مجموعة الأزمات الدولية تنشر قراءة عن وضع مصر بعد حرب غزة
تاريخ النشر: 18th, May 2024 GMT
نشر موقع مجموعة الأزمات الدولية قراءة تناول فيها وضع مصر الداخلي بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة قبل أكثر من سبعة شهور.
وقال الموقع إنه يجب على الشركاء الدوليين مواصلة العمل من أجل تحقيق وقف لإطلاق النار، كحل لمنع امتداد آثار الحرب، مع مواصلة دفع المسؤولين المصريين لإجراء إصلاحات داخلية.
وتابع الموقع، في القراءة التي ترجمتها "عربي21"، ـن القاهرة لحد الآن تمكنت نوعا ما من تحويل هذه الأزمة لصالحها، معتمدة على المخاوف الغربية من أن يؤدي ما يحدث في غزة إلى تقويض الاستقرار في مصر.
"لذلك يجب على العواصم الغربية مواصلة رفض أي مقترحات لتهجير الفلسطينيين من غزة، والضغط على مختلف الأطراف لوقف القتال. كما أن المؤسسات الدولية والجهات المانحة، وبشكل خاص الدول الخليجية التي تقدم المساعدات الى مصر، مطالبةٌ بالضغط من أجل الإصلاح المتمثل خاصة في تخفيف قبضة الجيش على الاقتصاد، وهي خطوات لا غنى عنها لتحقيق الاستقرار على المدى الطويل".
وقال الموقع إن مصر في حالة ترقب منذ بداية الحرب على غزة، وهي تشاهد ملامح كارثة إنسانية على حدودها الشرقية وتخشى من انتقال أثرها إلى الجانب الآخر من الحدود. ومع بداية الحرب يخشى المسؤولون المصريون من أن تجبر العمليات الإسرائيلية مئات الآلاف من الفلسطينيين على الفرار نحو شبه جزيرة سيناء. ولكن هذا ليس التحدي الوحيد الذي وضعته الحرب أمام مصر، إذ أنها تسببت أيضا باستنزاف العملة الصعبة لتعمق بذلك معاناة المصريين.
ورفضت مصر منذ اندلاع الحرب في تشرين الأول/ أكتوبر 2023 النوايا التي لوح بها مسؤولون الاحتلال الإسرائيلي، حول ضرورة تهجير سكان غزة نحو سيناء، والسبب هو حرصها على تجنب أزمة لجوء قد تهدد أمنها القومي وتعمق عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.
كما ينبع الموقف المصري من التضامن المبدئي مع القضية الفلسطينية، والشكوك التاريخية حول نوايا إسرائيل تجاه الفلسطينيين. لكن القاهرة تخشى أيضا من أن يؤدي تدفق أعداد كبيرة من الفلسطينيين، من بينهم مسلحين، إلى إحياء المجموعات المتطرفة التي هزت سيناء لسنوات. ورغم موقف الشركاء الغربيين الرافض لهذه الفكرة بشكل قطعي، وتراجع احتمالات تحقق هذا السيناريو، إلا أن مصر لا تزال تضعه على رأس قائمة مخاوفها، خاصةً مع التصعيد الأخير في رفح.
وأضاف الموقع أن الحرب على غزة كانت لها تبعات هامة على الداخل المصري، خاصة أن القاهرة قبل تشرين الأول/ أكتوبر 2023 كانت تترنح من ارتفاع التضخم وتزايد الديون. وخلال الأشهر الأولى للحرب شهِدت مصر اضطرابات حادة في مداخيلها من صادرات الغاز الطبيعي والسياحة، إضافة إلى تراجع رسوم المرور عبر قناة السويس بسبب مخاوف شركات النقل البحري من هجمات المتمردين الحوثيين في البحر الأحمر.
ووجّهت الحكومة المصرية نداء إلى شركائها من أجل تقديم الدعم، وحصلت على تمويل جديد من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، إلى جانب استثمارات هامة من الإمارات العربية المتحدة. وقد حققت هذه الأموال بعض الارتياح وأبعدت شبح الانهيار الاقتصادي، ولكن يبقى من غير الواضح إلى متى ستستمر آثار هذه المساعدات. ومن غير المضمون ما إذا كان للرئيس عبد الفتاح السيسي مكانة بين المصريين، باعتبار أن بعض التعبيرات الشعبية على الغضب من حرب غزة يمكن أن تفتح المجال للمظاهرات الموجهة ضد الحكومة بدافع التدهور المتزايد في الظروف المعيشية.
