حث وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، الصين على الاضطلاع بدور بناء في الأزمات العالمية، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط التي تعيش حربا بين إسرائيل وحركة حماس بقطاع غزة.

وفي مؤتمر صحفي من بكين، قال بلينكن إنه "بوسع الصين أن تضطلع بدور بنّاء في الأزمات العالمية، بما يتضمن إقناع إيران ووكلائها بعدم توسيع نطاق الصراع في الشرق الأوسط".

وأضاف: "أعتقد أن علاقات بكين يمكن أن تكون إيجابية في محاولة تهدئة التوترات ومنع التصعيد وتجنب انتشار النزاع"، مضيفا أن نظيره الصيني، وانغ يي، وافق على البقاء على اتصال بشأن الشرق الأوسط.

ومنذ أكثر من 6 أشهر، تخوض إسرائيل حربا مدمرة في قطاع غزة ردا على هجمات شنتها حركة حماس عليها في السابع من أكتوبر.

وعلى أثر هذه الحرب، اشتعلت المنطقة في العراق واليمن وسوريا ولبنان، بالإضافة إلى وقوع هجمات مباشرة بين إيران وإسرائيل.

وفيما يتعلق بالغزو الروسي لأوكرانيا، جدد بلينكن قلقه البالغ بشأن "توفير الصين للمكونات التي تسهم في اشتعال الحرب"، وأشار إلى أن الصين "أظهرت في الماضي أنها تستطيع اتخاذ إجراءات إيجابية بشأن الحرب الروسية"، مستشهدا بموقف بكين بشأن التهديد النووي الروسي.

وبعد التلويح الروسي بالسلاح النووي، العام الماضي، قالت الصين إنه "ينبغي عدم استخدام الأسلحة النووية، وينبغي عدم خوض حروب نووية، وينبغي الوقوف ضد التهديد بالسلاح الذري أو اللجوء إليه".

وتطرق بلينكن أيضا في المؤتمر الصحفي إلى اللقاءات التي جمعته بالمسؤولين الصينيين، قائلا: "ناقشنا تصرفات الصين الخطيرة في بحر الصين الجنوبي، وأوضحنا أن التزامات الدفاع الأميركية تجاه الفلبين لا تزال صارمة".

وبشأن علاقة واشنطن وبكين، وصف بلينكن العلاقة التجارية بين البلدين بأنها "مهمة"، مؤكدا أنهما يحاولان البناء على ما تم إنجازه في القمة السابقة بين الرئيس الأميركي والصيني التي عقدت في سان فرانسيسكو العام الماضي.

وأضاف أنهما سيتبادلان وجهات النظر بشأن "المخاطر المتعلقة بالسلامة والمرتبطة بالذكاء الاصطناعي"، لافتا إلى أن واشنطن وبكين اتفقتا على "إجراء محادثات أولى حول الذكاء الاصطناعي خلال الأسابيع المقبلة".

وفي اجتماعاته مع المسؤولين الصينيين، شدد بلينكن على أهمية اتخاذ الصين إجراءات إضافية، لا سيما من خلال محاكمة أولئك الذين يبيعون المواد الكيميائية والمعدات المستخدمة في صنع الفنتانيل.

وأوضح الوزير الأميركي أن "الصين حققت تقدما مهما بشأن الفنتانيل، لكن هناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهود" في هذا الاتجاه.

كما تحدث عن المظاهرات التي تشهدها بعض الجامعات الأميركية، مشيرا إلى أن "الطلاب في الولايات المتحدة يتعاطفون مع ما يحصل في غزة"، معتبرا أن هذا "يعكس الديمقراطية" في بلاده.

ويطالب المتظاهرون بإنهاء الحرب على غزة، التي قتلت خلالها إسرائيل أكثر من 34 ألف شخص، غالبيتهم نساء وأطفال، وفقا لوزارة الصحة في القطاع.

وكانت الحرب قد اندلعت في السابع من أكتوبر، عقب هجمات غير مسبوقة على إسرائيل شنتها حركة حماس، المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة، مما أدى إلى مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال.

المصدر: الحرة

إقرأ أيضاً:

مخاطر استدعاء شبه القارة الهندية للصراع في الشرق الأوسط

بدأ انهيار النظام العربي منذ انسحاب مصر من ممارسة دورها القيادي في العالم العربي عبر الصلح المنفرد مع إسرائيل، واتباع سياسة انسحاب وانكفاء إلى الداخل.

بعدها عجزت القوى العربية الطامحة لأن تقوم مقام القاهرة عن ملء فراغ هذا الدور.

حتى الولايات المتحدة لم تكن مستعدة لتكريس مواردها لملء كامل الفراغ، ولا لضبط كامل التفاعلات في النظام الإقليمي المتداعي.

تعملق الدور الإسرائيلي، وتوحش حتى صار يتعامل مع العرب كقوة عظمى إقليمية خاصة بعد اتفاقات إبراهام، لكنه أيضا لم يكن كافيًا.

