لجريدة عمان:
2024-06-11@18:47:03 GMT

انتعاش ضعيف ومتفاوت على الصعيد العالمي

تاريخ النشر: 16th, April 2024 GMT

إسوار براساد ـ كارولين سميلتنيكس -

عندما يرزح العالم تحت عبء الصراعات الجيوسياسية، وسياسات الحماية، والتضخم المستمر، فإنه يلقي بثقله على النمو الاقتصادي. ولكن في حين يُظهِر آخر تحديث لمؤشرات تتبع التعافي الاقتصادي العالمي الذي أعدته «بروكينغز وفايننشال تايمز» أن النمو العالمي استقر عند مستوى ثابت، فإن التعافي الاقتصادي في بعض البلدان يعطي بصيص أمل في احتمال حدوث انتعاش في العام المقبل.

وتختلف وتيرة النمو الاقتصادي اختلافا كبيرا بين البلدان، خاصة بين اقتصادات العالم الرئيسية. إذ في حين حافظت الولايات المتحدة والهند على أداء قوي، فإن الاقتصاد الصيني آخذ في التباطؤ. وتتجلى هذه الاختلافات أيضا داخل منطقة اليورو، حيث أصبحت ألمانيا على حافة الركود، في حين فاق الأداء الاقتصادي لإيطاليا وإسبانيا كل التوقعات.

ويكمن التباين الثاني بين النتائج الاقتصادية الفعلية والأسواق المالية، حيث تشهد أسواق الأوراق المالية انتعاشا حتى في البلدان التي تتسم بنمو ضعيف وسياسات نقدية متشددة. وفضلا على ذلك، تشهد مستويات ثقة الأسر المعيشية والشركات ارتفاعا في مختلف أنحاء العالم، مع أن هناك حالة عدم يقين متزايدة جراء التحولات الجيوسياسية والسياسات المحلية المتقلبة. وقد تكون مكاسب أسواق الأسهم وارتفاع مستويات الثقة مؤشرا على احتمال حدوث ارتفاع طفيف في النمو العالمي في عام 2024، خاصة إذا استمر التضخم في الانخفاض، مما سيمكن البنوك المركزية من خفض أسعار الفائدة. ولكن قد تتضاءل هذه النظرة المتفائلة بسبب تصاعد التوترات الجيوسياسية، والاضطرابات السياسية الداخلية في عدد من البلدان، والضغوط التضخمية المستمرة. وفضلا على ذلك، فإن اعتماد الصين وألمانيا على الطلب الخارجي بدلا من السياسات المحلية التحفيزية من شأنه أن يقوض علاقاتهما التجارية والنمو الاقتصادي العالمي.

لقد أثبت الاقتصاد الأمريكي قدرته على الصمود على نحو ملحوظ، حيث عززت سوق العمل التنافسية إلى جانب ارتفاع أسعار الأسهم ثقة الشركات والمستهلكين وحفزت الطلب المحلي. ومع أن بنك الاحتياطي الفيدرالي حافظ على أسعار الفائدة المرتفعة، فإن مكاسب الإنتاجية والهجرة مكنت الاقتصاد الأمريكي من الحفاظ على النمو دون تفاقم التضخم. ومع أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يتمتع بالمرونة اللازمة لتأخير التيسير النقدي، فإن ديناميكيات التضخم لا تزال تجعل من الصعب تحديد التوقيت الأمثل لتغيير السياسات. ومن ناحية أخرى، بدأت اليابان أخيرا في تطبيع سياستها النقدية. ومع ازدهار أسواقها المالية واستعادتها للثقة، يبدو أن الوضع الراهن للبلاد يشير إلى أنها ستشهد عاما آخر من النمو المعتدل. وفي المقابل، أصبحت المملكة المتحدة على حافة ركود طويل الأمد، ولو أنه معتدل؛ ويرجع ذلك إلى التضخم المستمر، والمرونة المالية المحدودة، وعدم الاستقرار السياسي الداخلي.

وفي حين لا يزال الاقتصاد الصيني يواجه صعوبات، فقد قدمت الحكومة حوافز إضافية للاقتصاد الكلي، واتخذت تدابير لدعم أسواق العقارات والأسهم المتعثرة. ولكن فعالية هذه التدابير تتقوض بسبب غياب الإصلاحات الشاملة اللازمة لإعادة بناء ثقة القطاع الخاص. ويمكن أن تحد الصين من ضعف الطلب الأسري والضغوط الانكماشية، ومن تُعزز الثقة بين المستثمرين المحليين والدوليين، باعتمادها لحزمة سياسات أكثر فعالية، تشمل تقديم المزيد من الدعم المالي.

