نشر معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى تحليلا تناول فيه مآلات إعادة الدول العربية تطبيع علاقاتها بالنظام السوري تحت قيادة بشار الأسد.

وقال المعهد في تحليل كتبه الباحث أندرو جيه تايلر،  إنه بعد عام فعلي من عودة النظام السوري إلى الحضن العربي عبر جامعة الدول العربية، لم يتغير شيء من المآخذ على دمشق، لا سميا ما يتعلق بتصدير المخدرات والأسلحة.



وقال تايلر إن "لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا" التابعة للجامعة العربية، لم تقم بشيء يذكر، "وإلى جانب الزيادة الأخيرة في الضربات العسكرية الأردنية ضد شبكات تهريب الكبتاغون عبر الحدود، تُظهر أن الانخراط العربي مع الأسد قد فشل في إعادة تأهيل النظام".

وتابع أنه "مع بدء النظر في اتخاذ تدابير أكثر صرامة ضد دمشق في "الكابيتول هيل" (مقر الحكومة الأمريكية في واشنطن)، فمن الضروري أن تعمل الولايات المتحدة على التوصل إلى إجماع بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي بشأن تمديد "عقوبات قيصر" لضمان المساءلة عن الفظائع الجماعية التي ارتكبها نظام الأسد".


 وزاد بأنه "يجب على واشنطن أيضاً اتخاذ خطوات عاجلة لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية الحيوية إلى سوريا والتشاور مع شركائها العرب بشأن تطوير استراتيجية لما سيأتي في المرحلة القادمة - بما في ذلك خطة شاملة لمكافحة تهريب المخدرات والأسلحة إلى خارج سوريا".

ولفت التحليل إلى أنه حتى عندما حاولت الدول العربية تنفيذ مشروع نقل الطاقة الذي يمر عبر سوريا إلى لبنان، كانت شبكات نظام الأسد تزيد بشكل كبير من إنتاج الكبتاغون، المنشط الاصطناعي المسبب للإدمان الشديد، وتهريب كميات هائلة منه إلى جميع أنحاء المنطقة.

ومن الصعب تحديد حجم الإيرادات التي حققتها هذه العملية (ولا تزال تحققها) للنظام السوري بدقة، لكن المناطق التي يسيطر عليها الأسد في سوريا كانت تنتج الغالبية العظمى من تجارة الكبتاغون غير المشروعة في العالم، والتي قُدرت قيمتها بنحو 5.7 مليار دولار في عام 2021.

وفي السعودية وحدها، تم ضبط 107 ملايين حبة في عام 2022، والتي كانت ستصل قيمتها إلى 2.7 مليار دولار بسعر تقريبي في الشارع يبلغ 25 دولاراً للقرص الواحد.

وفي عام 2023، فرضت الولايات المتحدة و"الاتحاد الأوروبي" عقوبات على شقيق الأسد ماهر لاستخدامه "الفرقة الرابعة" في الجيش السوري لتسهيل إنتاج الكبتاغون وتهريبه بمساعدة "حزب الله" اللبناني وميليشيات إيرانية أخرى.

ومع خروج مشكلة الكبتاغون عن نطاق السيطرة، وتدهور الوضع الإنساني في سوريا بعد الزلزال الكبير الذي ضرب سوريا في شباط/فبراير 2023، وعدم إحراز أي تقدم نحو تسوية سياسية سورية، قررت السعودية استئناف العلاقات مع الأسد ودعم إعادة انضمام بلاده إلى "الجامعة العربية" في قمة جدة عام 2023.

وكان الهدف من هذا النهج، الذي طرحته الإمارات للمرة الأولى، حل الكثير من المشاكل المستعصية في وقت واحد من خلال منح الأسد حوافز إيجابية لتغيير سلوكه. وبناءً على ذلك، تم إنشاء "لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا" في مؤتمر القمة، والتي تضم الأمين العام لجامعة الدول العربية وممثلين عن مصر والعراق والأردن ولبنان والسعودية وسوريا.

