إن الصراع بين الولايات المتحدة وروسيا حول السودان صراع متجدد يأخذ أشكالًا متعددة، ولكن في الوقت الحالي، يحدث في سياق غير طبيعي وظروف معقدة للغاية، سواء في البلد الذي يشهد حربًا متواصلة تجاوزت العام، أو في المنطقة المحيطة المضطربة (مثل غزة والبحر الأحمر وخليج عدن)

 

يبدو ان، زيارة مبعوث روسيا للشرق الأوسط وأفريقيا، ميخائيل بوغدانوف، إلى بورتسودان، أواخر أبريل الماضي، استدعت قلق واشنطن، فبعد أقل من أسبوع وصل إلى (عاصمة) حكومة الأمر الواقع، وفدا أميركيا أمنيا، من أجل اتخاذ قرار بشأن استئناف عمل السفارة في السودان.

 

وتشير التحركات الدبلوماسية والأمنية، إلى تنافس متزايد بين البيت الأبيض والكرملين، ويرجح أن تكون زيارة المبعوث جزءا من استراتيجية روسيا لتعزيز وجودها في المنطقة واسترداد نفوذها العسكري بقاعدة “فلامنغو”، بالبحر الأحمر، بعد تجميد جميع الاتفاقيات بشأن القواعد العسكرية التي أبرمت مع نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، من قبل حكومة الفترة الانتقالية في العام 2021.

 

تشير زيارة الوفد الأمني الأمريكي، إلى مقاومة الدب الروسي الذي يسعى حثيثاً لبناء قاعدة عسكرية على البحر الأحمر

 

بالمقابل، تشير زيارة الوفد الأمني الأمريكي، إلى مقاومة الدب الروسي الذي يسعى حثيثاً لبناء قاعدة عسكرية على البحر الأحمر، وتكثيف العمل اليومي عبر السفارة المقترحة في بورتسودان للضغط على حكومة الأمر الواقع للتعاطي مع مساعي تحقيق السلام ، وفقا لحديث المراقبين.

 

ويرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، إبراهيم كباشي، أن الصراع بين الولايات المتحدة وروسيا حول السودان صراعًا متجددًا يأخذ أشكالًا متعددة، ولكن في الوقت الحالي، يحدث في سياق غير طبيعي وظروف معقدة للغاية، سواء في البلد الذي يشهد حربًا متواصلة تجاوزت العام، أو في المنطقة المحيطة المضطربة (مثل غزة والبحر الأحمر وخليج عدن). بالإضافة إلى استمرار الصراع الروسي الأوكراني وتأثيراته المتعددة على النظام الدولي، في ظل هذه المعطيات تسعى كل من موسكو واشنطن إلى أن يكون لهما دور مرحلي واستراتيجي في السودان

 

أدوار الولايات المتحدة وتواجدها في السودان، تزايد منذ 2019، في حين شهد الدور الروسي الرسمي تراجعًا ملحوظًا، وفقًا لما ذكره كباشي في حديثه مع (التغيير). ومع اندلاع الحرب، بذل البيت الأبيض جهودًا للعب دور الوسيط لأول مرة بين الجيش والدعم السريع من خلال منبر جدة، والذي لا يزال يراوح مكانه.

 

تعارض وتناقض

 

خلال فترة الحرب، برز نوع من التعارض والتناقض في المواقف بين قيادة الجيش والحكومة من جهة، والإدارة الأمريكية من جهة أخرى، مما دفع حكومة الأمر الواقع لإعادة إحياء العلاقات مع روسيا بحثًا عن دعم دولي. كما يوضح أستاذ العلوم السياسية، ويلفت إلى أن الكرملين خلال الوقت الراهن هو المستفيد الأول حيث يتمتع بعلاقات مزدوجة مع طرفي الحرب، مما يعقد مهمة البيت الأبيض في وقف الحرب وضمان أمن البحر الأحمر

 

خلال فترة الحرب، برز نوع من التعارض والتناقض في المواقف بين قيادة الجيش والحكومة من جهة، والإدارة الأمريكية من جهة أخرى، مما دفع حكومة الأمر الواقع لإعادة إحياء العلاقات مع روسيا بحثًا عن دعم دولي

 

أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، إبراهيم كباشي، استنتج في خلاصة حديثه، أن واشنطن تستعد لمرحلة جديدة في التعاطي مع الشأن السوداني، ويُظهر ذلك بوضوح من زيارة الوفد الأمني إلى بورتسودان، مما يتوقع أن يؤدي إلى تحولات كبيرة في المشهد السوداني نتيجة لتدخل الفاعلين الدوليين الرئيسيين.