وتستعد الهند من جانبها لاستقبال عام آخر من النمو القوي المدعوم بانتعاش سوق الأوراق المالية، وهو ما يَدُل على تفاؤل الأسر والشركات. بيد أنه رغم تراجع مستويات التضخم والانضباط المالي للحكومة، فإن التوقعات ليست إيجابية تماما، ويتجلى ذلك في تراجع سوق الشغل والاستثمارات الأجنبية المباشرة. ومن أجل الحفاظ على زخم النمو، يتعين على صانعي السياسات في الهند تنفيذ الإصلاحات فيما يتعلق بالشؤون الإدارية والتعليم، إلى جانب الاستثمار في البنية الأساسية. وهناك بقاع أخرى مشرقة في آسيا. إذ من المتوقع أيضًا أن تشهد إندونيسيا، التي ستجني في وقت قريب عائدا ديموغرافيا بفضل سكانها الشباب، نموا سريعا في عام 2024، شأنها في ذلك شأن الهند. ومع أن الاقتصاد الروسي أظهر مرونة غير متوقعة على مدى العامين الماضيين، فلا ينبغي لنا أن نتجاهل ما تعانيه من صعوبات اقتصادية جراء العقوبات الغربية. ومع أن الزخم الذي حققته الجهود الحربية في أوكرانيا كبير، إلا أنه مؤقت وقد لا يكون مستداما أو يعزز نمو الإنتاجية. ومن المتوقع أن تنمو الأرجنتين والمكسيك بنسبة 2-3 في المائة في عام 2024، في حين من المتوقع أن ينخفض النمو في البرازيل انخفاضا طفيفا. ولكن الانقسامات السياسية في هذه البلدان قد تؤدي إلى كبح الطلب المحلي وتثبيط المستثمرين الأجانب.

ومن ناحية أخرى، كانت احتمالية خفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة وغيرها من الاقتصادات المتقدمة سببا في تخفيف بعض الضغوط المفروضة على البلدان المنخفضة الدخل التي تعاني الأمرين مع ضائقة الديون، الأمر الذي أدى إلى تحسن آفاق نموها، ولكن هذه الأخيرة لا تزال ضعيفة. ومن الأهمية بمكان أن الارتفاع الطفيف في النمو العالمي قد يخفي مشكلات كبيرة، مثل الانقسامات الجيوسياسية، والاضطرابات السياسية، والحمائية التجارية، والاضطرابات المرتبطة بالمناخ، وعدم كفاية الحماية للفئات السكانية والبلدان الضعيفة. ومن المرجح أن تلحق التأثيرات السلبية الناجمة عن النزعة القومية الاقتصادية والحمائية التجارية أكبر قدر من الضرر بالبلدان النامية الصغيرة.

ويتمثل التحدي الذي يواجه صانعي السياسات، وخاصة في الاقتصادات الكبرى، في وضع أطر سياسية تحد من عدم اليقين وتعزز ثقة الشركات والمستهلكين. ومن ناحية أخرى، يتعين على البنوك المركزية أن تواصل التركيز على استعادة استقرار الأسعار، كما يتعين على الحكومات أن تركز على السياسات المالية السليمة وإصلاحات جانب العرض.

إسوار براساد أستاذ الاقتصاد في كلية دايسون بجامعة كورنيل وهو مؤلف كتاب مستقبل المال: كيف تعمل الثورة الرقمية على تحويل العملات والتمويل؟

كارولين سميلتنيكس طالبة جامعية في الاقتصاد بجامعة كورنيل.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی الاقتصاد فی حین ومع أن

إقرأ أيضاً:

وكيل وزارة المالية أستاذ المالية العامة بجامعة صنعاء الدكتور يحيى السقاف لـ”الثورة”: تقليص فجوة التضخم، وجذب المدخرات وتشجيع الاستثمار الزراعي والصناعي لمواجهة إجراءات بنك عدن

 