 وكُلّفت اللجنة بأربع مهام رئيسية: (1) الحد من إنتاج الكبتاغون وتهريبه، (2) إعادة اللاجئين إلى سوريا، (3) دفع عجلة العملية السياسية السورية عبر اللجنة الدستورية، و (4) تشكيل لجنة لـ"تنسيق الأمن الإقليمي". ولم يتم تحديد هدف معيّن ولكنه كان مدرجاً في المبادرة وهو تقويض نفوذ إيران و"حزب الله" المتوسع في سوريا، والذي يشمل على سبيل المثال لا الحصر شبكات الكبتاجون.

وعلق المعهد بأنه "في أعقاب الاجتماع الافتتاحي في القاهرة في آب/أغسطس الماضي، وُلدت "لجنة الاتصال" ميتة في الأساس بسبب استمرار تدفق الكبتاغون إلى الخارج، مما أجبر الأردن على اتخاذ إجراءات عسكرية متزايدة".


وبحلول نهاية أيلول/سبتمبر، كانت قوات المملكة قد أسقطت أربع طائرات بدون طيار انطلقت من الأراضي التي يسيطر عليها الأسد، وشنت غارات جوية على منشآت إنتاج المخدرات بالقرب من قرية أم الرمان الحدودية السورية. ورداً على ذلك، اعترف وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، الذي أيد صراحةً إشراك الأسد، علناً بأن تهريب المخدرات قد زاد في السنوات التي تلت افتتاح عمان لمحادثات التطبيع.

وتوسَّع هذا النشاط بصورة أكثر في الأشهر اللاحقة، حيث ساعد ظهور الضباب الشتوي المهربين على التهرب من الدوريات وكاميرات الحدود.

ولمحاولة رأب صدع الذي أحدثه تزايد تدفق المخدرات والأسلحة، خطط الدبلوماسيون العرب لمعالجة هذا التصعيد في الاجتماع الوزاري الثاني لـ "لجنة الاتصال" الذي كان مقرراً عقده في 7 آذار/مارس، لكن الاجتماع ألغي بعد امتناع دمشق عن الرد على أسئلة اللجنة بشأن الكبتاغون وقضايا أخرى. وبدلاً من ذلك، أرسل النظام السوري وزير الخارجية فيصل المقداد إلى الرياض لمعالجة هذه الأمور شخصياً عبر محادثات مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان والسفير السوري الذي تم تعيينه مؤخراً أيمن سوسان.

وأعيد بعد ذلك تحديد 8 أيار/مايو موعداً للاجتماع الوزاري في بغداد، لكن سوريا امتنعت مجدداً عن تقديم رد مكتوب على أسئلة اللجنة، مما دفع المسؤولين إلى إلغاء الحدث بناءً على طلب عمّان.

وفي 13 أيار/مايو، التقى المقداد بالصفدي مباشرةً، لكن بياناً أردنياً لاحقاً أشار ضمناً إلى عدم إحراز أي تقدم بشأن أي من طلبات اللجنة القائمة منذ فترة طويلة.

وخلص المعهد إلى أن "الحوافز الإيجابية أثبتت أنها لن تغير سلوك نظام الأسد بشأن تهريب الكبتاغون، وتهريب الأسلحة، وغيرها من التهديدات".

وتابع "استمرت هذه المشكلة حتى عندما سُمح لدمشق باستخدام قناتها المفضلة للانخراط الدبلوماسي المستقل من أعلى المستويات إلى أدناها مع الرياض بدلاً من الاستجابة للنهج القائم على الشروط بقيادة الأردن".

وأضاف أنه "يجب على إدارة بايدن استخدام الأدلة الوافرة التي تدعم هذا الاستنتاج لثني شركائها العرب عن مواصلة مسار التطبيع مع الأسد، ومساعدتهم بدلاً من ذلك على تطوير استراتيجية مشتركة فعالة لمكافحة إنتاج الكبتاغون والاتجار به، من بين قضايا أخرى".

للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية العربية الأسد المخدرات سوريا الكبتاغون سوريا الأسد العرب المخدرات الكبتاغون المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدول العربیة لجنة الاتصال نظام الأسد

إقرأ أيضاً:

مدفيديف أمام منتدى الأغلبية العالمية لعالم متعدد الأقطاب: أحفاد المستعمرين يتشبثون بميراث أجداهم

أكد نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف أن الغرب يسعى جاهدا للحفاظ على الهيمنة في "نظام المستعمرات".

