في الذكرى الـ45 لولادة اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، ومن دخان الحرب في غزة، تعرضت العلاقات بينهما لوعكة شديدة، أظهرت عللا كامنة تحت الرماد وفق دراسة تحليلية لمعهد INSS.

إقرأ المزيد مصر توجه رسالة لإسرائيل حول اتفاقية السلام

وقالت دراسة المعهد الإسرائيلي إن أحداث الأشهر القليلة الماضية وضعت كلا من القاهرة وتل أبيب أمام أحد أصعب الاختبارات التي عرفاها على الإطلاق، لكنها لم تؤثر حتى الآن على الطابع المتناقض التقليدي لعلاقاتهما، مؤكدة أن الحرب في غزة أظهرت ضعف الاتفاقية بينهما.

ووفق الدراسة فمن الناحية العلنية سُمعت في الخطاب الرسمي في مصر وإسرائيل تعبيرات عن الصراخ والعداء والشك وعدم الثقة، في المقابل، استمر الحوار الأمني الهادئ والالتزام المتبادل باتفاق السلام واستيعاب المصالح الاستراتيجية المتضمنة فيه.

وأضافت الدراسة أن هذه الطريقة في التعامل بين الطرفين المصري والإسرائيلي أصبحت مع مرور السنين جزءا عضويا من "السلام البارد"، مؤكدة أن هذه الطريقة ليست بالوضع الصحي، وأنه يجب على القاهرة وتل أبيب أن تسعيان جاهدتين - بمساعدة أصدقائهما - لبناء هيكل علاقة محسّن يخدم مصالحهما الثنائية والإقليمية بشكل أفضل، أثناء الحرب وفي اليوم التالي.

وقالت الدراسة: "في السابع من أكتوبر كان هناك من توقع في إسرائيل إدانة مصرية حازمة للمذبحة التي ارتكبتها حماس، ابنة حركة الإخوان المسلمين، والتي كانت حتى وقت قريب تغذي الإرهاب ضد الجيش المصري في شبه جزيرة سيناء، لكن القاهرة أكتفت بدعوة إسرائيل إلى ضبط النفس وحمّلتها مسؤولية التصعيد. وعلى النقيض من الأسلوب المعتدل الذي يميز الرئيس عبد الفتاح السيسي عادة، فقد حذر من المظاهرات الحاشدة إذا تحركت إسرائيل لنقل الفلسطينيين إلى سيناء، حتى أنه وصف إسرائيل فيما بعد بنظام الاحتلال، وتبنى كبار المسؤولين في الحكومة المصرية الموقف المتشدد الذي قدمه، واصطدم الممثلون الدبلوماسيون المصريون مع إسرائيل في المناقشات التي جرت في الأمم المتحدة وفي محكمة العدل الدولية في لاهاي".

وفي الوقت نفسه، وُجهت انتقادات قاسية وغير معتادة إلى مصر من الجانب الإسرائيلي، فقد حمل وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريش القاهرة "مسؤولية كبيرة" عن أحداث 7 أكتوبر، وعلى حد قوله، فإن مصر "غضت الطرف لسنوات ومكنت حماس من التسليح المجنون"، وبالتالي فإن تورطها الوحيد في مستقبل غزة سيتم التعبير عنه من خلال السماح لسكان القطاع بالذهاب إلى سيناء ومن خلالها إلى مناطق أخرى في العالم وهو ما أثار استياء مصر بعد تبني هذه الفكرة من وزراء وساسة وإعلاميين إسرائيليين بنقل سكان غزة، أو قسما منهم، إلى الأراضي المصرية ، وهي خطوة اعتبرتها القاهرة بمثابة تجاوز للخط الأحمر وتهديد لأمنها القومي.

وتابعت الدراسة: "على الرغم من رسائل التطمينات العلنية والصامتة المرسلة من تل أبيب إلى القاهرة، فمن الواضح أن النظام المصري شكك في قدرة إسرائيل على استكمال نزع سلاح حماس دون أن يؤدي ذلك - عن طريق الخطأ أو عمدا - إلى تدفق اللاجئين إلى مصر، وبالتالي أرسلت رسائل تحذيرية إلى إسرائيل بشأن العواقب الخطيرة للعملية بالقرب من حدود رفح.