وأضاف الموقع أن القاهرة تمكنت إلى حد الآن من استغلال معضلتها للحصول على الدعم والاستثمارات من شركائها الخائفين على استقرارها، ولكن هذا الأسلوب قد لا يصمد طويلا. الاقتصاد يبقى مصدر قلق، ومصر ستحتاج للحصول على ما يكفيها من العملة الصعبة لتسديد ديونها في المستقبل. ومن أجل إنعاش الحركة الاقتصادية، بات من الضروري خلق توازن أفضل بين الشركات المملوكة للدولة (خاصة تلك التابعة للجيش) من جهة، والقطاع الخاص من جهة أخرى.
وسيكون من الجيد أن تقوم الحكومة بخطوات لفتح الفضاء العام، من خلال السماح للمجتمع المدني وأحزاب المعارضة بالتنظم بشكل حرّ، والإفراج عن السجناء السياسيين. ومع أن إقناع حكومة السيسي بتبني هذه الإصلاحات السياسية والاقتصادية سيتطلب جهودا مضنية، إلا أن تحقق ذلك لا غنى عنه من أجل تحصين مصر أمام صدمات الحاضر والمستقبل.
خطوط مصر الحمراء في غزة
كان المسؤولون المصريون وعلى رأسهم رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي قد كرّروا التحذير من أن أي محاولة للدفع بالفلسطينيين نحو سيناء ستمثل تجاوزا للخطوط الحمراء. ومع أنهم لم يحدّدوا طبيعة الرد الذي قد يلجأون إليه، إلا أنه من المؤكد أن العلاقة بين الطرفين في هذه الحالة سوف تتدهور. وفي المحادثات وراء الأبواب المغلقة يذهب بعض الدبلوماسيين المصريين إلى حد التلويح بأن القاهرة قد تعلق إتفاقية السلام للعام 1979.
وذكر الموقع أن مصر تتمسك بهذا الموقف لدوافع مبدئية أولا تتعلق بعدم رغبتها في أن تظهر وكأنها موافقة على تدمير الحركة الوطنية الفلسطينية وآمالها السياسية. ولطالما خشيَ المسؤولون المصريون من تكرار أحداث نكبة 1948، حين أجبر اللاجئون الفلسطينيون على الفرار من وطنهم وبعد ذلك منعتهم دولة الاحتلال إسرائيلي الوليدة من العودة. والآن مع أي نكبة جديدة يمكن أن تجد مصر نفسها مضطرة لإيواء عدد كبير من سكان غزة بشكل دائم.
وقد تزايد القلق المصري مع نزوح جماعي لسكان غزة منذ بداية التحركات العسكرية لقوات الاحتلال الإسرائيلي في رفح. لأنه في 7 أيار/ مايو كانت قوات الاحتلال قد سيطرت على الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي وأغلقته بشكل مؤقت، وفي الأيام الموالية تراجعت وتيرة تدفق المساعدات الإنسانية لسكان القطاع، وهو ما يهدّد باستفحال الوضع الإنساني المتدهور أصلًا. وقد أصدرت وزارة الخارجية بيان استنكار، نددت فيه باحتلال إسرائيل للجانب الفلسطيني من المعبر. ومع إصرار إسرائيل على المضي قدما في مخططاتها في رفح، أعلنت القاهرة نيتها التدخل لدعم الدعوى المقامة من جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية.
الجهود الدبلوماسية المصرية
تحرص مصر على المشاركة بشكل نشط في الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب في غزة أو على الأقل تحقيق وقف إطلاق نار مطوّل. ورغم تراجع مكانتها الإقليمية، حافظت مصر على دور محوري في القضايا المتعلقة بغزة، وذلك بسبب الجغرافيا والروابط القائمة منذ زمن طويل مع هذا القطاع. وخلال السنوات الأولى لحكم السيسي، كانت القاهرة قد اتبعت نهجًا متشددا إزاء الحركات الإسلامية في الداخل والخارج، وعملت على تشديد عزلة حماس من خلال فرض حصار صارم على غزة. ولكنها شرعت منذ سنة 2016 في تعديل نهجها في التعامل مع الإسلاميين ومن ضمنهم حماس، حيث تعاونت مع هذه المنظمة الفلسطينية في محاربة الحركات المتطرفة في سيناء. وهذا التعديل مكّنها من استعادة دورها كوسيط في مختلف جولات الحرب بين إسرائيل وحماس في السنوات الماضية.