استدعى الفراغ العربي أيضا تمددًا في نفوذ القوى الإقليمية في المنطقة مثل إيران وتركيا.

لكن الجديد هو استدعاء الفراغ السياسي، والحاجة إلى الدور لقوى إقليمية على تخوم العالم العربي لتلعب أدوارًا جيوسياسية غير مسبوقة سيكون لها آثار بعيدة المدى على التوازنات في المنطقة وعلى الصراع العربي الإسرائيلي.

الحديث هنا عن الاستدعاء المتزايد لدولتي شبه القارة الهندية الكبيرتين الهند وباكستان من قبل أطراف دولية وإقليمية وعربية للعب أدوار سياسية وعسكرية حساسة متقاطعة ومتنافسة بعد أن كان حضورها في السابق حضورًا تجاريًا وثقافيًا عبر انتقال منتظم للبشر والعمالة ورؤوس الأموال.

ولأن الفراغ السياسي يقترب عمره من نصف قرن فإن الاستدعاء تم تدريجيا وتزايد بقوة في العقد الأخير، لكنه شهد طفرة كبرى منذ سبتمبر ٢٠٢٣.

بالإضافة إلى الضعف والانقسام العربي ساعد على هذا الاستدعاء جملة متغيرات كبرى: ـ تغير غير مكتمل، ولكنه شديد الأهمية في نمط التحالفات الدولية لكل من نيودلهي وإسلام آباد. لابد من القول: إن انتهاء حكم حزب المؤتمر العلماني التقدمي الذي قاد الهند معظم عقود ما بعد الاستقلال، وتولى حزب بهاراتيا جاناتا اليميني المحافظ وزعيمه ناريندرا مودي قيادة البلاد كان انقلابًا استراتيجيا ليس فقط في السياسة الداخلية، ولكن أيضا في السياسة الخارجية.

تحت حكم مودي انتقلت الهند من معسكر عدم الانحياز والعداء للغرب والتحالف مع موسكو إلى دولة صديقة للغرب وواشنطن وطرفا في تحالفات غربية جيوسياسية في المحيطين الهندي والهادي موجهة للحد من صعود النفوذ العالمي للصين. رغم أن حاجة الهند الصاعدة صاروخيًا في الاقتصاد على النفط الروسي الرخيص واستمرار اعتماد جيشها في ثلثي تسليحه على الأسلحة الروسية واستياء الهند من الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب مؤخرا استطاعت أن تبقى على علاقات تاريخية مع موسكو كما تدل زيارة بوتين الأخيرة لنيودلهي، إلا أن انحيازات السياسة الخارجية الهندية أيديولوجيا أصبحت بلا شك في المعسكر الغربي.

قابل ذلك تغير معاكس في السياسة الخارجية الباكستانية عند إسلام آباد التي كانت جيشًا وسياسة أكبر حلفاء الغرب وواشنطن لدرجة أن خسارتها في حرب ١٩٧١ مع الهند اعتبرت من قبل هنري كيسنجر هزيمة لأمريكا.

نقلت باكستان قسمًا كبيرًا من ولائها السياسي إلي الصين جارها العملاق ومنافس واشنطن العالمي لدرجة أن إعلانها إسقاط طائرات هندية في اشتباك قصير جرى في أبريل من هذا العام اعتبر انتصارًا للتكنولوجيا العسكرية الصينية على التكنولوجيا العسكرية الغربية!

وبينما أصبحت باكستان بلدًا محوريًا في مشروع بكين الجيوسياسي والتجاري لإنهاء نظام القطب الواحد العالمي، ومشاركة واشنطن في صنع القرار الدولي المعروف بمشروع الحزام والطريق الصيني؛ تحرك الأمريكيون والأوروبيون بمشروع مضاد في ٢٠٢١ أسموه «الشراكة من أجل البنية التحتية والاستثمار العالميين» (PGII).

في سبتمبر ٢٠٢٣ حدث ما يمكن وصفه بالالتقاء بين انتقال الهند إلى علاقات تحالف مع الغرب دوليا، وانتقالها الحاسم للتحالف مع إسرائيل إقليميا في عهد مودي. تاريخيا عندما كانت الهند عالميا مع الكتلة الاشتراكية أيام نهرو وأنديرا غاندي كانت إقليميا مع القضية الفلسطينية وضد الاحتلال الإسرائيلي.

الهند التي رفضت أن يتوقف الرئيس الإسرائيلي «زلمان شازار» في الستينيات حتى لكي تتزود طائرته بالوقود صارت تستقبل نتنياهو بالسجاد الأحمر، وتعتبره حليفا استراتيجيا في التكنولوجيا العسكرية والمدنية وشريكا أساسيا في مقاومة الإرهاب!

وفي هذا كانت الهند ضمن عدد قليل في دول العالم التي انحازت لإسرائيل على طول الخط في حدث طوفان الأقصى رغم حرب الإبادة الجماعية.

