معركة بلا هدف، وحرب ببوصلة إسرائيلية مفقودة، تجمدت عند حدود الإبادة الجماعية، علي سقوط أهداف الحرب واحدة تلو الأخرى. رفح علي قائمة المغامرات الميدانية الجديدة لـ نتانياهو الهارب من نهاية مستقبله السياسي، إلي المقامرة بحياة الأسري غي غزة. مغامرة يدشن فيها نتانياهو، شهرا ثامنا من هزيمة جيشه في القطاع الصامد.

فهل ينقذ نفسه من المأزق؟.


لا تعدو مشاهد الاجتياح كونها محاولة من رئيس حكومة الاحتلال، لطمأنة مجتمعه، لأنه بصدد تنفيذ وعوده بالمضي قدما باجتياح رفح، والسيطرة علي أهداف حيوية في وقت قياسي، وتراجع المقاومة. فيما يتفق الكثيرون، علي أن حركة السيطرة علي معبر رفح، لا تدل علي أي انجاز عسكري، ولا تعدو كونها بروباجندا إعلامية. بل تأتي علي غرار اقتحام مستشفي الشفاء، وتعمد الاحتلال الترويج والتسويق لانتصار معنوي وهمي. فالمعبر ليس منشاة عسكرية كالمستشفي، وموظفوه مدنيين. دبابات الاحتلال تمركزت عند الجانب الفلسطيني من معبر رفح، هذه المبالغة في تصوير المشهد والوعود التي يطلقها نتانياهو، لا يراها الإسرائيليون الغاضبون، سوي فخ رهانات خاسرة، سقط فيها رئيس حكومتهم، فهددوه بإحراق تل أبيب، ما لم يبرم الصفقة مع المقاومة. ارتعد الداخل الإسرائيلي، مع إعلان حركة حماس، موافقتها علي مقترح وقف إطلاق النار وتبادل الأسري. وسريعا عادت مشاهد قمع الآلاف التي خرجت للتظاهر في عدة مناطق. لم يطمئنهم قرار مجلس الحرب (الكابينيت)، بالإجماع مواصلة العملية في رفح، لممارسة ضغط عسكري علي حماس، من أجل إحداث تقدم في عملية إطلاق سراح الرهائن، وتحقيق أهداف الحرب الأخرى.


أي كانت توقعات نتانياهو، من رفح، وآماله قلب هزائمه نصرا، بعد هذه التهديدات المتواصلة طوال الشهور الماضية، ومحاولة استرضاء بن جفير و سموتريتش. فإن لحظة الحقيقة قد حانت. المقاومة واصلت مفاجأة الاحتلال وتابعت عملياتها، مع قصف كتائب القسام تجمعات الاحتلال شرق مدينة رفح بمنظومة الصورايخ "رجوم"، قصيرة المدى، واستهداف قوات الكيان المتوغلة شرق معبر رفح، بقذائف الهاون من العيار الثقيل. 


مغامرة نتانياهو هذه تأتي فيما أسقطت أشهر الحرب علي غزة، الأهداف التي سبق إعلانها منذ البداية. إستراتيجية الضغط بالتدوير، لم تعد ذات جدوى، مع صلابة الحاضنة الشعبية للمقاومة. والمقاومة تقف علي أقدامها ميدانيا وسياسيا، وتفرض المعادلات التي توائم تطلعات الشعب الفلسطيني، من دون أي تنازل. وتطلق الصواريخ. فلماذا هذا الإصرار الإسرائيلي علي التوجه نحو رفح، علي الرغم من توصل المفاوضات إلي نتائج ايجابية، إذا صح التوصيف؟.

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

نتانياهو والأسئلة الثلاثة.. متى تنتهي حرب غزة؟

مع استمرار الحرب بين إسرائيل وحماس منذ نحو 8 أشهر، تطرح تساؤلات عن موعد وكيفية انتهائها، والسيناريوهات المتوقعة لحكم قطاع غزة بعد الحرب.

وفي هذا السياق تسلط وسائل إعلام إسرائيلية، ومنها صحيفة "هآرتس"، الضوء على أهمية الإجابة عن مثل هذه الأسئلة لتحديد معالم المستقبل.