 

موجات الإرهاب

 

أما في واشنطن فتدور المناقشات، هذه الأيام، بتأثير من المبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم بيريليو، حول خطورة الوضع في السودان على الأمن الأمريكي، ووفقًا للمتحدث الرسمي الأسبق لوزارة الخارجية، السفير حيدر بدوي صادق، هناك شعور متزايدا بأن انفلات الوضع في السودان قد يؤدي إلى تصاعد موجات الإرهاب في أفريقيا والشرق الأوسط، مما يشكل تهديدًا مباشرًا لمصالح واشنطن كما يُنْظَر إلى التأثير الروسي في السودان والمنطقة عموماً إلى أنه عنصر مهدد لتلك المصالح.

 

طلب الولايات المتحدة فتح سفارة لواشنطن في بورتسودان يدل على جدية الحكومة الأمريكية في أمرين مهمين كما يذكر صادق في مقابلته مع (التغيير).

 

الأمر الأول هو تكثيف الجهود اليومية في بورتسودان للضغط على حكومة الأمر الواقع لكي تجنح للسلام، والأمر الثاني هو مقاومة التوسع الروسي الذي يسعى حثيثاً لبناء قاعدة عسكرية على البحر الأحمر.

 

ويقول صادق: “هنا نرى البصمات الواضحة للسفير توم بيرليو، الذي انغمس في الشأن السوداني بجدية شديدة”، كما يُعتبر تأثيره كبيرًا على صانعي القرار الأمريكيين بالمقارنة مع سابقيه، نظرًا لخلفيته السياسية حين كان ممثلاً لولاية فيرجينيا في مجلس النواب، مما يجعل صوته مؤثرًا ومسموعا بشكل كبير.

 

المحلل السياسي، صلاح الدومة، يعتبر أن إنشاء قواعد عسكرية لروسيا في البحر الأحمر يتطلب الامتثال للشروط القانونية والسياسية المحددة، ويشدد في إفادته (للتغيير) على أنه لا يمكن عقد أي اتفاقية في غياب البرلمان أو السلطة التشريعية الفيدرالية فضلا عن عدم شرعية الحكومة التنفيذية القائمة حاليا، واعتبر أن الزيارات ربما تهدف فهم الوضع بشكل دقيق.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: السودان البحر الأحمر روسيا أمريكا نفوذ الولایات المتحدة البحر الأحمر فی السودان من جهة

إقرأ أيضاً:

يمن القول والفعل

 

 

