بعد إكمال عملية التنصيف.. بيتكوين تواجه شكوكا
تاريخ النشر: 20th, April 2024 GMT
تمتلك عملة بيتكوين المشفرة ميزة تم دمجها في الكود الرقمي الذي أدى إلى إنشائها منذ نحو 15 عاما، إذ بين الحين والآخر تتغير الصيغة التي تحكم معدل التعدين عن الرموز الجديدة، وهي العملية التي تسمى بـ"التنصيف" (Halving).
وبحسب وكالة "بلومبيرغ" الأميركية، فمن المتعارف عليه أن عملة بيتكوين متقلبة وعرضة لارتفاعات مفاجئة، كما أن أي انعكاسات سريعة يمكن أن تمحو ملايين الدولارات في دقائق، إذ إن هناك تغييرات غامضة بسبب افتقار العملة الرقمية لروابط مع الاقتصاد الحقيقي.
وأكملت بيتكوين - أكبر عملة مشفرة في العالم - الجمعة، عملية "التخفيض إلى النصف"، وهي عملية تحدث كل 4 سنوات، وفقا لما نقلت رويترز عن شركة البيانات وتحليلات العملات المشفرة، "كوين غيكو" (CoinGecko).
ويجادل مؤيدو بيتكوين والمتشككون في نوع التأثير الذي قد تحدثه عملية "التنصيف" على قيمة هذه العملة الرقمية، خصوصا أنه في المرات الثلاثة الأخيرة، ساهم في ارتفاع أسعارها إلى مستويات قياسية، وفقا لـ "بلومبيرغ".
ويأتي ذلك بعد ارتفاع سعر عملة بيتكوين إلى أعلى مستوى على الإطلاق عند 73803.25 دولارا في مارس الماضي، بعد أن أمضت معظم عام 2023 في التعافي ببطء من الانخفاض الدراماتيكي خلال 2022.
من أين تأتي عملة بيتكوين؟وبحسب "بلومبيرغ"، إحدى الخصائص التي أدت إلى رواج بيتكوين هي الطريقة التي ربط بها منشئها الذي يحمل الاسم المستعار، "ساتوشي ناكاموتو"، والتي تتمثل في إنشاء العملات المشفرة بالعمل اللازم لمنع التزييف، حيث يتم الحصول على بيتكوين بواسطة ما يسمى بالتعدين الذين تقوم به أجهزة الكمبيوتر من خلال إجراء حسابات معقدة للتحقق من صحة المعاملات على ما يعرف باسم "البلوك تشين" (آلية متقدمة لقواعد البيانات).
ويتنافس القائمون بالتعدين لكسب الرموز الصادرة حديثا من عملية التعدين، وهو ما يُعرف باسم مكافأة الكتلة، وهي أجزاء صغيرة من عملة بيتكوين.
ما هو تنصيف بيتكوين؟يحدث تنصيف بيتكوين مرة كل 4 سنوات أو كل 210,000 كتلة من المعاملات، حيث يتم تخفيض المكافآت التي يتلقاها الأشخاص الذين يقومون بالتعدين عن بيتكوين إلى النصف، وفق "بلومبيرغ".
وعند إطلاق بيتكوين لأول مرة في عام 2009، تلقى القائمون على التعدين 50 بيتكوين لكل كتلة يتم تعدينها، ولكن تم تخفيض هذه المكافأة إلى 25 في النصف الأول من عام 2012، وإلى 12.5 في عام 2016، و6.25 في عام 2020.
وفي التنصيف الحالي، من المقرر أن تنخفض المكافأة إلى 3.125 من عملة بتكوين.
ووصف كريس جاناتي، رئيس الأبحاث العالمية في شركة إدارة الأصول "ويسدم تري" (WisdomTree)، التي تقوم بتسويق الصناديق المتداولة في البورصة بعملة بيتكوين، عملية التنصيف بأنها "واحدة من أكبر الأحداث في مجال العملات المشفرة هذا العام"، وفق وكالة رويترز.
وفقا للبروتوكول التأسيسي، يُعتبر إصدار بيتكوين محدود إذ سيتم تداول 21 مليون نسخة فقط بحلول عام 2140، وهو أمر جاذب بالنسبة للأشخاص الذين يخشون من أن تفقد النقود الورقية قيمتها أمام التضخم إذا تمت طباعة الكثير منها.