ورغم التنديد الدولي الشديد بالقصف الإسرائيلي، الأحد الماضي، على مخيم للنازحين في رفح والذي أوقع وفق وزارة الصحة التابعة لحماس في غزة 45 قتيلا، يواصل الجيش الإسرائيلي الهجوم، الخميس، الذي بدأه في السابع من مايو على المدينة المكتظة في جنوب قطاع غزة، بهدف القضاء بحسبه على آخر كتائب لحماس.

هل يحمل نتانياهو "الإجابة"؟

وسيكون هناك المزيد من الحوادث والأخطاء مثل استهداف موظفي المطبخ المركزي العالمي أو موظفي الأمم المتحدة الإنسانيين، والمزيد من أحكام المحاكم الدولية ضد إسرائيل، والمزيد من العزلة الدبلوماسية، إذا لم يكن نتانياهو يحمل إجابات لتلك الأسئلة، وفق "هآرتس".

ويؤكد المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآب شتيرن، أن نتانياهو "بالفعل لا يحمل إجابات لتلك الأسئلة" ولذلك فهو "يرفض الرد عليها".

ونتانياهو "لا يحب اتخاذ القرارات الكبرى أو الاستراتيجية"، وإنما "يتخذ قرارات وخطوات صغيرة إلى الأمام"، وفق حديث شتيرن لموقع "الحرة".

لكن على جانب آخر، يصف المحلل السياسي الإسرائيلي، ايدي كوهين، طرح "هآرتس" باليساري للغاية وأنه "ضد اليمين والحكومة ونتانياهو".

ويرى أن ذلك الطرح "فوقي استكباري"، لأن "لا أحد يعلم كيف ستنتهي الحرب"، وفق حديثه لموقع "الحرة".

كيف ستنتهي الحرب؟

أدت 8 أشهر من الحرب إلى دمار هائل بقطاع غزة، وشردت غالبية السكان الذين يقدر عددهم بنحو 2.4 مليون نسمة، وتسببت بكارثة إنسانية كبرى.

ويشدد المحلل السياسي الفلسطيني ورئيس المجلس الأوروبي للعلاقات والاستشارات الدولية ومقره باريس، عادل الغول، على أن "الحرب لن تنتهي إلا باتفاق".

وسوف يتعلق الاتفاق بـ"الإفراج عن الأسرى والسجناء من كلا الطرفين"، وبعد ذلك سيكون هناك "وقف لإطلاق النار"، وفق حديثه لموقع "الحرة".

ويشير الغول إلى أن هدف القضاء على حماس "لا يمكن تحقيقه"، وبعد 8 أشهر "مازالت الحركة موجودة ولديها القدرة على الصمود، ووزعت جهدها العسكري طوال الأشهر الماضية، وتدرك أن "الحرب ستطول لفترة طويلة".

وبالتالي نهاية الحرب ستكون بـ"اتفاق"، لأن إسرائيل "لن تستطيع تحرير المختطفين لدى حماس"، وفك أسر هؤلاء "لن يتم إلا بصفقة"، وفق الغول.

أما شتيرن فيتحدث عن سيناريوهات نهاية حرب غزة، وهي الانتهاء بشكل كامل من خلال "صفقة كبيرة".

ومن المرجح أيضا أن تستمر الحرب "بوتيرة منخفضة نسبيا"، حسب المحلل السياسي الإسرائيلي.

وسمعنا "مسؤولين إسرائيليين يتحدثون عن أشهر من المعركة"، لكنها ستكون "على نطاق ضيق نسبيا"، ولذلك "لا نستطيع القول أن نهاية الحرب تلوح في الأفق"، وفق شتيرن.

والأربعاء، قال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنغبي، إن الحرب ضد حماس في قطاع غزة يمكن أن تستمر "سبعة أشهر أخرى" لتحقيق هدف "القضاء" على الحركة الفلسطينية. 

وأضاف في مقابلة مع هيئة الإذاعة الإسرائيلية العامة (كان) "ربما أمامنا سبعة أشهر أخرى من القتال لتعزيز نجاحنا وتحقيق أهدافنا، أي تدمير سلطة حماس وقدراتها العسكرية". 