يواصل الشعب اليمني نصرته للقضية العربية الفلسطينية تحت شعار “نحن معكم حتى الانتصار” وقد أثبتت المجريات الميدانية والتحركات صدق القول والعمل وبرهنت المعطيات أن اليمن شعبا وقيادة وجيشا في خندق واحد مع القضية العربية الفلسطينية.
وما الضجيج الدولي الذي رافق عمليات الإسناد اليماني وبطريقة غير مسبوقة، تمثل بالتدخل العسكري الأمريكي الصهيوني والبريطاني الهمجي على الشعب اليمني والذي أكد على قوة الرسالة اليمنية التي سمع بها العالم أجمع.
الرسالة التي تقول “حصار غزة مقابل حصار السفن الصهيونية في البحر الأحمر، أكدت أن منبعها قرار يمني نابع من إراده يمنية عربية تحمل كل المعاني والقيم الإنسانية والأخوية، جوهرها قرار حكيم وشجاع وفعال أثبت قوة فاعليته وأجبر سفن الكيان الصهيوني على اتخاذ خطوط سير بديلة عن باب المندب والبحر الأحمر.
وحاولت أمريكا أكثر من مرة الضغط على الشعب اليمني، ابتداء من التلويح بتشكيل تحالف عسكري لضرب اليمن الصادق الصامد الثابت المجاهد، صاحب القول والفعل، في محاولة مستميتة من الأمريكي لرفع معنويات الكيان الصهيوني اللقيط الذي بات يتألم أمام ضربات فصائل المقاومة الفلسطينية الباسلة وأمام ضربات القوات البحرية اليمنية التي أفقدت الكيان الصهيوني الكثير من العوامل المساعدة على البقاء، وإحدات مخاطر كبيرة على الأمن الاقتصادي لكيان العدو الإسرائيلي والعديد من دول العالم والتي غيرت المعادلة وأجبرت البوارج وحاملات الطائرات إلى التراجع بعيدا عن مسرح العمليات في البحرين الأحمر والعربي لاسيما بعد ضرب العديد من السفن الصهيونية وإخراج ميناء أم الرشراش عن الخدمة ومطار اللدبن غوريون، فقد كان رد اليمن منذ الوهلة الأولى على التمادي الأمريكي المتمثل بالعدوان على قاربين للدوريات البحرية التابعة للقوات البحرية اليمنية والذي أسفرت عنه المواجهة المباشرة مع الصلف الأمريكي والتواجد العسكري الغربي في البحر الأحمر الذي اعتبره اليمنيون تهديد ا على امن الملاحة البحرية العالمية، من خلال محاولته الفاشلة والمتكررة اختلاق مشاكل في البحر الأحمر.
الأمر الذي جعل دول العالم في قلق وخوف من التداعيات الحاصلة في البحر الأحمر وجعل الأصوات تتعالى كل يوم، منها الرافضة للهيمنة الأمريكية على الممرات والمنافذ البحرية والمنددة بعسكرة البحر الأحمر، مما زاد الرعب والخوف لدى الأمريكي وبصورة خاصة بعد التحركات غير المسبوقة لحركات محور المقاومة في اليمن والعراق ولبنان وسوريا وإعلانها المباشر رفع جهوزيتها العالية لمواجهة الخطر الأمريكي والعربدة البريطانية وكذلك حالة الصمت العربي لبقية الدول العربية التي عبرت عن الرفض للتحركات الأمريكية في البحر الأحمر والتي وصلت كرسالة لمحور الاستكبار العالمي المتمثل بقطب الشر الأمريكي الصهيوني البريطاني وكل شذاد الآفاق أن العربدة الأمريكية باتت اليوم مرفوضة وستكون نتائجها هزيمة مدوية لمحور الشر الأمريكي لاسيما وأن كل المعطيات الميدانية على الساحة العالمية تؤكد وتبرهن ذلك.
فقد خرجت الجماهير اليمنية مفوضة لقيادتها بتأديب الأمريكي وإجباره على الرحيل من المنطقة العربية ووقف العدوان على الشعب اليمني والانحياز عن الكيان الصهيوني للحفاظ على سلامة قواعده العسكرية في البحر والوقوف إلى جانب مظلومية الشعب الفلسطيني، إلا أن الأمريكي قرر العربدة، فكانت النتيجة الانهزام والنأي بنفسه وسفنه بعيدا، تاركا الكيان الصهيوني بين خيار وقف الحرب على غزة مقابل خيار أمن العبور لسفنه، العين بالعين والسن بالسن والجروح قصاص.
وتشير التحليلات والدراسات للمشهد العالمي الحالي إلى أن أمريكا وضعت نفسها وقواعدها وبوارجها وسفنها على كف عفريت، فتلقت صفعة مدوية لم تكن بحسبانها من اليمن ومحور المقاومة التي لم يعد لديها اليوم ما تخسره أكثر من أي مرحلة مضت والتي اختارات مقاومة الغطرسة الأمريكية ورفض التواجد العسكري الأمريكي الغربي البريطاني الفرنسي في المنطقة العربية، فتجاهلت الولايات المتحدة الأمريكية ردود الأفعال الغاضبة في الوطن العربي، فوقعت في ورطه أفقدتها الكثير من أوراقها وكانت في غنى عن ذلك، فكل المعطيات أكدت أن شعوب ودول محور المقاومة وحدت أهدافها نحو التحرير ومواجهة العربدة الصهيونية مهما كانت النتائج والمتضرر الأول العالم أجمع، مما يحتم على دول العالم ممارسة ضغوطها على الكيان الصهيوني وإيقافه عند حده لتجنب الآثار التي قد تعصف بالمنطقة والعالم بسبب العربدة الصهيونية وحثه على إيقاف الحرب الإجرامية الإرهابية التي يشنها على الشعب الفلسطيني منذ عام ونصف بلغ ضحاياها عشرات الآلاف من أبناء غزة كأكبر مذبحة شهدها العالم، والتي عرت مجازرها الوحشية العالم من الإنسانية وبرهنت للعالم مدى عنصرية الأمم المتحدة وعجز القانون الدولي عن وضع حد للجرائم الصهيونية المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني.

مقالات مشابهة

  • سقوط طائرة تقل حجاجًا.. الموريتانية للطيران توضح
  • الإعيسر: أمريكا سارعت باتهام السودان في الوقت الذي تم فيه ضبط أسلحة أمريكية بيد المليشيا المتمردة
  • تقرير بريطاني يكشف الفضيحة: صنعاء تُذل أمريكا في البحر الأحمر وتسقط أسطورتها
  • يمن القول والفعل
  • اللواء أبو قصرة: نعمل على تنظيم القوات المسلحة وتفعيل الضباط والعسكريين ضمن وزارة الدفاع الأمر الذي يحقق كفاءة هذه القوات والعمل المؤسساتي
  • صدمة في واشنطن من مواجهات البحر الأحمر وسط توقّعات بإقالة قادة الأسطول الأمريكي
  • ما وراء الخبر.. ما الذي يقوله الهجوم الروسي الواسع على أوكرانيا؟
  • زيلينسكي يندد بصمت الولايات المتحدة بعد الهجوم الروسي بالطائرات المسيرة والصواريخ
  • في شرق أوسط ترامب: بعد سوريا .. جاء الدور على العراق
  • سوال : هل نظام الجباية الذي اسسه المستعمر صالح ليكون نظاما للتنمية الوطنية ؟!