التصعيد العسكري يهدد الموسم السياحي في لبنان
تاريخ النشر: 3rd, July 2025 GMT
بيروت – يقف الموسم السياحي في لبنان عند مفترق مدّ وجزر، فما قبل عيد الأضحى، كانت المؤشرات تُنذر بصيف واعد، مع عودة قوية للمغتربين العرب، خصوصا من دول الخليج، لكن الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، وما تلاها من تصعيد إقليمي بين إيران وإسرائيل، سرعان ما بدّد هذه التوقعات، فتراجعت الحجوزات وتعثّرت حركة الوافدين.
وإن بدأت بوادر الانتعاش تلوح في الأفق مجدداً، فإن القلق لا يزال مخيّماً على أصحاب القطاع، فبين مؤسسات تصارع للبقاء، وأرقام تتحدث عن نسب إلغاء مرتفعة، يواجه لبنان صيفا سياحيا هشا، تحكمه التقلّبات الأمنية وغلاء التذاكر أكثر مما تحكمه جمالياته الطبيعية وتراثه الثقافي.
عودة مشروطةيقول نائب رئيس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والحلويات في لبنان خالد نزهة، للجزيرة نت، إن ما قبل عيد الأضحى كان يوحي بصيف واعد، مضيفا: "الحجوزات كانت ممتازة، خصوصا من الأشقاء العرب، لا سيما الإماراتيون، وكان من المفترض أن يلحق بهم السعوديون، إلى جانب وفود من دول عربية أخرى بدأت تصل عشية العيد".
لكن سرعان ما تغيّر كل شيء، ففي الخامس من يونيو/ حزيران، تعرضت الضاحية الجنوبية إلى 9 ضربات إسرائيلية عنيفة، أعقبها تراجع ملحوظ في الحركة السياحية، وفق نزهة، ولم تكد البلاد تلتقط أنفاسها، حتى اندلعت المواجهة بين إسرائيل وإيران، فزاد القلق وتوقفت بعض الرحلات الجوية مؤقتاً، مما أثّر في حجوزات كانت مرتقبة.
ورغم هذا التراجع، يشير نزهة إلى أن شركات الطيران عادت إلى العمل، والحجوزات بدأت تنتعش مجددا، وإن ببطء، ويضيف: "نأمل بموسم صيفي جيد، حتى وإن لم يكن بمستوى التوقعات الأولى".
ويشرح نائب رئيس نقابة أصحاب المطاعم أن القطاع بشكل خاص يعوّل على اللبنانيين المقيمين في الخارج، لا سيما في دول الخليج وأفريقيا، ممن حالت دون عودتهم المتكررة أزمات متراكمة منذ عام 2019، من الانهيار المالي إلى جائحة كورونا، مروراً بانفجار مرفأ بيروت والحرب الأخيرة. كما يراهن نزهة على عودة السياح العرب الذين يمتازون بإقامات أطول وإنفاق سياحي مرتفع، ويملكون منازل صيفية في المناطق الجبلية.
قطاع المطاعم الذي كان يؤمن قبل الأزمة نحو 150 ألف وظيفة، يعمل فيه اليوم خلال الموسم ما بين 40 و50 ألف شخص، بينهم عدد كبير من الطلاب الجامعيين. ورغم غياب الدعم الرسمي، يؤكد نزهة أن المؤسسات صمدت، "واستمرت من اللحم الحي"، في ظل غياب القروض واحتجاز أموال أصحابها في المصارف.
ويضيف أن البلاد باتت تشهد افتتاح مطاعم جديدة، و"روف توبس" على امتداد الساحل، إضافة إلى المشاريع الجبلية، وهو ما يعكس جاهزية كاملة في القطاع. ويرى أن ظروف الحرب ساهمت بطريقة غير مباشرة في تنشيط السياحة الداخلية، مع تعذّر السفر على كثيرين.
