ممثل منظمة الصحة العالمية يشيد بإمكانات مصر في إنتاج الأدوية واللقاحات
تاريخ النشر: 1st, May 2024 GMT
أشاد الدكتور نعمة عابد ممثل منظمة الصحة العالمية في مصر، بما تمتلكه مصر من إمكانات في إنتاج الأدوية واللقاحات، ليس فقط لسد احتياجات السوق المحلي وإنما أيضا للتصدير.
وأشار الدكتور عابد في حوار مع «أصوات داعمة» بودكاست الأمم المتحدة في مصر والذي أجراه محمد القوصي نائب مدير مركز الأمم المتحدة للإعلام في مصر إلى أهمية الاستعداد لحدوث أوبئة بصفة عامة كأحد الدروس المستفادة من جائحة كوفيد-19، وأهمية العمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأدوية واللقاحات، مشيرا إلى إمكانات مصر في هذا الصدد واستخدام التقنيات الجديدة لإنتاج لقاحات لأي أوبئة جديدة.
ولفت إلى أن منظمة الصحة تقود حاليا مفاوضات بين الدول للتوصل إلى اتفاق يتيح تحقيق التعاون بين الدول لمواجهة الأوبئة وتحقيق سرعة العدالة في توزيع اللقاحات بين الدول الغنية والفقيرة.
وفيما يتعلق بمساعدة المرضى في غزة والسودان بسبب ما يواجهونه من حروب، أشار عابد إلى أن وجود نظام صحي قوي في مصر ساهم في تمكينها من تقديم خدمات صحية للاجئين بها، منوها بالتعاون بين منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة المصرية والهلال الأحمر المصري منذ الأيام الأولى للأزمة.
وقال إن وزارة الصحة المصرية حددت المستشفيات المعدة لاستقبال وعلاج المصابين والمرضى القادمين من غزة، مشيدا بالكفاءات المصرية خاصة في مجال الطب، متوقعا عبور 10 آلاف مريض على الأقل من غزة لتقلي العلاج في مصر من إصابات الحروب والأمراض المزمنة.
كما أعرب عابد عن أسفه لأن الأزمة السودانية تكاد أن تكوم منسية رغم أن السودان هي الآن أكبر بلد في العالم بها نزوح داخلي يصل إلى 6.4 مليون شخص بالإضافة إلى 5ر1 مليون سوداني تركوا وطنهم من بينهم عدد كبير من الطواقم الطبية.
وأشاد بقرار الحكومة المصرية بمعاملة السودانيين نفس معاملة المصريين في خدمات العلاج، مؤكدا أهمية مراعاة قضية الأمن الصحي في التعامل مع مشكلة النزوح من السودان لأن بها أمراض الكوليرا والدنجي والملاريا، والمرض لا يعرف حدودا، لذا لابد من الاستعداد والاستثمار في النظام الصحي.
وأشار عابد إلى أن مصر وصلت إلى المستوى الذهبي في محاربة مرض فيروس «سي»، منوها إلى أنه في أكتوبر الماضي تم تسليم المسئولين المصريين شهادة بالوصول إلى المستوى الذهبي، منوها بهذا الإنجاز العالمي حيث أن مصر أول بلد في العالم يصل للمستوى الذهبي في القضاء على التهاب الكبد الوبائي بعد أن كان 13% من المصريين مصابين بهذا المرض، وتقل هذه النسبة الآن عن ½%.
وأوضح أن الوصول إلى المستوى الذهبي يتطلب أن تقوم الدولة بفحص 80% من المصابين وأن يتلقى 70% العلاج، وقامت مصر بالكشف على 7ر86% من المصابين وقامت بعلاج أكثر من 94% من المصابين.
وأضاف ممثل منظمة الصحة العالمية أن مصر حصلت أيضا على شهادة دولية بالقضاء على الحصبة والحصبة الألمانية وهو إنجاز غير مسبوق.. مشيرا إلى أن فريقا من المنظمة سيزور مصر قريبا لمراجعة برنامج مصر لمكافحة الملاريا.
