هيئة الإغاثة الإنسانية التركية.. تأسست لمساعدة البوسنة ثم توسعت لبقية العالم
تاريخ النشر: 12th, April 2024 GMT
مؤسسة تركية غير حكومية أنشأها مجموعة أصدقاء لتقديم المساعدة الإنسانية لضحايا حرب البوسنة والهرسك، فأخذت طابعا مؤسسيا بعد أعوام، واتسع نشاطها لتعمل على مستوى دولي، وتوصل خدماتها الإغاثية لأكثر من 123 دولة.
النشأة والتأسيسبدأت هيئة الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان والحريات في تركيا عام 1992 مسيرتها بصفتها جمعية خيرية أسسها متطوعون أتراك برئاسة فهمي بولنت يلدرم، بهدف مساعدة ضحايا الحرب التي شهدتها البوسنة والهرسك في ذلك الحين.
ثم اكتسبت بعد ذلك طابعا مؤسسيا، وبات مركزها ولاية إسطنبول (شمال غربي تركيا) عام 1995، واتسع نشاطها ليشمل 123 دولة.
الفكر والأيديولوجياتهدف إلى تقديم المساعدات الإنسانية اللازمة للنازحين وضحايا الحروب والكوارث الطبيعية والمحتاجين، من خلال تنفيذ مشاريع دائمة بالمناطق الجغرافية التي تنشط بها، في مجالات مختلفة كالصحة والتعليم، إضافة إلى أنشطة تثقيفية وتدريبية لمكافحة الفقر وتنشئة الكفاءات.
وتؤكد دوما أنها تقدم خدماتها بغض النظر عن العرق أو الدين، كما تسعى لإنشاء جسور تعاون بين الدول والمؤسسات، بهدف تعزيز الوعي المشترك في هذا المجال.
وتشمل نشاطاتها أيضا اتخاذ التدابير الاحتياطية ضد الكوارث الوشيكة، أو تهديدات الحرب بالتعاون مع أجهزة الدفاع المدني في تلك المناطق لحماية السكان، إضافة إلى تقديم المأكل والملبس والخيام أو بيوت الضيافة -عند الضرورة- لمن فقدوا منازلهم أو نزحوا منها.
وتقدّم خدمات ومشاريع خاصة بالأطفال المشردين لإيوائهم وتمكينهم، ثم مساعدتهم على إيجاد عمل مناسب أو حتى دعمهم في مشاريع مستقلة صغيرة.
الأعلام والرموزيعد مؤسس ورئيس هيئة الإغاثة الإنسانية فهمي بولنت يلدرم أبرز أعلامها، إذ نشط وظهر في عدد من الفعاليات الخيرية، أبرزها رحلة "أسطول الحريّة" في مايو/أيار 2010، التي ضمّت ناشطين من جنسيات متعددة توجهوا إلى قطاع غزة بهدف كسر الحصار المفروض عليها.
فقد قاد فهمي خلال هذه الرحلة الناشطين الأتراك ثم اعتقل مع من في الأسطول بعد هجوم قوات الاحتلال الإسرائيلي عليه، وأفرج عنه عقب 3 أيام بجهود دبلوماسية تركية.
كما شارك بنفسه في عديد من حملات الهيئة وأنشطتها في دول عدّة، مثل كوسوفو والشيشان، وتركستان الشرقية، وكشمير، ودارفور، وسريلانكا، والصومال، وموريتانيا، والفلبين، وشبه جزيرة القرم، وآتشيه، واليونان، وغيرها.
أبرز المحطاتتعد هيئة الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان والحريات أول مؤسسة مدنيّة خرقت الحصار الذي كان مفروضا على العاصمة البوسنية سراييفو خلال الحرب التي شهدتها بين عامي 1992 و1995 لإغاثة المدنيين ومساعدتهم.
كما نظمت حملة وطنية تركية لأفريقيا عام 2006 تحت عنوان "حملة إغاثة الطوارئ لأفريقيا"، إضافة إلى حملة لمكافحة مرض السّاد (الكاتاراكت) فيها.
وفي مارس/آذار 2008 كانت أول مؤسسة تدخل قطاع غزة عقب هدم الجدار الحدودي مع مصر، ثم نظمت عديدا من الحملات في القطاع، أهمها حملة "كسر الحصار" البرية عام 2009، و"أسطول الحرية" الذي شاركت فيه عديد من منظمات ومؤسسات الإغاثة الإنسانية عام 2010.
