ما خلفيات وتداعيات قرار حظر الجزيرة في إسرائيل؟
تاريخ النشر: 5th, May 2024 GMT
القدس المحتلة- صادقت الحكومة الإسرائيلية، في جلستها الأسبوعية اليوم الأحد، على اقتراح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الاتصالات شلومو كرعي إغلاق مكاتب قناة الجزيرة في إسرائيل، ليدخل القرار حيز التنفيذ بشكل فوري بتوقيع وزير الاتصالات اليوم.
وبموجب "قانون الجزيرة"، يأمر القرار بإغلاق مكاتب القناة لمدة 45 يوما، ويمكن تمديده لمدة 45 يوما إضافية، ولكنه يخضع للمراجعة من قبل قاضي محكمة إسرائيلية خلال 24 ساعة من وقت صدوره.
ويسمح القرار، الذي أقرته الحكومة بالإجماع، بإغلاق مكاتب القناة في إسرائيل، ومصادرة معدات البث والاتصالات، ومنع بث تقارير القناة، وإخراج القناة من شركات الكابل والأقمار الصناعية، وحجب مواقعها على شبكة الإنترنت، وإلغاء شهادات هوية خطاباتها وغيرها من الإجراءات.
ويحظر الأمر الحكومي على مزودي المضامين الذين يعملون في إسرائيل وشركات الإنترنت تقديم خدمات للشبكة، وكذلك إلغاء أوراق الاعتماد وبطاقات الصحافة الإسرائيلية الصادرة عن مكتب الصحافة الحكومي.
أوامر الصف الأولووقع الوزير كرعي الأوامر الصادرة بحق قناة الجزيرة فور مصادقة الحكومة عليها، قائلا "لقد دخلت أوامرنا حيز التنفيذ على الفور، لقد مر وقت طويل، حيث واجهتنا العديد من العقبات القانونية غير الضرورية، حتى نتمكن من إيقاف آلة التحريض التابعة لقناة الجزيرة، والتي تمس بأمن الدولة، وسأواصل القيام بكل شيء حتى لا يتمكنوا من العمل من إسرائيل أكثر".
الطرح ذاته تبناه نتنياهو الذي علق على قرار الحكومة بالقول "سنتحرك فورا ضد أولئك الذين يستخدمون حرية الصحافة للإضرار بأمن إسرائيل وجنود الجيش الإسرائيلي والتحريض على الإرهاب أثناء الحرب، ولن تكون هناك حرية تعبير لأبواق حماس في إسرائيل".
وحرض نتنياهو على مراسلي وفرق الجزيرة، مضيفا في معرض تعليقه "لقد أضر مراسلو الجزيرة بأمن إسرائيل، وحرضوا على جنود الجيش الإسرائيلي، سيتم إغلاق قناة الجزيرة فورا، وستتم مصادرة المعدات، القرار اتخذ والآن نخرج إلى الميدان لتنفيذه".
ويمنح قرار الحكومة وزير الاتصالات صلاحيات واسعة بإصدار أوامر بوقف قناة الجزيرة باللغتين العربية والإنجليزية، وإغلاق مكاتبها في إسرائيل، ومصادرة المعدات التي يستخدمها أفرادها باستثناء الهواتف وأجهزة الحواسيب، وتقييد الوصول من إسرائيل إلى موقع الشبكة وحجبه.
وجاء قرار الحكومة متناغما مع توصية جهاز الأمن العام (الشاباك)، الذي زعم من خلال تقدير الموقف الذي قدمه عند تحضير "قانون الجزيرة" أن بث القناة "يضر فعليا بأمن إسرائيل"، وهو شرط مطلوب للإغلاق بموجب القانون الذي تمت المصادقة عليه في شهر أبريل/نيسان الماضي.
إجماع غير مكتمللكن توصية الشاباك تأتي خلافا لموقف وتوصية جهاز الموساد ورأي الجيش الإسرائيلي والرأي المنفصل للرقابة العسكرية، حيث تحفظت هذه المؤسسات على الإغلاق بشكل كامل لشبكة الجزيرة، لكنها أيدت تقييد البث.