الثورة  /أحمد المالكي
أكد الدكتور يحيى علي السقاف وكيل وزارة المالية أستاذ المالية العامة المساعد بجامعة صنعاء ، في تصريح لـ “الثورة” أن هناك الكثير من المعالجات والتوصيات اللازمة لمواجهة القرارات الفاشلة لحكومة المرتزقة وبنكها في عدن المتمثلة باستهداف البنوك والعملة الوطنية القانونية ، والتي منها على سبيل الذكر وليس الحصر الإسراع في اتخاذ قرارات حاسمة والدعوة من قيادة السلطة النقدية بصنعاء إلى عقد اجتماعات وورش عمل مع البنوك المختصة والقطاع الخاص والتجار والمستثمرين وتذليل الصعاب ووضع الحوافز الحقيقية لنجاح قطاع الاستثمار والتنسيق مع الجهات الاقتصادية المختصة في الحكومة وتشكيل لجان متخصصة لبحث ودراسة الحلول والمعالجات التي تقطع الطريق على تنفيذ مثل هذه القرارات والتصدي لها، وعدم ترك الفرصة في إصدارها وتنفيذها مستقبلا، كما يوجد الكثير من الحلول والمعالجات المصاحبة واللاحقة، وتحتاج إلى جهود وصلاحيات مباشرة من القيادة السياسية وجهات الاختصاص وكلها وفق دراسة ورؤية علمية ومهنية وخطة تنفيذية مزمنة يتم الإعداد لها بشكل عاجل، وسوف يتم تقديمها إلى قيادة السلطة النقدية في صنعاء.
وذكر السقاف بعض التوصيات، آملاً من السلطة النقدية في صنعاء واللجنة الاقتصادية العليا العمل بها، ويتمثل بعضها في ضرورة القيام بإصلاح هيكلي ومالي للقطاع المصرفي، وخلق كيانات مصرفية قوية تحت إشراف البنك المركزي، كونه قادر على استخدام أدوات السياسة النقدية للمساهمة في رفع معدلات النمو الاقتصادي وزيادة الاستثمار فيه، مع ضرورة الحرص على تطبيق السياسات النقدية الملائمة، بما يؤدي إلى زيادة فاعلية أدواتها وأساليبها للوصول إلى هدفها النهائي المتمثل في تحقيق الاستقرار الاقتصادي، وضرورة تعزيز استقلالية البنك المركزي اليمني، بما يعزز دوره في الإشراف على البنوك التجارية لحثها على تمويل النشاط الاستثماري بهدف زيادة النمو الاقتصادي، والعمل على رفع فاعلية البنوك المتخصصة الحالية لأهميتها في رفع عملية التنمية الاقتصادية، كما نوصي السلطة النقدية أيضاً في انتهاج سياسة توسعية وتطويرية لأدوات الدفع لتأسيس مصارف إسلامية جديدة على شكل شركات مساهمة، وإلزام المؤسسات الاقتصادية العامة الاكتتاب فيها، وفي إتباع إجراءات تعمل على تقليص فجوة التضخم، من خلال جذب المدخرات وتشجيع الاستثمار الزراعي والصناعي لرفع قيمة عملتها المحلية النقدية، وفي أن تكون أكثر فاعلية في السيطرة على الكتلة النقدية والاستقرار النقدي.

مقالات مشابهة

  • البنك الدولي يرفع توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي إلى 2.6 %
  • وزير المالية: تعزيز أنشطة واستثمارات القطاع الخاص قاطرة النمو الاقتصادي الشامل
  • وزير المالية: نعمل على تحسين شبكات النقل ومشروعات الطاقة لجذب الاستثمار للدولة
  • وزير المالية: اتخذنا خطوات فعَّالة لتحسين بيئة العمل في مصر وتحفيز الاستثمار
  • روسيف: دول البريكس ستسهم في تقليل الصدامات الاقتصادية العالمية بـ 31.5% من الإنتاج العالمي
  • رئيس معهد النمو الاقتصادي بالهند: دخول مصر إلى البريكس يجعل وجودها أكثر عمقا
  • عاجل| وزير المالية أمام أعضاء البريكس: الاقتصاد المصري مازال يمتلك القدرة على الصمود في مواجهة التحديات الخارجية والداخلية
  • معيط: التحديات العالمية أثبتت قدرة الاقتصاد المصري على الصمود والابتكار
  • وكيل وزارة المالية أستاذ المالية العامة بجامعة صنعاء الدكتور يحيى السقاف لـ”الثورة”: تقليص فجوة التضخم، وجذب المدخرات وتشجيع الاستثمار الزراعي والصناعي لمواجهة إجراءات بنك عدن
  • نائب وزير المالية: قطعنا شوطا كبيرا في إرساء دعائم الحياد الضريبي