لجريدة عمان:
2024-06-11@23:37:29 GMT

الهامستر يخرجُ من عجلته!

تاريخ النشر: 5th, May 2024 GMT

بصيغ مختلفة شاعت فكرة تبدو شديدة الغرابة بادئ الأمر، لكنها ما تلبثُ - بقليل من التأني- أن تغدو مُمكنة. تلك الفكرة التي تقول بأنّ ما يحدث في فلسطين -بطريقة أو بأخرى- بات يُحرر الغرب من أمرين، الأول: يتعلقُ بالصور النمطية المتعفنة -لدى بعضهم- حول العرب والمسلمين وبدائيتهم التي تمسخهم إلى قتلة وهمج وإرهابيين، وهي صورة قديمة تعود بنا إلى كتابات المستشرقين قديما وإمبراطورية هوليود حديثا.

الأمر الثاني: يبدو أقرب إلى ما قالته ناشطة على السوشال ميديا بأنّ الغرب يعيش في مكان مُصمم لجعل الإنسان مُغيبا ومُشتتا يعملُ بصمت كما يفعل الهامستر الذي يدور في عجلته طوال اليوم في قفص ضيق. ينظرُ لاهثا في اتجاه واحد، جاعلا نصب عينيه هدف أن يُسدد فواتيره والتزاماته اللانهائية، لكنه بعد دوران طويل في عجلة مُفرغة من المعنى اكتشف أنّ الضرائب الطائلة التي يتكبدها بمشقة تذهبُ لشعب يُتاح له التعليم المجاني والسكن والرفاهية لحمايته ولضمان ولائه في مكان ليس له أصلا!

لذا وبعد صحوة متأخرة، شاهدنا أشكالا مختلفة في الغرب للتعبير عن هاجس الاحتجاج - وهي جديرة بالدراسة والتفنيد حقا- فهنالك من زرع الأحذية ليُعبر عن الذين غابوا دون أن يُنظر إلى غيابهم بأنّه ذو أهمية، شاهدنا أيضا النوافير التي خالط مياها لونٌ أحمر قانٍ ليذكروا الناس بالدماء المهدورة. كما زُرعت أعلام فلسطين كما يغرس حقل في أماكن شتى من العالم بعد أن كانت نسيا منسيا، ومشت النساء بين العلامات التجارية الداعمة وهنّ يحملن بين أيديهن ما يُعيد تمثيل موت أطفال غزة، ولُطخت المنتجات الداعمة بدماء ثخينة في لوحات الإعلانات!

راقبنا أيضا موجة الاحتجاجات التي اندلعت من عديد الجامعات في العالم، والتي كان مطلبها الأساسي: وقف إطلاق النار على غزة، وسحب استثمارات تلك الجامعات من الشركات التي تورد الأسلحة. وصل الأمر ببعضهم إلى الإضراب عن الطعام، وذلك لتوفير ورقة ضغط على جامعاتهم. لقد قدموا لنا درسا قاسيا، فرغم كل المشتركات التي تجمعنا بأهلنا في غزة، من قبيل: اللغة والدين والتاريخ والجغرافيا، إلا أنّ المؤازرة - باستثناءات قليلة- كانت باهتة وربما عديمة الجدوى! وكأنّ الخنوع لمس عصب حياتنا فأماتنا، فلم تكن الجامعات العربية أكثر من مجرد صدى لما فعلته الجامعات في أمريكا والغرب. ولعل السؤال الذي لمع في أذهان أغلبنا: من هم هؤلاء؟ وما الذي يدفعهم إلى صمود من هذا النوع؟ لاسيما وأنّهم ينتمون إلى جامعات راسخة وذات مكانة علمية رفيعة، ومن المؤكد أنّ خسائرهم - جراء موقفهم هذا- ستكون فادحة!

لقد تملكنا فضول شاسع، فمن أي خلفية ثقافية جاء هؤلاء الشباب؟ أهم نتاج الهجرة العربية المُتسارعة في السنوات الأخيرة أمّ نتيجة جرعة الوعي الجديدة التي كسرت الشماعة التي تُعلق عليها كل المشانق وأعني معاداة السامية؟

بحسب ما نشرته «فرانس٢٤» فإنهم ينتمون غالبا للديانتين الإسلامية واليهودية، «طلبة من أجل العدالة في فلسطين والصوت اليهودي من أجل السلام». لكن المفاجأة أن يُقابل احتجاج طلبة الجامعات السلمي هذا بموجة من العنف، فقد اتخذت ضدهم إجراءات تأديبية، بل إنّ بعضهم بات مُهددا بالطرد. الأمر الذي يجعلنا إزاء صدمة إعادة التعرف على هذه البلدان التي لطالما وقعنا في حسد ديمقراطيتها وتحضرها لا سيما فيما يتعلق بحقوق البشر!

إنّ ما يحدث في الغرب الآن يُرينا جيلا جديدا يُريد قصّة مُغايرة خارج التعتيم الإعلامي السابق الذي رسم ظلالا قاتمة على شعوب ثرية بتنوعها وبمشتركاتها، يريدُ قصّة تنتصرُ للإنسان، فهل أيقظتهم «غزة» حقا وأخرجت الهامستر من ركضه عديم الجدوى؟

هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

سكك البارود نحو أوكرانيا.. ما أبرز طرق إمداد الغرب لدعم كييف؟

مع منح حلفاء كييف أوكرانيا الضوء الأخضر لضرب أهداف في العمق الروسي بأسلحة وذخائر غربية، دخلت الحرب الروسية على أوكرانيا منعطفا قد يكون الأخطر منذ اندلاعها.

