جريدة الرؤية العمانية:
2025-10-13@00:34:22 GMT

الزكاة والصدقة.. وجهان لعملة واحدة

تاريخ النشر: 13th, April 2024 GMT

الزكاة والصدقة.. وجهان لعملة واحدة

 

 

محمد بن حمد البادي **

mohd.albadi1@moe.om

 

 

في المقال السابق الذي حمل عنوان "وآتوا الزكاة"، أشرنا إلى أن الزكاة- كركن من أركان الإسلام- لها جملة من الآثار الاجتماعية والاقتصادية على المجتمع المسلم، كما ذكرنا بعضًا من القيم والآداب التي تغرسها في نفس مؤديها ومتلقيها.

وفي هذا المقال نتطرق إلى بعض الممارسات أو المفاهيم المرتبطة بالزكاة والتي قد يختلط على البعض فهمها.

أولًا: قد يتحدث أحدهم عن الزكاة؛ فيقول: أنا- ولله الحمد- تصدقت بما فيه الكفاية، وأنفقت من مالي أكثر بكثير من القدر الذي يبرئ ذمتي، فلي في كل ليلة جمعة من كل أسبوع- على سبيل المثال- صدقة معلومة أخرجها كطعمة للفقراء والمساكين والمحتاجين، وساهمت هذا العام في بناء عدد من الجوامع والمساجد، وساعدت جاري الفقير في بناء منزله، وسددت عن قريبي المسكين فواتير الكهرباء والماء، وساهمت في فك كربة عدة مرات، وأعطيت كذا، وأنفقت كذا، أوليس كل هذا البذل والإنفاق يجزئ عن الزكاة؟

نعم أخي العزيز؛ جزاك الله خيرًا وتقبل الله منَّا ومنكم الصدقات، وبارك في مالك وأولادك، ولكن ربما اختلط عليك الأمر بين الزكاة والصدقة، أو ربما ظننت أيها المتصدق- رعاك الله- بعدم وجود فروقات بينهما، وظننت أن إنفاق الصدقة يجزئ عن إخراج الزكاة.

نستطيع القول إن الزكاة والصدقة وجهان لعملة واحدة؛ وهما وجهان للإنفاق ابتغاء وجه الله تعالى. لكن هناك فروقات بين الصدقة والزكاة، ينبغي أن لا يغفل عنها كل مُريدٍ للخير؛ فالصدقة- وفق ما أشار إليه الشرع- لا تجب في مال مخصوص، بل يصح إخراجها من كل ما يُمكن الانتفاع به، وبأي قدرٍ يشاء مؤديها، وليس لها شروط مخصوصة كالزكاة؛ فيمكن إخراجها في كل وقت وحين، وبأي كيفية، ومصارفها غير مخصوصة فيجوز إعطاؤها للمسلمين ولغير المسلمين، وبذلك تكون الصدقة أعم وأشمل من الزكاة.

أما الزكاة فلا تطلق إلّا على القدر الواجب فقط، وهي إخراج مال مخصوص، بشروط مخصوصة، يُصرف لجهات مخصوصة قررها الفقه الإسلامي.

والزكاة لا تجب في كل مال بل هنالك أموال خاصة تجب فيها الزكاة تسمى الأموال الزكوية كالذهب والفضة وسائر النقود الورقية والأنعام والثمار وغيرها مما حدده الشرع الحنيف.

وهناك فروقات عدة- تفصيلية وشرعية- بين الزكاة والصدقة، لا مجال للتطرق إليها في مقال واحد، وليس على من أراد التعرف عليها سوى طرق أبواب أهل العلم المتخصصين في هذا الشأن، كما أن لجان الزكاة المنتشرة في معظم ولايات ونيابات السلطنة متواصلة بشكل دائم مع المجتمع المحلي؛ وتقوم بدورها التوعوي لتوضيح كل الاستفسارات المتعلقة بالزكاة.

ثانيًا: يجتهد البعض- هداهم الله- اجتهادًا يقلّ له مثيل في جمع المال بأنواعه، يحرصون كل الحرص على أن يكون كسبهم حلالا، ولكن حين تحين الزكاة تضعف همتهم؛ وتقل عزيمتهم، فيتوانوا عن بذل أي جهد في توزيعها على مستحقيها بالشكل الصحيح، وكأنها صارت حملًا ثقيلًا جاثمًا على صدورهم ويريدون التخلص منه كيفما اتفق؛ وبأسرع وقت ممكن؛ فيسارعون في إنفاق هذه الزكاة على غير مستحقيها، بل إن الحال يصل ببعضهم إلى توزيعها بشكل عشوائي على المتسولين الذين يسألون الناس في المساجد والأماكن العامة؛ ثم يتبين بعد البحث والتحري أنهم أغنياء أو أنهم ليسوا ممن يستحق الزكاة.