ومن جانبه، يؤكد كوهين أن انتهاء الحرب بـ"القضاء على حماس وتطهير القطاع من الحركة، وإخلاء الأسلحة من غزة"، وبعد ذلك سيكون لـ"كل حادث حديث"، حسبما يشدد كوهين.

وللحديث عن نهاية الحرب "لابد من معرفة من هي القيادات الفلسطينية"، وفي حال وجود شخصيات "معتدلة" يمكن أن تجدد المسار الدبلوماسي السياسي، وفق المحلل السياسي الإسرائيلي.

ماذا بعد "انتهاء الحرب"؟

يرفض نتانياهو الإجابة عن ذلك السؤال، ويرى أن "مناقشة ذلك يعني قبول شروط الفلسطينيين وعودة السلطة للفلسطينية إلى غزة"، وفق شتيرن.

ويشير إلى أن "الحديث عما بعد الحرب" من الأمور التي يريد "نتانياهو منعها"، ولهذا السبب فهو "يرفض مناقشة الموضوع".

ويرى شتيرن أنه "لا يوجد مفر من دخول عناصر مختلفة لغزة، وإمكانية سيطرة حماس على القطاع، حتى لو منع نتانياهو عودة السلطة الفلسطينية إلى هناك".

ويشدد المحلل السياسي الإسرائيلي على أن "الفوضى في قطاع غزة ليست في مصلحة إسرائيل".

أما الغول فيشير إلى أن إسرائيل "ليس لديها خطة لما بعد الحرب، وكيفية التعامل مع قطاع غزة، ومن سيحكم القطاع".

ويرى أن إسرائيل تدرك أنه "يجب الاتفاق مع جهات عربية ودولية لوجود قوات أمنية لحفظ الأمن في قطاع غزة بالفترة الانتقالية".

ويجب تشكيل حكومة فلسطينية "تحظى باعتراف ودعم دولي لأنها ستشرف على إعادة إعمار القطاع المدمر"، حسب الغول.

كيف يمكن منع "تكرار هجوم حماس"؟  

اندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس، إثر هجوم الحركة "غير المسبوق" على مناطق ومواقع محاذية لقطاع غزة في السابع من أكتوبر، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.

وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل "القضاء على حماس"، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، أسفرت عن سقوط أكثر من 36 ألف قتيل و80 ألف جريح، معظمهم من النساء والأطفال، وفق ما أعلنته وزارة الصحة في القطاع.

ويشدد شتيرن على "عدم إمكانية منع تكرار هجوم حماس"، إلا بوجود "تعاون" بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، وتحجيم "الاحتكاك".

لكن في الوضع الحالي "لا يمكن أن يحدث ذلك، لأن (الاحتكاك كبير) وإسرائيل تسعى للسيطرة على المناطق الفلسطينية".

ويرى شتيرن أن إسرائيل "لا تستطيع السيطرة على كل المناطق بشكل مستمر لأن ذلك (فوق احتمالها وقدرتها)".

ومن جانبه، يشير الغول إلى أن المعضلة الأساسية لما بعد انتهاء الحرب تتعلق بـ"مصير كتائب القسام والفصائل المسلحة الأخرى مثل سرايا القدس".

ويمكن حل تلك المعضلة من خلال "تأسيس دولة فلسطينية مستقلة ودعم حل الدولتين"، وفق الغول.

حل الدولتين؟

أيدت الأمم المتحدة منذ فترة طويلة رؤية "حل دولتين" تعيشان جنبا إلى جنب في إطار حدود آمنة ومعترف بها.

ويريد الفلسطينيون إقامة دولة في الضفة الغربية وقطاع غزة عاصمتها القدس الشرقية.

ويمثل الفلسطينيين السلطة الفلسطينية التي تمارس "حكما ذاتيا محدودا" في الضفة الغربية، وتدير حركة حماس قطاع غزة منذ 2007. 

ولذلك، يؤكد الغول أنه بعد وقف إطلاق النار ستكون هناك "مفاوضات سياسية تقود لحل الدولتين وقيام دولة فلسطينية يتم الاتفاق على شكلها، وتكون المسؤولة عن حفظ الأمن بقطاع غزة"، وبالتالي يتم "حل جميع الكتائب المسلحة وتنخرط في صفوف الجيش الفلسطيني".

