بعد محاولة فاشلة أولى، هل ينجح المغرب في إقناع القضاء الإيطالي بتسليمه فرحان؟
تاريخ النشر: 17th, May 2024 GMT
تعتبره السلطات المغربية مشكلة بسبب الحملة الإعلامية التي يقودها منذ فترة طويلة والتي يتهم من خلالها بعض المؤسسات بالفساد المزعوم.
بعد محاولة أولى فاشلة، تم تقديم طلب جديد للتسليم صادر عن محكمة الدرجة الأولى في الدار البيضاء ضد إدريس فرحان، البالغ من العمر 59 عامًا والمولود في فاس، والمقيم في مدينة بريشيا منذ أكثر من 30 عامًا، وهو يقدم نفسه كصحفي وناشط يوجه انتقادات عبر جريدة إلكترونية لما يقول إنها مظاهر للفساد وسوء الإدارة في بلده الأصلي.
متزوج من امرأة إيطالية، وأب لابنتين كبيرتين ولدتا في بريشيا، يوجد الآن إدريس فرحان في السجن. ولم تتمكن الشرطة الإيطالية (ديغوس) من عمل شيء سوى تنفيذ المذكرة الصادرة من المغرب. ووفقًا لأول التحقيقات، يُتهم الرجل البالغ من العمر 59 عامًا بمحاولة الهجرة غير الشرعية من قبل محكمة الدار البيضاء. في الوقت الحالي، لا توجد أدلة. «ينص القانون على أنه يجب تقديم مبررات طلب الاعتقال والتسليم في غضون 40 يومًا» يوضح المحامي لورينزو تشينكويبالمي، الذي يدافع عن الناشط. كما كان الحال قبل عام، عندما طلب المغرب تسليم إدريس فرحان بتهمة التشهير «ضد بعض الشخصيات المغربية المهمة».
يعتقد أفراد عائلته أن السلطات المغربية تريد مجددًا استهداف الناشط بتهم تتعلق بآرائه. « يهدفون إلى إعادته إلى بلده، واعتقاله، وبالتالي إسكات موقعه الإلكتروني الاستقصائي »، كما يقولون.
لكن، بين القضايا التي يلاحق بسببها هذا الرجل، شكوى قدمتها ضده الفنانة البارزة، لطيفة رأفت. قاض للتحقيق بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء أخذ أقوال هذه الفنانة مطلع هذا الأسبوع، وقد أوضح محاميها عبد الفتاح زهراش، تعرضها إلى « هجمة شرسة من لدن فرحان، عقب إدلائها بشهادة لدى قاضي التحقيق، بشأن موضوع طليقها »، وهو بارون المخدرات « إسكوبار الصحراء ». مشددا على تعرضها إلى عملية ابتزاز وصفها بـ »الخطيرة »، من طرف شبكة يقودها، المعني، قامت بتهديد رأفت بنشر « فيديوهات » و »مقاطع صوتية »، كما طلب منها « توظيف أسماء معروفة في ملف طليقها ». وشدد على أن رأفت رفضت ذلك بشدة.
السابقةوفقًا لما أوردته جريدة بريشيا، طلب المغرب تسليم الناشط منذ عام، متهمًا إياه بالتشهير، لكن محكمة الاستئناف في بريشيا رفضت الطلب. رفضت النيابة العامة أولاً ثم محكمة الاستئناف في بريشيا طلب التسليم. «لا يتم منح التسليم، من بين حالات أخرى، عندما تكون للدولة المطلوبة أسباب وجيهة للاعتقاد بأن طلب التسليم يهدف إلى ملاحقة أو معاقبة الشخص المطلوب لأسباب تتعلق بآرائه السياسية» MLH كتب رئيس الهيئة كلاوديو مازا. وأضاف: «في هذه الحالة، كما أشار المدعي العام الذي طلب رفض الطلب، فإن هذه المحكمة لديها أسباب وجيهة للاعتقاد بأن طلب التسليم يهدف في الواقع إلى ملاحقة الرجل البالغ من العمر 59 عامًا لأسباب سياسية، أي بسبب آرائه الشخصية».
وفقا للطريقة التي يجري بها عرض القضية في المحكمة، يحتل المغرب المرتبة 135 في مؤشر حرية الصحافة العالمي. «من الوثائق – كما يشير المدعي العام – تظهر وضعية حرجة للغاية فيما يتعلق باحترام حقوق الإنسان في المغرب، مع التركيز بشكل خاص على وضعية الصحفيين، الذين يخضعون للمراقبة والاضطهاد بسبب آرائهم التي يعبرون عنها عبر الصحافة».
الآن، يجب على إيطاليا أن تتخذ قرارًا بشأن مصير هذا المغربي في غضون شهر.