ونجحت في ترتيب عملية تبادل ألفي معتقل سوري بين الحكومة والمعارضة عام 2013، وفي عام 2016 نظمت حملة "افتحوا الطريق إلى حلب" بغية كسر الحصار عن سكان مدينة حلب.
وشارك في هذه الحملة أكثر من 40 ألف شخص ونحو 5 آلاف سيارة، نجحوا في الضغط على الرأي العالمي لإجلاء 45 ألف محاصر من المدينة وتلبية جميع احتياجاتهم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات هیئة الإغاثة الإنسانیة
إقرأ أيضاً:
المدن التي دمرتها الحروب حول العالم.. غزة في المقدمة
مع انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من مدينة غزة، انكشف حجم الدمار الذي لحق بأحيائها، إذ حولت الصواريخ والعربات المفخخة معظم المناطق إلى كومة من الركام. منذ إعلان الاحتلال الإسرائيلي احتلال المدينة في 11 آب/أغسطس الماضي، تكثفت عمليات التدمير لتشمل أحياء المدينة الشمالية وجنوبها، مستنسخة نموذج الدمار الشامل الذي طاول محافظات شمال غزة ورفح، ليعكس خطة ممنهجة لاستنزاف البنية التحتية وإفقاد السكان القدرة على العودة إلى حياتهم الطبيعية.
مع بدء وقف إطلاق النار ظهر الجمعة، سار آلاف المواطنين الذين أجبروا على النزوح إلى وسط وجنوب القطاع سيرا على الأقدام عائدين إلى مناطق سكناهم، في مشهد يعكس حجم المعاناة والصعوبات التي يواجهها السكان بعد عامين من العمليات العسكرية المستمرة.
وتشير تقديرات السلطات المحلية في غزة إلى أن نحو 90% من البنية التحتية في القطاع دُمرت بالكامل، بما يشمل الطرق، شبكات الصرف الصحي، المباني السكنية، المستشفيات، والمرافق الحيوية كافة.
وبحسب تقديرات أولية، تُقدر الخسائر المباشرة للحرب بنحو 70 مليار دولار، وهو رقم ضخم يعكس حجم الدمار الكبير الذي خلفته العمليات العسكرية المتواصلة على مدار عامين كاملين.
اقتصاد غزة، الذي دُمر بشكل شبه كامل، شهد أكبر انكماش منذ جيل بحسب البنك الدولي، مع توقف شبه كامل في الأنشطة الاقتصادية، ما عمق الأزمة الإنسانية. ويشير تحليل لمركز الأقمار الصناعية التابع للأمم المتحدة إلى تدمير أو تضرر نحو 193 ألف مبنى في القطاع.
أما القطاع الصحي، فقد تعرض لتدمير واسع، إذ تعمل 14 مستشفى من أصل 36 بشكل جزئي فقط، بينما تواجه غزة موجة جوع حاد يعاني منها نحو 514 ألف شخص، وفق نظام التصنيف المتكامل للأمن الغذائي.
أما إعادة إعمار القطاع، فتقدر تكلفتها بنحو 52 مليار دولار وفق مدير مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع، غير أن التحدي الأكبر يكمن في الوقت الطويل الذي تحتاجه هذه العملية في ظل انهيار البنية التحتية وتراجع الاقتصاد، ما يعني أن قطاع غزة سيحتاج لسنوات قبل أن يبدأ بالتعافي الكامل.
عرض هذا المنشور على Instagram تمت مشاركة منشور بواسطة Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
عرض هذا المنشور على Instagram تمت مشاركة منشور بواسطة Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
غزة في سياق عالمي للدمار الحضري
تاريخيا، لم تعد غزة وحدها نموذجا للدمار الشامل الذي تتعرض له المدن أثناء الحروب. فقد شهد العالم عشرات المدن التي دمرتها الحروب، لتكون عبرة لما يمكن أن تلحقه النزاعات المسلحة من خسائر بشرية ومادية.
هيروشيما ونجازاكي ــ اليابان:
في 6 آب/أغسطس 1945، ألقت الولايات المتحدة قنبلة ذرية على هيروشيما، ما أسفر عن مصرع 80 ألف شخص على الفور، ووصل العدد إلى نحو 166 ألف بنهاية العام نتيجة الإصابات والإشعاعات. دُمرت نحو 70% من الأبنية، بما في ذلك مرافق عسكرية وصناعية حيوية.