ويجادل مؤيدون بأن عملة بيتكوين على النقيض من ذلك، سوف تكون مضمونة الارتفاع، إذ يمنع "التنصيف" تأثيرات التضخم من خلال العمل على إبطاء وتيرة إنشاء بيتكوين بشكل دوري، حتى لا يتجاوز المعروض منها الطلب، بحسب "بلومبيرغ".
أما بالنسبة لمراقبين آخرين، يمكن أن يكون التخفيض إلى النصف بمثابة إشارة لشراء العملة المشفرة، خصوصا أن النمو البطيء يمكن أن يكون مصحوبا بارتفاع في الأسعار، وفقا للوكالة.
ووفق معظم التقديرات، سيكون هناك 64 عملية تنصيف للبيتكوين قبل الوصول إلى الحد الأقصى البالغ 21 مليونا في عام 2140، وعند هذه النقطة ستتوقف عمليات التنصيف تماما، ولن يحصل القائمون على التعدين على مكافآت.
في عام 2012، ارتفعت أسعار عملة بيتكوين بحوالي 8000 بالمئة في الأشهر الـ12 التي أعقبت التنصيف، كما ارتفعت مرة أخرى بنسبة 1000 بالمئة تقريبا في عام 2016، وفقا لـ "بلومبيرغ".
وفي التنصيف الأخير الذي حدث في مايو 2020، شهدت العملة المشفرة موجة تصاعدية انتهت بالوصول إلى سعر قياسي بلغ حوالي 69,000 دولار في نوفمبر 2021، بحسب الوكالة ذاتها، والتي تشير إلى أن التنصيف المرتقب يمكن أن يرفع الأسعار بنسبة 81 بالمئة على الأقل.
من ناحية أخرى، يرى متشككون أن ارتفاع الأسعار في أعقاب التنصيف أمر مخادع، حيث جاء التنصيف الثاني في عام 2012، خلال وقت كانت تكتسب فيه العملة المشفرة اعترافا أكبر وزخما، وتزامن مع طفرة في عروض العملات المشفرة الجديدة، والتي كان لا بد من شراء العديد منها باستخدام بيتكوين.
وكتب محللو "جي بي مورغان"، هذا الأسبوع، قائلين: "لا نتوقع زيادة في أسعار بيتكوين بعد التنصيف"، وتوقعوا، بحسب رويترز، أن ينخفض سعر العملة؛ لأنها تعيش "في منطقة ذروة الشراء" وأن تمويل رأس المال الاستثماري لصناعة العملات المشفرة "ضعيف" هذا العام.
وتهدد الحملة التنظيمية من قبل الحكومات على العملات المشفرة في أعقاب انهيار بورصة "FTX" في نوفمبر 2022، توقعات السوق، على الرغم من اجتذاب صناديق بيتكوين المتداولة في البورصة مجموعة واسعة من المستثمرين وحفزت الارتفاعات منذ مطلع عام 2024، وفقا لـ"بلومبيرغ".
ووافقت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية قبل نحو 3 أشهر على طلبات مقدمة من شركات مالية، بما في ذلك صندوق "بلاك روك" (BlackRock)، لإطلاق صناديق متداولة في البورصة للبيتكوين.
ومنذ بداية العام الحالي صعدت أسعار بيتكوين بنسبة 48 في المئة تقريبا، من مستوى 42 ألف دولار، لتسجل 62.258 ألف دولار حتى نشر هذا التقرير، حسبما تشير بيانات منصة "بينانس".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: العملات المشفرة عملة بیتکوین یمکن أن فی عام
إقرأ أيضاً:
ثروات تتبخّر بتغريدة نرجسية.. كيف تخدعنا الأسواق؟
واصل مستثمرو وول ستريت تعويلهم على الدور الريادي لشركة إنفيديا، مصنعة رقائق الحاسب الآلي الأميركية، في دفع طفرة الذكاء الاصطناعي التي تجتاح العالم، فارتفعت أسهم الشركة بنسبة تجاوزت 20% (وقت كتابة هذه السطور) مقارنة بمستواها عند بداية العام، ما دفع بقيمتها السوقية لتتجاوز عتبة 4 تريليونات دولار، ولتصبح بذلك أول شركة مدرجة تصل إلى هذا الإنجاز..
