أظهر بحث جديد أن اعتماد العاصمة اللبنانية على مولدات الديزل بشكل مفرط في السنوات الخمس الماضية، ضاعف بشكل مباشر من خطر إصابة السكان بالسرطان، ورفع نسبة الإصابات 30 في المئة في بيروت وحدها. 

هذا البحث الذي من المقرر ان ينشره علماء في الجامعة الأميكرية في بيروت (AUB)، كان محور تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية يضيء على أزمة تلوث الهواء جراء استخدام مولدات الكهرباء الديزل في لبنان، وتأثيرها على نسب السرطان حيث يقول أطباء الأورام إن معدلات التشخيص الإيجابي آخذة في الارتفاع.

وبحسب الصحيفة يعمل ما يقدر بنحو 8000 مولد ديزل على تشغيل المدن اللبنانية منذ الانهيار الاقتصادي في عام 2019. ويمكن سماع المولدات وشمها ورؤيتها في الشوارع، ولكن أسوأ تأثير لها هو الهواء الذي يضطر السكان لتنشقه.

وتنقل الغارديان عن نجاة صليبا، وهي عالمة كيمياء الغلاف الجوي التي قادت الدراسة قولها إن "النتائج مثيرة للقلق". 

يكشف التقرير أنه في منطقة المقاصد، وهي واحدة من أكثر المناطق كثافة سكانية في بيروت التي جرى اختبار الهواء فيها، بلغت مستويات التلوث الناجم عن الجسيمات الدقيقة – التي يبلغ قطرها أقل من 2.5 ميكرومتر (PM2.5) - ذروتها عند 60 ميكروغرام في المتر المكعب، أي أربعة أضعاف مستوى 15 ميكروغرام/م3 الذي تقول منظمة الصحة العالمية إنه يجب ألا يتعرض له الأشخاص لأكثر من 3-4 أيام في السنة.

منذ عام 2017، وهي المرة الأخيرة التي أجرت فيها الجامعة الأميركية في بيروت هذه القياسات، تضاعف مستوى الملوثات المسببة للسرطان، المنبعثة في الغلاف الجوي في ثلاث مناطق في بيروت. وبحسب صليبا "الحسابات تشير إلى أن خطر الإصابة بالسرطان قد ارتفع بنسبة 50% تقريبا".

قبل عام 2019 كانت تُستخدم المولدات الكهربائية في لبنان لسد فجوة مدتها ثلاث ساعات في توفير الشبكة الوطنية، ثم، بعد عام 2019، بدأ في لبنان أحد أكثر الانهيارات الاقتصادية كارثية في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر. وفي غضون أشهر، اقتربت شبكة الطاقة الحكومية من الانهيار، وحلت محلها مولدات الديزل. 

بعد دراسة "مخيفة".. لبنانيون يطلبون حماية دولية من "الغبار القاتل" "إذا سرتم اليوم في شوارع بلدة فيع (شمال لبنان) وسألتم الناس، قد لا تجدون منزلاً يخلو من إصابة بمرض السرطان، فتعرض السكان لهذا الكم من الغبار يومياً، على تلك المدة الطويلة، يغير في جيناتهم، بحسب الخبراء، ويجعلها أكثر قابلية للإصابة بالسرطان، ويؤثر أيضاً على الأجيال المقبلة منهم." وفق ما يؤكد الناشط البيئي فارس ناصيف.

وينقل التقرير عن أطباء الأورام في بيروت تقديرات تشير إلى أن معدلات السرطان العامة ارتفعت بنسبة 30٪ سنويا منذ عام 2020. ويلفت إلى ملاحظة شائعة - على الرغم من عدم وجود بيانات محددة حتى الآن - مفادها أن المرضى أصبحوا أصغر سنا وأن الأورام أصبحت أكثر عدوانية.

في عام 2023، أفادت منظمة هيومن رايتس ووتش أن الافتقار إلى إمدادات طاقة موثوقة قد أثر على حق الناس في الحصول على الكهرباء، وأشارت إلى استمرار الحكومة اللبنانية في تبني سياسات ترسخ الاعتماد على النفط حتى في الوقت الذي تحاول فيه الدول في جميع أنحاء العالم التحول إلى الطاقة المتجددة.

مخاطر مسرطنة.. "الغيمة السوداء" تعيد الكابوس إلى لبنان "مواد كيميائية تتساقط علينا من السماء كأنها فوشار أسود، تترك على السيارات والشرفات بقع سوداء كالطلاء وتلتصق بشدة، وتتسبب باهتراء الملابس وتترك فيها ثقوباً بعد أن تغير لونها، وكأنها تحرقها حرق، ثم يريدوننا أن نقتنع بأن هذه المواد غير مضرة بالصحة؟ أي عقل يقبل ذلك؟"  

وفي عام 2017، استورد لبنان ما قيمته حوالي 900 مليون دولار من الديزل للمولدات. وبحلول عام 2022، تشير التقارير إلى أن هذا الرقم قد قفز إلى 1.9 مليار دولار.

الحكومة اللبنانية، المشلولة سياسيا فشلت بحسب الغارديان في سن إجراءات لمكافحة الفساد الذي يمكن أن يسمح بعقد اتفاق انقاذ مع صندوق النقد الدولي، في وقت جمدت فيه ميزانيات الوزارات، مما أثر على جميع مجالات الحياة.

وتضيف صليبا إن لبنان عالق في "حلقة مفرغة كبيرة، نحن بلد فقير للغاية الآن، لذلك نستمر في طلب كل هذه الأموال. ولكن الاتجاه السائد في كافة القطاعات ــ وكل ما تعاملت معه الحكومة على مدى الأعوام العشرة الماضية ــ هو أخذ الأموال، وتركيب ما يحتاج إلى تركيب، ثم تركه دون تكاليف تشغيل أو أي استعداد لبذل الجهد من أجل استمرار تشغيله".

