريكية تستهدف فقط حماية الأصول الأمريكية، وجمّدت أي عمليات أخرى تستهدف مكافحة الإرهاب في نيامي.
كما كشفت بعض التقارير الأمريكية عن وجود تفاهمات جرت بين النيجر وإيران خلال زيارة رئيس الوزراء النيجري، علي مهمان لامين زين، إلى طهران، في يناير 2024، بموجبها أعربت الأخيرة عن استعدادها لدعم نيامي في مواجهة العقوبات المفروضة عليها في أعقاب الانقلاب العسكري الذي شهدته البلاد في يوليو 2023.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الجيش الأمريكي النيجر المجلس العسکری الحاکم التعاون العسکری فی منطقة الساحل مکافحة الإرهاب فی المنطقة العسکری مع فی النیجر مما قد ی
إقرأ أيضاً:
آخر المستجدات حول إنهاء الحرب في غزة
عواصم- الوكالات
ذكر موقع والا الإسرائيلي أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس ورئيس الأركان إيال زامير سيعقدون اليوم الثلاثاء اجتماعا ستطرح خلاله "الأفكار النهائية" للتعامل مع حرب غزة، ثم سيتم بعد ذلك عرض تلك الأفكار على المجلس الوزاري المصغر للتصديق عليها.
يأتي ذلك في حين قال البيت الأبيض "إن إنهاء الحرب في القطاع واستعادة الأسرى أولوية بالنسبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مؤكدا أن واشنطن على تواصل مستمر مع القيادة الإسرائيلية".
كما قال المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، "إن هناك نية أمريكية جدية للدفع باتجاه عودة المفاوضات بشأن غزة، لكن هناك تعقيدات على الأرض، مشيرا إلى أنه لا توجد محادثات حاليا، لكن الاتصالات مستمرة وجارية بين الأطراف للتوصل إلى صيغة للعودة للمفاوضات".
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية في وقت سابق بانتهاء الاجتماع الأمني المصغر الذي عقده نتنياهو مع عدد من الوزراء وكبار قادة الجيش والأجهزة الأمنية.
ونقلت القناة 13 الإسرائيلية عن مصادر أن التوتر ساد اجتماع المجلس المصغر وسط خلاف شديد بين القيادتين السياسية والعسكرية بشأن مستقبل الحرب في غزة.
وأفادت هيئة البث الإسرائيلية أن المجلس قد ينعقد مجددا اليوم لمواصلة بحث الخطوات المقبلة، في حين أفادت "يسرائيل هيوم" بأن مجلس الوزراء سيجتمع الخميس المقبل لاتخاذ قرارات نهائية بشأن استمرار العمليات.
كما نقلت الصحيفة عن مصادر شاركت في اجتماع مجلس الوزراء أمس أن هناك انطباعا أن نتنياهو يسعى للتوصل إلى صفقة تبادل أولا قبل اتخاذ قرارات بشأن الخطوات العملياتية في غزة.
وذكرت القناة الـ14 الإسرائيلية أن نتنياهو سيسافر إلى واشنطن الأحد المقبل، وقد يمكث فيها حتى نهاية الأسبوع.
ونقل موقع أكسيوس عن مسؤول إسرائيلي رفيع أن تل أبيب تريد التوصل إلى اتفاق تبادل في غزة، "لأن الخطر على حياة المحتجزين يزداد يوما بعد يوم"، مشيرا إلى استعداد الحكومة الإسرائيلية "لإبداء مرونة" من أجل التوصل إلى اتفاق.
حماس
من ناحية آخرى، قال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أسامة حمدان، إن الحركة قدّمت عبر الوسطاء رؤية متكاملة تفضي إلى صفقة شاملة، تشمل وقف العدوان على قطاع غزة وفتح المعابر وإطلاق الإعمار، لكن تعنت الاحتلال الإسرائيلي حال دون تحقيق ذلك.
وأضاف -في لقاء للجزيرة- ضمن برنامج "مسار الأحداث" أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يسعى إلى استثمار المواجهة الأخيرة مع إيران لأغراض انتخابية، مشيرا إلى أنه يتهرب من التوصل إلى أي اتفاق يوقف العدوان على غزة بسبب أجندة سياسية داخلية.
ولفت حمدان إلى أن نتنياهو رفض قبل 4 أسابيع ورقة تفاهم طرحها الوسطاء تقضي بوقف إطلاق نار مؤقت لمدة 60 يوما، يتبعها تفاوض يؤدي إلى هدنة دائمة وفتح المعابر لإدخال المساعدات، وأوضح أن واشنطن لم تُبد أي موقف واضح يدين هذا الرفض، بل واصلت تبنيها مواقف الحكومة الإسرائيلية.
وأكد وجود جهود مستمرة من الوسيطين القطري والمصري، تقابلها مماطلة إسرائيلية، وقال "حتى الآن لا يوجد أي جديد في موقف الاحتلال"، مرجّحا أن نتنياهو يقيد نفسه عمدا للحفاظ على تماسك حكومته المتطرفة.
وشدد حمدان على أن الحكومة الإسرائيلية تتبنى رؤية تقوم على ترحيل الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة، وأن ما يجري في الضفة من تهجير وهدم منازل هو جزء من هذه الخطة، محذرا من أن التغاضي عن ذلك يمهد لتطهير عرقي موسع.