ففي قمة العشرين في سبتمبر ٢٠٢٣ في الهند حولت واشنطن مشروع PGII إلى مشروع خط بهارات الذي يربط الخليج بالهند عن طريق إسرائيل أي توسيع التطبيع الإبراهيمي، وإسقاط القضية الفلسطينية للأبد. وحتى لا يساور أحد الشك في خطورة هذا التحول على الصراع العربي الإسرائيلي لا بد من التذكير بأن هذا المشروع كان أحد الأسباب المباشرة في التعجيل بهجوم السابع من أكتوبر من قبل قيادة حماس السياسية والعسكرية في قطاع غزة.

هذا التورط أو التوريط لجنوب آسيا في صراع عربي إسرائيلي شمل دولة إقليمية بحجم إيران أيضا مشتعل بدا مخيفا.

باكستان المؤيدة للفلسطينيين لأسباب دينية والشريك الأقرب لمشروع الحزام الصيني وتعول عليه لدعم اقتصادها المثقل باتت في مواجهة الهند المؤيدة لإسرائيل والتي تعتبر الشريك الأقرب والأكثر استفادة من مشروع ممر بهارات.

حتى لا يساور الشك أحد هنا في خطورة هذا التورط يكفي التذكير بما أعلنه نتنياهو بعد أيام قليلة من الإعلان عن ممر بهارات من على منبر الأمم المتحدة في ٢٥ سبتمبر ٢٠٢٣ أن هذا المشروع سيغير وجه الشرق الأوسط، وأن دولة إسرائيل تمتد من النهر إلى البحر.

في ١٧ سبتمبر ٢٠٢٥ حدث التطور الثالث ألا وهو توقيع السعودية اتفاقية دفاع استراتيجية مع باكستان تلتزم فيه الدولتان بمعاملة أي عدوان على إحداهما باعتباره عدوانًا علي كليهما. وقال مسؤولون باكستانيون: إن ذلك يشمل توفير مظلة القدرات النووية العسكرية الباكستانية.

هذه النقلة النوعية في نمط التعاون العسكري لباكستان مع الخليج وللهند مع إسرائيل قد يقود لاحتمالات تحميل المنطقة المثقلة بالحروب والصراعات بحروب وصراعات جنوب آسيا وشبه القارة الهندية المتقطعة والمستمرة، وتحميلها مواريث النزاع الصيني الهندي التاريخي على الحدود المشتركة، والأخطر جعلها بؤرة عالمية ساخنة من بؤر الصراع المتقدم بين الولايات المتحدة والصين؛ خاصة أن هذا الصراع على النفوذ السياسي وعلى مشروعات كبرى لطرق التجارة والمواصلات وإمدادات الطاقة يمر كله عبر العالم العربي بموقعه وثرواته النفطية وإشرافه على البحار وممرات الملاحة.

إن استدعاءً استقطابيًا من هذا النوع لقوتين نوويتين متعاديتين بأيديولوجيات خصومة مريرة، ونزاعات على الحدود، وحروب غير حاسمة، وتاريخ مليء بالشحن الشعبي وانقلاب غير مستقر في نمط تحالفات دولية متصارعة، وعواطف مختلفة تجاه المنطقة سواء لأسباب دينية أو مصالح متعارضة، وحضور تنافسي على تحويلات عمالة كمصدر من مصادر الدخل الوطني، ومجال للتنافس على النفوذ الإقليمي لكليهما يتيحها لهم الخليج القريب وقليل السكان؛ هو خطر كبير لابد للدول العربية من التقدم بحكمة وحزم للتعامل الحصيف معه.

حسين عبد الغني كاتب وصحفي مصري

مقالات مشابهة

  • اجتماع ثلاثي بين إيران والسعودية والصين: تأكيد على الالتزام بـاتفاق بكين وتوسيع التعاون
  • الأمم المتحدة تحذر من توسيع دائرة الحرب في السودان
  • إيران تهدد الفيفا بعدم خوض مباراة مصر بـ مونديال 2026| إيه الحكاية
  • فود أفريكا وباك بروسيس يتحولان إلى منصة محورية للمعارض بالشرق الأوسط وأفريقيا.. تفاصيل
  • إيران تحاكم مواطنًا من حَمَلة الجنسية الأوروبية بتهمة العمالة والتجسّس لصالح إسرائيل
  • مصر للطيران الناقل الرسمي للنسخة 29 لمعرض القاهرة الدولي للتكنولوجيا بالشرق الأوسط
  • «حاملة الطائرات التي لا تغرق: إسرائيل، لماذا تخشى السعودية أكثر مما تخشى إيران؟»
  • إيران تعتقل شخصًا بتهمة التجسس لصالح إسرائيل
  • مخاطر استدعاء شبه القارة الهندية للصراع في الشرق الأوسط
  • وزير خارجية سوريا: إسرائيل تحتل أجزاء من أراضينا.. ونطالبها بعدم التدخل في شؤوننا