سواليف:
2025-07-04@11:48:24 GMT

الشيخ كمال الخطيب يكتب .. لو انطبقت السماء على الأرض

تاريخ النشر: 19th, April 2024 GMT

#سواليف

لو انطبقت السماء على الأرض

#الشيخ_كمال_الخطيب

نحن في زمان أحوج ما نكون فيه إلى الثقة بالله واليقين بوعده وحسن التوكل عليه والوقوف على بابه. فهو سبحانه الذي أمرنا وحبب إلينا ذلك لما قال: {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} آية 123 سورة هود.

مقالات ذات صلة تحذير من نذر بحرب دينية بسبب خطة إسرائيلية لتغيير الوضع القائم في الأقصى / تفاصيل 2024/04/19

إن يقين #المسلم بأن الله سبحانه هو القوي وهو القادر وهو القاهر وهو مالك الملك وهو الذي لا يعجزه شيء في #الأرض ولا في #السماء، فإنها تجعله مطمئنًا إلى أن رجاءه لن يخيب وأن أموره ستُقضى.

قال أحد العارفين: “كن على يقين بثلاث، أنه لا أحد أرحم بك من ربك، وأنه لا أحد أعلم بهمك أكثر من ربك، ولا أحد يقدر على رفع الضرّ عنك إلا ربك”.

إن لسان #المسلم قد درج على جمل وعبارات يرددها وهي من صميم عقيدته وهي آيات من كتاب ربه سبحانه كقوله: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ} آية 21 سورة يوسف، وقوله: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} آية 173 سورة آل عمران. إنها عبارات تحمل دلالات عظيمة فيجب أن نتجاوز كونها مجرد عبارات ترددها الألسن لتتحول إلى عقيدة ويقين ومنهج حياة.

الله غالب

كان أحدهم يبكي حزنًا ووجعًا على ما أصاب الأمة وما نزل بها من بلاء، وما وقع على المسلمين من ظلم وقتل وتشريد في مشارق الأرض ومغاربها، وما يحاك للإسلام من كيد وتآمر، فيسأله أخ له: ما يبكيك؟ قال: أبكي على الدين، فأجابه: لا تبكِ على الدين والإسلام ولا تحزن عليه فإن الله ناصره، ألم تسمع قوله تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} آية 121 سورة المجادلة. قال: أبكي على المقتولين غدرًا وظلمًا، فأجابه: هم شهداء عند ربهم يرزقون {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} آية 169 سورة آل عمران. قال: أبكي على الجرحى والمكلومين والمشردين والجائعين، فأجابه: وكيف تبكي عليهم ورسول الله ﷺ قال: “ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غمّ حتى الشوكة يشاكها إلا كفّر الله بها خطاياه”. قال: أبكي على الأيتام والأرامل والثكالى، فأجابه بأن الله يتولاهم {وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ} آية 196 سورة الأعراف. قال: أبكي على من فقد البنين والأحفاد والأحباب، فأجابه: ألم تسمع قول الله تعالى يقول: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} آية 10 سورة الزمر. قال: أبكي لتمكّن أهل الباطل وبطشهم بأهل الحق وبالمسلمين، فأجابه: ألم تسمع بقول الله تعالى: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ*مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۚ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} آية 196 سورة آل عمران. فكفّ عن البكاء وامسح دموع عينيك وثق بموعود ربك الذي يقول: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} آية 21 سورة يوسف.

حسبي الله

هو دعاء وهي كلمات قالها إبراهيم عليه السلام لما ألقي في النار فجعل الله النار بردًا وسلامًا على إبراهيم. قال عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: “أول كلمة قالها إبراهيم حين طرح في النار: حسبي الله ونعم الوكيل”. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: “حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم حين ألقي في النار”.

وهو دعاء قاله المسلمون يوم أحد وقد وقع عليهم ما وقع وانقلب حالهم وقُتل منهم كثير وأصابت الجراح أكثر {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ*فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ} آية 174 سورة آل عمران. لقد ثبتهم الله رغم الجراح ورغم الهزة المعنوية التي أصابتهم، رغم تهويش أهل الباطل عليهم وتخويفهم.