وأوضحت الدراسة أن الحرب كشفت أيضا الانقسام القائم في الدوائر الحكومية في القاهرة بين القلة التي ترى في إسرائيل جارة مفيدة، والتيار الرئيسي الذي يواصل تبني مواقف شعبوية وعدائية ذات لهجة ناصرية وحتى إسلامية ضد إسرائيل، ومن الأمثلة على هذا الانقسام الفجوة بين كلام رئيس هيئة الاستعلامات المصرية، ضياء رشوان الذي حذر في يناير من أن الاحتلال الإسرائيلي لمحور فيلادلفيا سيهدد العلاقات السلمية بين القاهرة وتل أبيب، وكلام وزير الخارجية سامح شكري، الذي أكد بعد عدة أسابيع على التزام مصر الثابت بالسلام.

وأضافت الدراسة الإسرائيلية: "الخطاب الذي يتعرض له المصريون في وسائل الإعلام الرسمية لا يحسن الصورة، ويميل المعلقون العسكريون إلى اعتبار حماس حركة مقاومة مشروعة، كما يتبنى الأزهر الشريف المؤسسة الدينية الرائدة في العالم السُنّي، خطابا مناهضا لإسرائيل يذكرنا بخطاب الإخوان المسلمين، فقبل أن يرد الجيش الإسرائيلي على حماس أشاد الأزهر بالعمل الذي قامت به الحركة، ومنذ ذلك الحين يشن حملة تشهير منظمة ضد إسرائيل، وقد تم بث الروح في مصر خلال الشهر الفضيل، كما تحظى التعبيرات المعادية للسامية بتغطية واسعة في بعض وسائل الإعلام في مصر"، على حد قولها.

المصدر : معهد INSS الإسرائيلي

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: أخبار مصر أخبار مصر اليوم القاهرة غوغل Google القاهرة وتل أبیب

إقرأ أيضاً:

حماس ليست المسألة

يبلغ الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وأراض فلسطينية أخرى أكثر من نصف قرن الآن. ولقد أدى تلاشي الذكريات بمرور الزمن إلى عدم فهم لجذور وطبيعة العنف الحالي الذي يتركز الآن بين إسرائيل والفلسطينيين على قطاع غزة.

لقد حاول أغلب الخطاب الجاري خلال الأشهر الثمانية الماضية أن يطمس الذكريات بمزيد من القوة من خلال الزعم بأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قد بدأ في السابع من أكتوبر سنة 2023، كأنما جاءت هجمة حماس على جنوبي إسرائيل في ذلك اليوم من العدم ولم يكن لها من دوافع إلا بعض الكراهية العميقة غير المفهومة للإسرائيليين. ولا حاجة تدعو المرء إلى الرجوع كثيرا في تاريخ الصراع ليجد منظورا يقوض هذه القراءة. وانظروا على سبيل المثال إلى الفترة من سبتمبر 2014 إلى سبتمبر 2023، في أعقاب الهجوم الإسرائيلي السابق على قطاع غزة وقبل المذبحة الحالية التي بدأت في أكتوبر الماضي. خلال تلك الفترة، وبحسب إحصائيات الأمم المتحدة، لقي 1632 فلسطينيا مصرعهم على أيدي إسرائيليين، أغلبهم من قوات الأمن الإسرائيلي ومنهم مستوطنون في الضفة الغربية. وذلك يفوق قرابة الألف ومئتي قتيل الذين كانوا ـ بحسب تقديرات الحكومة الإسرائيلية المعلنة ـ ضحايا لهجمة حماس في أكتوبر. وخلال الفترة نفسها من 2014 إلى 2023، مات 155 إسرائيليا على أيدي فلسطينيين. وارجعوا أكثر في تاريخ الصراع ليرى أحدكم أن فهم طبيعة العنف الفلسطيني ضد إسرائيل وأسبابه لا تقتصر فقط على دوافع حماس، بل ليرى أنها لا تتعلق بحماس أصلا.