وتفوقت إنفيديا على كل من شركتي آبل، ومايكروسوفت في تجاوز حاجز 4 تريليونات دولار، رغم أن آبل بدأت العام وهي الشركة الأعلى قيمة في العالم، بقيمة سوقية قدرت بنحو 3.9 تريليونات دولار، لكنها تراجعت في الأشهر الأخيرة؛ بسبب أزمة الرسوم الجمركية. وخلال الأشهر الماضية، تناوبت إنفيديا ومايكروسوفت الاستحواذ على لقب الشركة الأعلى قيمة في العالم، إلى أن تفوقت إنفيديا أخيرا وبلغت أولا حاجز 4 تريليونات.
وعلى نحو متصل، وخلال عطلة نهاية الأسبوع الأخيرة، واصلت العملة المشفرة بيتكوين تحطيم مستوياتها القياسية، متجاوزة مستوى 122 ألف دولار للوحدة الواحدة، ومقتربة بقيمتها السوقية من مستوى 2.5 تريليون دولار، بينما أوشكت سوق العملات المشفرة الأشمل على ملامسة مستوى 4 تريليونات دولار.
أصبحت أسواق الأسهم والعملات المشفرة، بما تحمله من تقييمات مذهلة وتقارير أرباح خيالية، رمزا واضحا للرأسمالية الحديثة، حيث أصبحت أرقام مثل القيم السوقية التي تتجاوز التريليون دولار، والإيرادات الفصلية التي تبلغ مئات المليارات، والتقلبات اليومية بمليارات الدولارات، جزءا من الخطاب العام.
وأصبحت قيم شركات مثل آبل ومايكروسوفت وأمازون وغيرها تتجاوز الناتج المحلي الإجمالي لدول بأكملها. لكن مع تزايد التريليونات ونموها وهيمنتها على عناوين الأخبار المالية، يبرز سؤال جوهري عن المعنى الحقيقي لتلك الأرقام، وما إذا كانت تعكس ثروة حقيقية، أم إنها مجرد بنيات نظرية رمزية غير واقعية.
إعلانفي جوهر سوق الأسهم يكمن مفهوم "التقييم"، والتقييم في نهاية المطاف هو نوع من التوقع، بما يمثل رهانا على أرباح مستقبلية، وتأثيرٍ محتمل، وفائدة متوقعة لشركة ما.
وعندما يشتري المستثمرون أسهما، فإنهم لا يشترون أصولا مادية، ولا يحصلون عمليا على ملكية المباني أو الآلات أو حقوق الملكية الفكرية، وإنما يشترون جزءا من التوقع، وادعاء مجردا بشأن أرباح مستقبلية قد تولدها الشركة.
وبهذا المعنى، فإن التريليونات التي ننسبها إلى الشركات ليست خزائن ممتلئة بالنقود، بل هي انعكاسات لأنظمة قبول جماعية. إنها رأسمال تكوّن من الثقة، ثم تحولت الثقة والتفاؤل والتوقعات إلى عملات وأموال.
معنى ذلك أن القيمة السوقية ليست "مالا" بالمعنى التقليدي، مما يمكن استخدامه مباشرة لشراء الخبز أو دفع الإيجار، ولكنها ببساطة حاصل ضرب السعر (وهو بحد ذاته نتيجة لتقلبات المشاعر والسيولة والروايات) بعدد الأسهم المطروحة أو العملات المشفرة المتاحة، إلا أن هذا الناتج يُعامل كما لو كان حقيقة راسخة.
فعندما نقول إن شركة ما تساوي تريليوني دولار، فإن ما نعنيه هو أن هذه القيمة متينة وواقعية، بيد أن هذا الرقم قد يتبخر بمجرد تغير في المزاج العام، أو تعديل في الأنظمة، أو تغريدة من شخصية "نرجسية" مؤثرة.
ويرى كثير من المحللين أن سوق الأسهم والعملات المشفرة مبنية بقدر ما على علم النفس، كما هي على الأداء المالي، ما يجعلها مسرحا للتوقعات الفردية والجماعية.
لكن هذا لا يعني أن السوق زائفة، أو أن هذه التقييمات لا معنى لها، إذ تكمن أهميتها في أثرها الواقعي. فارتفاع تقييم إحدى الشركات يمنحها قدرة أكبر على جمع التمويل، وعلى الاستحواذ على شركات أخرى، وعلى جذب أفضل المواهب.