هذا المال الذي شرفهم الله به لا بد أن يجتهدوا ويبحثوا عن أهله المستحقين له حسب الأسس الشرعية، فكلما وضعت الزكاة في موضعها الصحيح كان ذلك أبرأ للذمة وأعظم للأجر، وأدعى لتحقيق الحكمة الربانية التي من أجلها شرعت هذه الفريضة.

ثالثًا: نجد أنَّ زكاة أموال بعض المسلمين يحول عليها الحول قبل رمضان بأشهر، ولكنهم يؤخرون إخراجها حتى رمضان بقصد إدراك فضيلة الشهر المبارك؛ وهذا ليس من الصواب في شيء؛ فيجب على من وجبت عليه الزكاة أن يخرجها في وقتها إذا حال عليها الحول وبلغت النصاب.

رابعًا: هناك من يختزل الزكاة- وهي من أعظم أركان الإسلام- في بضعة ريالات، أو مجرد كيلة من أرز، أو كيسٍ من التمر، يتفضل بها رجلٌ غنيٌ ميسور الحال؛ وفقه الله لحيازة هذا المال، على رجلٍ بائسٍ فقيرٍ معدمٍ، ليسد بها جوعته أيامًا معدوداتٍ، تقل أو تكثر، وهذا بلا شك تصور زائف للزكاة، فالحكمة من مشروعيتها أسمى من هذا التصور الزائف، وأوسع من هذا المنظور الضيق، فهي في المقام الأول عبادة لله وحده، هو العليم الذي أحاط بكل شيء علمًا، الحكيم الذي لا يشرع شيئًا إلّا لحكمة ويحقق أحسن المصالح.

** عضو لجنة الزكاة بولاية صحم

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

كيف يتطهر المريض الذي يركب قسطرة البول للصلاة؟..الإفتاء تجيب

تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: كيف يتطهَّر المريضُ الذي يركّب قسطرةَ البول، وما حكم صلاته؟

وأجابت دار الإفتاء عن السؤال قائلة:هذا المريض له حالتان: إما أَنْ يخرج مِنه البول بدون تَحَكُّم منه أو لا.

فإن خرج منه البول دون تَحَكُّم منه فهذا ما يعرف عند الفقهاء بـ«السَّلَس»؛ فيُعفَى عنه حينئذٍ، وحكمه في هذه الحالة: وجوب غسل محل النجاسة، ثم الربط على عضو التبول، ثم الوضوء، ويصلِّي مَنْ هذا حالُه بهذا الوضوء ما يشاء من الصلوات، وينتقض وضوؤه بانتهاء وقت الصلاة المفروضة التي توضأ لها.

حكم الكلام في الحمام أثناء قضاء الحاجة.. الإفتاء تجيبما حكم الزكاة في الذهب الذي تتزين به المرأة؟.. دار الإفتاء تجيبما حكم الإنفاق من أموال الزكاة على ذوي الهمم لتعليمهم؟.. الإفتاء تجيبسبب دخول والد البنات الجنة .. الإفتاء توضح

أما إذا خرج منه البول في الكيس المعلَّق خارج جسده بتَحَكُّمٍ منه: فإنه يجب عليه الطهارة للعبادات التي تحتاجها؛ فيتوضأ للصلاة بخروج شيء من البول، ويُصَلِّي عقب وضوئه.

وبخصوص صحة الصلاة؛ فإذا استطاع إزالة هذا الكيس أثناء الصلاة فلا تصح الصلاة في هذه الحالة إلا بعد إزالة هذا الكيس، وإن لم يستطع إزالة الكيس الذي به البول أثناء الصلاة للمشقة البالغة في ذلك فهذا من المعفو عنه؛ لأَنَّ الشريعة مبناها على التيسير ورفع الحرج عن المكلفين.

المقصود بـ"قسطرة البول" وبيان نواقض الوضوء

وأوضحت ان «قسطرة البول»: هو كيس خارج البدن يوجد به بعض الأنابيب ليخرج منها البول المحتبس في جسم المريض.

وهذا البول الخارج من الجسد الأصل فيه شرعًا أَنَّه من نواقض الوضوء، فمن النواقض: خروج شيء من السبيلين -القُبُل والدُّبُر-، ويشمل ذلك البول والغائط وغيرهما؛ لقوله تعالى: ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ﴾ [النساء: 43].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تُقْبَلُ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ»، رواه مسلم.

وعن صفوان بن عسّالٍ المُرادِي رضي الله عنه قال: "أَمَرنا رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم إِذَا كُنّا سَفْرًا ألَّا نَنْزعَ خِفَافَنا ثلاثةَ أيامٍ بِليَالِيهنَّ، إلا من جنابة، ولكن من بولٍ، أو غائطٍ، أو نومٍ" رواه الترمذي.

فدلّ هذا الحديث على أن النقض بالبول، والغائط، والنوم.