إعلانومع حلول الأول من يوليو/تموز، وانتهاء العام الدراسي في العديد من الدول، يأمل نزهة بتدفق الزوار خلال الأسابيع المقبلة، "نحتاج إلى استقرار أمني واقتصادي وسياسي، فالسياحة لا تنمو في الفراغ"، مضيفا أن لبنان يتمتع بكل المقومات ليكون وجهة سياحية متكاملة، من الآثار والتاريخ، إلى البحر والجبل، وسياحة الأعراس، والتجميل، والتعليم، والدين.
ويختم نزهة بتفاؤل مشروط: "نطمح إلى موسم مستدام لا يقتصر على الأعياد، والسياحة اللبنانية قادرة على النهوض متى توفرت البيئة الحاضنة".
موسم تحت التهديدفي المقابل، لا تخفي نقابة أصحاب الفنادق في لبنان قلقها من تأثير التصعيد الأمني المتواصل على القطاع السياحي، الذي كان يعوَّل عليه لإحياء الموسم الصيفي. ففي حديثه للجزيرة نت، قال نقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر إن "الحجوزات قبل اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران، وقبل الاعتداء على الضاحية الجنوبية لبيروت، كانت أفضل بكثير مما نشهده اليوم".
وأشار الأشقر إلى أن الأسابيع القليلة الماضية شهدت موجة كبيرة من الإلغاءات، "بسبب إقفال الأجواء وتعليق عدد من الرحلات الجوية، إلى جانب الظروف الأمنية غير المستقرة".
ورغم انتهاء المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل، فإن "وتيرة التصعيد الإسرائيلي في لبنان تتصاعد يوميًا"، بحسب الأشقر، مما يثير ترددًا لدى السياح، وخصوصًا الأجانب والعرب، الذين تراجع حضورهم بشكل ملحوظ، وإن لم ينقطع بالكامل.
أما اللبنانيون المغتربون، فبرأي الأشقر، يواجهون عائقين أساسيين: أولًا، تعذّر السفر نتيجة إلغاء الرحلات الجوية، وثانيًا، ارتفاع أسعار التذاكر إلى مستويات مضاعفة، مما يشكل عبئًا ماديًا كبيرًا.
ويختم الأشقر بالقول: "صحيح أن لبنان يتميّز بسرعة في استعادة الحياة، لكن الحركة السياحية هذا الصيف ليست كما كنا نطمح، ونشهد تراجعا واضحا يتراوح بين 20% و30%، سواء في عدد الزوّار أو في حجم المداخيل".
مؤشرات مقلقةمن جهته، يقول رئيس نقابة أصحاب مكاتب السياحة والسفر جان عبود إن تداعيات التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران ظهرت سريعا على حركة الوافدين إلى لبنان. ففي بيان حديث له، أكد أن عدد الرحلات القادمة إلى البلاد انخفض بنسبة تقديرية تبلغ 60%، مما يعكس حجم الضربة التي تلقّاها القطاع.
أما في ما يخص السياحة المغادرة، فيقول عبود إن ما بين 30% و40% من الحجوزات إلى الخارج خلال شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب ألغت حتى الآن، مع توقعات بارتفاع هذه النسبة مع اقتراب مواعيد السفر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات نقابة أصحاب فی لبنان
إقرأ أيضاً:
براك إلى إسرائيل لمنع التصعيد وفرنسا ترفع مستوى حراكها لاحتواء التهديدات ودعم الجيش
يشهد الاسبوع الطالع سلسلة محطات ديبلوماسية متعددة الطرف تتصل بالوضع اللبناني، العالق بين تصعيد إسرائيلي متوقع وانتظار ثقيل لقمة ترامب - نتنياهو في التاسع والعشرين من الشهر الجاري.
وتبدأ يوم غد الإثنين بمحادثات الموفد الأميركي توم براك في إسرائيل، لبحث سبل منع التصعيد على لبنان وسوريا.
