بوابة الوفد:
2025-12-14@16:32:20 GMT

شرق أوسط بلا إسرائيل!

تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT

على وقع مرورنا أمس بالذكرى المشئومة لقيام دولة إسرائيل فى 15 مايو منذ نحو 76 عاما، وعلى وقع ما يشهده المرء حاليا من حرب ضارية على غزة يعتبرها البعض أقرب إلى نكبة ثانية مثل نكبة 48 ربما يكون السؤال الذى يدور بخلد البعض هو: هل يمكن تخيل شرق أوسط بدون إسرائيل والتى تعد أُس البلاء وسبب نكبة المنطقة منذ نشأتها حتى الآن؟ ماذا لو لم تقم تلك الدولة وأصبحنا فى شرق أوسط بلا إسرائيل؟ وماذا لو أن الدول التى حرصت على قيامها لم تنجر إلى هذه المهمة وأصبحنا نعيش فى منطقة عربية خالصة تنتمى إلى أطر حضارية مشتركة لغة ودينا وتاريخا؟ الإجابة ربما تكون غريبة ومذهلة وإن كانت النتيجة فى تصورى أنه من المؤكد أن المنطقة كان ينتظرها مستقبل أفضل بكثير مما نحن عليه الآن.

حتى هذا الخيال يصر الرئيس الأمريكى بايدن على أن يحرمنا منه وأن يصحبنا معه غصبا عنا، فى الاتجاه المعاكس ليضيف بعد اعلانه فخر بلاده بكونها من اوائل اصدقاء إسرائيل أن أمريكا وإسرائيل عملتا على خلق شرق أوسط أكثر ازدهارا وسلما، وهو أمر يكذبه الواقع ويشير إلى زيفه وأن الأمر على الأرض على العكس تماما.

على هدى مثل هذه الفكرة دعونا نتصور شكل الشرق الأوسط بدون إسرائيل؟ مبدئيا يمكن القول إنه من المؤكد أن المنطقة كانت ستنعم بالاستقرار وتراجع اسباب التوتر، وسيعم السلام والأمن بشكل ربما تكون معه مكانا نموذجيا. طبعا لن يختفى الصراع بين وحدات دول المنطقة ولكنه سيكون فى حدوده الدنيا فضلا عن محدودية نتائجه وتأثيراته. سبب هذا التصور هو أنك لو حاولت تخيل أسباب التوتر فى المنطقة فستجد أن إسرائيل القاسم المشترك الأعظم فى مشاكل بل وكوارث المنطقة. 

لو لم تكن هناك اسرائيل لما قامت حرب 48 ولما قامت حرب 56 ولما شهدنا حربى 67 و73 ولتفرغت دول المنطقة لعمليات التنمية. غياب اسرائيل عن الوجود أو بمعنى أصح عدم خروجها إلى الحياة كان يعنى توجه جهود زعماء المنطقة إلى تحقيق الرخاء والرفاهية لشعوبهم. لم يكن ليتطلب الوضع توجيه الجزء الأكبر من ميزانيات الدول العربية خاصة دول المواجهة للمجهود الحربى والدخول فى سباق تسلح قد يكون بلا معنى. 

غياب إسرائيل على سبيل المثال ربما كان من الممكن أن يجعل من دولة مركزية مثل مصر قوة إقليمية كبرى فى المنطقة، ولأتاح لزعيم مثل عبد الناصر وغيره أن يركز جهوده على النهوض بالبلاد. لو لم تقم إسرائيل لربما احتل لبنان مكانة سويسرا الشرق بدلا من ان يتحول ليصبح دولة فاشلة. وربما أدى عدم قيام الدولة العبرية إلى ازدهار دولة فلسطين واحتلالها مكانة متقدمة بين الأمم ولكان من المؤكد عدم خسارتها تلك الأعداد الهائلة من أبنائها الذين راحوا ضحية عمليات الصراع على ذلك النحو من حرب الإبادة التى يواجهها فلسطينيو غزة. 

ربما لو لم تقم إسرائيل لتمتعت الدول العربية أو القطاع الأكبر منها بنظم حكم ديمقراطية ولتراجعت قبضة النظم الاستبدادية باعتبار أن تأثيرات الصراع مع إسرائيل وقد جثمت على أنفاس العرب جعلت هَم العرب الأول هو مواجهة إسرائيل على قاعدة أنه لا صوت يعلو فوق صوت المعركة! ربما لو لم تقم إسرائيل لتراجعت سيطرة الغرب على الأوضاع فى الدول العربية فى ظل تراجع الحاجة إلى ذلك الغرب

هذه ليست سوى تصورات بسيطة لملامح اجتهاد بشأن تأثير تلك الدولة اللقيطة على حياتنا العربية وهو أثر لو تعلمون، أو بالأحرى كما تعلمون- للأسف- عظيم!

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: تأملات د مصطفى عبدالرازق شرق أوسط إسرائيل المهمة الاتجاه المعاكس شرق أوسط

إقرأ أيضاً:

الأمن السيبراني في المنطقة العربية

في زمنٍ تتسارع فيه التحولات الرقمية وتتقاطع فيه المصالح الجيوسياسية مع مستهدفات التفوق التكنولوجي، بات الأمن السيبراني في العالم العربي أحد أعمدة السيادة الوطنية ومفاصلها الحاسمة. فالتكنولوجيا أصبحت ساحة الصراع الجديدة التي تُدار فيها الحروب الخفية وتُصاغ من خلالها موازين النفوذ العالمي. وفي قلب هذا المشهد المعقد، تواجه المنطقة العربية موجة متصاعدة من التهديدات السيبرانية التي تتجاوز مجرد الاختراقات التقنية لتلامس جوهر الاستقلال المعلوماتي والسياسي.

تتمثل طبيعة هذه التهديدات في تعدد أدواتها ومصادرها، بدءًا من برمجيات التجسس التي تستخدمها جهات استخباراتية غربية مثل برنامج "بيغاسوس"، وصولًا إلى الهجمات التي تستهدف البنية التحتية الحيوية في مجالات الطاقة والاتصالات. كما تتجسد في حروب المعلومات التي تعتمد نشر الأخبار المضللة وتوجيه الرأي العام بما يخدم المصالح الخارجية. هذه الممارسات وإن كان البعض يعتبرها عشوائية، إلا أنها أقرب لأن تكون جزء من استراتيجيات طويلة المدى تهدف إلى اختراق الوعي الجمعي العربي والتحكم في مسارات القرار الوطني والسيطرة على الفضاء الرقمي في المنطقة. ولا بد لنا أن ندرك بأن المعارك اليوم تُخاض بالبيانات والمعلومات، وبالقدرة على الوصول إلى أسرار الدول ومؤسساتها الحيوية.

لكن المشهد العملي يكشف أن الأمن السيبراني العربي يواجه تحديات بنيوية عميقة. فضعف البنية التقنية في العديد من الدول يجعلها أكثر عرضة للاختراق، بينما يفاقم نقص الكفاءات المحلية المتخصصة من هشاشة الدفاعات الرقمية. كما أن غياب التنسيق الإقليمي وازدواجية السياسات الوطنية يعوق بناء جبهة موحدة قادرة على التصدي للتهديدات العابرة للحدود. يضاف إلى ذلك الاعتماد المفرط على البرمجيات والتقنيات الأجنبية التي قد تحتوي على منافذ خفية تسمح بالتجسس أو بالتحكم عن بعد، وهو ما يجعل الأمن الرقمي العربي مرهونًا بإرادة الآخرين لا بإرادته الذاتية.

غير أن هذه التحديات تفتح في الوقت ذاته نافذة نحو إعادة التفكير في مفهوم السيادة في عصر البيانات. فبدلاً من الاتكاء على الحلول المستوردة، يمكن للعالم العربي أن يطور أنظمته الرقمية اعتمادًا على طاقاته البشرية المحلية، عبر الاستثمار في البحث العلمي والابتكار التقني. كما أن بناء أطر قانونية حديثة قادرة على التعامل مع الجرائم السيبرانية ومعالجة الثغرات التشريعية أصبح ضرورة ملحة. وإلى جانب ذلك، فإن رفع الوعي المجتمعي بمخاطر الفضاء الرقمي يمثل خط الدفاع الأول في مواجهة الاختراقات، إذ أن الأمن يبدأ من الوعي قبل أن يتحقق بالتقنية.

الأمن السيبراني أصبح قضية وجود ترتبط بمستقبل الدولة العربية وموقعها في النظام العالمي الجديد. الحفاظ على البيانات يعني الحفاظ على القرار، وحماية الشبكات تعني حماية السيادة. ومن دون رؤية استراتيجية بعيدة المدى تُبنى على الإرادة السياسية والتكامل الإقليمي، سيظل العالم العربي عرضة لهجمات غير مرئية تضعف قدرته على حماية نفسه رقمياً.

على صدى كل ذلك، تبدو الحاجة ماسة إلى فكر عربي جديد يدرك أن الصراعات في القرن الحادي والعشرين لم تعد تدور حول الحدود الجغرافية، بل حول الفضاءات المعلوماتية، حيث تُصنع القوة وتُختبر الإرادات. فالدول التي تملك أمنها السيبراني هي التي تملك مستقبلها، أما التي تظل تابعة في التكنولوجيا فستظل مكشوفة مهما بلغت قوتها العسكرية أو الاقتصادية. بناء منظومة عربية مستقلة للأمن السيبراني يمثل الركيزة الأساسية لإعادة تموضع الدول العربية في المشهد الدولي الرقمي.

مقالات مشابهة

  • الجامعة العربية تدين الهجوم على قوات الأمم المتحدة في جنوب كردفان
  • الجامعة العربية تشارك في الدورة 45 للجمعية العامة لاتحاد الإذاعات
  • الدولة يشارك في حلقة قوانين الأسرة في الدول العربية بالرباط
  • مؤكدة الالتزام بدعمهم.. الجامعة العربية تحيي اليوم العربي للأشخاص ذوي الإعاقة
  • الأمن السيبراني في المنطقة العربية
  • وزير الخارجية يبحث مع رئيس الوزراء الإماراتي أزمات الدول العربية
  • تأهيل إسرائيل لعضوية الشرق الأوسط
  • المرأة العربية تعقد ورشة عمل إقليمية لمناقشة تطوير قوانين الأسرة
  • مصر وعدد من الدول العربية يؤكدون على الدور المحوري لـ"الأونروا"
  • جامعة الدول العربية تستضيف الاجتماع الخامس عشر لرابطة جمعيات الصداقة العربية الصينية