ويتبادر تساؤل حول الكيفية التي تحصل بها أوكرانيا على تلك الأسلحة والذخائر، وكذلك الطرق المعلنة والسرية لإيصال هذا الدعم إلى كييف.

وحسب تحقيق لصحيفة التايمز البريطانية، فإن مطارا إقليميا صغيرا في جنوب شرق بولندا، يُطلق عليه اسم رزيسزو ياشونكا، وكان يستخدم عادة لنقل السياح من أوروبا لقضاء العطلات، أصبح اليوم نقطة محورية في سباق الغرب لتسليح أوكرانيا.

حيث تحول المطار إلى مخزن لبطاريات صواريخ باتريوت الأميركية المصممة لتدمير الصواريخ الباليستية القصيرة المدى والطائرات وصواريخ كروز.

ويضم المطار أيضا صواريخ سكاي سابر، وهي أحدث نظام صاروخي بريطاني مضاد للطائرات متوسط المدى، قادر على إصابة 24 هدفا في وقت واحد وسرعته ضعف سرعة الصوت.

ولم تنقل هذه الترسانة الصغيرة إلى المطار مؤخرا، بل خلال الأسابيع التي تلت حرب روسيا على أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، وبقيت هناك منذ ذلك الحين.

وسيلة سرية

أما الوسيلة الثانية لتسليح أوكرانيا -وهي حسب تحقيق التايمز "وسيلة سرية"- فمكانها مدينة شتوتغارت الألمانية، حيث أسس خبراء من بريطانيا في بداية الحرب مركزا حيويا تُجمع فيه الأسلحة ثم تُسلم للعسكريين الأوكرانيين.

وبدأ المركز بتخطيط من حكومة لندن وكان يديره 80 مسؤولا بريطانيا، لكن سرعان ما أصبح دوليا ويعمل فيه 200 خبير من 21 دولة.

وبحسب تحقيق التايمز، فإن المركز المعروف باسم خلية تنسيق المانحين الدوليين، يحل معضلة كبيرة تواجه حلفاء كييف وهي تحويل المساعدات المالية من المانحين إلى أسلحة تحتاج إليها أوكرانيا وتسهيل إدخال تلك الأسلحة إلى ميادين القتال.

ويتفحص فرق اللوجستيات الأوكرانية قواعد البيانات لتقدير احتياجات كييف من المعدات، ثم يبدأ نظراؤهم الغربيون بتحديد مواقعها ومصادرها.

وبمجرد العثور على المعدات وموافقة إحدى الدول الحليفة على التبرع، يبدأ المركز في تنظيم نقلها عبر الجو والبر والبحر في عمليات توصف بالحساسة جدا.

ومن ثم فإن مطار رزيسزو ياشونكا والمركز الذي أسس بمدينة شتوتغارت يمثلان نقطتين إستراتيجيتين للتسليح.

طرق شحن الأسلحة

وهناك طريقان تسلكها شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا، الأول رحلات جوية مباشرة من بريطانيا إلى بولندا، وهي مستمرة منذ عامين، وتنقل من خلالها الذخائر والأسلحة الصغيرة والصواريخ المضادة للدبابات.

بينما يتم نقل المعدات الأثقل مثل المركبات المدرعة والدبابات والمدفعية البعيدة المدى، عن طريق بحري عبر قناة المانش ثم تدخل دول أوروبا بالقطار.

ولم تكتف بريطانيا التي تقود حملة تسليح أوكرانيا بتوفير الدعم بالأسلحة الغربية، بل سلكت مسارا وصف بالسري للغاية لشراء أسلحة روسية من أنحاء العالم وتجديد مخزون أوكرانيا العسكري.

وبحسب مصدر مطلع، لعبت لندن دور المهرب وعقدت صفقات لشراء معدات روسية من دول كثيرة، بعض هذه الدول حرصت على سرية الصفقات خشية علم روسيا، وشارك في نقل هذه الأسلحة ضباط من الاستخبارات البريطانية، وهو ما لم تعترف به وزارة الدفاع.

وفي خضم هذه الأحداث المتسارعة، تتزايد الأسئلة الكبرى عن مستقبل هذا الصراع، فكيف سترد روسيا على هذه التحركات؟ وهل ستتمكن أوكرانيا من الاستمرار بفضل هذه التدفقات المستمرة من الأسلحة؟.

مقالات مشابهة

  • كيف تتخلص من الألم..وتنضج ؟
  • سكك البارود نحو أوكرانيا.. ما أبرز طرق إمداد الغرب لدعم كييف؟
  • ما بعد طوفان الأقصى.. مواجهة عدوان الاحتلال بسلام الشجعان أو الرّهان الخاسر
  • حملة ملفات رواندا.. متى يتخلص الغرب من رؤيته الاستعمارية؟!
  • حماس ليست المسألة
  • جامعة أمريكية تحقق مع عضو هيئة تدريس بتكليف الطلاب بدراسة حرب إسرائيل على غزة
  • نسوة من المكسيك
  • خارج السياق- بقلم: أ.د.بثينة شعبان
  • السودان.. مستشفى الفاشر الرئيسي يخرج عن الخدمة
  • الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية يشيد بجهود الأوقاف المصرية في خدمة السنة النبوية