وقد برزت جهود مصر بشكل أوضح في نهاية العام 2023، حين قدمت مبادرة لوقف إطلاق النار تنص على تسليم حماس والجهاد الإسلامي السيطرة على غزة لمجموعة من الكفاءات الفلسطينية البعيدة عن الفصائل السياسية، في مقابل وقف دائم للأعمال القتالية، وتبادل الأسرى وعودة النازحين إلى شمال غزة.
التضامن الشعبي مع غزة
تحظى حرب غزة باهتمام كبير لدى المصريين، وكثيرا ما كان الرئيس السابق حسني مبارك يسمح بالمظاهرات المساندة لفلسطين، وإن كانت تحت رقابة مشددة، باعتبارها فرصة لتمكين المواطنين من التنفيس عن الاحتقان. لكن السيسي ومستشاريه فضلوا غلق الباب أمام هذه التحركات الشعبية، معتبرين أنها قد تكون مطية للتعبير عن معارضة الحكومة. ولكن مع تعاظم التعاطف الشعبي مع غزة في ظل ارتفاع أعداد الضحايا، قررت السلطات السماح ببعض المظاهرات المحدودة، وإن كانت تحت رقابة مشددة من الأجهزة الأمنية.
وأضاف الموقع أن هذا التغير في موقف السلطات المصرية يعكس مدى عمق المشاعر الشعبية المساندة لغزة، ويكشف أيضا عن تردد السلطات بين رغبتها في ركوب موجة الغضب الشعبي وغريزتها المتمثلة في إبقاء الباب مغلقا أمام التعبير عن الآراء السياسية.
وفي الختام، أشار الموقع إلى أن حرب غزة تذكير بمدى الارتباط التاريخي والسياسي بين مصر والقضية الفلسطينية، واليوم مع دخول هذه الحرب مرحلةً حرجة، تجد مصر نفسها في وضع لا تحسد عليه، رغم أنها حشدت الدعم العالمي لموقفها المعارض لتهجير سكان القطاع، وتمكنت من الحصول على المساعدات والاستثمارات للتعامل مع التبعات الاقتصادية لهذه الأزمة. ويبقى من الضروري أن تتمسك الدول الغربية وبقية الشركاء بموقفهم الرافض للتهجير.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية مصر غزة الحرب على غزة الاحتلال مصر غزة الاحتلال الحرب على غزة صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الموقع أن حرب غزة على غزة من أجل
إقرأ أيضاً:
الوكالة الفدرالية لإدارة الطوارئ درع أميركا الداخلي لمواجهة الأزمات
هيئة تأسست عام 1979 أثناء ولاية الرئيس الديمقراطي جيمي كارتر، وتتمثل مهمتها الرئيسية في تقديم الدعم للمواطنين قبل الكوارث الطبيعية وأثناءها وبعدها. ومنذ إنشائها، أدخلت عليها الحكومات الأميركية المتعاقبة سلسلة من التعديلات وذلك استجابة لتزايد وتيرة الكوارث الطبيعية وما تفرضه من تحديات على المستويين المحلي والفدرالي.
وطرحت إدارة الرئيس دونالد ترامب مقترحا لإلغاء الوكالة بحجة التضخم وعدم الفعالية، ودعت إلى تبنّي نهج بديل في التعامل مع الكوارث يعتمد على تعزيز دور الولايات في إدارة الأزمات، بينما تقتصر الحكومة الفدرالية على تقديم الدعم المالي المباشر.
النشأة والتأسيسأُنشئت الوكالة الفدرالية لإدارة الطوارئ في الولايات المتحدة بقرار تنفيذي صادر عن الرئيس جيمي كارتر مطلع أبريل/نيسان 1979. وفي 20 يوليو/تموز من العام نفسه أصدر كارتر أمرا تنفيذيا إضافيا وسّع من مهام الوكالة لتشمل إدارة الطوارئ والدفاع المدني على حد سواء.
ورغم أن التأسيس الرسمي للوكالة كان في أواخر سبعينيات القرن الـ20، فإن جذورها التاريخية تمتد إلى أوائل القرن التاسع عشر، إذ تُشير أدبياتها إلى أن أول تشريع فدرالي للإغاثة من الكوارث صدر بعد حريق كبير اجتاح مدينة بورتسموث بولاية نيو هامبشاير في ديسمبر/كانون الأول 1802.