وأكد أن مصر ستحصل أيضا على شهادة تتعلق بالقضاء على مرض الملاريا، مشيرا إلى أنه سبق وحصلت مصر على شهادة تتعلق بالقضاء على شلل الأطفال عام 2005، فمصر لديها برنامج رصد ليس فقط للمواطنين والأشخاص وإنما هو أيضا برنامج رصد بيئي حيث يتم في كل محافظة سحب عينات من الصرف الصحي للتحري عن وجود الفيروسات على سبيل الوقاية من الانتشار بين الأفراد.
وقال الدكتور نعمة عابد إن شعار الاحتفال بيوم الصحة العالمي للعام الجاري هو «صحتي حقي» وهو حق مكفول في دستور أغلب الدول ومنها مصر بالإضافة إلى أنه أحد أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030، لافتا إلى أن الصحة تعني حالة معافاة جسدية ونفسية واجتماعية حتى يستغل الإنسان كافة طاقاته.
اقرأ أيضاًالصحة العالمية تشيد بالمبادرات المصرية في القطاع الصحي
الصحة العالمية تجدد تحذيراتها من تفاقم الوضع في غزة
الصحة العالمية تطالب باتخاذ إجراءات عاجلة للحد من أوجه انعدام «العدالة» في الصحة
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الصحة العالمية فيروس كورونا كورونا كوفيد ١٩ لقاحات مصر منظمة الصحة العالمية منظمة الصحة العالمیة فی مصر إلى أن أن مصر
إقرأ أيضاً:
الشعور بحبّ الوطن يحتاج إلى الغذاء أيضاً
يمكن الافتراض أن كل الأفكار والمشاعر والقيم تسير على خطى الكائن البشري في حاجاته المادية مثل الشراب والمأكل، وفي بحثه الوجودي عن إشباع هذه الحاجات وغيرها. ربما كلمة «الحاجة» هي من كلمات الحياة السريّة، ولكننا لا ننتبه إلى طبيعة النسق الثقافي العربي الذي ننتمي إليه والذي يتميز بنظرة قدسية لعدد من المشاعر والقيم ويتعاطى معها بثبوتية.
وصراحة لا تكفي المعرفة النظرية للانتباه إلى الكينونة الحيّة لمشاعر وأفكار عدّة. التجربة في الحياة تمثل مصدراً مهماً من مصادر تراكم المعرفة عموماً، وكذلك في بعدها الذاتي، أي أن لكل واحد منا تراكماً من المعرفة الذاتية نجمعه من تجاربنا وخيباتنا والمحن التي نمر بها.
لنضرب مثلاً الحبّ، ألم تثبت تجارب المحبين أن الحبّ يحتاج إلى تلبية حاجات ورعاية مخصوصة كي يستمر أكثر ما يمكن؟ ألم نكتشف من خلال تجارب أفراد المجتمع أن عدم الاهتمام بين الزوجين يقتل مشاعر الحبّ ببطء شديد؟ أليس الفقر وتراكم فواتير الماء والكهرباء ومصاريف تربية الأولاد ودراستهم... كل هذا يُؤدي في حالات عدّة إلى الطلاق، باعتبار أن السبب الاقتصادي هو من أهم أسباب ظاهرة الطلاق، ومن ثم فإن هذا الحبّ لم يستطع في حالات لا تحصى ولا تعد الصمود أمام الإكراهات الاقتصادية، مما يفيد بأن الحبّ يشترط حاجات مادية للاستمرار كي لا يتحول إلى جحيم ولعنة.