وقدرت دراسة أجرتها منظمة السلام الأخضر لعام 2020 أن 2700 شخص ماتوا قبل الأوان في لبنان بسبب تلوث الهواء في عام 2018 – وهو أعلى معدل للفرد في الشرق الأوسط، بالاشتراك مع مصر.

وحرص علماء الأورام الذين قابلتهم صحيفة الغارديان على التأكيد على أنه في حين أن مولدات الديزل تضر بالصحة العامة، إلا أنه لا مفر من استهلاك التبغ في لبنان.

يقدر أن 70% من السكان البالغين في لبنان يدخنون بانتظام و38% مدخنون بدوام كامل.

يقول الدكتور فضلو خوري، رئيس الجامعة الأميركية في بيروت وطبيب الأورام المتخصص في سرطان الرئة والرقبة، إن الآثار الصحية الناجمة عن التعرض طويل الأمد للمواد المسرطنة المحمولة جواً من المولدات - مثل انتفاخ الرئة وأمراض القلب والسرطان - قد يستغرق الأمر سنوات أكثر حتى يتم رؤيتها.

وتنقل الصحيفة البريطانية عن بيا سعادة، 27 عاما، التي تم تشخيص إصابتها بسرطان الثدي في المرحلة الثانية قبل ستة أشهر، قولها إن الحكومة لا تأخذ العلاقة بين البيئة المتدهورة في لبنان وارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان على محمل الجد بما فيه الكفاية.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: فی بیروت فی لبنان فی عام

إقرأ أيضاً:

لبنان تستعيد زخمها الثقافي مع انطلاق الدورة 66 لمعرض بيروت للكتاب

قالت سلوى السنيورة، رئيسة معرض بيروت الدولي للكتاب، إن المعرض هذا العام يأتي في لحظة استثنائية بعد توقف الحرب في لبنان، ويُعدّ تعبيرًا حيًّا عن روح النهوض والإصلاح التي يشهدها البلد، مؤكدة أن بيروت، التي حملت لقب "العاصمة العالمية للكتاب" عام 2009، تستعيد اليوم دورها الثقافي الرائد عبر إقامة هذا الحدث البارز رغم التحديات.

اليونيفيل قلقة من استهداف قواتها قرب كفر شوبا جنوب لبنانلبنان.. قرار عاجل من وزير الدفاع بشأن محافظات بيروت والبقاع وبعلبك الهرملمن لبنان.. ملك أحمد زاهر تخطف أنظار جمهورها برفقة والدهانواف سلام يؤكد ضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من لبنان

وأضافت السنيورة في مداخلة ببرنامج "صباح جديد"، المذاع على قناة "القاهرة الإخبارية"، ويقدمه الإعلاميين فادي غالي وشيرين غسان وشروق وجدي، أن الدورة الـ66 من المعرض، التي تأجلت بسبب الأوضاع الأمنية في نهاية 2024، تقام الآن بمبادرة من النادي الثقافي العربي، وتُعدّ تظاهرة ثقافية كبرى بمشاركة 134 دار نشر من لبنان والعالم العربي، بالإضافة إلى حضور دولي مميز من فرنسا، مصر، الإمارات، وقطر، فضلًا عن عدد من المعاهد الثقافية والبعثات الدولية.

وأوضحت أن المعرض لا يقتصر على عرض الإصدارات الجديدة فقط، بل يشمل برنامجًا ثقافيًا غنيًا يضم 66 ندوة فكرية وأدبية، تتناول قضايا الساعة في الفكر والأدب والمسرح والموسيقى والسياسة والتاريخ، وذلك بموازاة عدد من الفعاليات الفنية والمعارض التخصصية.

وأكدت السنيورة أن المعرض يشمل أيضًا أنشطة مخصصة للأطفال وفعاليات متنوعة تُناسب مختلف الفئات العمرية، ما يجعله حدثًا ثقافيًا شاملًا.

وعن الإقبال المتوقع، عبّرت عن تفاؤلها بعودة الجمهور اللبناني من مختلف المناطق إلى المعرض، رغم التحديات الاقتصادية والأمنية، مؤكدة أن الشغف بالكتاب لا يزال حاضرًا في وجدان اللبنانيين.

وفي ختام اللقاء، توجهت بالشكر لكل الدول العربية المشاركة والداعمة، متمنية أن تكون هذه الدورة خطوة جديدة في مسار النهضة الثقافية اللبنانية والعربية.

طباعة شارك بيروت لبنان معرض بيروت الدولي معرض بيروت

مقالات مشابهة

  • مأساة على شاطئ في بيروت.. هذا ما حصل مع محمد
  • ميل إلى المؤلفات السياسية في الدورة الـ66 لمعرض بيروت العربي الدولي للكتاب
  • استعدادًا لانتخابات بيروت والبقاع وبعلبك - الهرمل... استنفار عام في الدفاع المدني
  • حسين خليل البطل يُعلن ترشحه لبلدية بيروت: المدينة بدها فعل وأنا جاهز
  • خلف دعا الى المشاركة في انتخابات بيروت: لضخّ دم جديد من الكفاءات
  • لبنان تستعيد زخمها الثقافي مع انطلاق الدورة 66 لمعرض بيروت للكتاب
  • تعديل في قرارين يتعلقان بالانتخابات في محافظات بيروت والبقاع وبعلبك الهرمل
  • مخزومي بعد لقائه عوده: بيروت تستحق الأفضل والقرار بيد الناخبين
  • الحجار ترأس اجتماعا بحث في التحضيرات للإنتخابات البلدية والإختيارية في بيروت والبقاع
  • انتقادات واسعة في بيروت