وروى الإمام عبد الرزاق في "المصنف" عَنْ عبد اللهِ بن مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: "إِنَّمَا الْوُضُوءُ مِمَّا خَرَجَ، وَلَيْسَ مِمَّا دَخَلَ، وَالْفِطْرُ فِي الصَّوْمِ مِمَّا دَخَلَ، وَلَيْسَ مِمَّا خَرَجَ".

ومعنى انتقاضِ الوضوء في كلام الفقهاء: أنَّه لا يصح فعل أي شيء من العبادات التي اشترط الشرع الشريف لها الطهارة.

كيفية طهارة مريض القسطرة وحكم صلاته والأدلة على ذلك

لكن هذا المريض والحالة السابقة له حالتان في العبادات المشترطة للطهارة؛ كالصلاة، والطواف؛ إما أَنْ يخرج مِنه البول بدون تَحَكُّم منه أو لا.

فإن خرج منه البول دون تَحَكُّم منه فهذا من الأحوال التي وَضَّح الفقهاء أنه يُعذَر فيها الشخص من اشتراط الطهارة، وهو ما يعرف عند الفقهاء بـ«السَّلَس»؛ فيُعفَى عنه حينئذٍ، سواء في كل الطهارة أو في بعضها؛ ومعنى السَّلَس: استدامة انفلات الحدث من القُبُل أو الدُّبر مع العجز عن التحكم في منعه، ولو في فتراتٍ متقطعة، فيكون حكمه في هذه الحالة حكمَ المرأة المستحاضة التي يسيل منها الدمُ مرضًا ونزيفًا لا حيضًا، وهو: وجوب غسل محل النجاسة، ثم الربط على عضو التبول، ثم الوضوء، ويصلِّي مَنْ هذا حالُه بهذا الوضوء ما يشاء من الصلوات، وينتقض وضوؤه بانتهاء وقت الصلاة المفروضة التي توضأ لها، ويتوضأ لفرض آخر بدخول وقته.

أما إذا كان الشخص يخرج منه البول في الكيس المعلَّق خارج جسده بتَحَكُّمٍ منه: فإنه يجب عليه الطهارة للعبادات -كالصلاة مثلًا- المحتاجة إليها بخروج شيء من البول، ويُصَلِّي عقب وضوئه.

لكن يُفَرَّق بين حالين في صحة الصلاة؛ حال كون الكيس المحمول الذي في البول -سواء تَحَكَّم الشخص في الخارج منه أو لا- على الشخص، فقد يَقْدِر الشخص على إزالة هذا الكيس أثناء الصلاة أو لًا؛ فإن قَدَر على إزالة هذا الكيس فلا تصح الصلاة في هذه الحالة؛ وذلك لأن مِن شروط صحة الصلاة طهارة الثوب والبدن من النجاسة.

أما إذا لم يَقْدِر الشخص على إزالة الكيس الذي به البول أثناء الصلاة للمشقة البالغة في ذلك فهذا من المعفو عنه؛ ذلك أَنَّ الشريعة مبناها على التيسير ورفع الحرج عن المكلفين، وقد دَلَّ على ذلك أدلة كثيرة من الكتاب والسنة والقواعد الفقهية:

1- فمن الكتاب: قوله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185]، وقوله: ﴿يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾ [النساء: 28].

2- ومن السنة المطهرة: عن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ» رواه أحمد.

3- ومن القواعد: قاعدة "المشقة تجلب التيسير" وغيرها.

وفي ذلك دليل على رفع الحرج والمشقة الزائدة عن المكلفين.

طباعة شارك كيفية طهارة مريض القسطرة وحكم صلاته مريض القسطرة طهارة مريض القسطرة كيفية طهارة مريض القسطرة الطهارة المقصود بـقسطرة البول نواقض الوضوء

مقالات مشابهة

  • أفضل دعاء قبل النوم.. 15 آية قرآنية داوم عليها النبي كل ليلة
  • كيف يتطهر المريض الذي يركب قسطرة البول للصلاة؟..الإفتاء تجيب
  • ما حكم الزكاة في الذهب الذي تتزين به المرأة؟.. دار الإفتاء تجيب
  • ما حكم الإنفاق من أموال الزكاة على ذوي الهمم لتعليمهم؟.. الإفتاء تجيب
  • هل قلة البركة في المال دليل على غضب الله؟.. أمين الفتوى يجيب
  • ما حكم إخراج الزكاة في عمل تسقيف للبيوت؟.. الإفتاء تجيب
  • حكم إخراج الزكاة في عمل تسقيف البيوت
  • ما الذي يقوي العلاقة بين الزوجين؟.. احرصا على هذا الأمر ولو مرة يوميا
  • أشهر خطرة ولبنان وغزة في دائرة ترقّب واحدة
  • أذكار الصباح كاملة مكتوبة.. ابدأ يومك بها وحصن نفسك الآن