شارك وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى مع وفد طرابلسي ضم ناشطين ثقافيين من المدينة هم الأستاذ عبد الناصر ياسين والدكتورة لبنى مسقاوي والأستاذة نادين العلي والأستاذة لينا حلاّب والدكتور وسيم الناغي فضلاً عن الأمين العام للجنة الوطنية للأونيسكو الدكتورة هبة نشابة وممثلة لبنان في المجلس التنفيذ للألكسو الدكتورة بشرى بغدادي عدره، في أعمال المؤتمر العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) في دورته الـ27 برئاسة المملكة العربية السعودية في مدينة جدة، برعاية وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان آل سعود وحضوره ووزير التربية في المملكة المهندس يوسف البنيّان.



وكان للمرتضى كلمة القاها امام رئيس المؤتمر ورؤساء الوفود العربية جاء فيها: "يُقْرِئُكم لبنانُ الجِراح.

ترسِلُ إليكم بيروت تحيّةَ المواجهةِ اليومية مع الأزمات.

وتلوِّحُ لكم طرابلس عاصمةُ الثقافة العربيّة لهذا العام، بانتظارات اللقاءِ بكم في عرسِها الثقافي الأسبوعَ المقبل.

ويسلِّمُ عليكم الجنوبُ بقوَّةِ الحقِّ في الدفاعِ عن الأهلِ والأشقّاء والأرضِ والمقدّسات.

وحين أنقلُ إليكم باسم وطني سلامَ الجراح والمواجهة والصمود والحقّ، أجدِّدُ، باسمِه أيضًا، يقينًا لا يتزحزح بأنّ إرادةَ الحياةِ في أمتنا ستنتصر على شذّاذ الآفاق أعداء الإنسانية."

أضاف: "لبنان، يا أصحابَ المعالي يعاني على صعدٍ كثيرة. الأزمةُ السياسية التي أفرخَت عجزًا حتى الآن عن انتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهورية، بسبب تشابك العوامل الخارجية والداخلية التي تعيق إنجاز هذا الاستحقاق. والأزمةُ الوجودية المتمثّلة بالاعتداءات الإسرائيلية المتمادية حتى من قبل حرب غزّة. فإسرائيل ، كيان الشرّ المزروع في منطقتنا، كانت ولا تزال تحتلّ جزءًا من الجنوب اللبناني، وتمارسُ يوميًّا خروقاتٍ ضدّ السيادة اللبنانية في البحر والبر والجوّ، في نسفٍ فاضحٍ منها لمواثيق الشرعية الدولية لا سيما للقرار ١٧٠١. وقد تطوَّرَ الأمر بعد السابع من أكتوبر الماضي إلى أعمالٍ عسكرية وعدوانية متوحشة، ارتقى بنتيجتِها شهداءُ من المقاومين والشيوخ والنساء والأطفال والإعلاميين، وتهدّمت القرى وتهجَّرَ المواطنون."

اضاف: "لكنَّ ذلك لن يمنعَنا من تحملّ مسؤولياتنا الوطنية والقومية والإنسانية والأخلاقية دفاعًا عن السيادة واجتثاثاً للإحتلال ونصرةً للحقّ حتى تحريره من براثن مغتصبيه. وكلّ نداء إلى التهدئة ووقف التصعيد لا يمكن أن يتحقّق على أرض الواقع ما لم تُرْغَم دولةُ الكيان المغتصب على إيقاف عدوانِها على الشعوب العربية، وخصوصًا على غزّة التي لم ينقطع لنزيفِ جرحِها مسيلٌ منذ ثمانية أشهر، بعدما عانت عقودًا من احتلال وحصار، وهي اليوم تسأل ضمير العالم: أما آن لهذا الليل الفلسطيني أن ينجلي؟ وأنا في الوقت نفسِه أسأل النُّخَبَ الثقافية العربية: ما تُراها ستكون عليه سماتُ ثقافتِنا ومنطلقات مقاربات سياستنا العربية بعد غزّة ومآسيها؟"