لنا أن نتعلم الكثير من ذلك الصراع الطويل والمزعج، فمن ذلك كيف أن الصهاينة الأوائل أدركوا أن مشروعهم يتعلق بالضرورة باستعمال القوة ضد الشعب المقيم أصلا في فلسطين. ففي عام 1919 قال ديفيد بن جوريون ـ رئيس وزراء إسرائيل في قابل السنين ـ إن«هناك هوة، هوة ما لشيء أن يملأها... لا أعرف مَن مِن العرب سيوافقون على أن تكون فلسطين لليهود...إننا أمة تريد هذا البلد أن يكون لنا، وإن العرب أمة تريد هذا البلد لها». ثم جاءت أحداث أربعينيات القرن العشرين الدامية، فمنها مجازر وتهجير جماعي تتجاوز ما تحتفظ به الذاكرة الحية لدى أغلب الفلسطينيين اليوم لكنها كانت تجربة جماعية أليمة جعلت النكبة حية في الوعي الوطني الفلسطيني. كان الإرهاب ـ الذي احتل جزءا كبيرا من الصراع على فلسطين ـ يأتي من جماعات قادها رئيسان قادمان لوزراء إسرائيل هما مناحم بيجن وإسحق شامير.

بالنسبة لكثير من الأمريكيين الذين يبلغون من العمر اليوم عدة عقود، نجد أن الوعي المبكر بظاهرة الإرهاب الدولي قد ارتبط بالفلسطينيين في المقام الأساسي. إذ أصبح الإرهاب الدولي مفردة في عناوين أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات بدرجة أكبر كثير مما كان عليها في سنين أسبق. إذ ارتكبت جماعات فلسطينية العديد من الهجمات اللافتة ذات العناوين الصادمة، من قبيل عمليات خطف متزامنة لطائرات وما أعقبها من تدمير لمهبط طائرات صحراوي سنة 1970 واغتيال لرياضيين إسرائيليين في أولمبياد ميونخ سنة 1972.

ولم يكن توقيت تلك الفورة أو قيادة فلسطينيين لمرتكبيها من قبيل المصادفة. فقد كان الحدث الأساسي الذي عجّل بذلك يتمثل في حرب سنة 1967 التي بدأتها إسرائيل وأدت إلى استيلائها على أراض عربية في فلسطين ومصر وسوريا فكانت تلك بداية احتلال مستمر منذ عقود لأراض فلسطينية.

لقد نفذت تلك الهجمات جماعات فلسطينية من قبيل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، والصاعقة، وفتح، وجماعات منشقة مثل أيلول الأسود (التي خططت ونفذت مذبحة ميونيخ). وتلك الجماعات كانت تمثل مجموعة متنوعة من الأيديولوجيات والتوجهات السياسية لم يوحدها إلا الغضب المشترك من القهر الإسرائيلي لإخوانهم الفلسطينيين. غير أنها كانت في الغالب جماعات علمانية لا إسلامية (بل إن مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وزعيمها لفترة طويلة هو جورج حبش الذي نشأ في الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية). ولم يكن لحماس التي لم تتأسس إلا في عام 1987 دور في أي من هذا. من النصائح المعهود إسداؤها لمن يشكو من سلسلة طويلة من العلاقات السيئة مع الآخرين أن ينظر إلى ما لعله هو نفسه يفعله فيتسبب في تكرار المشكلة بدلا من أن يستمر في لوم الآخرين. وهذه النصيحة تسري على البلاد مثلما تسري على الأفراد.

لكن إسرائيل ـ بعلاقاتها الطويلة العنيفة مع الفلسطينيين، وقد باتت مشفوعة الآن بعلاقات سيئة مع المحاكم الدولية وكثير من بلاد العالم، لا تأخذ بهذه النصيحة. وعجزها عن اتباع هذه النصيحة هو الذي يدفعها إلى الاستمرار في إراقة الدم ومفاقمة الكارثة الإنسانية التي حلت بقطاع غزة على مدار الأشهر الثمانية الماضية. إن هدف حكومة إسرائيل المعلن من مواصلة الهجوم هو «تدمير حماس». ولئن صدقنا قادة إسرائيل في ما يقولون فإنهم عازمون على مواصلة السعي إلى هدفهم، وهذا هو العائق الأساسي للتوصل إلى وقف لإطلاق النار.

وحتى لو أن صناع القرار الإسرائيليين لا يبالون ألبتة بمعاناة الفلسطينيين ولا يكترثون إلا بأمن المواطنين الإسرائيليين وسلامتهم، فإن هدف «تدمير حماس» هدف ضال على مستويات متعددة.