أما يوم الخميس، فسيكون موعد الاجتماع التحضيري لمؤتمر دعم الجيش ، وفي اليوم نفسه، يزور بيروت رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي لمتابعة المبادرة المصرية، ليلي ذلك يوم الجمعة اجتماع جديد للجنة "الميكانيزم" بمشاركة ثانية للسفير سيمون كرم، كرئيس للوفد اللبناني.
وكتبت" النهار": يصل الخميس المقبل الى بيروت، رئيسُ الوزراء المصري مصطفى مدبولي في زيارة هدفها استكمال الجهود التي تبذلها القاهرة لتفادي التصعيد الاسرائيلي ضد لبنان، والتي بدأها وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ومدير المخابرات حسن رشاد.
كما تتجه الاهتمامات إلى الاجتماع الذي يعقد في باريس الجاري ويضم الموفدين الفرنسي جان ايف لودريان والأميركية مورغان اورتاغوس والسعودي يزيد بن فرحان وقائد الجيش العماد رودولف هيكل، حيث ستكون خطة حصر السلاح والتحضيرات لمؤتمر دعم الجيش في صلب المناقشات. وفي اليوم التالي في 19 كانون الاول الجاري، يفترض ان تعقد لجنة الميكانيزم اجتماعا في الناقورة بمشاركة الوفد اللبناني برئاسة السفير سفير كرم، والجانب الاسرائيلي والرعاة الامميين والفرنسيين والاميركيين. غير ان العامل الجديد الذي برز امس تمثل في كشف وسائل إعلام إسرائيلية أن المبعوث الأميركي توم برّاك سيصل إلى إسرائيل غدا الإثنين "وسيبحث منع التصعيد في سوريا ولبنان".
كما أشارت إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طلب إلغاء جلسة محاكمته الإثنين للقاء مسؤول أميركي حول لبنان . وأوضحت القناة 12 الإسرائيلية، أن "نتنياهو طلب إلغاء جلسة محاكمته الاثنين المقبل بسبب اجتماع مع توم برّاك واللقاء يهدف لمنع التصعيد مع لبنان والتوصل لتفاهمات مع سوريا".
وكتبت" الديار": يملأ «الوقت الضائع» سلسلة مبادرات فرنسية وعربية، تتحرك بين العواصم كمسكنات سياسية أكثر منها حلولا جذرية. فباريس عادت إلى «عادتها»، حاملة أفكارا عن تهدئة وضمانات وترتيبات أمنية، فيما تتحرك القاهرة تحت عنوان منع الانفجار، لا صناعة التسوية. مبادرات تعرف مسبقا حدودها، لكنها تطرح لقطع الطريق على الأسوأ، أو على الأقل لتأجيله.
هكذا، يصبح المشهد اللبناني رهينة ساعة واشنطن. «إسرائيل» تهدد ولا تضرب، الديبلوماسية تبادر ولا تحسم، والمنطقة تراكم القلق بانتظار صورة تذكارية في البيت الأبيض قد تشعل فتيلا أو تطفئ آخر. وإلى ذلك الحين، يبقى لبنان معلقا بين حرب مؤجلة وسلام معلق.
اضافت" الديار": يتوقع ان تجتمع لجنة «الميكانيزم»، حيث يتوقع ان يحمل السفير سيمون كرم جدول الاعمال اللبناني الرسمي بنقاطه الاربع لبدء التفاوض الجدي حوله، توقعت مصادر مواكبة ان شد الحبال على طاولة الناقورة سيكون على اشده، ذلك ان الامور عادت الى المربع الاول، خصوصا في ظل اصرار اسرائيلي مدعوم اميركيا، على فصل المسارات السياسية عن العسكرية، وبالتالي تغطية التصعيد والضغط الميداني القائم.