وتابع: "في زمنٍ مثل زماننا، يقف لبنان مع كل أزماتِه نموذجًا من عيشِ الوحدةِ في منازلِ التنوّع، وشاهدًا على فعل الحريّة في بناء الثقافة، ومختبرًا للمواءمةِ بين مفردات التراث ومستلزمات الحداثة كأداةٍ معرفية لا بدَّ منها لتطوير الحضارة الإنسانية. ذلك أنّ عالم اليوم، بمقدار ما يشهدُ تسارعًا في الابتكار العلمي والتقني، يعاني من انهيارٍ في المنظومة القيمية التي تراكمت عبر العصور، بدءًا من مفاهيم حقوق الإنسان على صعيد ممارسات المجتمع الدولي، وصولًا إلى أدبيات السلوك اليومي على صعيد الأفراد. وإذا كانت الثقافةُ عاجزةً عن تغيير الماضي، فهي وحدَها سيِّدةُ المستقبل، التي تنادي بلسانٍ عربيٍّ مبين: كلُّ حضارةٍ وكل سلطةٍ لا تعملان على نشر الحريّة وقيم الحقّ لا بدَّ أن تختنقا في وَكْرِ التاريخ مهما بلغتا من أوجٍ وعظمة".

وقال: "قبل الختام أُجدد التزام لبنان بتنفيذ توصيات هذا المؤتمر وأوجّه التهنئة لوزارة الثقافة في المملكة ولخبرائها على جودة اعداد ورقة مؤتمرنا المفاهمية، كما أُسجّل الشكر والتقدير للجهود العالية والمميزة للقيمين على استضافة هذا المؤتمر لا سيما لمعالي وزير الثقافة سمو الأمير بدر بن عبد الله بن محمد بن فرحان على حسن الوفادة والإستقبال والتنظيم، ولا غَرْوَ، فهذا أيضًا جزءٌ ثمينٌ من ثقافتِنا العربية".

وختم: "لبنان يعدكم انه سيبقى عزيزاً منيعاً في وجه الطغاة والطامعين، ويؤكّد لكم تطلّعه الى أحسن العلاقات مع اشقائه، وهو ينتظركم في عرسِ طرابلس الثقافي، فأهلًا وسهلًا بكم في مِلْءِ القلوب والدروب في جنة الله على ارضه. وفّقنا الله واياكم لما يحبّه ويرضاه والسلام عليكم ورحمةُ الله وبركاته".

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: وزیر الثقافة ة التی

إقرأ أيضاً:

من مكة إلى الكرامة… الرصاصة التي أصبحت جيشًا

صراحة نيوز ـ بقلم: جمعة الشوابكة

في العاشر من حزيران من كل عام، لا يمرّ اليوم على الأردنيين مرور الكرام، بل ينبض التاريخ في وجدانهم من جديد. إنه اليوم الذي تختصر فيه الأمة مسيرتها المجيدة بين سطرين خالدين: الثورة العربية الكبرى التي أطلقها الشريف الحسين بن علي عام 1916، ويوم الجيش العربي الأردني، حين توحّدت البندقية بالراية، والعقيدة بالوطن.

لم تكن الرصاصة الأولى التي انطلقت من شرفة قصر الشريف في مكة مجرد إعلان تمرّد على الحكم العثماني، بل كانت البيان التأسيسي للسيادة العربية الحديثة، وبداية مشروع تحرر قومي لا يعترف بالتبعية، ولا يرضى بأقل من الكرامة. قاد الشريف الحسين بن علي هذا المشروع بوعي تاريخي عميق، وسلّمه لابنه صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن الحسين آنذاك، الذي جاء إلى شرقي الأردن مؤمنًا بأن الثورة لا تكتمل إلا ببناء الدولة، وأن الدولة لا تنهض إلا بجيش عقائدي يحمل راية الأمة ويحميها. وهكذا، وُلد الجيش العربي، من رحم الثورة، ومن لبّ الحلم القومي، لا تابعًا ولا مستوردًا، بل متجذرًا في الأرض والهوية.

كان الجيش العربي الأردني منذ تأسيسه أكثر من مجرد تشكيل عسكري، كان المؤسسة التي اختزلت روح الوطن. شارك في معارك الشرف على ثرى فلسطين، في باب الواد والقدس واللطرون، ووقف سدًا منيعًا في وجه الأطماع والعدوان، حتى جاءت اللحظة المفصلية في معركة الكرامة عام 1968، حين وقف الجندي الأردني بصلابة الرجولة خلف متاريس الكرامة، وردّ العدوان، وسطّر أول نصر عربي بعد نكسة حزيران، بقيادة جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال – طيب الله ثراه – ليُثبت أن الكرامة لا تُستعاد بالخطب، بل تُنتزع بالدم. لقد كان هذا النصر عنوانًا حيًا للعقيدة القتالية الأردنية، القائمة على الانضباط، والولاء، والثبات، وفهم عميق للمعركة بين هويةٍ تُدافع، وقوةٍ تُهاجم.