كلمات دلالية إيطاليا المغرب فرحان قضاءالمصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: إيطاليا المغرب فرحان قضاء
إقرأ أيضاً:
هل ينجح أردوغان في صياغة دستور جديد يطيح بإرث الانقلاب العسكري؟
أنقرة- أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الثلاثاء الماضي، تكليف فريق من 10 خبراء قانونيين من حزب العدالة والتنمية بإعداد مسودة دستور جديد للبلاد، ينهي ما وصفه بـ"عبء دستور الانقلاب" الذي وُضع عقب انقلاب 1980، في خطوة تعيد فتح أحد أقدم الملفات في السياسة التركية.
وفي حين شدد أردوغان على أن الخطوة "لا تهدف إلى تمديد ولايته الرئاسية"، بل تعبر عن "مسؤولية تاريخية تجاه 86 مليون مواطن"، تباينت ردود الفعل داخل الساحة السياسية، بين دعم من الحلفاء وتحفظات شديدة من أبرز أحزاب المعارضة، وسط تساؤلات مفتوحة عن فرص نجاح المشروع، واحتمال اللجوء إلى استفتاء شعبي إذا فشل تمريره برلمانيا.
ورغم مرور أكثر من 40 عاما على صياغته، لا يزال دستور 1982 يُعد عقدة سياسية في تركيا، باعتباره نتاجا لانقلاب 1980 وفُرض في أجواء غير ديمقراطية.
ورغم تعديله في استفتاءي 2010 و2017، فلا تزال الانتقادات تطاله بسبب تكريسه هيمنة الدولة العميقة وتقليصه للمشاركة الشعبية والحريات الديمقراطية.
لجنة الصياغةضمّت اللجنة المكلفة بصياغة مسودة الدستور الجديد 10 من أبرز وجوه حزب العدالة والتنمية، في تركيبة تُظهر الرغبة في إضفاء وزن سياسي وتشريعي على المشروع منذ لحظاته الأولى.
إعلانويتولى رئاسة اللجنة نائب الرئيس جودت يلماز، وشخصيات ذات باع طويل في الجهاز التنفيذي والتشريعي، إذ شغل 3 من أعضائها مناصب وزارية في حكومات سابقة، بينما يُعد الباقون من أعمدة التنظيم البرلماني للحزب.
وأفادت تقارير لاحقة بأن أستاذة القانون الدستوري البارزة سراب يازجي ستنضم إلى لجنة فنية مرافقة، إلى جانب تشكيل هيئة دعم تقني من خبراء وأكاديميين في القانون الدستوري.
وتعقد اللجنة أول اجتماعاتها الرسمية في الرابع من يونيو/حزيران داخل مجمع القصر الرئاسي في أنقرة، حيث يتوقع أن تحدَّد آليات العمل ومراحل الصياغة. ولا يُستبعد أن يشارك أردوغان شخصيا في بعض هذه الجلسات، بما يعكس اهتمامه المباشر بتوجيه العملية، حسب ما أوردته وكالة الأناضول.
ووفق وسائل إعلام تركية، ستعتمد اللجنة نظام التشاور الجماعي في إدارة نقاشاتها، وتخطط لبدء عملها الفعلي بعد عطلة عيد الأضحى.
ومن المنتظر أن تركز في مرحلتها الأولى على تحديد المبادئ التأسيسية ومنهجية كتابة الدستور، على أن تنتقل لاحقا إلى صياغة المسودات التفصيلية للمواد الدستورية.
وتباينت مواقف الأحزاب السياسية التركية إزاء مبادرة صياغة دستور جديد، بين دعم مشروط ورفض صريح وتوجّس صامت، ففي حين يدعم "تحالف الجمهور" بقيادة حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية المشروع بوصفه ضرورة لإنهاء إرث الانقلابات العسكرية، أبدت أحزاب المعارضة الرئيسية، وعلى رأسها حزب الشعب الجمهوري، رفضا واضحا للمشاركة في أي مسار دستوري دون ضمانات تتعلق بالحريات واستقلال القضاء.
يحظى الحديث عن المواد الأربع الأولى من دستور 1982 بحساسية سياسية فائقة في المشهد التركي، إذ تعد هذه المواد بمثابة الركائز التأسيسية للجمهورية، وتنص على أن تركيا دولة ديمقراطية، علمانية، اجتماعية، موحدة، متمسكة بمبادئ مؤسسها مصطفى كمال أتاتورك، مع تحديد أنقرة عاصمة ولغتها الرسمية التركية.
إعلانوتمنع المادة الرابعة صراحة تعديل أي من هذه المواد أو حتى اقتراح تعديلها، مما يجعلها بمنزلة "خط أحمر" في أي محاولة لإعادة كتابة الدستور.
وفي هذا الإطار، شدد أردوغان، في أكثر من مناسبة، على التزامه الصارم بعدم المساس بهذه المواد، مؤكدا في تصريحات أدلى بها عقب عودته من المجر في مايو/أيار الجاري أن "ليس لدينا أي مشكلة مع المواد الأربع الأولى"، مضيفا أن هذا التوافق يشمل أيضا معظم الأحزاب الممثلة في البرلمان.
لكن المعارضة، وعلى رأسها حزب الشعب الجمهوري، تنظر إلى هذه التصريحات بتحفظ شديد، وترى فيها محاولة لطمأنة الرأي العام دون أن تلغي المخاوف من إمكانية تجاوز هذه المواد بطرق غير مباشرة.
في السياق، يرى المحلل السياسي مراد تورال أن إعلان الرئيس أردوغان التزامه بعدم المساس بالمواد الأربع الأولى من الدستور يحمل بعدا تكتيكيا أكثر منه ضمانة حقيقية، ويهدف بدرجة أولى إلى تهدئة الرأي العام العلماني، دون أن يبدد بالضرورة مخاوف المعارضة من مشروع يخشى أن يكرس صلاحيات السلطة التنفيذية على حساب مبدأ الفصل بين السلطات.
ويؤكد تورال -في حديثه للجزيرة نت- أن المواد الأربع لم تكن موضع تهديد صريح في تجارب التعديل الدستوري السابقة، غير أن التركيز المتكرر عليها اليوم قد يكون محاولة لصرف النظر عن بنود أخرى يتوقع أن تكون محل جدل، مثل نظام الحكم، وصلاحيات الرئيس، وتعريف المواطنة، والضمانات المرتبطة بالحريات العامة.
تواجه المبادرة تحديات برلمانية معقّدة قد تعوق تقدمها في ظل موازين القوى الحالية داخل البرلمان التركي، فحسب ما تنص عليه المادة (175) من الدستور، فإن تمرير مشروع دستور جديد يتطلب موافقة ثلثي أعضاء البرلمان، أي 400 نائب من أصل 600، وهو رقم صعب بالنسبة لتحالف "الجمهور" الحاكم الذي يضم حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، ويملك معا 321 مقعدا فقط.
إعلانوحتى إمكانية اللجوء إلى استفتاء شعبي تظل مشروطة دستوريا بالحصول على دعم 360 نائبا، وهو ما يعني حاجة التحالف الحاكم إلى استقطاب ما لا يقل عن 39 نائبا إضافيا من خارج صفوفه.
ورغم الإشارات المتفرقة إلى محاولات التواصل مع بعض الأحزاب الصغيرة، فإن مجموع مقاعد هذه الأحزاب لا يكفي وحده لتأمين النِصاب المطلوب، فضلا عن تحفظها أو رفضها العلني حتى الآن لأي مسار قد يُفسّر على أنه تفصيل دستور لصالح السلطة التنفيذية.
تمرير محتملمن جانبه، يذكر المحلل السياسي التركي علي أسمر -في حديث للجزيرة نت- أن النقاش حول إعداد دستور جديد في تركيا ليس وليد اللحظة، بل يعود إلى سنوات مضت. غير أن العائق في السابق كان عدم امتلاك "تحالف الجمهور" أغلبية برلمانية كافية لتمرير المشروع.
لكن المشهد تغير، وفق تقديره، بعد ما وصفه بـ"التقارب السياسي الأخير بين التيار القومي والأوساط الكردية"، وهو ما أفرز توازنات جديدة في البرلمان قد تتيح تمرير مشروع الدستور دون الحاجة إلى اللجوء لاستفتاء شعبي.
ويشير أسمر إلى أن حل حزب العمال الكردستاني قد يكون جزءا من هذا التحول، وأن الدستور الجديد سيشمل -على الأرجح- إضافات تعزّز الحقوق الثقافية للأكراد في تركيا.
ويعتقد المحلل السياسي أن مواد بعينها في الدستور الجديد، مثل تعزيز حرية المعتقد ومراعاة مظاهر التدين في الفضاء العام، بما في ذلك الحجاب، ستدفع الأحزاب المحافظة إلى دعم المسودة.
ويختم أسمر بالإشارة إلى أن النقاش الأعمق سيكون حول قضايا مثل التعددية الثقافية ومواجهة الخطابات العنصرية، التي تصاعدت في الفترة الأخيرة، لا سيما مع صعود أحزاب يمينية متطرفة كحزب "الظَفر"، مما يزيد من الحاجة إلى نص دستوري يوازن بين الحفاظ على الهوية الوطنية والانفتاح على التعددية المجتمعية.