كما يمنحها أيضا نفوذا في التفاوض، ونوعا من القوة الناعمة في المشهدين؛ الاقتصادي والسياسي، التي تكون عادة مستمدة من "التصور" وليس من "القيمة الجوهرية". فإذا قرر الجميع غدا أن شركة إنفيديا لم تعد مبتكرة أو موثوقة، فإن تقييمها يمكن أن يتقلص بشكل درامي، رغم أن أصولها المادية لم تتغير.
ومن ناحية أخرى، يكشف ذلك عن فجوة جوهرية بين "القيمة السوقية" و"الاقتصاد الحقيقي"، إذ يتكون الأخير من أشياء ملموسة: غذاء يُزرع، بيوت تُبنى، أشخاص يُوظفون، وطاقة تُنتج. أما سوق الأسهم والعملات المشفرة فهي نظام من الدرجة الثانية- يعكس ويتوقع، وأحيانا يشوه، ما يحدث في العالم الحقيقي.
وخلال طفرات اعتبرت وقتها من المبالغة المالية، كما في صعود أسهم التكنولوجيا 2020-2021، شهدنا شركات لم تحقق أرباحا تذكر تحظى بتقييمات فلكية مبنية فقط على الرواية، حيث استثمر أصحاب الأموال أموالهم في قصة احتمالية، بعيدا عن الإنتاج والعمل، ووصف البعض المشهد بأنه اقتصاد ميتافيزيقي، يوجد فيه "النمو" أولا في المخيلة قبل أن يتجسد في المصانع أو الأجور.
وتخلق هذه الديناميكية فرصا ومخاطر، حيث تكمن الفرصة في قدرة الأسواق المالية على تمويل الابتكار والتقدم على نطاق واسع، بما يسمح بتحقيق إنجازات في الطب والتكنولوجيا والبنية التحتية مما لا يمكن تحقيقه بغير ذلك.
إعلانأما الخطر، فيكمن في انفصال رأس المال عن الواقع، حين لا تعكس الأسعار السوقية القيم الحقيقية، حيث يتدفق المال نحو المضاربات أكثر مما يتدفق نحو العمل الإنتاجي، ليصبح الاقتصاد هشّا، ويكون عُرضة للانهيار تحت وطأة أوهامه الذاتية.
وهناك أيضا بعد أخلاقي لهذا التأمل، ففي عالم يمكن أن تُربح فيه أو تُفقد المليارات في يوم واحد من خلال تداولات خوارزمية، بينما يكافح الملايين لتأمين الرعاية الصحية أو التعليم أو المسكن، يبرز سؤال آخر عن المعنى الأخلاقي للقيمة السوقية: فهل تعادل قيمة الشركة بالدولار قيمتها للمجتمع؟ وإن لم يكن، فماذا يقول ذلك عن كيفية تعريفنا للقيمة ومكافأتنا لها؟ فالسعر السوقي لا يقيس التعاطف أو العدالة أو الاستدامة، ومع ذلك، فهو الذي يحدد غالبا من يملك النفوذ، ومن يتلقى الأموال والجوائز، ومن يُسمع صوته.
ومن هذه الزاوية يمكننا أن نرى سوق الأسهم كمرآة لأنفسنا لا باعتبارها مرآة للاقتصاد، كونها تعكس ما نقدّره، وما نخشاه، وما نرجوه، تتحول فيها معانٍ مجردة مثل الثقة والمخاطرة والطموح إلى أرقام توجه القرارات العالمية نحو طرق التربح ومراكمة الثروات، وإن كان ذلك بعيدا عن صحة المجتمعات، وسلامة البيئة، وكرامة العمل، يستوي في ذلك سوق ضخمة ذات خبرات كالسوق الأميركية، أو سوق ناشئة، تنمو في ظروف شديدة الصعوبة، كالسوق المصرية.
التحدي إذًا هو أن نقاوم الوهم القائل بأن ما يُتداول في الأسواق هو كل ما يُقاس من قيمة، إذ يتعين علينا أن نتعلم قراءة هذه الأرقام كجزء من سردية أوسع، تضم ما هو غير مرئي، وغير قابل للقياس، وغير مُعترف به بعد، أملا في الوصول- يوما ما- إلى مواءمة اقتصاد الرموز مع واقع الإنسان الحي.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline