قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية، إن حوالي سبعة مصابين يصلون يوميًا إلى مخيم أبو شوك للنازحين على الطرف الشمالي من مدينة الفاشر في شمال دارفور، نتيجة الاشتباكات بين مقاتلين من قوات الدعم السريع شبه العسكرية والجماعات المتحالفة مع الجيش السوداني.

وتحاصر قوات الدعم السريع مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، منذ أشهر، وتحاصر مليون شخص في آخر مركز سكاني كبير في منطقة دارفور الشاسعة في السودان التي لا تخضع لسيطرة القوات شبه العسكرية، بحسب تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية.



وفي الأشهر الأولى من الحصار، كانت المدينة محمية بسلام هش، ولكن منذ نيسان/ أبريل تصاعدت أعمال العنف على مشارفها بعد أن تعهدت أقوى مجموعتان مسلحتان بالقتال إلى جانب الجيش. ويحتدم القتال بشكل خاص بالقرب من أبو شوك حيث تهاجم الجماعات المتحالفة مع الجيش مقاتلي قوات الدعم السريع المتمركزين في الشمال، وقد سقطت قذائف داخل المخيم مما أدى إلى مقتل العشرات.



وأفادت الصحيفة بأن الوفيات والإصابات كنتيجة مباشرة للعنف ليست التحدي الوحيد الذي يواجه هارون آدم هارون، الطبيب الوحيد الذي يعمل في أبو شوك.

ولقي مئات الأشخاص حتفهم في الأشهر الأخيرة بسبب سوء التغذية الحاد، وتعرضت النساء للإجهاض، ويتم تسجيل العشرات من حالات الإصابة بالملاريا كل يوم، كما أنه منزعج من مرض تنفسي غريب اجتاح المخيم، ويشتبه في أنه مرتبط بالتلوث الناتج عن القصف. وقد عبّر هارون عن حزنه الشديد على وفاة الناس لأسباب يمكن الوقاية منها بسبب النقص الحاد في الأدوية والتمويل. ويقول الخبراء إن البلاد معرضة لخطر التفكك. ووفقا للأمم المتحدة فإن السودان "يشهد أزمة إنسانية ذات أبعاد أسطورية"، مع تهديد المجاعة وتشريد أكثر من 8.7 مليون شخص.

وأوضحت الصحيفة أن الفاشر تعتبر مركزًا إنسانيًا لدارفور وتستضيف عددًا كبيرًا من النازحين داخليًا، بما في ذلك مئات الآلاف من النازحين بسبب العنف العرقي في دارفور على مدى السنوات العشرين الماضية. وهناك مخاوف جدية بشأن التأثير على المدنيين إذا قررت قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها شن غزو واسع النطاق، ليس فقط بشأن القتال نفسه، وإنما أيضًا بشأن احتمال وقوع فظائع إذا سيطرت قوات الدعم السريع. وتستهدف قوات الدعم السريع والميليشيات العربية المتحالفة معها أعضاء من جماعة المساليت العرقية في جميع أنحاء دارفور، بما في ذلك مدينة الجنينة حيث تعتقد الأمم المتحدة أن ما يصل إلى 15 ألف شخص قُتِلوا السنة الماضية في مجزرتين.

وتمثل الجماعات المتحالفة مع الجيش الوجود الرئيسي في وسط المدينة، وتحرس نقاط تفتيش لا تعد ولا تحصى، وقاموا مؤخرًا بحفر خندق حول المدينة في محاولة لمنع أو على الأقل تأخير توغل قوات الدعم السريع. وقام الجيش مؤخراً بإرسال جسر جوي للمجموعات لعدم إمكانية إرسال المساعدة عن طريق البر.

وناشدت جماعات الإغاثة الدولية والحكومات الغربية قوات الدعم السريع لعدم مهاجمة الفاشر، ويبدو أنه قد تم الاستجابة لهذه النداءات حتى الآن. ومع أن قوات الدعم السريع لم تقل أي شيء علنًا حول هذه المسألة، إلا أنه من الممكن أن يأتي الهجوم من قبيلة المحاميد المتحالفة مع قوات الدعم السريع، التي تسيطر على جزء كبير من شمال دارفور، في حالة لجوء قيادة قوات الدعم السريع للقبيلة.