وعلم ان الموفد الفرنسي جان ايف لودريان سيشارك في اجتماع الميكانيزم في 19 الجاري، بوصفه رئيسا لوفد بلاده، حيث سيحمل معه طرحا بدأت بوادره تتبلور في باريس وسيطرح على اللقاء الرباعي في قمة 18 يقضي بتشكيل لجنة عسكرية منبثقة من الميكانيزم برئاسة اميركية او فرنسية مهمتها التاكد من العمليات التي نفذها الجيش على صعيد حصر السلاح جنوب الليطاني، ورفع تقرير بذلك الى الميكانيزم ومنها الى العواصم المعنية.
وفي تقييم لزيارة عمان تكشف مصادر ديبلوماسية عربية، ان رهان بيروت على دور عماني في ما خص الملف اللبناني، في مكانه، فالسلطنة قادرة على نقل الرسائل وفتح خطوط التواصل غير المباشرة بين طهران و «وخصومها»، اما في الشان اللبناني فان ثمة تواصلا مباشرا بين طهران وبيروت ولقاءات بين المسؤولين في البلدين، وكذلك ثمة خطوط ايرانية – سعودية، وايرانية – مصرية وايرانية – فرنسية، مفتوحة حول الملف اللبناني.
قال مصدر ديبلوماسي في بيروت لـ «الأنباء الكويتية»: «دخلت فرنسا مرحلة جديدة من تفعيل حراكها العربي والدولي تجاه لبنان، في لحظة دقيقة تتقاطع فيها الضغوط الأمنية والسياسية والديبلوماسية على بيروت، وتتزايد فيها مخاوف باريس من ترك لبنان مكشوفا أمام احتمالات التصعيد الإسرائيلي. وسيشهد هذا الأسبوع في باريس سلسلة اجتماعات مكثفة حول لبنان، في مؤشر واضح إلى قرار فرنسي برفع مستوى الانخراط في الملف اللبناني من بوابة دعم الجيش وإعادة تحريك المسارات الديبلوماسية».
وأكد المصدر أن «دعوة قائد الجيش العماد رودولف هيكل إلى فرنسا تعكس رغبة باريس في مقاربة مباشرة لحاجات المؤسسة العسكرية، بما يمهد لتحرك دولي أوسع لدعمها وسط التهديدات المتصاعدة. ويأتي هذا الانفتاح الفرنسي ضمن حراك أوسع يتضمن حضور المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس التي ستجري محادثات مع جان ـ إيف لودريان بعد زيارته الأخيرة لبيروت».
وتابع «ترى باريس ترى أن التهديد الإسرائيلي للبنان لا يزال قائما بقوة على رغم تعيين السفير السابق سيمون كرم في لجنة مراقبة وقف الاعمال القتالية (الميكانيزم)، إذ تعتبر أن وجود مفاوض مدني لا يكفي لضمان الاستقرار ما لم تقترن الخطوات اللبنانية بضمانات أميركية توقف الضغوط العسكرية الإسرائيلية. وتكثف باريس جهودها لإقناع واشنطن بالضغط على إسرائيل في الملف اللبناني، الا ان ارتباط المشكلة حصرا بـ«حزب الله»، يجعل لبنان الحلقة الأكثر خطورة».
وختم المصدر بالقول «تتحرك باريس تتحرك ضمن مقاربة شاملة تهدف إلى إعادة وضع لبنان على طاولة الأولويات الدولية، من أجل منع الانفجار وترميم المؤسسات، وتثبيت دور الجيش كعنصر أساسي للاستقرار في ظل صراع إقليمي مفتوح وقلق فرنسي من أن يؤدي أي خطأ في الحسابات إلى انهيار ما تبقى من توازن غير ممسوك في لبنان».
مواضيع ذات صلة لبنان أمام فرصة حراك جديد لمنع التصعيد ولمنح جلستي 5 و7 آب الأدوات التنفيذية Lebanon 24 لبنان أمام فرصة حراك جديد لمنع التصعيد ولمنح جلستي 5 و7 آب الأدوات التنفيذية