وبسبب التباين في الموقف والآراء لقادة الجيش والأجهزة الأمنية، تغيّب وزيرا "المعسكر الوطني" بيني غانتس وغادي آيزنكوت عن جلسة الحكومة، وسوغا ذلك بالقول إنه جاء "بناء على طلب مسؤولي الأجهزة الأمنية، ورئيس الموساد بشكل خاص".
وأضاف غانتس، في بيان مقتضب صادر عن حزبه، "تقرر تأجيل التصويت لعدة أيام من أجل عدم الإضرار بجهود التفاوض، إن طرح الموضوع للتصويت في وقت حساس ينبع لاعتبارات سياسية ودوافع شخصية، وقد يفسد جهود التوصل إلى صفقة تبادل".
وذكرت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية "كان 11" أنه كان من المفترض أن يتم اتخاذ القرار في المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) في جلسة ليلة الجمعة، ولكن تحت ضغط من رئيس الموساد دافيد برنياع ورئيس الشاباك رونين بار تم تأجيل التصويت لمنح فرصة لمفاوضات صفقة التبادل.
وحذر رئيس الموساد من أن إغلاق قناة الجزيرة في هذا الوقت سيضر بجهود الوساطة القطرية بين حركة حماس وإسرائيل من أجل التهدئة والتوصل إلى صفقة تبادل، ورغم اتخاذ قرار بتأجيل التصويت إلى أجل غير مسمى، فإن نتنياهو -ولدوافع سياسية شخصية بحسب تقديرات صحيفة "هآرتس"- لم يمنح مفاوضات الصفقة أي فرصة، وسارع إلى الإقرار في جلسة الحكومة الأسبوعية.
واعتبر عضو الكنيست عن حزب العمل غلعاد كاريب أن تجاهل نتنياهو وشركائه منصب رئيس الموساد دليل آخر على أن الحكومة لا تضع إطلاق سراح المختطفين على سلم أولوياتها، معتبرا أن قرار إغلاق مكاتب قناة الجزيرة "خطوة تجميلية وغير مهمة، ولن تحجب حقيقة أن نتنياهو فشل في التعامل مع قطاع غزة".
تداعيات القراريعمل في مكاتب الجزيرة 70 موظفا، بحسب مكتب الصحافة الحكومي، وتتوجه وزارة الاتصالات إلى إغلاق المكاتب ومصادرة مرافق البث وإلغاء أوراق الاعتماد الصحفية لجميع مراسلي القناة في إسرائيل.
كما يعتزم وزير الاتصالات الاتصال بالقائد العسكري للقيادة المركزية بالجيش الإسرائيلي لمطالبته بإصدار أمر بمنع بث القناة في الضفة الغربية أيضا، بحسب ما أفاد الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت".
وفور مصادقة الحكومة على القرار، اتصل وزير الاتصالات بممثلي منصات "فيسبوك" و"تيك توك" و"غوغل" و"يوتيوب" في إسرائيل، وأبلغهم بقرار الحكومة بشأن "حجب محتوى شبكة الجزيرة في إسرائيل".
وطلب الوزير الإسرائيلي من ممثلي هذه المنصات التصرف بأسرع وقت ممكن وفقا للقانون ونص قرار الحكومة، وحظر أي محتوى لشبكة الجزيرة الإعلامية على منصاتهم بذريعة أن "الشبكة داعمة للإرهاب"، بحسب ما أوردت صحيفة "إسرائيل هيوم" المقربة من نتنياهو.
وسبق أن صادق الكنيست الإسرائيلي في أبريل/نيسان الماضي، بالقراءات الثلاث، على مشروع قانون يسمح بإغلاق قناة الجزيرة في إسرائيل بادعاء أنها "تضر بأمن الدولة"، حيث صوت لصالح القانون 71 عضو كنيست، في حين عارضه 10 أعضاء.
ونص القانون على أنه لا يمكن لوزير الاتصالات الإسرائيلي التحرك ضد "قناة أجنبية تعمل ضد أمن الدولة" إلا بعد الحصول على توصية أمنية من مختلف الأجهزة الأمنية، مما يتطلب موافقة الحكومة أو الكابينت.