المعنى الذي نريد إيصاله من خلال هذا المثال الأقرب إلى تجارب النّاس هو أن المشاعر ليست ثابتة، ولا تمتلك قدرة خارقة للعادة على الصمود في حال استحالة تلبية حاجاتها للبقاء والثبات. كل المشاعر الجميلة وذات القيمة الإنسانية العالية تعطش وتجوع ولا بد من توفير الأكل والشراب لها، ومن دون ذلك فمصيرها الانكسار والموت. بلغة أخرى، فإن للمشاعر غذاء أيضاً، وهي تتغذى منه كي تستمر في الحياة. وكما أن المشاعر السلبية مثل الكراهية والحقد والانتقام تكبر وتنمو بالأفعال السيئة فإن المشاعر الموصوفة بالإيجابية تحتاج أيضاً إلى الغذاء، وهذا ما يفوتنا مع الأسف، وذلك لأن المخيال الثقافي العربي الذي يشكل إدراكنا للمشاعر الكبرى التي نتغنى بها شعراً وموسيقى وفناً وحياة، إنما هي مصاغة على نحو ثبوتي، وننسى أن الشعور بوصفه قيمة ميتافيزيقية شيء، وعند استدعائه بوصفه رابطة في العلاقات التي يقيمها الفرد مع الآخر بأشكاله المتعددة شيء آخر.
هذا بشكل عام، إضافة إلى معطى آخر يتمثل في أن المشاعر والأفكار والقيم تتغير درجة أو أكثر من عصر إلى آخر، ومن جيل إلى آخر. فالحبّ القوي اليوم قد لا يساوي أكثر من علاقة عابرة في زمن الحبّ العذري.
بيت القصيد في هذا المقال هو أن المشاعر الوطنية، أو حبّ الوطن يحتاج أيضاً إلى الغذاء، وإذا ما عززنا ذلك فإن هذا الحبّ يصاب بالوهن. أعرف أن هذه الفكرة صادمة ولكنّها حقيقية. ومن الوهم الاعتقاد أنه يمكن للمواطن اليوم أن يحافظ على حبّه للوطن، خصوصاً فئة الشباب التي نشأت على قيم الفردانية ومركزية الذات في صورة تيقنهم أن هذا الوطن لا يقدم لطموحاتهم وأحلامهم شيئاً.
فالبعد المادي اليوم يهيمن على كل أنواع العلاقات: العلاقة بين الأولياء والأبناء، والزوج وزوجته، والصديق وصديقه، وأيضاً المواطن ووطنه. ما يجعل أي علاقة من هذه العلاقات تستمر هو أن يجد الشعور الغذاء الذي يشبعه.
لقد تغير النّاس وتغيرت نظرتهم لتركيبة المشاعر وصياغتها الكيميائية. فانسداد الأفق داخل الوطن يخنق الشعور بحبّ الوطن. والشيء نفسه يفعله الفقر والبطالة وضيق ذات اليد. ذلك أن ذات اليد الضيقة ضعيفة وهشة ولا تقدر على الانخراط في أي مشاعر إيجابية.
إن قرار الهجرة والبحث عن أرض أخرى يعني البحث عن وطن آخر. في الستينات والسبعينات وحتى الثمانينات كان السبب الغالب على الهجرة هو الدراسة وإثراء التجربة المهنية، أما اليوم فالسبب الغالب على قرار الهجرة هو البحث عن وطن جديد وحياة جديدة. إنه الرفض المقنع بالهجرة. والنتيجة هو أن الوطن الأصلي الجدير بالشعور بحبّ الوطن يتحول إلى مجرد ذكرى وزيارة من سنة إلى أخرى، وبعد فترة تبدأ وتيرة الزيارات بالانخفاض، مع ما يعنيه ذلك من نوم الشعور الوطني في سراديب الذاكرة، وخروجه من مجال الحياة اليوميّة للفرد.
الرّهان: على كل دولة أن تقدم كل ما في وسعها من غذاء للشعور بحبّ الوطن لدى مواطنيها. فالمشاعر الوطنية لا تقتات من نفسها، بل تقدم لها الدولة ما يلبي حاجاتها من حلم وعمل وكرامة وحياة كريمة وإبداع. هكذا يمكن للمواطن أن يحبّ حتى بلاد من حجر، ولا شمس فيها ولا بحر.
الشرق الأوسط