وكان لهذا الحريق أثر بالغ في النشاط التجاري بميناء المدينة، مما دفع الكونغرس الأميركي عام 1803 لاتخاذ خطوة استثنائية تمثلت في تعليق تحصيل السندات المستحقة من التجار المتضررين عدة أشهر، وذلك في أول تدخل تشريعي من نوعه لتقديم الإغاثة في حالات الكوارث.
المقر والموارد البشريةيقع المقر الرئيسي للوكالة الفدرالية لإدارة الطوارئ في العاصمة واشنطن، وتنتشر مكاتبها الإقليمية العشرة في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، بما يضمن تنسيق الجهود الفدرالية وتعزيز جاهزية البلاد لمواجهة الكوارث الطبيعية.
وحتى عام 2024، كانت الوكالة تضم أكثر من 20 ألف موظف دائم موزعين على مستوى البلاد، إلا أن هذا العدد قابل للزيادة وقد يتجاوز 50 ألف فرد أثناء التعامل مع الكوارث الكبرى.
الوظائف والمهامتُعنى الوكالة الفدرالية لإدارة الطوارئ بتقديم الدعم للمواطنين في جميع مراحل الكوارث؛ قبل وقوعها وأثناء حدوثها وبعد انتهائها.
إعلانففي مرحلة ما قبل الكارثة، تركز الوكالة على توعية الأفراد والمجتمعات بالمخاطر المحتملة، وتزويدهم بالإرشادات اللازمة لتعزيز جاهزيتهم. وعند وقوع الكارثة تتولى الوكالة تنسيق الاستجابة الفدرالية للحالات التي يصدر بشأنها إعلان رئاسي باعتبارها كوارث، وتعمل عن كثب مع حكومات الولايات والمناطق القبلية والأقاليم لضمان سرعة وفعالية التدخل.
أما في مرحلة ما بعد الكارثة، فتتولى دعم الجهود المحلية والإقليمية للتعافي، عبر توفير الموارد والخبرات التي تساعد المجتمعات على تجاوز الأضرار وإعادة البناء.
وتوفر الوكالة شبكة أمان حيوية للمتضررين، تشمل مساعدات مباشرة ودفعة مالية طارئة بقيمة 750 دولارا للمواطنين الذين فقدوا منازلهم، وذلك للمساعدة في تغطية الاحتياجات الأساسية والعاجلة.
تعديل الصلاحياتفي عام 1988، تم توسيع صلاحيات الوكالة الفدرالية لإدارة الطوارئ لتشمل بشكل رسمي مهام الاستجابة للكوارث وعمليات التعافي منها.
ومع هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 التي استهدفت برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك ومبنى البنتاغون في واشنطن، أنشأت الحكومة الأميركية وزارة الأمن الداخلي، ودمجت الوكالة تحت مظلتها إلى جانب 21 هيئة اتحادية أخرى.
وفي أغسطس/آب 2005، تسبب إعصار كاترينا بدمار هائل بولاية مسيسيبي وخسائر بمليارات الدولارات، مما دفع الكونغرس إلى إقرار قانون لإصلاح منظومة إدارة الطوارئ. وبموجب هذا القانون، أصبحت الوكالة كيانا مستقلا ضمن وزارة الأمن الداخلي، ومنح مديرها دور المستشار الرئيسي لرئيس الجمهورية، ومجلس الأمن الداخلي، ووزير الأمن الداخلي، في كل ما يتعلق بإدارة الطوارئ على مستوى البلاد.
وفي عام 2012، ضرب إعصار ساندي الساحل الشرقي، متسببا بانقطاع الكهرباء عن ملايين السكان وأضرار اقتصادية واسعة، تبعته سلسلة من الكوارث الطبيعية في 2017 شملت أعاصير مدمّرة وحرائق غابات واسعة النطاق. وفي ضوء هذه الأحداث، أجرت الحكومة الفدرالية تعديلات على نهج إدارة الطوارئ، مع تركيز أكبر على تعزيز ثقافة التأهب، ورفع جاهزية البلاد، والحد من تعقيدات الوكالة الفدرالية لإدارة الطوارئ.
وتُوّجت هذه الإصلاحات بإصدار قانون إصلاح التعافي من الكوارث لعام 2018، الذي منح الوكالة صلاحيات موسعة تهدف إلى تعزيز استثمارات الحكومة الفدرالية في إجراءات التخفيف من المخاطر، وبناء قدرات الشركاء على مستوى الولايات والحكومات المحلية والمناطق القبلية والإقليمية.