ويمنح القانون -الذي بات يعرف بـ"قانون الجزيرة"- السلطات الإسرائيلية صلاحيات تقييد عمل وإغلاق قنوات بث أجنبية بناء على توصية أمنية تنص على أن القناة الأجنبية "تضر بأمن الدولة"، ويكون ذلك بموجب أوامر موقعة من وزير الاتصالات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات الجزیرة فی إسرائیل الجیش الإسرائیلی وزیر الاتصالات قناة الجزیرة قرار الحکومة رئیس الموساد إغلاق مکاتب من إسرائیل
إقرأ أيضاً:
الجزيرة نت في حي راكافوندا مهد سطوع الموهبة لامين جمال
برشلونة– ساعة من الزمان تفصل ما بين مركز برشلونة الصاخب وحي راكافوندا الواقع شمالها ضمن مدينة ماتارو، ذلك الحي الهادئ المتواضع الذي خرج من بين أزقته "لامين جمال" الموهبة الكروية الأكثر جذبا للأضواء في الوقت الراهن.
في مقهى "إل كوردوبيس" اعتاد منير نصراوي كل صباح أن يحتسي فيها كأسا من القهوة، بينما كان ابنه الصغير لامين جمال يلهو بكرته في أرجاء المقهى وهو ينتظر بحماس أن يصحبه إلى أكاديمية برشلونة "لاماسيا".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2برشلونة يواجه عقوبات جديدة محتملة من "يويفا"list 2 of 2سر البقع الخضراء على قمصان ريال مدريد بمبارياته في البرنابيوend of listيتحدث صاحب المقهى وصديق العائلة كارلوس سيرانو للجزيرة نت عن هذه اللحظات، ويقول أنه لم يكن يتخيل أن ذلك الطفل ابن الـ5 سنوات والمثير للصخب في المقهى، سيصبح نجما في نادي برشلونة، ولم يبلغ الـ18 من عمره بعد.
وتقديرا للحظات الجميلة لجمال ووالده في المقهى، حصل سيرانو على قميص يحمل الرقم 39 وهو الذي خاض به جمال أول مباراة له ضمن تشكيلة "البارسا"، وقال له والده حينها "أريدك أن تحصل عليه لأنه أول قميص يرتديه ابني، هذا القميص سيصبح مشهورا بمرور الوقت".
جالت الجزيرة نت في شوارع حي راكافوندا حيث كبر فيها جمال أمام أعين والده وجدته ومن معه من أبناء عمه وجيرانه، وباتت مهاراته تلفت أنظار الجميع في ساحة الحي الذي لم ينسه في خضم شهرته مع برشلونة واحتفاله بالأهداف من خلال الإشارة بيديه للرقم 304 وهو الرمز البريدي لراكافوندا.
الملعب الأولبعد تناول وجبة الغداء والقيلولة، يحين موعد اللقاء اليومي بين أطفال وشباب الحي للعب كرة القدم على ملعب اسمنتي بسيط يتوسط المساحة بين منطقة لعب مخصصة للأطفال وملعب كرة قدم عشبي كبير مخصص لنادي راكافوندا، يقول القائمون عليه للجزيرة نت إنهم كانوا يتمنون لو أن لامين قد انتسب إليهم يوما ما.
إعلانبعيدا عن أشعة الشمس وعلى مدرجات إسمنتية، بدأ مجموعة من اليافعين بالتجمع في انتظار البقية، فبادرتهم الجزيرة نت بالسؤال إن كان أحدهم سبق وأن التقى بابن حيهم لامين أو لعب معه في هذه الساحة وهذا الملعب المتواضع الذي شهد أهداف لامين جمال الأولى.
يقول رايان محمدي (21 عاما) إن جمال "كان فتى متواضعا ومن عائلة متواضعة، وكان يأتي دائما للعب معنا هنا عصر كل يوم".
وأضاف أنه "لم يكن يفكر إلا في كرة القدم منذ أن كان صغيرا، بعمر الـ8 أو الـ9 سنوات كان يلعب مع أشخاص في الـ20 من عمرهم، كان الأفضل منذ الأزل".
وردا على سؤال "الجزيرة نت" عن مشاعره الآن تجاه صديقه يقول "أنا أيضا أحب كرة القدم كثيرا منذ صغري وأحب مشاهدة المباريات والآن أنا فخور بجمال لأنه أصبح أن واحدا من أفضل اللاعبين في العالم".