ولم تبدأ عمليات إعادة البناء إلا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، حيث أنشأت السلطات "حديقة السلام التذكارية" عام 1954 تخليدًا للحدث. وبعد ثلاثة أيام، ألقيت قنبلة ذرية أخرى على مدينة ناجازاكي، ما أسفر عن مقتل 80 ألف شخص، قبل إعلان استسلام اليابان رسميًا.
روتردام ــ هولندا:
في 14 أيار/مايو 1940، ألقت القوات الجوية الألمانية نحو 1300 قنبلة على روتردام، ما أسفر عن مصرع 900 شخص وتدمير معظم مركز المدينة. ولم تكتف الحكومة الألمانية بالتهديد بتفجير مدينة أوتريخت، بل دفع هذا الهجوم الحكومة الهولندية إلى إعلان الاستسلام. واستُغلت فرصة إعادة البناء لتقوية البنية التحتية، وبحلول عام 1950 استعادت روتردام شهرتها كأحد أسرع موانئ العالم في تحميل وتنزيل الحمولات.
جورنيكا ــ إسبانيا:
في نيسان/أبريل 1937، تعرضت جورنيكا في إقليم الباسك لقصف جوي عنيف من القوات الألمانية والإيطالية لمساندة القوميين الإسبان أثناء الحرب الأهلية، ما أودى بحياة 400 مدني. أصبح اسم المدينة مرادفًا للرعب، وصور الفنان بيكاسو الدمار في لوحة فنية شهيرة تحمل اسمها. وفي الذكرى السبعين، أعلن رئيس إقليم الباسك جورنيكا "عاصمة السلام في العالم".
درسدن وكوفنتري وبرلين وكولون ــ أوروبا:
وتعرضت درسدن الألمانية لقصف من قوات الحلفاء بين 13 و15 شباط/فبراير 1945، ما أسفر عن مقتل 25 ألف شخص. أما كوفنتري البريطانية، فتعرضت لسلسلة هجمات جوية ألمانية في تشرين الثاني/نوفمبر 1940، ألحقت أضرارا بالغة بالبنية التحتية وتهدمت كاتدرائيتها.
وفي روسيا، تحولت ستالينجراد إلى أطلال خلال المعركة الفاصلة ضد قوات المحور، ما أسفر عن مقتل نحو مليوني شخص، قبل أن يتم تغيير اسم المدينة إلى "فولجوجراد" لاحقا، ونصب تمثال ضخم لتخليد ذكرى المعركة. ودمرت برلين نصف منازلها خلال الهجمات الجوية بين 1943 و1944، فيما تعرضت كولون لأكثر من 34 ألف قنبلة خلال 262 غارة، لتوصف بعد الحرب بأنها "أكبر مجموعة حطام في العالم".
هوي ــ فيتنام:
وشهدت مدينة هوي في الساحل الشرقي لفيتنام أعنف مراحل الحرب في عام 1968، عندما باغتت القوات الفيتنامية الشمالية القوات الأمريكية وحلفاءها، وأدى القتال إلى مقتل آلاف المدنيين. وتعمل السلطات الفيتنامية حاليًا على إعادة ترميم المناطق الأثرية والتاريخية بالمدينة.
لندن ــ بريطانيا:
وتعرضت لندن للهجوم 71 مرة من القوات الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية لمحاولة إضعاف الروح المعنوية والبنية الدفاعية، بما في ذلك قصف مستمر لمدة 57 ليلة متواصلة في عام 1940، ما أسفر عن تدمير مليون منزل ومقتل 20 ألف شخص. لكن صمود معالم مثل كاتدرائية "سانت بول" شكل رمزا للمقاومة والثبات.
وتوضح هذه التجارب العالمية أن الدمار الشامل لا يطال المباني فقط، بل يمتد إلى النسيج الاجتماعي والاقتصادي للمدن، ويترك آثارا طويلة المدى على السكان المدنيين. تعيش غزة اليوم مأساة مشابهة، حيث تتكشف كل يوم تفاصيل جديدة من التهجير الجماعي، التدمير الشامل للبنية التحتية، وانهيار الاقتصاد المحلي. ومع ذلك، يبقى الأمل مرتبطًا بإعادة الإعمار، وحماية المدنيين، وتعزيز الجهود الإنسانية، لتجنب كارثة طويلة الأمد قد تمتد لأجيال.