وأشارت الصحيفة إلى أن قوات الدعم السريع استولت على مدينة مليط في منتصف نيسان/ أبريل، وسيطرت معها على آخر طريق إلى الفاشر لم يكن في أيدي الجيش، وكانت العواقب مدمرة. فقد توقفت عمليات تسليم المساعدات، وانسحبت الأمم المتحدة من المدينة، وخفضت المنظمات الإنسانية الأخرى عدد موظفيها، وابتعد التجار، مما أدى إلى ارتفاع تكلفة المواد الغذائية والسلع الأخرى.

وخلافًا لما حدث في أبو شوك حيث يعمل هارون دون مساعدة من منظمات الإغاثة الدولية، فقد حافظت منظمة "أطباء بلا حدود" على وجودها في مخيم زمزم جنوب الفاشر حيث قامت بمعالجة المرضى المصابين وتقديم المساعدة الطبية للأطفال والنساء الحوامل الذين يعانون من سوء التغذية.

تعيش بدرية أحمد (23 سنة) في زمزم منذ تسع سنوات بعد أن تعرضت قريتها لهجوم من قبل ميليشيا الجنجويد، التي تحولت فيما بعد إلى قوات الدعم السريع، وقالت وهي تجلس مع ابنها نور الدين أحمد عيسى في المخيم: "إنه لا يمشي ولا يأكل، إنه على هذا النحو لمدة 12 شهرًا".

كالومة آدم خاطر، 37 سنة، موجودة في المخيم منذ سبع سنوات، وهي تكافح من أجل إطعام أصغر أطفالها الستة الذي يعاني من الإسهال، وقالت: "ليس لدي حليب في ثديي، وأعاني من الصداع طوال الوقت".

وحسب منظمة "أطباء بلا حدود" فإن الفحص الشامل الذي أجري في آذار/ مارس ونيسان/ أبريل لأكثر من 63 ألف طفل دون سن الخامسة والنساء الحوامل والمرضعات أكد وجود "أزمة سوء تغذية كارثية تهدد الحياة" في المخيم.

ووفقًا لجادو محمدو، مدير منظمة أطباء بلا حدود في شمال دارفور، فإن طفلًا يموت كل 24 ساعة في المخيم، وبلغت نسبة سوء التغذية الحاد 7.4 بالمئة، وهي نسبة "مرتفعة للغاية"، وسوء التغذية العام 23.7 بالمائة "مرتفع جدًا جدًا"، وسوء التغذية المعتدل 70 بالمئة. وأكد محمدو أن إمدادات المساعدات الإنسانية والغذاء هي المشكلة الكبيرة، فبعض الناس غير قادرين على الزراعة، والقادرون على الزراعة لا يستطيعون الخروج من المنزل والحصول على طعامهم بسبب انعدام الأمن.


وحسب بيان لكلي نيكوليه، رئيس الاستجابة الطارئة لمنظمة "أطباء بلا حدود" في السودان، فإن الوضع حرج، ومستوى المعاناة هائل، وهناك قلق بالغ من أن ذلك سيجعل وصول الدعم الدولي الذي تشتد الحاجة إليه أكثر صعوبة.

وأفادت الصحيفة بأن الجماعات المتحالفة مع الجيش في الفاشر تبدو واثقة من أن قوات الدعم السريع لن تشن هجومًا واسع النطاق، وحسب أحد متحدثيهم، فإنهم يعرفون أن طريقة قتالهم تستخدم نفس التكتيكات التي تستخدمها قوات الدعم السريع. وكان ربيع علي دينار، زعيم قبيلة الفور المحلية، واثقًا أيضًا من أن المدينة لن تسقط في أيدي قوات الدعم السريع. وقال دينار إن الجيش قام مؤخرًا بتجنيد آلاف الرجال، مؤكدًا أنه سيكون من الصعب عليهم الفوز بالفاشر.

ونقلت الصحيفة عن توبي هاروارد، نائب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، أن المدينة موطن لمجتمعات عربية وأفريقية، وأي معركة شاملة من أجل السيطرة عليها من شأنها أن تتسبب في إراقة دماء مدنية على نطاق واسع، وتؤدي إلى هجمات انتقامية في جميع أنحاء دارفور وخارجها. إلى جانب القتال المباشر، يقوم مقاتلو قوات الدعم السريع باصطياد الجنود باستخدام نيران القناصة من مواقعهم على أطراف المدينة.



المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الفاشر الدعم السريع السوداني السودان الدعم السريع الفاشر صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قوات الدعم السریع أطباء بلا حدود شمال دارفور سوء التغذیة فی المخیم أبو شوک

إقرأ أيضاً:

قوات الدعم السريع تنفي نيتها إقامة دولة منفصلة في دارفور

الخرطوم - ردت قوات "الدعم السريع" في السودان، على الاتهامات التي وجهها مسؤول في الجيش، عقب سيطرتها على مدينة الفاشر، نافية نيتها إقامة دولة منفصلة في إقليم دارفور.

وقالت الدعم السريع، في بيان لها، إن "الحديث عن تأسيس دولة منفصلة في دارفور ادعاءات رخيصة، ومحاولة لقلب الحقائق في مساع يائسة لتعويض الهزائم، بمزاعم وأحاديث ممجوجة عن دولة متوهمة في مُخيّلتهم".

وأضافت: أن "رؤيتها المبذولة للجميع، ونضالات مقاتليها وتضحياتهم الجسام في شتى بقاع الوطن وتبني قضايا التغيير، تؤكد الحرص على وحدة السودان أرضا وشعبا، بجانب إعادة بناء الوطن على أسس من السلام والعدالة والديمقراطية".

وأشار البيان إلى أن "أساليب تضليل الرأي العام بأحاديث مفبركة عن استهداف النازحين لن تنطلي على أحد"، مؤكدا أن "الجيش وحلفاءه أشعلوا الأحداث في الفاشر ثم لاذوا للاحتماء بالمدنيين واستخدامهم دروعاً بشرية، بغرض الاستعطاف وإثارة الرأي العام".

وكان عادل عبد الباقي، رئيس منظمات المجتمع المدني السودانية، أكد أن ما يحدث في ولاية شمال دارفور من حصار وقصف بالطيران والأسلحة الثقيلة يعرض حياة الملايين من المدنيين للخطر الداهم.

وقال في حديثه لـ"سبوتنيك": "اليوم تدخل الفاشر شهرها الثالث في ظل اشتباكات مستمرة بين قوات الدعم السريع والجيش بمساندة حركات الكفاح المسلح، وبعد خروج القوى المشتركة عن الحياد تفاقم الصراع في الفاشر وولايات دارفور".

وتابع عبد الباقي: "الصراع المشتعل في الفاشر يعاني منه اليوم مئات الآلاف من النساء والأطفال من تشرد ونزوح كثيف، في ظل توسع وسيطرة قوات الدعم السريع على مناطق استراتيجية مثل مصفاة الجيلي والجزيرة والفاشر، وهو ما يؤكد ضعف وفشل استراتيجيات الجيش وحركات الكفاح القتالية في قيادة العمليات العسكرية لحسم المعركة عسكريا".

واندلعت الحرب في السودان، في 15 أبريل/ نيسان 2023، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في مناطق متفرقة من السودان، تتركز معظمها في العاصمة الخرطوم، مخلفةً المئات من القتلى والجرحى بين المدنيين.

وتوسطت أطراف عربية وأفريقية ودولية لوقف إطلاق النار، إلا أن هذه الوساطات لم تنجح في التوصل لوقف دائم للقتال.

Your browser does not support the video tag.

مقالات مشابهة

  • المنظمات الأممية تحذر من كارثة في الفاشر السودانية.. لا مكان آمنا للمدنيين
  • المنظمات الأممية تحذر من كارثة في الفاشر السودانية.. لا مكان آمن للمدنيين
  • تجدد الاشتباكات بالفاشر و طيران الجيش يقصف تجمعات الدعم السريع شرق المدينة
  • الدعم السريع: لا نية لدينا لإقامة دولة منفصلة في دارفور
  • قوات الدعم السريع تنفي نيتها إقامة دولة منفصلة في دارفور
  • القوات السودانية تستعيد خزانا بعد قطع قوات الدعم المياه عن الفاشر
  • تجدد الاشتباكات في الفاشر بين الجيش السوداني والدعم السريع
  • أطباء بلا حدود: مقتل أحد موظفينا في الفاشر وارتفاع قتلى المعركة الى 123 شخصاً خلال أسبوعين
  • قتلى وجرحى وموجة نزوح في السودان جراء معارك عنيفة بالفاشر
  • الجيش السوداني تعلن خبر غير سار عن قوات الدعم السريع على الحدود الشرقية للفاشر