ويستذكر محمدي بعض ذكرياته مع لامين، فيقول أن صديقه كان يستشيط غضبا عندما يخسر أمام الآخرين.. لم يكن يحب الخسارة، كان دائما يريد الفوز وكان فخورا جدا بمستواه منذ صغره" حسب وصفه.
ويتفق جابر الحامدي (28 عاما) مع هذا الوصف، ويضيف متحدثا عن صفات لامين أنه "كان خجولا جدا، لم يكن يتحدث كثيرا، كان دائما يشّكل فريقه وكنا نلعب ضده، أحيانا كثيرة كان يفوز، لكنه أحيانا يخسر، وحينها كان يغادر غاضبا جدا".
حي 304وفقا لبيانات مجلس مدينة ماتارو عام 2023، فإنه من بين نحو 130 ألف شخص تقريبا يعيشون في المدينة، يعيش أكثر من 11 ألفا و730 شخصا في حي راكافوندا، ومن بينهم ما يزيد عن 5400 شخص من أصول أجنبية، أي أن نسبة السكان الأجانب تتجاوز 46%، وهي نسبة أعلى بكثير من المتوسط العام للسكان الأجانب في برشلونة الذي يبلغ نحو 24%.
"يبدو الحي من الخارج خطيرا أو سيئا" يقول الحامدي متحدثا عن الصورة النمطية المتكررة عن راكافوندا، لكنه يستطرد موضحا أن الأمر يختلف عند النظر للحي من الداخل، فهو "حي متواضع جدا يسكنه أناس مجتهدون، وخاصة العمال والعاملين في الحقول والبساتين، والكثير من كبار السن".
ويضيف موضحا أن "الحي يبدو متواضعا جدا لأنه لا يوجد فيه أناس أثرياء يملكون الكثير من المال، بل أناس يكسبون القليل جدا من الرواتب شهريا، ولديهم طفلان أو ثلاثة، يتنقلون بين المدرسة والمنزل والحديقة هنا ولا شيء آخر، إنه حي نموذجي جدا في هذه المناطق" واصفا الناس بأنهم محبون ولطيفون للغاية.
إعلانوعن الشغف بكرة القدم المنتشر بين أبناء الحي، يؤكد الحامدي أن ثقافة كرة القدم سائدة هنا، وفي أحياء أخرى مشابهة في مدينة ماتارو وفي برشلونة بشكل عام، حيث يمارسها الأطفال منذ الصغر، أو ينخرطون بممارسة رياضة أخرى.
تعايش وتكافللا يقتصر هذا الرأي على صغار السن فقط، فالحي الذي تم إنشاؤه في ستينيات القرن الماضي لاستيعاب السكان من جنوب إسبانيا ازدادت شعبيته في التسعينيات مع وصول المهاجرين، وباتت تسكنه جاليات مختلفة في مقدمتها المغربية التي ينتمي إليها طارق الرحموني (50 عاما) وهو من سكان الحي منذ ما يزيد عن 20 سنة.
ويستذكر الرحموني كيف كان لامين جمال يلفت الانتباه بمهاراته الكروية ودماثة خلقه ومحبة أبناء الحي التي بات يُعرف بها.
ويؤكد الرحموني أن حرص جمال على رسم الرقم 304 بأصابعه – رمز حي راكافوندا البريدي- أسهم بشكل كبير في تسليط الضوء على الحي، الذي يعانى من بعض المشاكل الاجتماعية المتكررة، "لكنه لا يصل إلى حد اعتباره مهمشا، فلامين يذكره من باب المحبة والوفاء لأهله فيه" كما يقول.
يُذكر أن عبد الخالق نصراوي عمّ نجم برشلونة يمتلك مقهى في الحي تعج فيه صور لامين جمال وفريق برشلونة، لكنه تحفظ على التحدث للجزيرة نت.
ويبدو أن هذا حال باقي أفراد العائلة أيضا التي تشهد اهتماما من وسائل الإعلام، خاصه بعد أن اتجهت الأنظار لهم وللحي في أغسطس/آب 2024 عندما تعرض والد لامين جمال لحادث طعن إثر مشاجرة جرت بينه وبين مجموعة من سكان الحي.