حماس ليست جيشا نظاميا يقاس تدميره بعدد الكتائب التي يقضى عليها. ولكنها حركة، وأيديولوجية، ووسيلة للتعبير عن السخط من قهر إسرائيل. ولقد حظيت بدعم من الفلسطينيين الذين رأوها أصرح الجماعات وقوفا في وجه إسرائيل، وبخاصة إن قورنت بالسلطة الفلسطينية الخاضعة لسيطرة فتح التي لا تعدو في نظر الفلسطينيين أكثر كثيرا من أداة في يد الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية. ولقد أدى سلوك إسرائيل في غزة إلى زيادة شعبية حماس بين الفلسطينيين، ومن المتوقع أن يكن نعمة على قدرتها على التجنيد. والأهم من ذلك، وبحسب ما يبين لنا تاريخ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، أنه لا يوجد ما تتميز به حماس وتختلف به عن وسائل أخرى لمقاومة القمع الإسرائيلي. لقد نشأت حماس من جماعة الإخوان المسلمين. ولولا الاحتلال الإسرائيلي، لكانت بمنزلة فرع فلسطيني للإخوان المسلمين، لا يختلف في شيء عن فروع للجماعة في تونس والأردن ومصر (قبل التغيير الذي حدث في مصر في عام 2013)، أي فروعا لجماعة سلمية تنافس على السلطة كل في بلده. بل إن حماس نفسها قامت فعليا بدور المنافس السلمي على السلطة في بلدها حينما سنحت لها الفرصة لذلك. ومهما يكن رأي المرء في ما أصبحت عليه حماس اليوم، فقد أصبحت كذلك لا بسبب شيء في جيناتها تختلف به عن بقية الكيانات الفلسطينية، ولكنها أصبحت كذلك بسبب ظروف أخضعت لها إسرائيل الأمة الفلسطينية. ولو كان مقدورا لحماس أن تتلاشى في الغد، فإن جماعات أخرى سوف تستعمل العنف وسيلة لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي. فذلك ما فعلته جماعات مختلفة نشطت في ستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، وكذلك ستفعل جماعات أخرى، منها ما سوف يتكون في المستقبل ما دام الاحتلال مستمرا هو وما يرتبط به من معاملة للفلسطينيين. سوف تستقر المعاناة التي تعرض لها أهل قطاع غزة على مدار الأشهر الثمانية الماضية في الوعي الفلسطيني بجانب نكبة أربعينيات القرن الماضي والغزو الإسرائيلي سنة 1967 بوصفها سببا للغضب الفلسطيني ودافعا لجماعاتهم في المستقبل، ولن تنتهي القصة المفجعة بتدمير أي جماعة بعينها، وإنما بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وإنهاء الاحتلال.

بول بيلار ضابط مخابرات أمريكي سابق شغل العديد من المناصب المرموقة ذات الصلة بالشرق الأوسط في الوكالة الأمريكية وله عدد من المؤلفات.

عن ذي ناشونال إنتريست

مقالات مشابهة

  • تقريرٌ يكشف كيف حدّدت إسرائيل موقع أحد عناصر حزب الله.. تفاصيل دقيقة!
  • إعلام عبري: إسرائيل تسلمت رد حماس بشأن صفقة غزة
  • إعلام عبري عن مسؤول إسرائيلي: إسرائيل تلقت رد "حماس" على صفقة الأسرى والحركة رفضت خطوطها العريضة
  • ساليفان: سنعمل مع إسرائيل على تحقيق حل الدولتين
  • سفير مصر السابق لدى تل أبيب يكشف عما يُسمى نتنياهو في إسرائيل
  • حماس ليست المسألة
  • إعلام عبري: ليبرمان يرفض الانضمام إلى حكومة نتنياهو
  • إعلام إسرائيلي: تفاهمات بين تل أبيب وواشنطن على استئناف شحنة الذخائر المعلقة لإسرائيل
  • تعيين داني دانون سفيرا لإسرائيل في الأمم المتحدة
  • مسؤول مصري يكشف تأثيرات سلبية لعملية استعادة الرهائن الـ4 على مفاوضات الصفقة بين حماس وإسرائيل