وبالتالي ستكون الدولة وحدها المسؤولة عن "أمن الحدود" بين الدولة الفلسطينية والإسرائيلية، وفق الغول.

وفي الوقت نفسه يجب "إجراء إصلاحات بالسلطة الفلسطينية، ومحاربة الفساد، وتغيير الحكومة"، ويجب أن يكون هناك تغيير بالقيادة الفلسطينية نفسها، وتغيير كافة قيادات الأجهزة الأمنية، حسبما يضيف الغول.

وبذلك سيكون "التغيير شامل" على جانبي الحكومة الفلسطينية والإسرائيلية وبالتالي "سيحدث تغيير على شكل الخارطة السياسية بالمنطقة وانتهاء الحرب بلا رجعة"، بما يضمن "الأمن لإسرائيل والسلام للشعب الفلسطيني"، وفق الغول

لكن على جانب آخر، يشدد كوهين على أن الحديث عن "استمرار المقاومة، وتأسيس دولة فلسطينية عاصمتها القدس (لن يحدث)".

وفي تصريحات سابقة لموقع "الحرة"، كشف مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن الحكومة الإسرائيلية الحالية، برئاسة بنيامين نتانياهو، "لا تدعم حل الدولتين".

دولة فلسطينية مستقلة.. هل تتحقق على أرض الواقع؟ وسط مطالب عربية ودولية بإقامة دولة فلسطينية مستقبلية مستقلة بجوار إسرائيل، تظهر تساؤلات حول كيف يمكن أن تكون شكل هذه الدولة؟ ومن يحكمها ويسيطر عليها؟ وهل تقلب الحكومة الإسرائيلية الحالية بوجودها؟، وهو ما يجب عليه مسؤولون ومختصون إسرائيليون وفلسطينيون تحدث معهم موقع "الحرة".

وقال المصدر، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن "إسرائيل دعمت لسنوات حل الدولتين لشعبين، والفلسطينيون رفضوا ذلك"، مشيرا إلى أن "حماس لا تؤيد حل الدولتين".

ويضيف: "حتى قبل 4-5 سنوات، كانت جميع الحكومات الإسرائيلية منذ التسعينيات تدعم حل الدولتين لشعبين، وحاولنا التفاوض مع الفلسطينيين ولكن في كل مرة اقتربنا من اتفاق سلام اختاروا العنف والإرهاب"، على حد تعبيره.

ومن جانبه، يرى شتيرن أنه يمكن حل المعضلة الحالية بتطبيق "حل الدولتين".

ولذلك فإسرائيل بحاجة لـ"حكومة جديدة تطرح رؤية استراتيجية واضحة لحل كافة التناقضات"، وفق المحلل السياسي الإسرائيلي.

والفصل بين "الإسرائيليين والفلسطينيين"، وحسن الجوار مهم "ولكن الحياة المشتركة ليست ممكنة هنا"، حسبما يؤكد شتيرن.

مقالات مشابهة

  • بعد 8 أشهر من الحرب.. كيف تستمر المقاومة في إلحاق الخسائر بجيش الاحتلال؟
  • رسائل القوة والمرونة.. هل يفضي نهج حماس التفاوضي لاتفاق؟
  • السلاح الإسرائيلي يضرب نفسه ومحاولة لحل الكنيست.. ماذا يحدث في دولة الاحتلال؟
  • قيادي بحركة فتح يكشف تفاصيل مقترح الاحتلال لتبادل الأسرى (فيديو)
  • نتانياهو والأسئلة الثلاثة.. متى تنتهي حرب غزة؟
  • إعلام إسرائيلي: 10% من المطلوبين للخدمة العسكرية في الجيش يحاولون الهروب من التجنيد
  • من معاً ننتصر إلى انقسام وعزلة.. حرب غزة تترك أثرها على الداخل الإسرائيلي
  • فيديو: امرأة سودانية تروي تجربتها المؤلمة في الهروب والولادة وسط جحيم الحرب الأهلية
  • فيدان: استشهاد جندي مصري عند معبر رفح يؤكد خطر اتساع رقعة الحرب
  • التلويح بحل مجلس الحرب قشة يبحث عنها نتنياهو لتنقذه من الغرق الإسرائيلي