وقال مدفيديف خلال الجلسة العامة لمنتدى "الأغلبية العالمية لعالم متعدد الأقطاب" الدولي المشترك: "عدد من الدول وفي المقام الأول الدول الغربية، لا تدخر جهدا للحفاظ على القواعد التي هي سارية المفعول حتى الآن، ونتيجة لذلك فإنهم يسعون جاهدين للحفاظ على هيمنتهم والسيطرة على الموارد المادية والطبيعية والبشرية، وبالتالي الحفاظ على نظام المستعمرات الذي اعتادوا عليه لعدة قرون".

إقرأ المزيد بريكس تكتب نهاية عصر الدولار؟

وأشار مدفيديف إلى أن أوقات الاستغلال الاستعماري باتت من الماضي، لكن أحفاد المستعمرين "يتشبثون بشدة بميراثهم، وذلك يظهر في السياسات الاقتصادية الغربية، ولا سيما سياسة العقوبات".

وتابع: "لا يمكن فرض أي قيود دولية إلا من قبل المنظمات الدولية، ولا سيما ميثاق الأمم المتحدة، ومع ذلك فإن مثل هذه المحاولات تجري".

كما شدد على أن مثل هذه السياسات لها تأثير سلبي على المجتمع العالمي بأسره، مما يؤدي إلى إبطاء نمو الاقتصاد العالمي، وتفاقم مشاكل الخدمات اللوجستية.

وخلص ميدفيديف إلى أننا: "نرفض بشدة محاولات فرض سياسات تمييزية على دول أخرى وندعو البشرية إلى مكافحة بقايا الماضي هذه بشكل مشترك".

وكان رئيس مكتب البحث والتطوير التابع للإدارة الدولية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني جين شين قد صرح خلال المنتدى بأن الغرب يحاول تقييد تطور الجنوب العالمي ومن الضروري الدفاع المشترك عن حقوقه، مشيرا إلى أن الجنوب العالمي أصبح قوة مهمة، في الوقت الذي تستمر فيه الممارسات غير العادلة في عرقلة تطوره، لا سيما الآليات التقييدية التي يضعها الغرب.

وتعقد روسيا في الفترة من 17-18 يونيو منتدى دوليا مشتركا بين الأحزاب في فلاديفوستوك بصيغة "بريكس والدول الشريكة"، تحت شعار "الأغلبية العالمية من أجل عالم متعدد الأقطاب"، حيث جمع الحدث ممثلين عن القوى السياسية الرائدة من 32 دولة، بما في ذلك أذربيجان وبيلاروس وفنزويلا وإندونيسيا وكمبوديا والصين وكوبا ولاوس وطاجيكستان وتايلاند وإثيوبيا وغيرها. وسيناقش ممثلو هذه الدول قضايا بناء نظام عالمي عادل، وترسيخ مبدأ التعاون الأمني والتجاري والاقتصادي والنقدي والمالي غير القابل للتجزئة والمتساوي. ومن المقرر أيضا خلال أيام المنتدى عقد اجتماع اللجنة الدائمة لحركة "من أجل حرية الأمم"، ومائدة مستديرة بمشاركة دول آسيان.

 

 

المصدر: تاس

 

 

مقالات مشابهة

  • آخر اعتراف إسرائيليّ عن حزب الله.. ماذا كشف تقريرٌ جديد؟
  • عاجل من متحدث الاحتلال بشأن سقوط مسيرة إسرائيلية في سوريا
  • الحالة الصحية لـ أسماء الأسد بعد إصابتها بالسرطان.. ماذا قال الرئيس السوري؟
  • الأسد وخطأ إدمان المراهنة عليه
  • مدفيديف أمام منتدى الأغلبية العالمية لعالم متعدد الأقطاب: أحفاد المستعمرين يتشبثون بميراث أجداهم
  • بالأرقام.. سيبري يحذر من تنامي عدد الرؤوس النووية الجاهزة للعمل في العالم
  • الرئيس السوري بشار الأسد يؤدي صلاة عيد الأضحى في دمشق
  • اجتماع البحرين بحث خطة اليوم التالي.. اقتراح بدخول قوات عربية إلى غزة
  • فيديو نادر لنصرالله داخل سوريا.. شاهدوه!
  • المقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون تموضعاً لجنود الاحتلال الإسرائيلي شرق حي الزيتون بمدينة غزة