وفي قلب هذه المسيرة، وقف الشهداء، الذين قدّموا دماءهم الزكية ليظل هذا الوطن حرًا شامخًا. شهداء الجيش العربي الأردني لم يكتبوا أسماءهم بالحبر، بل خلدوها بالدم، في فلسطين، والجولان، والكرامة، وفي كل ميدان شريف رفرف فيه العلم الأردني. لم يكونوا أرقامًا في تقارير، بل رسل مجدٍ وخلود، يعلّموننا أن السيادة لا تُمنح، بل تُحمى، وأن كل راية تُرفع، تحمل في طياتها روح شهيد.

ومن بين هؤلاء، كان جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال – رحمه الله – أول القادة الذين ارتدوا البزة العسكرية بإيمان وافتخار. تخرّج من الكلية العسكرية الملكية في ساندهيرست، وخدم جنديًا في صفوف جيشه، ووقف معهم في الخنادق، لا على المنصات. كان القائد الجندي، الذي يرى في الجيش رمزًا للسيادة، وركنًا من أركان الدولة، وظل يقول باعتزاز: “إنني أفخر بأنني خدمت في الجيش العربي… الجيش الذي لم يبدل تبديلا.” فارتقى بالجيش إلى مصاف الجيوش الحديثة، عقيدةً وعتادًا، قيادةً وانضباطًا، ليبقى المؤسسة التي لا تتبدل ولا تساوم.

واليوم، يواصل المسيرة القائد الأعلى للقوات المسلحة الأردنية، جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم – الملك الممكِّن والمعزّز – الذي تربّى في صفوف الجيش، وتخرّج من الميدان قبل أن يعتلي عرش البلاد. يرى جلالته في الجيش العربي الأردني شريكًا استراتيجيًا في بناء الدولة، لا مجرد مؤسسة تنفيذية. ولهذا، شهدت القوات المسلحة في عهده قفزة نوعية في الجاهزية القتالية، والتحديث، والتسليح، والتعليم العسكري، حتى أصبح الجيش الأردني عنوانًا للانضباط والسيادة الإقليمية والإنسانية، وصوت العقل في زمن الفوضى.

ويأتي تزامن يوم الجيش مع ذكرى الثورة العربية الكبرى تتويجًا لهذه المسيرة، ليس كمجرد مصادفة تاريخية، بل كتجسيد حي لوحدة الرسالة، واستمرارية المشروع الهاشمي، من الشريف الحسين بن علي، إلى الملك المؤسس عبد الله الأول، إلى الملك الباني الحسين بن طلال، إلى جلالة الملك الممكِّن والمعزّز عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم. فهذه ليست محطات منفصلة، بل خط سيادي واحد، يبدأ بالتحرر، ويُترجم بالجيش، ويُصان بالسيادة. لقد بقي الجيش العربي منذ نشأته على العهد، حاميًا للوطن، وحارسًا للهوية، ودرعًا للشرعية، لا يُبدّل قسمه، ولا يخون ميثاقه.

في العاشر من حزيران، لا نحتفل فقط، بل نُجدد القسم: أن هذا الوطن لا يُمس، وأن هذه الراية لا تُنكّس، وأن هذا الجيش لا يُكسر. من مكة إلى الكرامة، الرصاصة أصبحت جيشًا، والجيش أصبح عقيدة، والعقيدة أصبحت وطنًا لا يُساوم على كرامته، ولا يُفرّط بذرة من ترابه.

مقالات مشابهة

  • من مكة إلى الكرامة… الرصاصة التي أصبحت جيشًا
  • مستعدون لاستلام مسؤولياتنا - الرئيس عباس: يجب تسليم الرهائن لوقف هدر الدم في غزة
  • احتجاجات لمعاقي وجرحى الحرب في مأرب تنديداً بتجاهل معانتهم الصحية والإنسانية
  • حزب الجبهة الوطنية يطلق مبادرة كنوز البادية من الرويسات بشرم الشيخ
  • السوداني:تبرعنا إلى لبنان (20) مليون دولار رغم الأزمة المالية التي يمر بها العراق
  • صادي: “حضورنا البطولة الوطنية للأكاديمات دليل على الأهمية التي نوليها للتكوين”
  • القطاع الغربي في اليونيفيل: مستمرون بتقديم الدعم الصحي والاجتماعي لسكان الجنوب
  • أزمة شمال البصرة.. وزير النفط لشفق نيوز: مستمرون بنقل مياه الشرب
  • وزير العدل اختتم زيارته فرنسا
  • وديع الخازن: للالتفاف حول الثوابت الوطنية