وهو دعاء قالته أمنا عائشة رضي الله عنها يوم رمتها بعض ألسنة السوء وطُعن في شرفها وهي أشرف من الشرف وأطهر من الطهر، وهي بنت أبي بكر وزوجة رسول الله ﷺ، فما زادت على أن قالت: “والله لا أجد لي ولكم مثلًا إلا أبا يوسف يعقوب حين قال: فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون”.

إن العبد إذا قال حسبي الله ونعم الوكيل، فهي ليست علامة ودليل ضعف ولا استسلام، وإنما معناها نقل ملف القضية والمظلمة من قاضي الأرض إلى قاضي السماء. وإذا كان قاضي الأرض يحابي الظالم وإذا كان يخاف أن يقول كلمة الحق، وإذا كان قاضي الأرض يمكن أن يرتشي أو يبيع ضميره، فإن قاضي السماء ليس كذلك. نعم يمكن للظالم بتوقيع أو جرة قلم أن يحوز الكثير وأن يحقق ما يريد لكنها دعوة من مظلوم قد تفقده ملكه وتسلب منه كل ما حصل عليه، { وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} آية 42 سورة إبراهيم.

فإذا ظُلمت فقل: حسبي الله ونعم الوكيل.

وإذا ابتليت فقل: حسبي الله ونعم الوكيل.

وإذا ضاقت بك السبل وأوصدت أمامك الأبواب فقل: حسبي الله ونعم الوكيل.

وإذا كنت بريئًا وعجزت عن الدفاع عن نفسك وإظهار الحقيقة فقل: حسبي الله ونعم الوكيل.

وإذا تكالب عليك الأعداء وتناوشتك السهام من كل جانب فقل: حسبي الله ونعم الوكيل.

وإذا وإذا وإذا، فعليك بحسبي الله ونعم الوكيل.

وما أجمل وأصدق ما قاله الإمام الشافعي رحمه الله:

يا صاحب الهم إن الهمّ منفرج أبشر بخير فإن الفارج الله

اليأس يقطع أحيانًا بصاحبه لا تيأسن فإن الكافي الله

الله يحدث بعد العسر ميسرة لا تجزعن فإن القاسم الله

إذا بليت فثق بالله وارض به إن الذي يكشف البلوى هو الله

والله ما لك غير الله من أحد فحسبك الله في كلٍ لك الله

لو انطبقت السماء على الأرض

قال ابن عباس رضي الله عنه: “لو انطبقت السماء على الأرض لجعل الله للمتقين فتحات يخرجون منها. ألا ترى قول الله تعالى: {‏وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا} آية 2 سورة الطلاق”.

ما أكثرها الظروف الصعبة التي تمر بالفرد منا وتمر بالأمة والتي تكاد توصل البعض في بعض اللحظات الحاسمة للشعور باليأس والاختناق، حتى أن رسول الله ﷺ قد مرّ بمثل تلك الحال، فقال له ربه سبحانه: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ} آية 97 سورة الحجر، ففي مثل هذه اللحظات الحرجة على المسلم أن يحسن التوكل على الله والاعتصام بحبله وأن يظلّ على يقين بأن الله معه ولن يخذله. فلو أطبقت السماء على الأرض، فإن الله تعالى سيبقي فتحات وأبواب نجاة وفرج للمؤمنين يخرجون منها.

وإن ما كان أصاب رسول الله ﷺ وأصحابه يوم الأحزاب مما قال الله فيه: {وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا*هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} 10 سورة الأحزاب، فكانت فتحات الفرج كما قال الله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا} آية 9 سورة الأحزاب.

والله لو التقى علينا أهل الشرق والغرب واليمين واليسار، لجعل الله لنا مخرجًا وفرجًا.

ووالله لو التقت علينا أمريكا وإسرائيل وألمانيا وبريطانيا وفرنسا، ولو جاءوا بقدّهم وقديدهم لجعل الله لنا مخرجًا وفرجًا.

ووالله لو خذلنا العرب كل العرب وأداروا لنا الظهور وطعنونا طعنة الغدر، لجعل الله لنا مخرجًا وفرجًا.