انتقادات وتحدياتعلى غرار باقي منظمات الإغاثة حول العالم، تواجه الوكالة الفدرالية لإدارة الطوارئ تحديات متصاعدة في التكيف مع الواقع الذي فرضته الكوارث الطبيعية المتزايدة بفعل تغير المناخ، من حيث التكرار والشدة، وهو ما يفرض ضغوطا كبيرة على قدراتها التشغيلية.
في 2024، أصدر مكتب المحاسبة الحكومي تحذيرا يفيد بأن قدرة الوكالة على الاستجابة الفعالة باتت مهددة، مشيرا إلى أن القوى العاملة لديها تعاني من الإرهاق نتيجة العدد المتزايد من الكوارث التي تجتاح البلاد سنويا.
وفي تقرير منفصل صدر في مارس/آذار 2025، دعا المكتب ذاته الكونغرس إلى معالجة ما وصفه بـ"النهج المجزأ" لإدارة الإغاثة من الكوارث، والذي يتم حاليا عبر أكثر من 30 وكالة فدرالية. واعتبر التقرير أن هذه البيروقراطية المعقدة تعوق في كثير من الأحيان حصول الناجين على المساعدات الفدرالية، وتعرقل جهود التعافي.
ترامب ومساعي إلغاء الوكالة الفدرالية لإدارة الطوارئمع بداية ولايته الثانية في 20 يناير/كانون الثاني 2025، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عزمه التوصية بـ"إلغاء" الوكالة الفدرالية لإدارة الطوارئ، مبرّرا ذلك بما وصفه بـ"التضخم الإداري وعدم الفعالية" في أداء الوكالة.
إعلانوعقب هذا التصريح، شهدت الوكالة موجة من التغييرات الحادة، تمثلت في استقالة أو إقالة أكثر من 12 مسؤولا من كبار كوادرها، بينهم خبراء مخضرمون في إدارة التعافي من الكوارث، إضافة إلى تسريح نحو 20% من موظفيها، مما أثار مخاوف بشأن قدرتها التشغيلية.
كما دعا ترامب إلى نقل مسؤولية إدارة الكوارث إلى حكومات الولايات، على أن تكتفي الحكومة الفدرالية بتقديم الدعم المالي. كما أنشأ مجلسا خاصا برئاسة وزيري الدفاع والأمن الداخلي للنظر في مستقبل الوكالة.
واستجابة لهذا التوجه، قررت وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم تقييد عمليات الإنفاق في الوكالة ومنحت نفسها حق التوقيع شخصيا على أي عقد أو منحة تتجاوز قيمتها 100 ألف دولار.
ورغم هذه التحركات، فإن ترامب لا يمتلك الصلاحية القانونية لإلغاء الوكالة من جانب واحد، إذ يتطلب ذلك موافقة تشريعية من الكونغرس. وعلى الرغم من الانقسام السياسي، حظيت الوكالة بدعم واسع من كلا الحزبين منذ تأسيسها، نظرا للدور الحيوي الذي تلعبه في الاستجابة للكوارث.
الفيضانات في تكساسشهدت ولاية تكساس في يوليو/تموز 2025 فيضانات كارثية ضربت منطقة الجنوب الأوسط، وأسفرت عن مقتل أكثر من 130، وهو ما اعتُبر أول تحدٍّ جدي يواجه الوكالة الفدرالية لإدارة الطوارئ تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب. وقد أعلن ترامب "حالة كارثة كبرى" في الولاية، وزار المنطقة المنكوبة برفقة زوجته ميلانيا ترامب لتفقد الأضرار الناجمة عن الكارثة الطبيعية غير المسبوقة في تاريخ الولاية.
وسلطت عدد من التقارير الإعلامية الضوء على تأثير القرارات الأخيرة الصادرة عن إدارة ترامب على أداء الوكالة، مشيرة إلى أن تقليص عدد موظفيها بنسبة تقارب 20% والقيود التي فرضتها وزارة الأمن الداخلي على ميزانيتها، انعكست سلبا على فعالية عمليات البحث والإنقاذ وتقديم الإغاثة في المناطق المتضررة.
ومع تصاعد الانتقادات، سارع الرئيس ترامب وعدد من مسؤولي إدارته إلى نفي وجود تقصير، مؤكدين أن التعديلات الإدارية التي أُجريت في الوكالة لم تؤثر في استجابة الحكومة الفدرالية للكارثة، وأن جهود الإغاثة في تكساس تمت كما هو مخطط لها.