يا عباد الله صبرًا إن توالت الكروب

كلما تشتد كربًا تنجلي عنك الخطوب

إن في القرآن آية هي طب للقلوب

إن مع العسر يسرًا قال علام الغيوب

لكل باطل نهاية

إنه القرآن الكريم حافل بقصص الظلمة والطواغيت. فمنهم من قال: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ} آية 24 سورة النازعات. ومنهم من قال: {أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} آية 258 سورة البقرة. ومنهم من قال: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} آية 38 سورة القصص. ولكنه القرآن الكريم كذلك يحدثنا أن لكل باطل نهاية، وأنه مهما طغى في البلاد وأكثر فيها الفساد فإنه ليس بمنأى عن قانون الله في زوال الظالمين وفي قانون التداول {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} آية 140 سورة آل عمران، وينطبق هذا على أشخاص طغوا وبغوا، وينطبق على أمم ودول وشعوب.

فلقد انتهت حكاية قارون صاحب الأموال تحمل مفاتيح خزائنها الجمال بالخسف، وانتهت قصة فرعون المتألّه غرقًا في الماء، وانتهت قصة أبرهة المتجبّر بحجارة من سجيل، وانتهت أسطورة النمرود ببعوضة، وانتهت حكاية الأحزاب وحصارهم لرسول الله ﷺ بالرياح العاتية، وانتهت قصة هتلر بالانتحار، وانتهت حكاية الملك فاروق والموت في المرحاض، وانتهت بشامير في دار العجزة، وانتهت بشارون على سرير المرض. إنها نهاية قصص الباطل والظلم والطغيان تنطوي بأبسط الأشياء لشدة هوانهم على الله تعالى، فلا تشغل نفسك كيف سيزول الباطل وهو زائل، ولكن أشغل نفسك كيف يمكن للحق ليظل باقيًا رغم أنوف الظالمين. قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: “إن في القرآن آية هي سهم في قلب الظالم وبلسم على قلب المظلوم، فقيل له: وما هي يا إمام؟ قال: قوله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} آية 64 سورة مريم”.

ومثل الشافعي فإنه الرافعي رحمه الله لما قال: “إن دموع المظلومين هي في أعينهم دموع ولكنها في يد الله صواعق يضرب بها الظالم”. فإذا كان هذا حال دموع المظلومين فينتصر لها الله، فكيف بدمائهم وأرواحهم وأعراضهم وأموالهم وكرامتهم اعتدى عليها الظالم؟!

فعلى طريق الرافعي والشافعي في فهم سنن الله وفهم آيات القرآن الكريم نسير، وعلى هدي محمد ﷺ في تحدي الظلم والظالمين نمضي حتى يتحقق فينا موعود الله سبحانه وامتثالًا لأمر الله تعالى في خدمة الإسلام ونصرته لا نقيل ولا نستقيل، ولا ننظر إلى الجبابرة إلا مثل الأصفار ومثل ذرات الغبار تدوسها الأقدام. فهكذا تكون نهاية كل باطل فلكل باطل نهاية. وإذا كانت للباطل جولة، فإن للحق جولات، وإذا كانت دولة الباطل ساعة، فإن دولة الحق إلى قيام الساعة.

نحن إلى الفرج أقرب فأبشروا.

رحم الله قارئًا دعا لي ولوالدي ولوالديه بالمغفرة.

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف الشيخ كمال الخطيب المسلم الأرض السماء المسلم حسبی الله ونعم الوکیل الله تعالى لجعل الله وإذا کان رضی الله أبکی على الله لو الله ﷺ

إقرأ أيضاً:

خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف

مكة المكرمة

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس المسلمين بتقوى الله وعبادته، والتقرب إليه بطاعته بما يرضيه وتجنب مساخطه ومناهيه.

وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام: “في زمان كشفت الفتن فيه قناعها، وخلعت عذارها، لا يندّ عن فهم الأحوذي، ولا يشذّ عن وعي الألمعي، استشراف الحوادث وتفحص الأحداث، فالتأمل والتدبر في حوادث الأيام وتعاقبها مطلب شرعي، وأمر إلهي، قال جل وعلا: “لقد كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ”، وإن استهلال عام هجري جديد ليذكرنا بأحداث عظيمة جليلة، كان فيها نصر وتمكين، وعز للمرسلين والمؤمنين، تبعث في النفس التفاؤل والأمل، وحسن الظن بالله مع إتقان العمل، إنها قصة موسى -عليه السلام-، وهجرة المصطفى سيد الأنام -عليه أفضل صلاة وأزكى سلام-، ويوم عاشوراء ذلك اليوم الذي أنجى الله فيه نبيه موسى -عليه السلام- من فرعون وملئه”.

ولفت الشيخ السديس النظر إلى أن الله -عز وجل- أوحى إلى موسى وهارون -عليهما السلام- ليذهبا إلى فرعون لدعوته إلى التوحيد والإيمان وهذا درس عظيم في الدعوة إلى الله تعالى، وهو أن يلتزم الداعي إلى الله الرفق واللين والحوار، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، فخرج موسى ببني إسرائيل وتبِعهم فرعون وجنوده، فنظر بنو إسرائيل إلى فرعون قد ردِفهم، وقالوا: “إِنَّا لَمُدْرَكُونَ”، فكان الرَّدُّ الحازم من موسى -عليه السلام-: “كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ”، وهذا درس آخر في اليقين وحسن الظن بالله، موصيًا فضيلته بإحسان الظن بالله، والأخذ من تلك القصص والأحداث والأنباء الدروس والعبر والإثراء، وأنه على قَدْرِ اليقين الراسخ والإيمان الثابت لنبي الله موسى -عليه السلام- كانت الإجابة الفورية: “فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ”، فأغرق الله فرعون وقومه جميعًا، وكان ذلك في يوم عاشوراء، فكانت نعمة عظيمة على موسى ومن آمن معه من بني إسرائيل، فصام موسى -عليه السلام- هذا اليوم شكرًا لله تعالى، وصامه بنو إسرائيل، وهكذا تحقق النصر المبين والعاقبة للمتقين.

وبين الشيخ السديس أن في حدث الهجرة النبوية ما يُقرّر هذه السنة الشرعية والكونية: “إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا”، قال أبو بكر -رضي الله عنه-: “والله يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى موضع قدمه لأبصرنا”، فقال -عليه الصلاة والسلام- بلسان الواثق بنصر ربه: “يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما، لا تحزن إن الله معنا”.. إنه اليقين بنصر رب العالمين، ولهذا كان من أهمية هذا الحدث العظيم أن أجمع المسلمون في عهد عمر -رضي الله عنه- على التأريخ به اعتزازًا بالهوية الدينية والتاريخية والوطنية، مما ينبغي اقتفاء أثره والاعتزاز به فنحن أمة لها تاريخ وحضارة ورسالة على مر الأيام وتعاقب الأعوام.

وأوضح فضيلته أن منهج المسلم عند حلول الفتن الاتجاه إلى الله بالدعاء، وكثرة التوبة والاستغفار، وعدم الخوض فيما لا يعنيه، ورد الأمر إلى أهله، والإسلام يدعو إلى نبذ العنف وتحقيق الوئام والتفرغ للبناء والإعمار، والتنمية والإبهار والبعد عن الخراب والفساد والدمار، فما أحوج الشعوب إلى نبذ الحروب، وما أحوج البلاد والعباد إلى الأمن والسلام والرشاد، وفي قصة نبي الله موسى -عليه السلام- وهجرة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- أنموذج عملي متكامل للنجاة من الفتن بالتمسك بشرع الله تعالى، وحسن الظن به، وجميل التوكل عليه.

وقال فضيلته: “فموسى ومحمد -عليهما السلام- حتى في لحظة الانتصار، أدَّيا حقَّ الشُّكرِ لربِّ العالمين، فكانا يصومان هذا اليوم -يوم عاشوراء- شكرًا لله على عظيم نِعْمَتِهِ”، وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “قَدِمَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- المدينةَ فرأَى اليهودَ يصومونَ يومَ عاشوراءَ فقال لهم: ما هذا اليومَ الذي تَصومونهُ؟ قالوا: هذا يومٌ صالحٌ، هذا يومٌ نَجَّى اللهُ فيه بني إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى -عليه السلام-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أنا أحق بموسى منكم، فصامه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأمر بصومه”.

كما أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي بالمدينة المنورة فضيلة الشيخ الدكتور صلاح البدير المسلمين في خطبة الجمعة اليوم بتقوى الله ومراقبته، فهي منبع الفضائل، ومجمع الشمائل، وأمنع المعاقل، من تمسك بأسبابها نجا.

وقال فضيلته: “ذكر الله تعالى رواء الأرواح وشفاء الجراح وعلامة الصلاح وداعية الانشراح وعين النجاح والفلاح قال جل وعز: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ومن واظب على ذكر الله تعالى أشرقت عليه أنواره وفاضت عليه آثاره وتوافدت عليه خيراته وتواصلت عليه بركاته، والذكر هو الزّاد الصالح والمتجر الرابح والميزان الراجح فضائله دانية القطوف وفوائده ظاهرة جليّة بلا كسوف.

ومضى فضيلته قائلًا: “وقد أمر الله عباده بكثرة ذكره وتسبيحِهِ وتقديسِهِ، والثناءِ عليه بمحامدِهِ وجعل لهم على ذلك جزيل الثواب وجميل المآب قال جل وعزّ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا)، وعن عبدالله بن بسر -رضي الله عنه-: أنَّ رجلًا قَالَ: يَا رسولَ الله، إنَّ شَرَائِعَ الإسْلامِ قَدْ كَثُرَتْ عَليَّ، فَأَخْبِرْنِي بِشَيءٍ أَتَشَبثُ بِهِ قَالَ: «لا يَزالُ لِسَانُكَ رَطبًا مِنْ ذِكْرِ الله» أخرجه الترمذي، فاذكروا الله في البيع والشراء والأخذ والعطاء والعلن والخفاء والصباح والمساء وعلى وجه الأرض وفي جوّ السماء”.

وأشار فضيلته أن الذكر يرضي الرحمن ويطرد الشيطان ويقوي الإيمان ويبدد الأحزان ويمنح النفوس الطمأنينة والسكينة والأمان، والذّكر يزيل الوحشة ويذيب القسوة ويذهب الغفلة وينزل الرحمة ويشفي القلوب قال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه:” لكل شيء جلاء وإن جلاء القلوب ذكر الله عز وجل”، والذكر غياث النفوس الظامئة وقوت القلوب الخالية ونور الدروب الشائكة، وبه تستجلب الخيرات والبركات وتستدفع الكربات والنقمات وبه تهون الفواجع النازلات والحوادث المؤلمات فما ذكر الله عز وجل في مصيبة إلا هانت ولا في كربة إلا زالت.

وأبان إمام وخطيب المسجد النبوي في ختام الخطبة أن الأجور المترتبة على الذكر عظيمة لا يعبِّر عن عظمتها لسان ولا يحيط بها إنسان مطالبًا فضيلته المسلمين بالمحافظة على الأدعية والأذكار الصحيحة الواردة في الأحوال المختلفة والإكثار من ذكر الله تعالى في كل حين وأوان.

مقالات مشابهة

  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف
  • خطبة الجمعة من المسجد النبوي
  • تنفيذ حكم القتل تعزيرًا بأحد الجناة في منطقة الحدود الشمالية
  • رئيس مصرف الإسكان زار الشيخ الخطيب.. ورفع سقف القروض إلى 100 ألف دولار
  • إسماعيل الشيخ يكتب: رحيل أحمد عامر.. لحظة صدق مع النفس وعِبرة للأحياء
  • نور على نور
  • الشيخ كمال الخطيب: محاكمتي بسبب موقفي من الأقصى شرف ومصدر فخر
  • لماذا نقرأ الفاتحة 17 مرة في الصلاة يوميا؟.. الشيخ الشعراوي يكشف السبب
  • ما قصة السحابة المتوهجة التي ظهرت في السماء الليلة وكيف تشكلت؟
  • موعد المولد النبوي الشريف 2025 في مصر